|
إيران في مواجهة أمريكا على الحدود السورية العراقية..
قامت الوحدات الأمريكية بمهاجمة القوات المؤيدة للنظام الإيراني ثلاث مرات خلال الشهر الجاري، حيث قصفت القوات المرتكزة في منطقة الطنف الواقعة جنوب شرق سوريا، وأول عملية كانت في 18 مايو/أيار أي في اليوم التالي من عودة رئيس الجمهورية أردوغان من زيارة أمريكا، وتمت العمليتان الثانية والثالثة على التوالي في يومي السادس والثامن من شهر يونيو/حزيران، وقامت قيادة القوات المركزية الأمريكية (CENTCOM) بتبرير هذه الاعتداءات على أنها كانت نتيجة خرق قوات النظام السوري للمناطق المحظورة جنوب شرق سوريا .


وقامت قناة سي ان ان العالمية يوم أمس بإعلان نبأ هام اعتمد على مصادر بنتاغون، حيث تضمن النبأ أن أمريكا أقرت بتركيز نظام المدفعية الصاروخية العالي الحركة هيمارس (HIMARS) على المنطقة، مع العلم أنها قامت سابقًا بتعزيز قوات تنظيم الـ يي بي جي عن طريق تركيزها لهذا النظام على شمال سوريا وأما الآن سيتم استعماله أيضًا في الجنوب، مع العلم أنّ أنظمة "هيمارس" العالية الحركة قد تم استخدامها سابقًا أثناء عمليات مقاومة تنظيم داعش على الحدود التركية الأردنية وفي العراق أيضًا، بيد أن الهدف من تركيز هذا النظام على الجنوب في هذه المرة ليس له أي علاقة بموضوع مقاومة تنظيم داعش، وصرّحت إحدى مصادر قناة سي ان ان أن قرار تركيز نظام هيمارس على منطقة الطنف هو رد فعل لاقتراب قوات النظام السوري إلى المنطقة بمسافة 55 كيلومترًا، لكن دعونا نضع هذا الموضوع الآن على جنب.


خلال شهر مايو من عام 2015 قامت أمريكا بتدريب العساكر في الأردن ضمن نطاق عمليات تدريب الجيش السوري الحر، وكان هدفها من هذا التدريب تشكيل "الجيش السوري الحر الجديد" ، حيث قامت في الأردن بتدريب  100-150 عنصرًا من لواء الله أكبر، وتمكنت هذه العناصر المدّربة من الدخول إلى سوريا واسترجاع حدود الأردن من تنظيم داعش، ثم انتقل المعسكر إلى منطقة الطنف السورية، واليوم يتم في هذا المعسكر تدريب المئات من جيش سوريا الجديد تحت اسم تشكيل "مغاوير الثورة"، يضم هذا المعسكر التدريبي في منطقة الطنف ما يقارب 150 عسكريًا أمريكيًّا إضافة إلى عساكر خاضعة لدول التحالف الدولي ضد تنظيم داعش مثل الأردن وبريطانيا.


أما عن منطقة الطنف فهي منطقة تقع على نقطة هامة وسط الأردن وسوريا والعراق، وتملك هذه المنطقة الواقعة على جنوب شرق سوريا موقعًا استراتيجيًّا هامًّا كونها على الحدود السورية العراقية ، لأنها تعتبر رابطًا هامًا بين بغداد والشام، والسؤال الذي يطرح نفسه بعد بداية عملية الرقة بكتمان تام هو أن من بعد الرقة والموصل؟ تقدم قوات النظام السوري والميلشيات الداعمة  للنظام الإيراني من الشام تجاه الحدود السورية والعراقية وتقدم ميلشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران من العراق إلى الحدود السورية ظواهر تشير لنا أن نقطة الهدف الجديدة ستكون هنا، كما أن صور قائد فيلق القدس الإيراني قاسم سليماني التي تلتقط مع الميلشيات العراقية والأفغانية منذ أول شهر يونيو/حزيران في الحدود السورية العراقية تؤكد التقاء القوات السورية والعراقية المدعومة من إيران، ورغم أن قيادة القوات المركزية الأمريكية برّرت بأن اعتداءات التحالف الدولي بقيادة واشنطن على قوات النظام الواقعة حول منطقة الطنف وأن قرار تأسيس نظام HIMARS  بمدى 300 كيلو مترًا هو بهدف مقاومة داعش، لكن في الواقع كافة المؤشرات تصب في احتمالات وقوع اشتباكات ساخنة في الجنوب بين القوات المدعومة من إيران والقوات المدعومة من أمريكا.


كما علينا ربط المواقف الأخيرة لرئيس العراق حيدر العبادي المدعوم من أمريكا بعد انصرافها من المالكي بهذه التطورات والتي تمثلت بوضعه للحشد الشعبي و تنظيم داعش في نفس الكفة و توجيهه للتحذيرات إلى الحشد الشعبي، لكن في نفس الوقت تحدّت الميلشيات الإيرانية العبادي الذي وجّه هذه التحذيرات بالتزامن مع تحركات أمريكا في المنطقة مصرّحة أن "الحشد الشعبي سيبقى في العراق وفي سوريا".


وكلنا على علم أن عملية مقاومة داعش التي تمت في العراق كانت بهدف فتح المجال للحشد الشعبي مما أدى إلى انقلاب هذه العمليات على رأس السنة مولدة لحرب بين السنة والشيعة، لكن من سيبقى في نهاية عملية مدينة الموصل السنية؟ ومن الذي سيستلم إدارتها؟ وماهي التطورات التي ستطرق على شمال العراق نتيجة استفتاء الاستقلال المقترح من إدارة البرزاني ؟ وماذا سيكون موقف تنظيم الـ بي كا كا الذي يتحرك دائمًا بشراكة مع الحشد الشعبي بعد الآن؟ كل هذه التساؤلات تخص العراق.


أما عن المقاومة الأمريكية المزعومة ضد داعش في شمال سوريا، لقد أدت هذه العمليات إلى فتح المجال أمام تنظيم الـ بي كا كا وسهّل لإيران وحزب الله والنظام السوري بدعم روسيا إطلاق الحرب على السنة المعارضة للنظام السوري، وفي حين التقاط قاسم سليماني للصور في جنوب الحدود السورية العراقية، قامت العشائر السورية بالتعاون مع الحشد الشعبي وتنظيمي الـ بي كا كا والـ بي يي دي بالدخول إلى سوريا من الشمال واحتلال بعض القرى فيها، وهذا ما يعني أن إيران تطالب مقابلًا للقناة التي تدعم إنشائها في شمال سوريا بالتعاون مع تنظيم الـ بي كا كا وهذا المقابل هو إنشاء قناة شيعية في الجنوب، لكن كيف سيمنع بنتاغون تنظيمي الـ بي كا كا والـ بي يي دي في حين ليس له أي نية لذلك؟ وهل ستفي أمريكا بوعدها لتركيا حول تأسيس سلطة سنية عربية في الرقة بعد انتهاء عملية الرقة المنفذة من قبل تنظيمي الـ بي يي دي والـ يي بي جي؟ ومن سيبقى قائمًا في منطقة مثلث دير الزور بوكمال والطنف التي حتمًا ستواجه اشتباكات حادة بعد عملية الرقة؟ هل ستبقى هناك القوات المدعومة من أمريكا أم قوات النظام السوري وحزب الله والميلشيات العراقية المدعومة من إيران؟ وماذا سيكون موقف روسيا؟ هاهي التساؤلات الخاصة بسوريا.


باختصار بعد أن أطلقت أمريكا العملية الزعومة باسم مقاومة داعش في سوريا والعراق نتيجة الاتفاقيات السرية التي عقدتها مع تنظيم الـ بي كا كا وإيران لم تترك أمريكا أي مجال عيش للسنة هناك ، وستقوم بعد الآن بتوجيه الحرب إلى الميلشيات الإيرانية.


أما المؤشرات الأخرى حول احتمالات وقوع اشتباكات جديدة، هي الدعم الذي يقدمه الرئيس الأمريكي لأزمة الخليج وقطر، وموقف إيران  في هذه الأزمة الذي أسعد أمريكا، وازدياد عدد الحملات التي ترغب إسرائيل وقوعها في المنطقة. وبعد حصول بنتاغون على الإشارة الخضراء من ترامب  يبدو أن التجهيزات اللازمة لمواجهة إيران المرفوضة من قبل بنتاغون قد بدأت في شمال سوريا، ولا شك أن الزيارة المفاجئة لوزير الخارجية الإيرانية جواد ظريف للعاصمة أنقرة ليست محدودة بأزمة قطر فحسب، فلا شك أن إيران تسعى بالبحث لمواجهة التحالف المشكل ضدها في سوريا والعراق، لكن ماذا سيكون موقف تركيا؟


باختصار هناك أسئلة عديدة لكن الشيء المؤكد الوحيد هو أن كل شخص يتوقع انتهاء اشتباكات المنطقة فهو مخطئ بل هناك مرحلة جديدة على وشك البداية.

#إيران
٪d سنوات قبل
إيران في مواجهة أمريكا على الحدود السورية العراقية..
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان