يزداد نفوذ ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان اتساعًا في المملكة، فبعد تدخلاته التعنتيّة في شؤون السياسة الخارجية، الدفاع، والأمن، توجّه اليوم ليتدخل في شؤون واحدة من أكبر الشركات، إذ أوقف بثّ مسلسلاتٍ شعبية شهيرة وعطَّل بناء أطول مبنى في العالم.
وقال مسؤولون سعوديون بارزون أنَّ ابن سلمان يبرهن بسرعةٍ على نفوذه على مصالح قطاع الأعمال السعودي، بعد اعتقال العشرات من كبار رجال الأعمال والمسؤولين الحكوميين وأفراد الأسرة المالكة في العام الماضي.
كما سيطرت الحكومة السعودية بهدوء على مجموعة بن لادن السعودية، التي تُعَد أكبر شركةٍ للإنشاءات في البلاد، ومجموعة MBC التي تعد أكبر شركةٍ إعلامية خاصة في الشرق الأوسط، ومقرها دٌبي، وفقًا لما ذكره أشخاصٌ على درايةٍ بهذا الأمر لصحيفة وول سريت جورنال الأميركية.
وكشف نفس المسؤولون خلال حديثهم للصحيفة الأمريكية أنّ الأمير ابن سلمان، أراد بقرار إيقافه للمسلسلات التركية إيصال رسالة محدّدة للحكومة التركية.
وأنّ وقوف تركيا إلى جانب دولة قطر في الأزمة الخليجية التي بدأت في يونيو/ حزيران 2017 الماضي، هو السبب في القرار السعودي لإيقاف عرض المسلسلات التركية على قنوات "أم بي سي".
وشهد الأسبوع الماضي مثالًا على نفوذ الأمير حين توقفت شركة MBC فجأةً عن بث مسلسلاتٍ تركية ذات شعبيةٍ واسعة. إذ قالت مصادر مُطلعة إنَّ الحكومة السعودية أبلغت شركة MBC بوقف بث هذه المسلسلات بناءً على أوامر ولي العهد، وهو ما أثَّر في ملايين المشاهدين بأنحاء الشرق الأوسط.
ومن غير المعتاد أن تمتلك الحكومة السعودية نفوذًا كهذا على شركة MBC، التي يقع مقرّها في إمارة دبي داخل منطقةٍ خاصة تتمتع فيها وسائل الإعلام والترفيه بحُرِّيةٍ في العموم. لكنَّ الوليد الإبراهيم، مؤسس مجموعة MBC، وبعض مسؤوليها التنفيذيين الآخرين كانوا من بين رجال الأعمال الذين احتُجزوا لأسابيع بتهم الفساد أواخر العام الماضي، وفقًا لما ذكره مسؤولون حكوميّون.
ووافق الإبراهيم الذي حصل على براءته وظلَّ رئيسًا لمجلس إدارة الشركة، على التنازل للحكومة السعودية عن السيطرة على شبكته الإعلامية مقابل حرّيته، وفقًا لما ذكره أشخاصٌ مطلعون على القرار.
وقالت مصادر إنَّ قرار إلغاء عرض المسلسلات التركية ليس منطقيًّا من الناحية التجارية بالنسبة لشركة MBC، لاسيما أنَّ هذه المسلسلات حظيت بشعبيةٍ هائلة على مرِّ عقود بفضل سطوع نجماتها الرائعات وأبطالها مرهفي الحس، ودُبلِجَت باللغة العربية وكانت تُذاع في أوقات ذروة المشاهدة.
وقال مستشارون سعوديون بارزون إنَّ الأمير محمد أمر بوقف بث هذه المسلسلات للإرسال برسالةٍ سياسية إلى تركيا التي ظلَّت حليفةً صريحة لقطر حتى بعدما قادت المملكة حصارًا اقتصاديًّا عليها على خلفية مزاعم بدعمها الإرهاب.
وأثار إلغاء عرض المسلسلات التركية على قنوات MBC ضجةً في تركيا، حيثُ اتهم مسؤولون حكوميون أتراك السلطاتِ السعودية بالتدخُّل في الثقافة الشعبية.
وقالت مصادر إنَّ الإبراهيم يحتفظ بحصةٍ تبلغ 40% من شركة MBC، لكن من ضمن شروط حريته ألَّا يسافر من المملكة إلى مقرّ الشركة في دبي، ما يجعله قليل الحيلة تمامًا.
لطالما كانت هناك علاقةٌ تكافلية بين الحكام السعوديين والشركات الكبيرة في البلاد، لكنَّهم نادرًا ما كانوا يتعمقون في الشؤون الخاصة لهذه الشركات. إلا أنّه ومنذ حملة مكافحة الفساد، منح الملك سلمان ابنه تفويضًا واسع النطاق لفرض تغييراتٍ في قطاع الشركات السعودية، وفقًا لما ذكره مستشارون سعوديون بارزون.
