|
ما هذا الضجيج؟ هل كان بارزاني هو من يحمي تركيا من تهديد إيران؟

إن من لم يستطيعوا قبول أن يكونوا ضحايا اللعبة الغبية التي أقدم عليها بارزاني، وتقدّم الجيش العراقي نحو الشمال بطريقة تتوافق مع أطروحات تركيا، واستعادته للمناطق التي استولى عليها بارزاني، ودخول تركيا إلى إدلب، وانهيار مشروع ممرّ الإرهاب الممتد من المتوسط غربًا إلى إيران شرقًا؛ يسممون الرأي العام الآن بقولهم "ربحت إيران وخسرت تركيا".


فمن يدير هذه الحملة هم من فشلوا في مقاومة الموقف الحازم لتركيا وعجزوا عن المعارضة علانية ودعموا سرًّا هذا السيناريو الدولي، فاحذروهم، احذروا شبكة استخبارات بارزاني وعملاء بي يي دي. لأنّ هؤلاء هم مصدر هذا الخطاب وتلك الحملة، فهذه لغة معارضة جديدة تهدف إلى أن تعمي تركيا.

مخطط الفرح بالقومية الكردية وخوف من الشيعة

لقد كانوا هم من استغل القومية العرقية حتى يومنا هذا، وهم يواصلون اللعبة نفسها من خلال المذهبية عن طريق وضع المذهب الشيعي في المقام الأول. إنهم يستغلون الهوية العرقية والمذهبية من أجل تلك الحسابات الدولية، فهم يخفون النية الحقيقية ويروجون للحماسة الكردية عند الحاجة وللخوف من الشيعة إذا لزم الأمر.

إن ما يكمن خلف هذا الخطاب هو عقلية ممر الإرهاب، الإرادة الرامية لخنق المنطقة بالصراعات العرقية والمذهبية، مشاريع الاحتلال الغربية الراغبة في تمزيق المنطقة وتدمير مدننا والإيقاع بين شعوبنا.

وكما أن العملاء المحليين المتسترين خلف تلك المشاريع الكبرى يهددون جميع دول المنطقة، فإن هذه الخطابات التي يروجون لها من خلال الإعلام والسياسيين تهددنا بالقدر ذاته. ولهذا فإن هذا الخطاب يدار بالتوازي مع مشاريع التفريق والتقسيم والاحتلال التي تستند إلى الهويات العرقية والمذهبية.

إن من يضرمون النار في الهشيم بحجم أنّ "تركيا قد خسرت" عندما خسر بارزاني هم من يروجون سرًّا لمشاريع الاحتلال تلك.

 
وهل كان العلم التركي هو الذي يرفرف في أربيل لا العلم الإسرائيلي؟

لقد جاءت إيران والحشد الشعبي.. فهل كان بارزاني هو من يحمي تركيا من تهديد إيران؟ ومن التهديد الشيعي؟ وهل بارزاني وبي يي دي هما اللذان يقرران وجود تهديد من عدمه؟ هل هم الذين يحمون أمن حدودنا؟ وهل رفرف علم تركيا لا علم إسرائيل في شوارع أربيل عقب الاستفتاء؟

ومنذ متى وهؤلاء يحددون أمن تركيا ووحدتها وتهديدتها الخارجية ويدافعون عنها؟ منذ متى وهم يقفون في صف إيران؟ وهل كان بارزاني هو من يحمي تركيا حتى اليوم؟ لقد فشل في حماية نفسه، فقط كل شيء في بضع ساعات. فهل لم تحمه تركيا حتى اليوم؟ ألا ترون ما حصل له بعدما رفعت تركيا حمايتها عنه؟

من يحاصر تركيا مع الولايات المتحدة وإسرائيل؟

ماذا تريدون أن تقولوا؟ من يحاصر تركيا من شمال سوريا والعراق؟ من يحاول تشكيل ممر يحاصر تركيا بالتعاون مع الولايات المتحدة وإسرائيل؟ من ينشرون خرائط تركيا المقسمة؟ من يروجون لكل هذا من خلال خطابات المذهبية العرقية؟

ماذا كان ليحصل؟ هل كانت تركيا لتتفرج على كل هذا ولا ترى الأسلحة الموجهة نحوها أو تتفوه بكلمة أمام من يستعدون للحرب عند النقطة صفر من حدودها وتنتظر فتح جبهة تركيا عقب تمزيق العراق وسوريا؟ فهل هناك دولة تفعل هذا؟ وهل هناك شعب متسامح لهذه الدرجة؟ وهل هناك دولة تهمل الدفاع عن نفسها لهذا الحد؟ هل هناك من سيقف صامتا بينما يدعو الجيوش الغربية للدعم واحتلال الأرض؟

إنكم تحاولون أن تجعلون تركيا تدفع ثمن خسارة بارزاني لأنكم فشلتم في الدفاع عن تنظيم بي يي دي. والآن تسممون الرأي العام من خلال فكرة "الحشد الشعبي الشيعي في مواجهة بارزاني السني". إنكم تديرون حملة دعاية قذرة وتحرضون الرأي العام التركي ضدّ إيران. فليعلم الجميع أن تركيا لن تنخدع بهذه اللعبة.

إنها تصفية حسابات كبيرة لا علاقة لها بالهوية العرقية!

لنتكلم بصراحة:

استفتاء شمال العراق، تحرك الجيش العراقي عقب ذلك نحو حدود تركيا، إنهاؤه لاحتلال كركوك، سيطرته على سنجار، انسحاب وحدات بارزاني العسكرية نحو أربيل، تحرك الحشد الشعبي مع الجيش العراقي، فتح داعش مساحة أمام الاحتلال الأمريكي، احتلال بي كا كا / بي يي دي شمال سوريا، انخداع بارزاني بألاعيب أمريكا وإسرائيل...

ليس هناك أدنى علاقة بكل هذا والهوية العرقية والمذهبية. إنهم يروجون لنا هذه الأكذوبة، يروجون الحرب لبعضنا بالقومية العرقية، ولآخرين بالسنية، ولفريق ثالث بالشيعية. إنهم يحكمون علينا بالانحصار بين الهويات العرقية والمذهبية، وهناك نسقط في المصيدة ونخسر كل ما نملك.

إنها لعبة دولية كبرى، تصفية حسابات بين القوى، حروب على خرائط التقسيم...

إذا كنت في صف المحتل فأنت عدو: إنها النقطة الفارقة الحقيقية

نشهد تطبيق أكبر مشاريع الاحتلال منذ الحرب العالمية الأولى. فدول المنطقة جميعا تحت التهديد، تأتيها الهجمات تواليا. وهناك البعض يقفون في صف المحتل، وآخرون يقاومون، وهذه هي النقطة الفارقة في هذ االصراع الكبير.

وإذا كنتم تقفون في صف المعتدي فإنكم أعداء المنطقة ومحتلوها وتهديدها الخارجي، بغض النظر عن حجتكم أو خطابكم سواء أكان مبنيا على القومية العرقية أو المذهبية. إذا كنتم تقفون في مواجهة التقسيم الإقليمي والحرب الرامية للنيل من منطقتنا والتفريق بين شعوبها، فأنتم أبناء المنطقة، وحينها لن يستطيع أحد أن ينظر إلى هويتكم المذهبية أو العرقية.

إننا شعب واجه جميع الجيوش الغربية في الحرب العالمية، ودفعنا ثمن هذا في 4 قارات. إننا شعب لعب دورًا حاسمًا على مرّ التاريخ للحفاظ على وجودنا في الأناضول منذ أيام السلاجقة ومواصلة كيان الدولة من بعدهم. إن هذا هو ثقافة وخبرة سياسية. وإن الشعوب التي استطاعت النجاة من أصعب المحن على مر التاريخ لن تحاصر في هذا النفق الضيق ولن تستسلم، لأنها تعلم ما هو الخطر ومن أين يأتي وكيف تتخذ قراراتها في الأوقات الحرجة.

دافع سرًّا عن بي كا كا/بي يي دي واتخذ التركمان عدوًّا!

في وقت تمرّ فيه بواحدة من أصعب الأوقات في التاريخ لن تتحرك تركيا من خلال الهوية العرقية والصراعات المذهبية بمعناها الضيق، لأنها لا تستطيع فعل ذلك. فمن يقولون لنا "إن بارزاني سني، فادعموه" ليس لهم الحق في الحديث بعدما استغلوا هذا الدعم أسوأ استغلال.

إننا لم نفقد عقلنا حتى نصدق أنّ من لم يتفوهوا بكلمة أمام بي كا كا /بي يي دي، اللذين ليس لهما أي هوية دينية أو مذهبية، يصورون لنا تركمان العراق الشيعة وكأنهم "أعداء". ففي الوقت الذي كانوا يسيرون فيه في كركوك حاملين علم تركيا كان من يقومون بهذه الحملة ينقلون أسلحة أمريكا وإسرائيل إلى جنودهم على حدودنا.

لا يمكن أن ننظر إلى هذه الأحداث من خلال الهوية التركية – الكردية أو السنية – الشيعية. إننا نعطي الأولوية لتصفية حسابات القوى الكبرى التاريخية بينما نضع الخطوط العريضة لمقاومة التهديدات والهجمات التي تستهدف المنطقة وبلادنا. كما أننا نجعل مسؤولياتنا التاريخية ودورنا البناء في المقام الأول.

بارزاني لاعب صغير

ليس هناك علاقة بين الهوية العرقية وهزيمة بارزاني بين عشية وضحاها وخسارتها كل ما بين أيديه وتخلي أمريكا وإسرائيل عنه بعد تحريضه والخلاف بينه وبين أتباع طالباني.

لقد خسر بارزاني بعدما حاول أن يجد لنفسه مكانا كلاعب صغير في الألاعيب الكبرى ويحجز لنفسه دورا في لعبة الدول ويحصل – بانتهازية - على دعم من الظروف القائمة بعدما ضرب بتحذيرات الأصدقاء عرض الحائط.

لم يدرك خطورة الأمر، أعتقد أنه سيتغلب بالخطاب القوي على كل شيء. ولقد استغلت أمريكا وإسرائيل تلك الخطابات القومية – العنصرية بعدما حرضته، وحاولتا تشكيل حزام من الحاميات العسكرية في منطقة أجنبية شمالي العراق وسوريا.

الترويج للمذهبية عندما لا تنفع القومية العرقية!

ولهذا دعم بي كا كا ونقل مقاتلي بي يي دي إلى كل مكان وحاول فصل شمال العراق عن بغداد. وكانت القومية الكردية هي أنسب الخطابات من أجل هذا الهدف؛ إذ هددوا المنطقة بأسرها من خلالها.

لقد بدأت الولايات المتحدة والقوى الساعية لإعادة رسم حدود المنطقة باستغلال الهوية المذهبية في الحالات التي فشلت فيها في استخدام الهوية العرقية. ولهذا الهدف أسسوا داعش وشكلوا ممرًّا إرهابيًّا من خلال داعش وبي كا كا/بي يي دي من المتوسط غربا إلى إيران شراق، واستغلوا هذين التنظيمين اللذين يكملان بعضهما البعض ضد دول المنطقة، وحولهما إلى سلاح لتمزيق أراضي سوريا والعراق.

درع تركيا مشروع كبير

القضية واضحة، نشهد تركيز الجيوش الأجنبية في شمال سوريا والعراق وتشكيل حزام من الحاميات العسكرية هناك. فتركيا وإيران والعراق يواجهون التهديد نفسه. ولهذا فإنّ هذه الدول تقاربت واتخذت موقفا حاسما للمرة الأولى، وهذه خطوة تاريخية.

إنّ ما يجب على تركيا فعله واضح، عليها متابعة المشورع الذي بدأته بدرع الفرات وعملية إدلب، وعليها التدخل في عدة مناطق للقضاء على التهديد الموجود في شمالي سوريا. عيلها أن تراقب المنطقة الممتدة من الموصل/كركوك حتى حدودها بالتعاون مع العراق، وتضيق مساحة تحركات القوات الأجنبية، وتؤسس "درع تركيا" من المتوسط إلى حدود إيران.

تتخذ تركيا أقوى خطواتها منذ حرب الخليج في 1991، وهي للمرة الأولى تؤمم استراتيجتها الأمنية. القضية ليست قضية تركية – كردية، بل مسألة جيوسياسية، ويجب اتخاذ الخطوات وفق هذا. ويجب ألا يسمح لأي قوة أو ضجة أن تضلل عقل تركيا السياسي. 
#قراغول
#تركيا
7 yıl önce
ما هذا الضجيج؟ هل كان بارزاني هو من يحمي تركيا من تهديد إيران؟
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية