|
هذه تصفية حسابات ألف عام وسنكسبها
لقد كشفت فضيحة تأشيرات الدخول بين تركيا وأمريكا جميع الحسابات القذرة لواشنطن. لقد فشلت مخططات "ممرّ الإرهاب" واستعدادات الهجوم الجديد على تركيا بعدما فشلت منظمة غولن الإرهابيّة في الوصول إلى مآربه وكشفت علاقته بأمريكا وتوسيع العملية التي بدأت بعد درع الفرات في إدلب نحو الغرب. ولهذا أطلقت واشنطن حربًا غير معلنة ضدّ أنقرة. فلنلق نظرة موسّعة على ما حدث:


إنّ ما حدث يوم 15 يوليو/تموز 2016 لم يكن محاولة انقلاب نفذتها منظمة غولن الإرهابيّة فقط، بل كان تدخّلًا صريحًا من الولايات المتحدة في شؤون تركيا، كان تدخلًا خارجيًّا يختلف عن محاولات الانقلاب الكلاسيكية، ولهذا فقد طبقوا السيناريو من خلال غولن ومنظمته الإرهابية التي تغلغلت في مفاصل الدولة التركية.


كانوا سيسطرون على تركيا ويصفون الرئيس أردوغان والنخبة التي تدعمه ويجرّون تركيا من جديد نحو المحور الأمريكي لتكون تحت الوصاية. حتى أنهم كانوا يخططون لما أبعد من ذلك:


لقد دفن الشعب التركي النظام العالمي في مقبرة التاريخ تلك الليلة!

لو كان السيناريو قد نجح لكان عناصر منظمة بي كا كا الإرهابية قد انطلقت وقسّمت أراضي تركيا، ولكان الرئيس أردوغان اغتيل أو أسر من مقرّ إقامته في مرمريس. لكانت أسطورة تركيا قد دفنت في تاريخ أحلام الدول المتألقة، ولكان جرى تصفير حسابات النهضة والانبعاث من جديد بعد مائة عام من السبات العميق.


لقد تغلب شعبنا ليلة 15 يوليو/تموز 2016 على محاولة احتلال لا انقلاب، قلب رأسًا على عقب مخططات القوى الدولية الرامية لاستهداف تركيا، قدّم إلى التاريخ العالمي نموذجًا فريدًا للمقاومة، نال من مكانة نظام الاحتلال والهيمنة الذي يسمى بالنظام العالمي. كان ذلك هزيمة نكراء لأمريكا وفضيحة لأمرها، كانت المرة الأولى التي فشلوا فيها في تنفيذ مخططاتهم.


السفير الأمريكي في أنقرة مسؤول عن تلك الجرائم

كان السفير الأمريكي في أنقرة جون باس في قلب هذا الهجوم، فهو وفريقه يتحملون المسؤولية الكاملة عن جرائم ليلة 15 يوليو/تموز، وهو مسؤول كذلك عن التخطيط لاغتيال الرئيس أردوغان وتنفيذ ذلك المخطط، ويتحمل المسؤولية كذلك عن اختطاف عملاء السي آي ايه المنتمين إلى منظمة غولن الإرهابيّة في تركيا، وعن قصف برلمان الشعب التركي.


والآن أضرم باس النار في الهشيم وألقى القنبلة في اللحظات الأخيرة بعدما تمّ استجواب جواسيس السفارة وظهرت العلاقات القذرة، فهو يحاول إخفاء الملفات القذرة والسيناريوهات الدامية من خلال أزمة التأشيرات.


لقد أطلقوا حربًا غير معلنة..

إن أزمة التأشيرات ليست المؤشر الوحيد على الخلاف العميق بين تركيا وأمريكا. فمن المؤشرات الدالة على أن أمريكا أطلقت حربًا غير معلنة ضدّ تركيا نذكر الحصار العسكري والحرب النفسية بين أنقرة وواشنطن والأهم من ذلك ممر الإرهاب المشكل جنوب الأراضي التركية والجبهة الملتهبة الممتدة لمسافة مئات الكيلومترات.


تواجه تركيا حاليًّا أكبر تهديد في تاريخها الحديث. وكان قرار بارزاني بإجراء استفتاء انفصال شمال العراق جزء من هذه الحرب. وكل تدخل يجري من خلال تنظيمي بي كا كا / بي يي دي الإرهابيين يعتبر تهديدًا وهجومًا خارجيًّا ضدّ المنطقة. كما أن تلك الأمور هي عناصر للهجوم الصريح الذي تنفذه واشنطن ضد أنقرة.


إيقاف أردوغان يعني إيقاف تركيا

لقد تحولت مشاريع "إيقاف أردوغان" إلى مشاريع "إيقاف أردوغان وتركيا". كما أن الحشد العسكري الذي تقوم به الولايات المتحدة في المنطقة أصبح تهديدًا قريبًا وحتميًّا لتركيا. فهم يحاولون تنفيذ ما فشلوا في تنفيذ من خلال منظمة غولن الإرهابيّة الآن عن طريق فتح الجبهات في شمال سوريا والعراق، وسيواصلون فعل هذا.


سيعملون على تقوية الجبهة، وسيحاولون كتم أنفاس تركيا. فواشنطن أعلنت تحالفها مع تنظيمات إرهابية مثل بي كا كا وبي يي دي وداعش ضدّ أحد حلفائها في حلف الناتو، بل وأضافت مؤخرا بارزاني إلى القائمة، وأصبحت تهدد وحدة تركيا. ومن المخزي للغاية أن تكون قادرة على التفكير في مثل هذه الأمور لا أن تنجح في تنفيذها أو لا، بل إنه أمر خطية بالنسبة للعالم أيضًا.


تلك الخريطة هي أقرب تهديد!

إن الخريطة المرسومة في شمال العراق وسوريا تعتبر تهديدًا للمنطقة بأسرها، وهي إشارة واضحة لكل ما يمكن أن يحدث لجميع دول الإقليم التي تتعرض للتهديد بالانقسام بغرض النظر عمّا إذا كانت تؤيد التحالف مع الغرب أو لا.


لم يعد التحالف مع الولايات المتحدة وأوروبا ضمانًا لمستقبل تركيا، لأنّ التهديد يأتي من الحلفاء الذين تشهد عواصمهم رسم خرائط تقسيم تركيا وإيران والسعودية. ففي الوقت الذي تتغير فيه سريعًا خريطة القوى العالمية يجب على تركيا أن تبحث لنفسها عن مساحات آمنة جديدة وتستغلها وتتخذ قرارات جريئة.


تركيا تعرف كيف تصدّ هذا الهجوم كذلك!

إنّ أي دولة تقع تحت حصار شديد من الغرب وتتعرض لهجوم من جميع عناصر الإرهاب لديها الحق في اتخاذ جميع الخطوات الراديكالية من أجل حفظ مستقبلها. فتركيا التي تمتلك خبرة وعقلًا سياسيًّا يستخدم القوة والبحث بعقلانية منذ مئات السنين، ستثمّن التهديدات الجديدة وتتخذ ما يلزم.


لقد استطاعت تركيا التغلب على محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو/تموز بهذا العقل وتشكيله للمجتمع. والآن فقد شكلوا جبهة جديدة، فهم يستعدون لضرب تركيا من خلال شمال العراق وسوريا، ولهذا فهم يحشدون قواتهم ويقسمون تلك الدولتين. كما أنهم سيملؤون الحدود الجنوبية لتركيا من البحر المتوسط وحتى إيران بالقواعد العسكرية ومنصات الصواريخ ومعسكرات التدريب والقوات العسكرية.


الموجة الثانية بعد 15 يوليو/تموز: استعدّوا للمقاومة

إنهم سيحاصرون تركيا من ذلك المكان، وسيرغبون في خنقها داخل الأناضول، وسيحاولون وهم يفعلون ذلك إشعال نار الصراعات العرقية في الداخل وتشكيل حركات وكوادر سياسية جديدة لتدمير المحور الوطني القائم اليوم. ولهذا فإنّ الموجة الثانية لمحاولة الانقلاب الفاشلة والهجمات الجديدة للتدخل الأجنبي قد بدأت.


نحن أمام تحالف دولي لم يقبل نمو تركيا وعودتها للوقوف على قدميها بعد قرن من الزمان وتحريكها لشعبها والشعوب المجاورة لها، وقد أصدر هذا التحالف تعليمات "فتح جبهة تركيا" من خلال اختيار عناصر أخرى غير منظمة غولن الإرهابيّة.


هذه تصفية حسابات ألف عام وسنكسبها

إنه صراع كبير وتصفية حسابات عميقة مستمرة منذ أيام السلاجقة والعثمانيين. إنه كفاح تركيا والمنطقة التي غلبت على أمرها بعد الحرب العالمية الأولى. إنه كفاح من أجل الحياة أو الموت ممتد من تركيا حتى حدود الهند، وتركيا في الصف الأول منه، لأنها دولة كانت في الصف الأول دائما في جميع الصراعات طوال التاريخ السياسي.


سنربح في هذه اللعبة ونتغلب على هذه الهجمات الدولية. لن يستطيعوا الوقوف مرة أخرى أمام الدور البنّاء التاريخي وجريان التاريخ. ولهذا كانت عملية درع الفرات عملية جيوسياسية مدهشة، وكذلك كان الجنود الأتراك الذين دخلوا إدلب بالأمس جزء من الحساب الجيوسياسي ذاته. يجب الوقوف أمام الممر الأمريكي – الإسرائيلي الممتد من البحر الأبيض إلى إيران، لأن هذا يعتبر حسابا مستقبليا وقضية وجود.


هذه الأسلحة تنقل إلينا، لا يمكن لأحد أن ينكر

لا يمكن لأحد أن يخدعنا باختزال هذه القضية في مسألة عرقية أو أن يروج لنا سيناريو التقسيم الكبير هذا على أنه نزاع تركي – كردي أو أن يختزل حسابات الهيمنة الدولية على المنطقة بين دفات الهويات المذهبية أو يقدم هذه الألاعيب لشعبنا من خلال عملية تضليل أو ينصب الفخاخ مع دولة أخرى من خلال تفسير الموقف الذي اتخذته تركيا لصالح جهة أخرى.


إن الهجمات الموجهة نحو تركيا صارت تدار علانية، وإن كانت تدار من خلال التنظيمات الإرهابية، ولهذا فمن الحماقة التغاضي عن أنّ الأسلحة التي أرسلتها واشنطن إلى حدودنا لصالح بي كا كا ستستخدم غدًا ضدّ تركيا. وإذا كان الأمر كذلك فإننا لسنا بالعميان حتى لا نرى من يحاولون جر تركيا إلى حرب داخلية وهم يقدمون اليوم على استهدافها من خلال الأراضي السورية والعراقية.


يجب منع تشكيل ذلك الحزام مهما كلف الأمر..

ذلك أننا لم نكن عميانًا في أيّ عصر، كنا فقط ضعفاء عاجزين عن الحركة، لكن لم نفقد أبدا ذلك العقل السياسي المحنك. واليوم نحن كذلك، نتحرك من خلال ذلك العقل. ولهذا فنحن نرى مصدر هذا التهديد وكيفية تنفيذه، ونتخذ التدابير اللازمة لمواجهة الخطر القادم من شمال العراق وسوريا، ولا نلقِ بالًا للأكاذيب التي يحاولون الترويج لها في الرأي العام التركي.


وعليه؛ يجب منع تشكيل ذلك الحزام مهما كلف الأمر. لقد بدأنا وتيرة "دفاع ذاتي" لمواجهة محاولة حصار تركيا، وستستمر هذه الوتيرة، بل يجب أن تستمر. إننا سنفشل رسم تلك الخريطة الدولية من خلال التدخل من عفرين وعين العرب وشمال العراق.


"كفاح مستميت" وتصفية حسابات كبرى..

إن جميع تحركاتنا في هذا الحزام هي حركة للدفاع عن تركيا، سعي من أجل إيقاف من يحاولون نقل الحرب إلى داخل أراضينا، كفاح من أجل إحباط محاولاتهم التي وضعوها من خلال خرائط التقسيم التي رسموها، محاولة لإيقاف من يرغبون في جرب منطقتنا إلى حروب عرقية وصراعات مذهبية لا نهاية لها.


إنه "كفاح مستميت"، حددنا مصدر التهديد. إنهم يستهدفون تأميم تركيا ونموها وبداية عصر جديد من عصور مجدها. سيفشلون في ذلك، لكن ما ينظرنا من أجل هذا الهدف هو تصفية حسابات استثنائية.


يجب مدّ العملية التي بدأت في إدلب إلى عفرين وتل أبيض

يجب الانتباه يجدا للموجة الثانية من 15 يوليو/تموز والهجمات التي سنتعرض لها من الجنوب والداخل. ولهذا فعلى تركيا إكمال العملية التي بدأتها في إدلب مهما قالوا وندّدوا، وعليها أن تستعد لتشكيل خط دفاع استثنائي بما في ذلك التكنولوجيا النووية.


سنشهد قريبًا الأزمات التي سيعيشها من تسببوا في نقل تلك الأزمات إلى أراضينا، وسنرى كيف أنّ الأزمات العرقية ستقرع أبوابهم. فالعالم اليوم لم يعد يدار من وراء الأطلسي، فهذا العهد قد ولى.


كما ولى عهد الوصاية على تركيا، انتهى ذلك القرن، وهو ما لم يفهموه، لكنهم سيفهموه قريبًا!


أمريكا وحلفاؤها يديرون عدّة تنظيمات إرهابية من قاعدة إنجرليك

إنّ أزمة التأشيرة ليست ردّة فعل بسيطة، فهم أعلنوا عن الفكرة التي تسيطر على عقولهم. لم تعد واشنطن حليفًا لأنقرة، ولن تكون أبدًا بعد اليوم. ولقد أصبحت القواعد العسكرية مثل تلك التي في إنجرليك تهديدًا للأمن القومي التركي، ولهذا يجب فتح ملفاتها وتثمينها في إطار جهود مكافحة الإرهاب. 


ذلك أنّ أمريكا وحلفاؤها يديرون عدة تنظيمات إرهابية من هناك من قاعدة إنجرليك.



#إبراهيم قراغول
#إنجرليك
#تركيا
7 yıl önce
هذه تصفية حسابات ألف عام وسنكسبها
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات