|
شراكة أمريكا مع بي كا كا وداعش والقمة الثلاثية في سوتشي
شهدت المنطقة الممتدة من لبنان غربا إلى أفغانستان شرقا أعنف الحروب الاستخباراتية في تاريخ البشرية خلال الحرب العالمية الأولى. فكانت جميع قوى العالم آنذاك تنهب الأراضي العثمانية، وكانت كل منطقة من مناطق ذلك الحزام الجغرافي تشهد معارك عنيفة، وكانت الإدارة العثمانية تقاوم الاحتلال الإنجليزي – الفرنسي.





لقد كانت الحروب الاستخباراتية في تلك الحقبة درسًا على الجميع قراءته وتعلمه، ناهيكم أصلًا عن محاولات الاحتلال والسلب والنهب وتمزيق المنطقة وتقسيم الإدارة السياسية العثمانية.


الحروب الاستخباراتية ذاتها تعود بعد قرن


ذلك أننا نعيش اليوم الحروب الاستخباراتية ذاتها تقريبا بالشدة نفسها في الحزام نفسه من الأراضي. فإذا أردنا معرفة وفهم ماذا يحدث في العراق وسوريا ولبنان أو المنطقة الواقعة بين البحر الأحمر والخليج العربي فعلينا التدقيق في تلك الحقبة جيدا.


في الوقت الذي تتعرض فيه لبنان وسوريا والعراق والجزيرة العربية والخليج العربي لاحتلال القوى المركزية العالمية اليوم، تشهد المنطقة نفسها إنشاء "الشرق الأوسط الأمريكي" من قبل الذين أنشأوا "الشرق الأوسط الإنجليزي" قبل قرن من الزمان.


من الدولة العثمانية المنهارة إلى تركيا المتطورة

ومن أجل تحقيق هذا الهدف حدث احتلال العراق واندلعت حرب سوريا وحاولوا تشكيل ممر للإرهاب في شمالي العراق وسوريا وخططوا لحصار تركيا وأطلقوا حربا خبيثة من خلال التنظيمات الإرهابية. كما كانت محاولة الاستفتاء التي أقدم عليها مسعود بارزاني والشراكة بين واشنطن وبي كا كا / بي يي دي والتعاون الأمريكي مع بي كا كا وداعش من أجل هذا المشروع الكبير.


لقد كانت هجمة 15 يوليو في تركيا ومحاولات القضاء على المقاومة الوطنية التركية واستغلال الهجمات الداخلية والخارجية في سبيل إفشال محاولة تركيا للنهوض من جديد بعد مائة عام من الغفلة، جزءا من الصراع بين تلك القوى.


لقد تراجع دور الدولة العثمانية حينها وبدأت بالانهيار، لكنها حاولت إلى آخر لحظة في عمرها المحافظة على وحدة دول المنطقة. وأما تركيا اليوم فهي دولة تحاول لملمة شتات منطقة ممزقة، ولهذا فهي تحاول أولا إعادة تأسيس نفسها.


لا زلنا في الصف الأول من المعركة ذاتها

كنا ذلك الحين في أول صف في المعركة ضد القوى العالمية وقتها، واليوم أيضا فنحن في الصف الأول من الجبهة التي تحاول مقاومة القوى العالمية الساعية مرة أخرى للاستيلاء على جميع دول المنطقة.


لكن ثمة فارق واحد بين ما يحدث اليوم وما حدث قبل مائة عام؛ ألا وهو أننا كنا دولة متخلفة ومنهارة في السابق، لكننا اليوم دولة قوية ومتقدمة.


إن عناصر الصراع قبل مائة عام أصبحت اليوم عناصر خائرة القوى. ولهذا فإن نتائج هذا الصراع ستكون مختلفة حتى وإن كانت طبيعيته وعناصره واحدة. وهذا لسبب بسيط، ألا وهو أن التاريخ تغير والقوة انتقلت من الغرب إلى الشرق، كما أن العديد من مناطق العالم تشهد جبهات كفاح مماثلة لتلك التي تشهدها تركيا.


الجبهة الأمريكية – البريطانية – الإسرائيلية ستخسر في سوريا كذلك

وإذا تحدثنا عما يحدث اليوم فيمكننا القول إن المخططات التي تسعى الجبهة الأمريكية – البريطانية – الإسرائيلية لتنفيذها من أجل إعادة تشكيل المنطقة ورسم خريطتها وفق أولوياتها وتعيين الأنظمة والإدارات تبعا لذلك وتمزيق الدول لن تكون بالسهولة نفسها بقدر ما كانت سهولة احتلال أفغانستان والعراق. فبالرغم من مساعيهم فقد خسروا وسيخسرون أفغانستان والعراق، والأمر نفسه سينطبق على مخططاتهم في سوريا مهما حاولوا لتنفيذ مخططاتهم الدنيئة.


كلنا نعلم أن ثمة مشروع يشمل جميع حدود تركيا الجنوبية، من البحر المتوسط غربا إلى إيران شرقا، يهدف لتحويل المنطقة إلى جبهة نزاع، واليوم رأينا كيف انهارت مخططات المشروع في شمال العراق بين ليلة وضحاها. فالمسرحية التي نفذوها من خلال استفتاء بارزاني انتهت خلال ثلاث ساعات بإخراجهم إياه من كركوك. وبطبيعة الحال فشلت محاولات تنفيذ هذا السيناريو في تركيا من أجل تسميم عقول أمتنا.


شراكة واشنطن مع بي كا كا وداعش: أقذر علاقة في العالم

لا ريب أن واشنطن وتل أبيب ستواجهان النتيجة عينها في شمال سوريا. فلقد فشلت عملية تنفيذ الخريطة الجديدة التي حاولتا رسمها في المنطقة من خلال بي كا كا / بي يي دي والإستراتيجية التي تركز على جعل كل دول المنطقة تركز على الحرب ضد داعش لفتح المجال أمام بي كا كا.


لم يعد بإمكان أي أحد إخفاء محاولات حماية بي كا كا واستغلال داعش كستار من أجل إخفاء الإستراتيجية التي تنفذها واشنطن من خلال التنظيمات الإرهابية وإفشال الهجمات ضد داعش وتحركها سرا مع هذا التنظيم الأخير.


لقد ظهرت اليوم الشراكة بين الولايات المتحدة وبي كا كا وداعش إلى العيان بصفتها أقذر علاقة في العالم. ومن الآن فصاعدا لن يعني كارت الإرهاب التي تلعب به واشنطن أي شيء، وبمرور الوقت سيظهر المزيد من العلاقات القذرة التي تربطها بالتنظيمات الإرهابية.


محاولة 15 يوليو وحزام الإرهاب: عمليتان استخباريتان كبيرتان

كانت هجمات 15 يوليو أكبر عملية استخباراتية نفذتها تلك القوى داخل تركيا. وأما العملية الاستخباراتية الثانية التي تستهدف تركيا فتجري في شمال سوريا. ولا شك أن لهذا المشروع حلفاء في الداخل، لكن هؤلاء يكشف عنهم بمرور الوقت.


إن كل من يروج لشائعة "إن تركيا تدعم داعش" يعتبر جزءا من هذا السيناريو وشبكة الاستخبارات. ومن الملفت للانتباه حقا أننا لم نسمع صوتا من هؤلاء عندما كشف عن العلاقة السرية بين التنظيم وواشنطن.


طلال سلو: ملف علاقة واشنطن بداعش بيد تركيا

إن جميع أنشطة الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة ضد تركيا. ولا شك أن ثمة علاقة وثيقة بين ملف سوريا وقضية رضا ضراب التي بدأوها من خلال النقل بالكامل من ملفات تنظيم غولن الإرهابي. فهناك علاقة وطيدة بين قضية ضراب وحزام الإرهاب في سوريا وحسابات واشنطن وتنظيمات غولن وبي كا كا وداعش السياسية في الداخل، ذلك أنها يروج لها من خلال الرسائل ذاتها. ولهذا يجب الانتباه جيدا خصوصا لأولئك الذين يروجون لهذه الرسائل بحجج مختلفة.


إن ملفات الادعاء التي جهزوها داخل الولايات المتحدة من أجل تضييق الخناق على تركيا هي جزء من صراع القوى في المنطقة. وربما تكشف الملفات التي جاء بها طلال سلو قبل يومين إلى الاستخبارات التركية عن أدلى خطيرة بشأن علاقة واشنطن بالتنظيمات الإرهابية. وأعتقد أن هذا الأمر يؤرق الولايات المتحدة التي عقدت آمالا على ملف ضراب. ولذلك ستستمر حرب الاستخبارات المتبادلة.


سيتخلون عن بي كا كا وينسحبون من سوريا!

لكن لم تعد هناك فرصة أن تنجح الوحدات العسكرية الأمريكية في شمال سوريا بعد الآن. فالتقارب بين تركيا وروسيا وإيران سيفشل محاولاتهم في المنطقة بشكل عجيب. وربما تنسحب القوات الأمريكية من المنطقة لتتخلى عن تنظيمي بي كا كا / بي يي دي.


إننا نشهد مبادرة إقليمية للمرة الأولى منذ حرب الخليج الثانية؛ إذ من الممكن أن توضع النقطة الأخيرة في كتاب الأزمة السورية خلال القمة الثلاثية التي تستضيفها مدينة سوتشي الروسية بين رؤساء تركيا وروسيا وإيران.


لا تمتلك واشنطن وحلفاؤها أي قدرة أو فرصة على مقاومة هذه التطورات، ولن يكون بإمكانهم سوى محاولة الهجوم للمرة الأخيرة من خلال جبهة جديدة شكلوها من الإمارات والسعودية ومصر، ولهذا على الجميع الاستعداد لمواجهة هجوم مفاجئ كهذا خلال الأيام الجارية.


خزي أمريكي محتمل في سوريا

لن يلحق بواشنطن في سوريا سوى الخزي والعار طالما ظلت هذه المبادرة مطروحة دائما. وربما يحاكم المسؤولون الأمريكيون بتهم إدارة تنظيمات إرهابية وتنفيذ مجازر بحق المدنيين ومخططات تهجير وتطهير عرقي وتنفيذ عمليات إرهابية ضد دول حليفة، بل ربما تصل الاتهامات إلى حد تنفيذ جرائم ضد الإنسانية. هذا فضلا عن أن الشراكة العسكرية الأمريكية مع داعش وبي كا كا في سوريا، وخصوصا في شمالها، ستكون موضوعا للتحقيقات.


ولأضيف نقطة أخيرة، لقد تغير المحور الأمريكي في المنطقة باستهدافها تركيا. فاستهداف تركيا وضربها من خلال التنظيمات الإرهابية كان أكبر خطأ إستراتيجي وقعت فيه واشنطن، ولا ريب أنه سيكون السبب الرئيس لخسارتها في المنطقة. 

#إبراهيم قراغول
6 yıl önce
شراكة أمريكا مع بي كا كا وداعش والقمة الثلاثية في سوتشي
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية