شهدت دولة تركيا قبل عام من اليوم في ليلة 15 يوليو/تموز أكبر اعتداء طيلة تاريخها السياسي، حيث واجه  صناع التاريخ خيانة لا مثيل لها في تاريخ الألف عام للأناضول.

اعتدت منظمة غولن الإرهابية على دولتنا، وحاول هذا التنظيم الذي تفرع بين دوائر دولتنا وتغذى على يد المخابرات الغربية طيلة خمسين عامًا السيطرة على الجمهورية التركية وإركاع دولتنا،  وحاول القضاء على هذه الدولة وهذا الشعب عن طريق استعمال إمكانيات هذه الدولة وهذا الشعب.

قامت القوات التي حوّلت أبناء الأناضول إلى عناصر خائنة بتحريض عناصر منظمة غولن الإرهابية وتنظيم الـ بي كا كا وغيرها من التنظيمات الإرهابية والعصابات الخائنة لتنفيذ عملية احتلالية، حيث كانت الخطة إسقاط رئيس الجمهورية أردوغان والسيطرة على الحكومة ثم كسر الشعب وتجزئة تركيا.

واجهت دولة تركيا محاولة انقلابية في الظاهر لكنها في الحقيقة كانت محاولة احتلالية هادفة إلى نشر حرب داخلية ،  شعبنا الذي واجه طيلة تاريخه  السياسي عددًا غير محدودًا من الحروب والتحديات ، وشعبنا الذي أعطى دروسًا لكثير من الشعوب، استُهدف في هذه المرة كي يكون مصيره مثل مصير الدولة العثمانية في الحرب العالمية الأولى. كان هدفهم هو تحويل تركيا إلى سوريا وذلك عن طريق "جبهة تركيا" التي فتحت بوسيلة منظمة غولن الإرهابية.

في تلك الليلة انطلقت الدبابات الحاملة للعناصر الخائنة من المعسكرات واتجهت إلى الشوارع، وحوصرت الجسور، وأُرسلت عناصر اغتيالة استهدفت رئيس الجمهورية، في تلك الليلة تم تجهيز قائمات إعدام احتوت على آلاف الأسامي، وتم تحديد مخيمات الأسرى التي كانت ستحتوي على عشرات الآلاف من الأبرياء، في تلك الليلة تم تفجير مجلس الشعب، وتم دعس المدنيين بالدبابات، وتم رشّ الشعب بالرصاصات، ما واجهته تلك الليلة هي مجزرة بكل معنى الكلمة.

استهدفت العناصر الإرهابية لتلك النذل الذي تحميه أمريكا في بنسيلفانيا وحدة دولتنا وشعبنا ووطننا وقيمنا وتاريخنا..

لكن في تلك الليلة حصلت معجزة لم يتوقعها ولم يحسبها أسياد العناصر الخائنة، حيث اتحد شعبنا خلال ساعات قليلة وثار بغضب في سبيل الوطن، مئات الآلاف من المدنيين اندلعوا إلى الشوارع من كل زاوية في تركيا، وواجهت الكتل المدنية الدبابات والرصاصات، لقد أعطى شعبنا درسًا للعالم بأكمله عن الشجاعة التي لم يُشهد لمثيل لها في التاريخ العالمي.

في تلك الليلة واجه المدنيون العجزة والشباب والنساء الرصاصات والأسلحة التي لم يروها في حياتهم بصدورهم الطاهرة ، هذا الشعب الذي امتلأ تاريخه بالتحديات والمواجهات منذ الحروب الصليبية إلى اليوم قد أحيى في تلك الليلة روح أبطال تشنق قلعة.

اندهش في تلك الليلة الانقلابيون وأسيادهم الدوليون وكل خطط لتلك الاعتداء الدولي، بمجرد نداء من رئيس الجمهورية أردوغان ركض الملايين ليضعوا بصمتهم على مصير تركيا، وهكذا تشكلت ثورة تاريخية تجاه محاولة الانقلاب والاحتلال.

لقد تم سرد مقاومة الألف عام في ليلة واحدة، وتم قلب مقاييس خرائط القوة الدولية.

وكل من استشهد في تلك الليلة أوجُرح أوأصيب بإعاقة أو تيتم ، وكل من دعى الله في تلك الليلة وانفجر غضبه في الشوارع وهتف باسم حب الوطن وكل من بشّره الله تعالى وأنزل السيكنة على قبله هو مقدس بالنسبة إلى هذه البلد وهذا الشعب.

شهدت في تلك  الليلة شعبًا انطلق إلى الساحات بالصلوات المحمدية والأذان وحُصّن بالدعوات، في تلك الليلة تم إفشال أكبر اعتداء استهدف الأناضول بعد الحرب العالمية الأولى.

لذلك تاريخ 15 يوليو/تموز هو تاريخ تأسيس تركيا الجديدة وتركيا العظيمة، وهو تاريخ تحرر تركيا من أنظمة الوصاية، وتاريخ إعلان انطلاق تركيا الجديدة التي ترسم طريقها بنفسها وتخطط لمستقبلها بنفسها، وهو تاريخ إعلان إنشاء الدولة التي لم يعد بإمكان السيطرة عليها بعد تلك اللحظة، وتلك الليلة بالنسبة إلينا هي "الحرب التحريرية الأخيرة"، وهي ليلة الانتصار للجبهة الأخير، وهي ليلة افتتاح صفحة الانتصارات الجديدة في القرن الواحد والعشرين، وفي تلك الليلة أثبتت القلعة الأخيرة استمرار قوتها وصمودها.

سلام واحترام إلى كل من قدم روحه في تلك الليلة، وسلام واحترام إلى كل من نزف في تلك الليلة، وسلام واحترام إلى كل من أصيب بإعاقة في تلك الليلة، وسلام واحترام إلى كل من تيتم في تلك الليلة، نسأل الله أن يرحم شهداءنا الأعزاء الذين قدموا أرواحهم من أجل الوطن ومن أجلنا.

ولقد أعلنا في تاريخ 15/07/2016 أن "المقاومة القاسية" مستمرة...

وهذه هي ليلة 15 يوليو/تموز في أعيننا