|

"العالم أكبر من خمسة".. شعارٌ تركيٌّ "ملح" لإصلاح الأمم المتحدة

في مقالٍ للبروفيسور الدكتور "فؤاد كيمان" مديرُ مركز اسطنبول للسياسات، وعضوُ هيئة التدريس في قسم العلاقات الدوليّة بجامعة "صابنجي" التركية

Ersin Çelik
11:19 - 29/09/2016 Perşembe
تحديث: 14:25 - 29/09/2016 Perşembe
الأناضول

جاء إنشاء منظمة الأمم المتحدة عام 1945، كأهم نتيجة لمؤتمر "بريتون وودز" الذي عقد عام 1944، وناقش معالم النظام العالمي الجديد بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.



وأسفر المؤتمر عن إنشاء صندوق النقد الدوليّ ليعني بالجانب المالي، والبنك الدولي ليعني بالجانب التنموي، والأمم المتحدة، للتعامل مع التهديدات التي تستهدف السلم العالمي، وللإسهام في إرساء الأمن، وإنشاء تعاون اقتصادي واجتماعي دولي يولي الأولوية لإدامة السلم.



وتضمّ منظمة الأمم المتحدة اليوم 193 دولة عضو، وتوفر منتديات لزيادة التعاون الدولي وتشجيع الحوار، من خلال طرح الدول الأعضاء، وجهات نظرها في هيئات المنظمة الأساسية كالجمعية العامة، ومجلس الأمن، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي، وتضم المنظمة كذلك محكمة العدل الدولية، بالإضافة للأمانة العامة للمنظمة.



ويعتبر مجلس الأمن الدولي، أحد أكثر هيئات المنظمة المثيرة للنقاش، والذي يعد أهم هيئة دولية تهدف لإرساء وإدامة الأمن والسلم الدوليين.



وتتكون من خمسة أعضاء دائمين، هم الدول التي خرجت منتصرة من الحرب العالمية الثانية؛ الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا، والصين، وبريطانيا، وفرنسا، بالإضافة إلى 10 دول يتم اختيارها لعضوية المجلس لمدة سنتين.



ومن أجل أن يصدر قرار من مجلس الأمن، لابد أن تشارك في التصويت عليه كل الدول دائمة العضوية، وأن يحصل على موافقة 9 من الدول الـ 15 الأعضاء في المجلس، وتمتلك الدول دائمة العضوية حق النقض (الفيتو) المطلق.



ويعتبر حق النقض الفيتو الذي تتمتع به الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، من أهم أسباب عجز وعدم فعالية المجلس والأمم المتحدة بشكل عام. كما أن كون ثلاثة من الأعضاء الدائمين من الدول الغربية (الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا)، واثنان منهم من دول أوراسيا (روسيا والصين)، وتزايد الخلافات في الرأي شيئا فشيئا بين هذين المحورين، الغربي والأوراسي، يدعم الفكرة القائلة إن مجلس الأمن لا يتكون من خمس دول، وإنما من محورين تتعارض أراؤهما ومصالحهما.



وعقب الحرب العالمية الثانية طرأ تغير سريع على العالم، فقد انتقل مركز القوة من الغرب إلى الشرق، وازدادت قوة الدول الشرقية بما فيها تركيا،



وأصبحت هذه الدول صاحبة قرار في الساحة العالمية، فالأزمات الاقتصادية والأمنية والمشاكل الأخرى التي يعاني منها العالم، يستوجب عدم ترك السلام والأمن رهن بـ"الفيتو" المخصص للدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.



العجز عن حل الأزمات


ورغم عمرها الذي زاد عن 70 عامًا، لم تتمكّن الأمم المتحدة من تطمين الرأي العام العالمي حول تعاملها مع أزمة البوسنة والمأساة التي حدثت في هذا البلد عام 1995، وظهر تقاعسها جلياً عندما عجزت في التعامل مع ما حدث في البلدان التي تعرضت للاحتلال عقب أحداث 11 سبتمبر الشهيرة في نيويورك الأمريكية (أفغانستان والعراق). وعلى غرار ذلك لم تستطع الأمم المتحدة في هذه الآونة التعامل مع ما يحدث في سوريا من دمار وموجة اللاجئين الناجمة عن هذه الأحداث.



وواضح للعيان أنّ الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي لا يستطيعان إيجاد حلول مناسبة للحروب الداخلية التي تشهدها دول منطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، ولا تتمكن من إيجاد حل للإرهاب وأعمال العنف المأساة الإنسانية الحاصلة في مختلف بقاع المعمورة.



ومنذ قرابة 20 عامًا لم تتمكّن الأمم المتحدة من إيجاد حل للأزمات الإنسانية ولم تكن فاعلة في حل الخلافات القائمة في العديد من الدول، ما أدىّ ذلك إلى تحّولها لمنظمة عديمة الفعالية، ولذلك فإنّ إجراء إصلاحات في هيكلية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، بات أمراً ملحاً ولا يمكن تأجيله، لكن الهيكلية الإدارية والسياسية للأمم المتحدة تحول دون إجراء هذا الإصلاح، فالحروب الداخلية والإرهاب يتسببان في مجازر كبيرة داخل سوريا وفي مناطق مختلفة من العالم، وبينما يتسع دائرة انعدام الأمن في الأرض، ينشغل الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي باتخاذ قرارات من شأنه عدم التضارب مع "الفيتو".



الحاجة إلى نظام أمن عالمي


ومع تقدّم الزمن تزداد الهوة بين المشاكل التي يعاني منها العالم، وهيكلية الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، ولهذا فإنّ الشعار الذي تنادي به تركيا (العالم أكبر من خمسة) شعار صائب وفي مكانه، فلم نعد نعيش في عالم يتحكّم فيه دولتين كما كان الحال في فترة الحرب الباردة، فالعالم بات متعدد الأقطاب ولم يعد هناك زعيم واحد يتحكّم في المقاليد.



صحيح أنّ الدول الخمسة الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، ما زالت تتحكم بمكامن القوة، لكن شروط وظروف الدول العالمية اليوم يستوجب الانتقال إلى نظام أمني عالمي جديد، يكون فيه لباقي القوى الحديثة كلمة في حل أزمات العالم.



وعلى ما يبدوا فإنّ إحلال السلام والأمن في العالم لن يكون ممكناً دون إيجاد هذا النظام الذي يقوم فيه لاعبون جدد بتبني أدوار في حل أزمات العالم، فأمن البشر والطبيعة يستحوذان على أهمية بقدر أهمية أمن الدول.











#الأمم المتحدة
#مجلس الأمن الدولي
8 yıl önce