|
هل ترانا نتجه نحو الشيخوخة؟

خديجة قاراهان | يني شفق

عوامل التغير السكاني، تأتي في مقدمة العناصر التي تساهم في تشكيل الحركة الاقتصادية. يكون هذا بشكل خاص عندما نسقطها على الواقع، من منظور البنية السكانية للدولة. لذلك نرى في هذه الأيام العديد من الدول تصاب بالشيخوخة بشكل سريع.

كما نلاحظ أن السكان الذين يشيخون بشكل سريع لا يأتي الجيل الذي يملأ مكانهم بشكل سريع، وبالتالي نرى ضعفا في الجيل العامل. هذا يعدّ مؤشرا سيئا بالنسبة للتطور الاقتصادي. لأجل ذلك نلاحظ أن الدول التي تقل فيها قوة الاستخدام، وتنسحب اليد العاملة التي هرمت، تصبح أسيرة لهذا الوضع.

لهذا يُستعمل مقياس نسبة إسارة اليد العاملة التي هرمت، وذلك لمعرفة الوضع السكاني بالنسبة للقوة اليد العاملة. من عادة الدول أن تستعمل الحساب في هذا المقياس بإسقاطه على الواقع، لمعرفة وضعها. ولذلك يتشكل لديها تصور تخطط من خلاله بشكل سليم لمستقبلها الاقتصادي والاجتماعي.

اليابان العجوز في المقدمة


هذا الأسبوع هو أسبوع احترام كبار السن... لذلك نشرت مؤسسة الإحصاء التركية نشرة خاصة بكبار السن من السكان.

نستطيع أن نرى بعض الإحصائيات المتعلقة بالسكان من خلال هذه النشرة والتي نُشرت بشهر كانون ثاني/ يناير، ومن جهتي أحب أن أتطرق لها.

تظهر الإحصائيات في تركيا أن الهرمين هي من تجاوزت أعمارهم 65 سنة، وهؤلاء يشكلون نسبة 8% من السكان. حسنا.. كيف هي هذه النسبة 8%؟

عند مقايستها ببعض النسب في بعض الدول مثل اليابان %25.8، وفي ألمانيا 21.1%، وفي إيطاليا 21%، وفي فرنسا 18.3%، وفي الولايات المتحدة 14.4

%، نجد أن نسبة 8% عندنا تُعد جيدة. كما نجد الدول المتقدمة تقبع في رأس قائمة الهرمين، وهذا يشكل وضعا لا ينبئ بخير.

الأطفال في روسيا

حسنا.. ما الوضع في الدول النامية؟ انظروا؛ الصين مثلا طبقت قانون إنجاب الولد الوحيد، انخفض عدد سكانها، ولكن زادت نسبة كبار السن. نسبة الهرمين في الصين ارتفعت إلى 9.6%. وروسيا أيضا من الدول التي عاشت في الفترة الأخيرة حالة تغيّر سكاني: فنسبة الهرمين فيها 13.3%، وهي ستعيش في وقت قريب حالة نقص في عدد السكان. ومن الآن تظهر المؤشرات إلى نقص في عدد الأطفال. وهذه النسبة للدول النامية لا تتعدى المرتبتين مع الدول المتقدمة في أوروبا. ومن جهة أخرى، فإن الوضع في دول مثل البرازيل، أندونيسيا، والهند فحالتهم أفضل من عندنا...

لو نظرنا من هذا المنظار نجد تركيا تحت المرتبة 94 من بين 228 دولة. وهي تتقدم بشكل كبير على دول أوروبا، فمتوسط النسبة في العالم هو 8.3%. وعليه، فوضعنا لا بأس فيه. نُعد من بين الدول الشباب.

مع هذا يجب علينا النظر إلى المستقبل، أكثر من الحاضر. نتيجة هذه المعطيات، رغم المؤشرات التي تشير إلى ارتفاع نسبة عدد السكان في تركيا، فإن العامل الحرج في الوضع هو السرعة. ومن المعلوم، أنه يوجد تناقص في نسبة زيادة السكان... وعلى هذا الأساس، فإن نسبة عدد السكان ستزداد، ولكن في أي اتجاه سيسر هذا التزايد وإلى أي الأطراف سيتجه يا ترى؟

عدد الهرمين سيتجاوز عدد الأطفال

من الفائدة الإشارة إلى التالي: إن التزايد في نسبة الشيخوخة على مستوى الكرة الأرضية، تعيش حالة سريعة لا مثيل لها. يساهم في هذا تزايد عدد الوفيات ونقص المواليد. نفهم من هذه المعطيات أيضا أن سكان العالم في طريقهم إلى الشيخوخة. واستنادا إلى أحد تقارير الأمم المتحدة، فإنه ولأول مرة في سنة 2047 سيتفوق عدد كبار السن على عدد الأطفال! ربما لا نتأثر نحن مثل بقية الدول، ولكن سينالنا نصيبنا من ذلك. على هذا الأساس فإنه من المتوقع أن تكون نسبة الشيخوخة عندنا في سنة 2023 10.2 في المئة، وفي سنة 2050 تزيد عن 20 في المئة. طبعا هذا إن استمرت الأوضاع إلى ما عليه الآن...

في هذه النقطة، من أجل فهم النتائج المترتبة من الشيخوخة على الحالة الاقتصادية والاجتماعية، لا بد من فهم تطور الأحوال لبقية الفئات العمرية للسكان. من الطبيعي أن تزيد نسبة كبار السن، ولكن مقارنتها مع تطور بقية الفئات العمرية له أهمية بالغة وتعطينا مؤشرات سليمة.

تزايد إسارة الشيخوخة

لأجل كل ذلك، تستنجد الناس، بنسبة إسارة الشيخوخة. وفي الأصل هذا يتضمن أيضا مرحلة الطفل: يعني نسبة إسارة الطفل. هذا المؤشران، يشيران إلى نسبة مرحلة العمل عند الجيلين، وهي من (15-65) سنة. فنسبة الشيخوخة تكون فوق 65، والطفل من (0-14) سنة. هذه الإسارة تُعد نسبة مرتفعة، وهي غير مرغوب فيها. يوجد فوارق بين هاتين المرحلتين نتيجة لاختلاف آثارهما، لذلك علينا أن نركز على إسارة الشيخوخة. تشير الأرقام إلى أن نسبة إسارة الشيخوخة في تركيا لسنة 2014 هي حوالي 11.8%. هذا يعني أنه من كل 100 يد عاملة يقابلها 12 هرم... هذه النسبة كانت حوالي 11.3% في سنة 2013. تشير المعطيات أنها سترتفع في سنة 2023 إلى نسبة 15%. يظهر ذلك أننا سنصل إلى نسبة 30% في سنة 2050... هناك دول زادت عن 30% من الآن، مثل ألمانيا، إيطاليا واليونان. أما اليابان فتصل النسبة فيها الآن إلى أكثر من 40%.

طبعا هذه المقاييس تعكس التغير في إسارة السكان، ومن الضروري النظر إلى آثارها الاقتصادية من منظور آخر. وهناك نسبة كبيرة من الفئات المحسوبة على اليد العاملة هي في الأصل لا تعمل. في مقابل ذلك يوجد من المحسوبين على نسبة كبار السن فهم يعملون من أجل الكسب. وبناء عليه، فإن الهرمين يساهمون في رفد إسارة الشباب بنسبة معقولة في الاقتصاد، لذلك يجب أخذ ذلك في الحسبان. يُضاف إلى كل ذلك عامل الأمن الاجتماعي. حتى أن مساهمة كبار السن بالنسبة للشباب يُعد عاملا مهما في هذا المجال وجزء مهما منه...

ما بعد هذه الأيام

لو نظرنا إلى الحاضر والمستقبل بشكل متكامل، يتبين لنا أننا سنصبح دولة صاحبة نشاط وفتية بين دول العالم وخاصة أوروبا. على أن هذا سيكون حتى 30 سنة من الآن، وبعدها نبدأ نشعر بتأثير الشيخوخة. ولكن الوضع سيختلف لو بدأنا نشعر بتزايد عدد السكان... على هذه الحالة، فإن سرعة النمو السكاني عندنا ستلعب دورا مهما، هذه معلومة حقيقية. بعد ذلك، من الضروري استغلال الفرصة لعنصر الشباب عند قياس وضعنا مع العديد من الدول. وسيكون لصنع فرص استخدام هنا أهمية حرجة من خلال هذه المعطيات. كما يتوجب علينا الاهتمام بالتخفيف من إسارة الشيخوخة بشكل مدروس. وذلك من أجل المنافع الشخصية والمنافع القومية...

وفي السبوع القادم، لنضع نقطة محببة في الإحصائية: يوجد في بلدنا من أعمارهم تزيد عن المئة سنة، ويبلغ عددهم حوالي 5.283 معمّر. زاد الله في أعمارهم..


٪d سنوات قبل
هل ترانا نتجه نحو الشيخوخة؟
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية
ملف إيران يزداد تعقيدا