قال المفوض السابق للحكومة الهندية محمد مختار أنصاري، إن قرار نيودلهي بتغيير الوضع الدستوري لإقليم جامو وكشمير الخاضع لسيطرتها كان بمثابة انتهاك لـ"ثقة مقدسة".
جاء ذلك في مقابلة أجراها أنصاري مع الأناضول، بالتزامن مع حلول الذكرى الأولى لإلغاء الهند للحكم الذاتي بولاية جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة.
وفي 5 أغسطس/ آب 2019، ألغت الحكومة الهندية المادة 370 من الدستور، والتي تكفل الحكم الذاتي في جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة الوحيدة في البلاد ومن ثم تقسيمها إلى منطقتين تديرهما الحكومة الفيدرالية.
ويتمتع الإقليم منذ عام 1954، بوضع خاص بموجب الدستور الهندي، الذي سمح لها بسن قوانينها الخاصة، إلى جانب حماية قانون الجنسية، الذي منع الغرباء من الاستقرار في الأراضي وامتلاكها.
وأوضح أنصاري، وهو أيضًا أستاذ في الاقتصاد، أن الحكومة الهندية أصدرت قرارها تحت ذريعة ضمان تطور أسرع واحتواء الأزمة، لكنه لم يحقق أيًا من تلك الأهداف، بينما في المقابل عانت القطاعات الاجتماعية والاقتصادية مع وضع متأزم، فضلًا عن زيادة معدلات البطالة.
وتابع أن "إلغاء الحكم الذاتي في الولاية، من جانب واحد وبشكل غير ديمقراطي، أصاب الكشميريين بالإحباط، لأنهم يشعرون بأن الثقة والتفاهم المقدسين بين الحكومتين السياديتين تم خرقهما".
واعترف المفوض السابق للحكومة الهندية أن "العسكرة الثقيلة في الولاية، تثبط جميع أشكال الاستثمارات العامة والخاصة، وتعوق أي مخطط للتنمية، ولا يكاد يوجد أي تطور على الأرض".
وأضاف أنصاري أن تنفيذ قانون الإقامة الجديد، بمثابة ضربة لمساعي السلام في الولاية، وهو يشبه تماما المؤامرة التي نفذتها إسرائيل في الضفة الغربية، لتغيير طابع الأغلبية المسلمة في المنطقة.
كما دعا إلى الانفتاح العاجل على المحادثات الثلاثية بين الهند وباكستان والصين، لحل القضايا الخلافية، ووضع اللمسات الأخيرة على الحدود، والتي تعد ضرورة حتمية لضمان السلام والتنمية المستدامين في المنطقة.
واعتبر مختار أنصاري أنه "لا يوجد سبب يمنع حكومة نيودلهي التي تمتلك تفويض وسلطة سياسية مطلقة، من إشراك الجيران لحل القضايا الخلافية".
*إلى الأسوأ
وأضاف "تم إلغاء هذا النص الدستوري لضمان تحسن الوضع بشكل أسرع، واحتواء الأزمة، من خلال السيطرة المباشرة على الشبكة الأمنية، ومنذ ذلك الحين، تخضع كشمير لحظر صارم".
واستطرد أنصاري "على عكس الوعود، رأينا ارتفاع حدة الاشتباكات والعنف، ما أدى إلى انتهاكات غير مسبوقة لحقوق الإنسان تتناقض مع الأهداف المعلنة باستعادة السلام".
وأشار المسؤول الهندي إلى حرمان سكان جامو وكشمير من خدمات الإنترنت، قائلا: "عدم استخدام الطلاب تقنيات المعلومات والاتصالات في التعليم، سيؤثر حتما على سوق العمل".
أكد أنصار أن حالة الجمود التي تفرض نفسها على النشاط السياسي في كشمير، لا يمكن أن تفتح أي أفاق مرتقبة لحكم ديمقراطي في الولاية.
وأضاف "هناك فقدان في الثقة بين الحكام والمحكومين، خاصة في ظل حملات الاعتقال التي تزايدت طيلة العام الماضي، وطالت الكثير من الساسة، حتى الموالين لنيودلهي".
وواصل أنصاري قائلا: "تم وضع العديد من الشباب والعاملين السياسيين من مختلف التوجهات رهن الاحتجاز بموجب قوانين صارمة مثل قانون السلامة العامة، دون إعلان أي سبب".
كما اعتبر أن "القرار المتعجل من الهند، يُنظر إليه على أنه محاولة لتغيير ديموغرافيا (التركيبة السكانية) لإقليم كشمير، لتلبية رغبات الجماعات اليمينية الهندوسية، التي تطالب علنًا بتغيير في تركيبة السكان للحصول على مزايا انتخابية".
وتابع "عارض الناس في جميع أنحاء جامو وكشمير تنفيذ قانون الإقامة الجديد، على أساس أن الحكومة عمدت إلى تغيير طابع الأغلبية المسلمة للدولة".
*إجهاض التفاوض
وأضاف "شملت المباحثات قوات الأمن أيضًا، وقدمنا بعض التوصيات لمعالجة شكاوى الناس، ونفذت الحكومة معظمها، وهو ما انعكس بشكل ايجابي في انخفاض نسبة التشاحنات إلى أدنى مستوى منذ عام 2011".
وتابع أنصاري "أشرنا في التقرير أيضًا، إلى ضرورة تقليل مسألة عدم الثقة بين نيودلهي وسريناغار(عاصمة جامو وكشمير)، من خلال تعزيز نص المادة 370 وجعلها نصاً مستقلا دائمًا بدلاً من بندًا مؤقتًا".
واعترف المسؤول الهندي "لسوء الحظ، لم تهتم الحكومة آنذاك والحكومة الحالية بالنظر في التقرير لقبوله أو رفضه، وبالتالي يشعر الكشميريون أن نيودلهي خدعتهم، وهو السبب الرئيسي للاضطراب في الوادي".
*حلحلة الأزمة
ولفت أنصاري إلى أن "التحدي المتمثل في عودة الحياة الطبيعية أمر صعب، ولكنه يتحقق أولاً من خلال الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، ومن ثم التحضير لإجراء الانتخابات".
وتابع "بما أن جامو وكشمير ليس لديهما حدود محددة، فمن المطلوب بشكل عاجل بدء عملية حوار ثلاثي لحل جميع القضايا الخلافية المتعلقة بوضع اللمسات الأخيرة على الحدود الدولية".
وشدد على ضرورة التوصل إلى حل حاسم لضمان السلام المستدام والتنمية في المنطقة، ولا يوجد سبب يمنع حكومة رئيس الوزراء ذات التفويض والسلطة السياسية المطلقة من الإقدام على تلك الخطوة.
*تصاعد التوتر
وعزا أنصاري تصاعد التوتر بين الهند والصين في منطقة لاداخ (ولاية بالإقليم) إلى إلغاء المادة 370 من الدستور الهندي، وتقسيم جامو وكشمير، وهو الأمر الذي قوبل بمعارضة من الصين وباكستان في أكثر من مناسبة.
وقسّم حزب بهاراتيا جاناتا، جامو وكشمير في أكتوبر/ تشرين أول 2019 إلى إقليمين "جامو كشمير" و"لاداخ"، معلنا أنهما "إقليمُان اتحاديان".
وقال إن التوتر المتزايد على الحدود بين الهند والصين وباكستان يُعزى إلى نزاع حدودي طويل مع الدول الثلاث.
وأضاف أن هناك أجزاء من جامو وكشمير (السابقة) التي يحكمها مهراجا هاري سينغ، الذي وقع على وثيقة الالتحاق بالهند، محتلة من قبل الهند وباكستان والصين".
واختتم أنصاري قائلا: "يجب على جميع هؤلاء المحتلين تسوية النزاعات المتعلقة بالحدود وديًا، من خلال المفاوضات السياسية والدبلوماسية، بدلاً من استخدام سلطاتهم النووية".
وشارك الآلاف الباكستانيين، في مسيرات احتجاجية، تزامنا في الذكرى السنوية الأولى على إلغاء الهند الوضع الخاص لإقليم كشمير المتنازع عليه.
وفي الوقت الذي تسيطر فيه الهند وباكستان على أجزاء من إقليم كشمير، يطالب كل طرف بضمه إليه بالكامل، بينما تسيطر الصين على قطعة صغيرة من المنطقة.
حيث تقاتل بعض الجماعات الكشميرية في جامو وكشمير ضد الحكم الهندي من أجل الاستقلال أو الوحدة مع باكستان المجاورة، وقُتل آلاف الأشخاص خلال النزاع منذ عام 1989، وفقا لعدة منظمات حقوقية.