|

استفتاء الجزائر.. معارضة منتشية بالرفض وسلطة تتباهى بـ"الحلال"

- المعارضة ترى أن نسبة المقاطعة والرفض تُسقط مصداقية الدستور الجديد وتحذر من الفوضى وتدعو لإلغاء النتائج- أحزاب موالاة تعتبر أن مشاركة 23.7 بالمئة من الناخبين في ظل كورونا "نجاحًا" وتدعو للاستثمار في إيجابيات الدستور- إعلامي يدعو السلطة لإحداث "رجّة سياسية" لترميم "شرعية متصدعة" عبر حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة

10:13 - 3/11/2020 الثلاثاء
الأناضول
استفتاء الجزائر.. معارضة منتشية بالرفض وسلطة تتباهى بـ"الحلال"
استفتاء الجزائر.. معارضة منتشية بالرفض وسلطة تتباهى بـ"الحلال"

تباينت ردود الأفعال في الأوساط السياسية بالجزائر حول نتائج الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور، فالمعارضة عبرت عن رفضها لما أسفر عنه بسبب ضعف المشاركة، في حين دافعت الموالاة وسلطة الانتخابات عن نتائجه، واصفة أصوات المؤيدين بـ"الحلال".

وأعلنت الجزائر، الإثنين، الموافقة على المشروع بنسبة 66.8 بالمئة من الأصوات، مقابل 33.2 بالمئة عبرت بـ"لا"، وفق محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات (رسمية).

ونتيجة الاستفتاء قابلة للطعن أمام المجلس الدستوري (المحكمة) خلال 10 أيام.

وشارك في الاستفتاء 5 ملايين و636 ألف و172 ناخب بنسبة 23.7 بالمئة من إجمالي عدد الناخبين البالغ 24 مليون و475 ألف و310 مسجلين.

وبلغ عدد المصوتين بـ"نعم" 3 ملايين و355 ألف و518، في حين صوّت مليون و676 ألف و867 ناخب بـ"لا"، حسب شرفي.

وقال شرفي عقب إعلانه نتائج الاستفتاء في مؤتمر صحفي، إن "العملية الانتخابية كانت شفافة ونزيهة والظروف الصحية (جائحة كورونا) التي جرت فيها كانت تحديًا في حدّ ذاته".

وأضاف: "أتحدى من يعطيني انحرافا وقع في مكتب تصويت واحد من بين 61 ألف".

وتابع: "في الرئاسيات (12 ديسمبر/ كانون الأول 2019) اكتسبنا رئيس حلال (عبد المجيد تبون) واليوم دستور حلال، وأي صوت أُعلن عنه حلال"، في إشارة إلى عدم وجود تلاعب بالنتائج.

ويتولى تبون الرئاسة منذ 19 ديسمبر/ كانون الأول 2019، إثر فوزه في أول انتخابات رئاسية عقب استقالة عبد العزيز بوتفليقة من الرئاسة (1999 - 2019)، في 2 أبريل/ نيسان من العام نفسه؛ تحت ضغط احتجاجات شعبية مناهضة لحكمه.

وطرح تبون مشروع تعديل الدستور باعتباره "حجر الأساس" لجمهورية جديدة، بينما ترفضه قوى معارضة؛ بدعوى أنه غير توافقي ويهدد الهوية الإسلامية والعربية للبلاد.

** شرعية الدستور

قالت "حركة مجتمع السلم"، أكبر حزب إسلامي في الجزائر، عبر بيان، إنه "نظرا لنسبة المشاركة المتدنية وحجم الرفض، تسقط مصداقية الدستور وشرعيته السياسية والشعبية".

وأضافت الحركة، على لسان رئيسها عبد الرزاق مقري، إن "جبهة الرفض (تقصد التصويت بـ"لا" والمقاطعة) واسعة جدا فاقت 85% من الكتلة الناخبة".

ورأت أن "نتيجة الاستفتاء تؤكد فشل مشاريع السلطة الحاكمة، وعدم قدرتها على تحقيق التوافق الوطني حول الدستور."

ودعت الحركة إلى "قراءة صحيحة للنتائج المعلنة وآثارها على استقرار البلد، والتأمل في خطورة الوضع، والسعي إلى بناء الثقة وتجسيد الإرادة الشعبية".

فيما قال حزب "التجمع من أجل الحرية والثقافة والديمقراطية" (علماني معارض)، إن 13.7 بالمئة من الناخبين فقط صوتوا بـ"نعم" على المشروع.

وشدد الحزب، في بيان، على أن "نسبة المشاركة في الاستفتاء المصرح بها تعتبر تنصّلا شعبيا من مسار إضفاء الشرعية، وبصورة متأخرة، للسطو الانتخابي الذي حدث في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019"، في إشارة إلى انتخاب تبون.

وحذر من أن "اعتماد دستور رفضته الأغلبية يعني فتح الطريق للفوضى الشاحنة لكل المخاطر."

بدوره، دعا رئيس "جبهة العدالة والتنمية"، عبد الله جاب الله (إسلامي)، إلى إلغاء نتائج الاستفتاء "بسبب رفض أكثر من ثلاثة أرباع الشعب له."

وقال جاب الله، في تسجيل مصور نشره عبر "فيسبوك"، إن نحو 87 بالمئة من المواطنين رفضوا المشروع، سواء بالتصويت بـ"لا" أو المقاطعة.

** نسبة حقيقية

بينما رأى رئيس حزب "الجزائر الجديدة" (موالاة)، جمال بن عبد السلام، أنه "بالنظر للظروف التي جرت فيها عملية الاستفتاء (وباء كورونا)، فالموافقة عليه تعدّ نجاحًا".

وأضاف بن عبد السلام للأناضول، أن "نسبة المشاركة الإجمالية 23.7 بالمئة تتناسب مع النسب الحقيقية للاستحقاقات الانتخابية خلال الـ20 سنة الماضية".

واعتبر أن "الفرق الوحيد أن نسبة 23.7 الخاصة بالاستفتاء على الدستور حقيقية بينما النسب السابقة مضخمة".

واستطرد: "أمّا نسبة المقاطعة، فلا يمكن اعتبارها نتاج موقف سياسي من الدستور".

وأردف: "هي نتاج عزوف شعبي عام من العملية السياسية والفعل الانتخابي ولسنوات طويلة".

وشدد على أن "الجزائر أصبحت على دستور جديد، ووجب على الجميع الاستثمار في إيجابياته".

وعلّق النائب البرلماني عن "جبهة التحرير الوطني" (الحزب الحاكم)، حبيب السنوسي، بقوله إن "الاستفتاء على الدستور مشورة وليس انتخابا تنافسيا مثل الانتخابات التشريعية أو المحلية".

وأضاف السنوسي، على "فيسبوك": "لهذا نجد نسبة المشاركة في الاستفتاء قليلة مقارنة بالانتخابات التنافسية وهي مجسدة بكل دول العالم".

** تطلعات الشعب

يرى عامر رخيلة، وهو محامٍ ومؤرخ، في حديث مع الأناضول، أن "نتائج الاستفتاء تُقرأ على مستويين العام والداخلي".

وأضاف أنه على "المستوى العام هناك تسجيل عزوف من المواطنين على الانتخابات في العالم، وليس في الجزائر فقط".

وتابع: "داخليا الوضع معقد، لوجود قوى (لم يسمها) في البلاد كانت تحشد المواطنين، ولكن نتائج التصويت ونسبة المشاركة كشفتا أن هذه القوى لم يعد لها تأثير في الساحة السياسية في البلاد".

وزاد بقوله إن "السلطة راهنت على المجتمع المدني والجمعيات بمختلف نشاطاتها، ولكن تبين أن تأثيرها غائب في الساحة".

ورأى رخيلة أن "نتائج الاستفتاء تميزت ببروز المقاطعين للاستفتاء بنحو 86.3 بالمئة.. والمقاطعون هم الرافضون للسلطة لعدم وجود ثقة بينهم وبينها".

فيما اعتبر أن "المصوّتين بـ"لا" بنسبة 33.2 بالمئة يمثلون "بادرة جديدة لتغيير الوضع في الجزائر نحو الأحسن مستقبلًا".

ورأى أن "نسبة المصوتين بـ"لا" تملك رؤية سياسية قد تكون متباينة، ولكن متفقة على أن الدستور لا يستجيب لتطلعات الشعب".

** رجة سياسية

من جهته، قال عبد الحميد عثماني، إعلامي جزائري، إنه "يجب على السلطة الجديدة إحداث رجّة سياسية تحرّك المشهد العام في المرحلة القريبة، لترميم شرعية متصدعة من الأساس".

وأضاف عثماني للأناضول، أن هذا يتم بـ "التضحية بالحكومة، أو على الأقل وجوهها المستفزة للشعب، وحلّ البرلمان والمجالس المنتخبة بالذهاب إلى انتخابات مبكرة".

وتابع: كما يجب "فتح ورشات جدية عاجلة لإستدراك (تعديل) القوانين ذات الصلة بالانتقال الديمقراطي، وعلى رأسها قوانين الانتخابات وسلطتها المستقلة والأحزاب والإعلام والجمعيات وغيرها، مع المسارعة بتنصيب الهيئات المدسترة ذات الثقل، مثل هيئة مكافحة الفساد والمجلس الأعلى للشباب والمحكمة الدستورية، وغيرها".

#استفتاء
#الجزائر
#الدستور
٪d سنوات قبل