|
جميع المسلمين إرهابيون!

إسماعيل قليش أرسلان | يني شفق


كانت الساعة تشير إلى التاسعة وثلاثة وعشرين دقيقة من صباح يوم التاسع من يناير عام 2015 حينما هممت بكتابة المقال، ولم يكن ثمة أي تنظيم قد تبنى هجوم "شارلي هيبدو" بشكل رسمي بعد. كما أن أيا من تنظيمي الدولة أو القاعدة أصحاب الوسائل الإعلامية القوية لم يعلنا عن تبنيهما العملية. بالإضافة إلى تصريح تنظيم الدولة بأن "بعض المتعاطفين معها قد يكونوا خلف الهجوم"، يعني بشكل واضح أنه التنظيم ليس من يقف خلف العملية.

هذه مجرد معلومات، وهي معلومات لا قيمة لها بالنسبة لأؤلئك الذين ما لبثوا يرددون عبارات الاتهام للمسلمين منذ اللحظة الأولى للهجوم. وتم تقديم صور ثلاثة أشخاص عرب على أنهم المشتبه بهم. فبطبيعة الحال، مصطلح "الجهاديون" هو مصطلح وظيفي مهم في مثل هذه اللحظات. أما اليسارييون والكماليون والوطنيون الأتراك الذين يعتقدون بأن "المسلمين هم بالتأكيد من خطط ونفذ هذا الاعتداء" فلا يعيرون انتباها ً لهذه المعلومات. ولماذا يعيرون انتباهاً وهم الذين قد تبنوا القناعات التي قدمها لهم الغرب؟!

إذاَ، فمن المسؤول عن هذا الهجوم؟ إن لم تكن عناصر تنظيم القاعدة أو داعش هم المسؤولون عن الهجوم، فمن الذي نفذه إذاَ؟ من وجهة نظري فإن أقوى الاحتمالات تشير إلى أنه أحد "عمليات الأكراد فقط" الذي دعت إليها تنظيمات الجهاد العالمية مثل تنظيم أبو مصعب السوري. والاحتمال الثاني يشير إلى أنه من عمل أحد التنظيمات الاستخباراتية.

فلننظر إلى الاحتمال الأول، الذي يفيد بأن الإعتداء هو أحد "عمليات الأكراد فقط". فتنظيمات الجهاد العالمية كانت تدعو منذ فترة من الزمن إلى "التخطيط وتنفيذ عمليات في الغرب من أجل إظهار الوجود". مما يعني أن عدة أفراد غير منتمين إلى تنظيم معين قد يجتمعون على تخطيط وتنفيذ عمليات عنف. وهذا هو مغزى الدعوة. فللنظر للأمر من هذه الزاوية، إن أفراداً عاديين غير مرتبطين بأي تنظيم معين يقومون بالتخطيط وتنفيذ عمليات إرهابية في مناطق مختلفة من العالم وبشكل غير منظم، مما يجعل من الصعب ملاحقتهم أو تعقبهم. مما يعني أيضاً أن أحداً لن ينام قرير العين بمن فيهم أنا وأنت.

بطبيعة الحال فإنه ليس لديك أدنى فكرة عن السبب الذي جعلنا نصل إلى هذه النقطة يا عزيزي التركي العلماني العاشق للقيم الغربية. أليس كذلك؟ قد تفهم أن أمريكيا أو بريطانيا أو فرنسياً ليس لديه فكرة عن السبب الذي جرنا إلى هذه الحالة. ولكن أن لا تدرك ذلك أنت! وأنت الذي تعيش في المنطقة التي أطلقت عليها الإمبريالية الغربية اسم الشرق الأوسط ولا تدرك السبب أو أن تتظاهر بعدم إدراكك فهو أمر لا يمكن لعقلي القبول به.

فلنترك حوادث التاريخ القديمة ولننظر فقط إلى حرب أفغانستان والمورو منذ أربعين عاماً، أو حرب الخليج الأولى والبوسنة والشيشان منذ ثلاثين عاماً، وحرب الخليج الثانية والصومال منذ خمسة عشر عاماً، وسوريا منذ عشر سنوات. هل تتذكر كل هذا؟

حسناً، فأنت إذا تتذكر كل هذه الحروب، أفلا تخجل إذا ً بالله عليك من تبني الرأي القائل بأن "المسلمين أصلاُ إرهابيون"؟! يا للخسارة!

هل هناك أي معنى أو أي منطق في غض النظر عما فعلته الامبريالية والاستعمار الحديث إذ أشعلا نيران الحرب في كل أنحاء العالم الإسلامي، والقول بأن "المسلمين بربر" !؟ ألا يمكنكم أن تفكروا بهذا العمل على أنه ردة فعل؟

ملايين المسلمين الذين قتل أبناؤهم وأمهاتهم وآباؤهم وإخوانهم وأقاربهم، أو اعتدي على زوجاتهم وأخواتهم وبناتهم، واضطروا إلى الخروج من بيوتهم وأوطانهم، ألن يخرج منهم من يسعون للانتقام؟ أم تظنون أن العالم الغربي الذي قد سلب النوم من عيون شعوب العالم الإسلامي برمتها لن يواجه ردات فعل على أفعاله؟

سوف تقولون الآن بان إسماعيل قليتش أرسلان يدافع عن الإرهاب. حسناً قولوها إذا ولا تترددوا. فأنا أدرك ما هو الإرهاب وما هو الأمر الذي أدافع عنه. وها أنا ذا أشرح المسألة. فإن قلنا بأن تحويل محكمة ديار بكر إلى مختبر، وحصر ملكية تركيا على الأتراك، ومنع بعض فئات الشعب من التحدث بلغاتها سوف يدفع باتجاه ظهور تنظيم مثل "بي كا كا" (حزب العمال الكردستاني)، فإن هذا التحليل لا يعني بأي حال من الأحوال الدفاع عن "بي كا كا" ولا يعني وجوب ترك ملاحقته. بل هو محاولة للفت النظر إلى الظروف التي أنشأت وأظهرت هذا التنظيم.

لقد فتح الفاتيكان ستة قضايا دعوى على مجلة شارلي هيبدو بدعوى إساءتها للمسيح عليه السلام وتهمة معاداة السامية من خلال السخرية التي أطلقتها في خبر أن ابن ساركوزي سيكون يهودياً. ولكن شيئاً لم يحصل. كما أن العديد من التنظيمات ومؤسسات المجتمع المدني قد تظاهرت ضد المجلة بسبب استهزائها بالدين الإسلامي وحضرة الرسول صلى الله عليه وسلم. وتم رفع عدة قضايا دعوى. إلا أن المجلة لم تعباً بشيء من ردات الفعل هذه وهي المجلة التي طردت أحد رساميها البالغ من العمر 80 عاماً بسبب تعرضه للديانة اليهودية بالسخرية. وها هي اليوم تدافع عن "حرية التعبير".

"حرية التعبير" هي نفسها التي احتمى بها سلمان رشدي إذ رفع دعوى لعرقلة قرار سحب كتابه آايات شيطانية".

ألا يكفي هذان المثالان للتعبير عن حقيقة حرية التعبير الغربية؟ ألم يحاكم ويسجن الغرب -الذي تدافعون عنه- شابان تركيان على تأديتهما السلام النازي في معسكر اوشويتز قبل عامين؟ يعني ذلك أن تأدية السلام النازي لا يقع ضمن إطار حرية التعبير أما الاستهزاء بحضرة الرسول عليه الصلاة والسلام فهو ببساطة "حرية تعبير"؟!

أي نوع من الاضطهاد يجعلنا نقبل بالقول "المسلمون الأغبياء لا يستطيعون تحمل استخدام لا آخرين لحق التعبير عن الرأي". وأي نوع من الاضطراب يجعل منا من يتطوع للتصريح بأن "جميع المسلمين إرهابيون" بناءً على هجوم نفذه ثلاقة أفراد؟!

سوف أوجه السؤال وكأنني أسأل طفلاً في الثانة من عمره، لعلهم يفهمون.

هل جميع البوذيين إرهابيون بناءاً على ذبح البوذيين للمسلمين في ميانمار؟؟

هل جميع المسيحيين إرهابيون بسبب قتل بعض المسيحيين للمسلمين في العراق؟؟

هل جميع الصينيين إرهابيون لأن الصينيين قد أفنوا بعض عائلاتنا في شرق تركستان؟؟

هل جميع الروس إرهابيون لأن الروس لم يتركوا حجراً على حجر في الشيشان ودمروا أوكرانيا؟؟

كان جوابكم بالنفي أليس كذلك؟ فبأي منطق تعمم صفة الإرهاب على جميع المسلمين بسبب اعتداء نفذه ثلاثة أشخاص، لم يعرف من الذي وجههم بعد. ؟!

دالاي لاما كان يقول: "البوذية الحقيقية ليست هذه . فحياة الإنسان مقدسة في البوذية. هناك بوذيون متطرفون في ميانمار. وأفعالهم لا تنسحب على البوذية."


9 yıl önce
جميع المسلمين إرهابيون!
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية
ملف إيران يزداد تعقيدا