|
بداية مرحلة جديدة في غزة
لقد حدث التطور الذي انتظر لأشهر؛ إذ أجرى رئيس وزراء الحكومة الفلسطينية رامي حمد الله زيارة على رأس وفد وزاري إلى قطاع غزة يوم الاثنين واستلم إدارة القطاع من حكومة حماس. وقد امتدح الطرفان بعضهما البعض وتبادلا القبلات أمام عدسات الكاميرات، كما وعدا بأن "حكومة الوحدة" ستكون دواء لآلام سكان القطاع. وقد أجريت مراسم استلام إدارة القطاع برعاية مصرية – إماراتية لتنتقل مسؤولية عزة من حماس إلى حكومة الوحدة، غير أن حماس ستواصل تحمل مسؤولية توفير الأمن داخل القطاع.


وقبل الإعلان الرسمي عن الوحدة التي تابعتها عن كثب المخابرات المصرية والإماراتية والإسرائيلية، أطلقت حماس سراح 5 أعضاء من حركة فتح كانت اعتقلتهم قبل عامين. ولفت الانتباه إطلاق سراحهما عقب زيارة وفد مصري، ضم السفير المصري في تل أبيب حازم خيرت، إلى غزة يوم الأحد. وأما ما لفت الانتباه أكثر كان توجيه طاهر أبو أرمنة، أحد أعضاء فتح الذين أطلق سراحهم، بالشكر إلى محمود دحلان الذي طرد من فتح عام 2011، بدلا من شكره لمحمود عباس.


لقد لاحظ كل من تابع التطورات في قطاع غزة أن دحلان كان هو العقل المدبر للمصالحة وإن كان قد ظهر في الصورة أنها تمت تحت قيادة محمود عباس. ويعتبر دحلان اسمًا تثق به إسرائيل كثيرا بشأن قضايا قطاع غزة، وذلك بعدما طرد من صفوف فتح واستقر في الإمارات ليعمل بصفته "كبير مستشاري ولي عهد دولة الإمارات محمد بن زايد" ويدير العمليات السياسية والعسكرية الإقليمية من أبو ظبي.


ومن المعروف أن مصر والإمارات وإسرائيل تفضل تنصيب دحلان على رأس القيادة الفلسطينية في حالة ترك عباس الزعامة بسبب مشاكله الصحية لتقدمه في العمر (82 عاما)، ويبدو أنّ تأييد دجلان سيزيد بين الفلسطينيين بعد دوره في المصالحة. ولا شك أنه من الطبيعي أن يدعم سكان القطاع من خلصهم من مشاكلهم الناجمة عن حصار دام لأحد عشر عامًا.


من جانبها تدافع حماس عن خيار "حكومة الوحدة"، الذي اضطرت لقبوله، على حساب فقدانها للسلطة وانخفاض شعبيتها. ذلك أنه صار من المستحيل مواصلة الحياة اليومية في القطاع بعدما تلوثت 98% من المياه الصالحة للاستخدام ووصلت الخدمات الصحية والتعليمية إلى مرحلة التوقف وانهارت البنية التحتية وأصبحت الأزمات الاقتصادية روتينيا يوميا. ولهذا فقد وافقت حماس على الوصفة المؤلفمة لدحلان، وبالتالي مصر والإمارات وإسرائيل، من أجل إراحة سكان القطاع.


لقد شعر العديد من المراقبين بالشك من الصورة النهائية التي كشف عنها يوم الإثنين بعدما خيم الفشل على جميع محاولات تأسيس "حكومة وحدة" طيلة السنوات الماضية. ويعتقد أن مواصلة حماس متابعة الأمن الداخلي في القطاع، في مقابل سيطرة دحلان وفريقه على مراقبة الحدود، سيكون أكثر النقاط الحساسة التي يمكن أن تتسبب في نشوب صراعات بين الجانبين. كما أن هناك مسألة شك أخرى، ألا وهي أنّ عباس وفريقه ربما يواصل مهاجمة حماس من تحت الطاولة لكي لا يلمع نجم دحلان.


إن التنافس الشديد متواصل بين الثلاثي الفلسطيني حماس ودحلان وعباس وإن ظهر أنهم توصلوا إلى اتفاق، فالثلاثة يسعون لحماية قاعدتهم الجماهيرية ومسيرته السياسية. وفي هذا السياق علينا تذكر أن حماس من جهة تفتح لنفسه ممثلية في القاهرة ومن ناحية أخرى تتقرب إلى الجبهة الإيرانية. كما أننا نشهد مساعي إخراج تركيا وقطر من المعادلة وضم مكانهما قوى إقليمية أخرى بكامل قواها.


لم تؤسس حماس رسميا أيام الانتفاضة الأولى عام 1987 من أجل "لا شيء". فالتيار الإسلامي الفلسطيني الذي شعر بالضيق من سياسات الإدارة الفلسطينية بقيادة ياسر عرفات وجد لنفسه مع تأسيس حماس منصة يمكن أن يعبر من خلالها عن رأيه. وكانت حماس قد ظهرت بصفتها معارضة سياسية قوية استلهمت أفكارها من جماعة الإخوان المسلمين في مواجهة عرفات وفريقه الذي تعرض للنقد اللاذع بسبب مزاعم الفساد وتقربه لإسرائيل. وفي هذا السياق كانت حماس تشكل خيارا وجبهة مواجهة لتيار حركة التحرير الفلسطينية وفتح من ناحية وجهة نظرتها العالمية. وقد حظيت حماس بدعم كبير بين الجماهير بصفتها أمل جديد بدعم من تراجع مستوى عرفات خلال مسيرته السياسية الطويلة.


وعندما نقرأ الأحداث من خلال رؤية عالمية مختلفة سنلاحظ أنه من الصعب للغاية أن يحدث اتحاد لفترة طويلة بين فتح، التي تشكل الجانب العلماني في فلسطين، وحماس الذي تمثل الجانب الإسلامي. وبما أنه من المستحيل أن تنسلخ حماس من جميع المبادئ التي تمثل كيانها، فإن "اختلاف النظر العالمية" ستكون نقطة ضعف "حكومة الوحدة" الجديدة في فلسطين. 

#مرحلة
7 yıl önce
بداية مرحلة جديدة في غزة
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات