|
الإرهاب الملحد

هلال قبلان | يني شفق

يقول الأب للمقتولتين أبو صالحة: إن طريق القتل رصاصة لكل رأس. واحدة من الأختين كانت تدرس في طب الأسنان، والثانية هندسة معمارية. الأخت يسر محمد كانت قد تزوجت حديثا، وأختها رزان كانت تسكن معهم.

كما كان زوج يسر ضياء بركات يدرس في طب الأسنان أيضا، وكان ناشطا صاحب رحمة. كان ضياء سوريّ الأصل، ويداوي الناس الذين لا مأوى لهم دون أي مقابل، كما كان يخطط أن يأتي إلى تركيا في هذا الصيف وذلك ليقوم بالخدمات نفسها للاجئين السوريين. وكذلك قام هو ورفاقه بجمع آلاف الدولارات لتقديمها كمساعدات للاجئين. هؤلاء الشباب بعمر الورود، قد قُتلوا بعنف وفارقونا. إن شاء الله قضوا شهداء.

من السهولة فهم الأسباب المتعلقة بالعزم على القتل من طرف القاتل كريج هيكينس، وذلك من خلال حديث عائلة أبو صالحة، ومن تصريحات الإعلام. فهو مناهض الإسلام، وهو أيضا ملحد، قتل هؤلاء الشبان لأنهم مسلمون. فها هي بعض الأسماء وأفكارهم التي ألهمت القاتل في صنيعته:

إن احترامي للمنتسبين لدين إبراهيم. قد ذهبت بين الدخان والغبار في هجمات 11 أيلول / سبتمبر. كما أنني فقدت آخر ذرة منه، بسبب يوم الدعاء الذي أُقيم في كاتدرائية واشنطن والذي اشترك فيه ممثلون عن جميع الأديان، وذلك للتعبير عن احترام الأديان ونبذ القتل من جذره. فقد جاء الوقت، ليقف أصحاب العقول بوجه أصحاب التدين ويصرخوا "كفى"، لتُفتح أبواب جديدة من أجل إيجاد حل لمن مات: لنحترم الأفراد والطريقة التي تربوا عليها، بدل احترام المجموعات المجتمعية وما تربّت عليه.

هذه أقوال ريتشارد داوكينز، كما كان من أفضل الأحاديث للقاتل هي أحاديث مقدم البرامج التلفزيونية بيل ماهر، والذي نراه لا يتعرض قط لليهودية ويتعرض قليلا للمسيحية، ولكنه يهاجم الإسلام بعنف وبطريق استفزازية، فمن بعض هذه الأقوال له:

إن من بعض الشكاوى المقدمة لي، آه يا بيل، أنت سيء جدا. لمَ تتهجم كثيرا على الأديان؟ فهو يخفف عن الناس، ولا يهين أحدا. حسنا.. هناك حروب عدة، الحروب الصليبية، الحملات المقدسة، هجمات 11 أيلول / سبتمبر، الزواج بصغيرات السن، تفجير مدارس البنات، الهجوم على النساء والمخنثين، الفتاوى، التطهير العرقي، جرائم الشرف، حرق العجائز، القنابل الانتحارية، تشويق العبودية، استثمار الأطفال والاعتداء عليهم وغيرها. بيل ماهر.

يتابع.. حقيقة الأمر، تعرفون جيدا الوضع بين ما يعتقده المسلمون وبين نظرة ملحد. كم يخدع المسلمون أنفسهم، أليس كذلك؟ من يظن أن القرآن هو كلام الله العظيم، فهو لم يقرأه بعين الناقد، أليس كذلك؟

الأغلبية الساحقة من أعلام الغرب لم يرَ هذه المجزرة البشعة. ولكن عندما انتشرت على موقع تويتر، اضطرت محطة سي إن إن أن تذيع الخبر على أساس أن من قام في الجريمة واحد من الناس، ولم تتعرض على أنه ملحد، وأنه قام بجريمته بدافع الحقد. فلو كانت الضحية غير مسلمة، وكان القاتل مسلم، فوقتها سيقولون القاتل مسلم إرهابي.

حسنا، لمَ لم يشر أحد إلى هذه الأفكار التي يحملها هيكز؟

لو سألتم أصحاب الفكر المشابه الذي يحمله هيكنز، فإنهم لن يرضوا عن هذه الجريمة وسيدينونها. ولكنهم في الوقت نفسه لا يُحيلون الأمر إلى النية، ولن يحيلوه. لنرى هل أنتم صادقين في إدانتكم؟ لن يمروا في طريق الإجبار. وسيتملصون من الجواب كأن يقولون: "هذه ليست الإلحادية الحقة"، وهذه ليست دفاعا عن دين ما. كما لن نجد أحدا يقيم علاقة بين هذه الجريمة وبين الإلحادية، كما لا ينتظر منهم أي اعتذار.

للأسف المسلمون أينما وُجدوا في أي بقعة من العالم، نراهم هم الحلقة الأضعف في شبكة الحكومات. فهم مظلومون ومدانون. وبناء عليه فهم المتهمون في أي عمل يقع هناك ولو كانوا هم الضحية. ويُقدّم الذين يقتلهم على أنه مجنون، أو ذئب وحيد أو المحاربين الحواريين.

هذا ما يبينه تأثر هيكنز بمثل هؤلاء الكتاب أعداء الإسلام، والروح العامة التي يحملها هو ومعه الكثير.

إن حضارة الغرب ستحصد المزيد من الآلام جراء سياسة الغرب في التفريق بين القاتل والمقتول على أساس الهوية.


9 yıl önce
الإرهاب الملحد
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن