|
وقوع الخليج في "فخ ثوسيديدس"
رغم مساحة دولة قطر الصغيرة لكن تمكنت دولة قطر اعتبارًا من عام 2000  التفوق في مستواها السياسي على مستوى المملكة العربية السعودية، وإضافة إلى وجود احتياطاتها النفطية شاركت قطر إيران بغازها الطبيعي في حقل بارس الجنوبي والذي لم يعرض للصنع بعد.


تنتمي دولة قطر إلى "مجلس التعاون الخليجي" الذي أُسّس في عام 1980 بهدف توازن قوة "إيران الجديدة" ، حيث يضم المجلس ستة أعضاء، لكن السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة الذين هم أيضًا من أعضاء هذا المجلس كانوا في مقدمة المبادرين بعملية مقاطعة قطر، مع العلم أن دولتي الكويت وعمان لم يشاركا في إجراءات فرض العقوبات على قطر.


وهناك أسباب كثيرة للأزمة التي أدّت إلى هز "مجلس التعاون الخليجي" ، وأهم هذه الأسباب هو تفوق دولة قطر في سياساتها المحلية عن طريق تطبيقها لأسلوب "القوة الناعمة"، وتعتبر قناة "الجزيرة" من أهم أدوات القوة الناعمة في الرأي العام العربي لدولة قطر ، إضافة إلى ازدهار دولة قطر الذي أدى إلى تولد مشاعر الحسد والعداوة لدى السعودية كونها صاحبة القوة المستبدة في الخليج، فهي دولة تتعامل في الحقيقة مع الدول الخليجية الأخرى على أنها الملك والدول الأخرى هي مجرد إمارات تابعة لها.


لن يتوقع أحد منا خروج دولة قطر بعد إيران من الكرة السحرية التي مسكها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ترامب وملك المملكة العربية السعودية سلمان ودكتاتور مصر الجنرال السيسي برفقة مراسم الاحتفال الذي شمل على استعراض السيوف، وحصل ما حصل باندماج المصالح الشخصية لترامب التي تولدت بتراكم أزمات السلطة لديه في واشنطن مع المصالح الاستراتيجية للسعودية ومصر، حيث أن اتفاقية "الأخذ والعطاء" التي عقدت بين ترامب والسعودية التي فاقت مليارات الدولار قد أدت إلى تسهيل سبل تنفيذ مخطط إخراج قطر من الدائرة، كما أن قيام قطر بتنفيذ سياسة مستقلة عن السعودية كان سبب كافيًا لإخراجها من الدائرة.


وحين تحليلي لأزمة قطر والسعودية ورد إلى خاطري "فخ ثوسيديدس" المبتكر من قبل البروفيسور غراهام أليسون، حيث أن هذا المصطلح تعبير مجازي للعلاقة المتوترة بين الصين وأمريكا اليوم، وإضافة إلى العلاقة المتأزمة بين أمريكا والصين بإمكاننا أن نطلق مصطلح "فخ ثوسيديدس" على العلاقة بين أمريكا وألمانيا وبين قطر والسعودية وبين الناتو وروسيا أيضًا.


تم استنباط مصطلح "فخ ثوسيديدس" من الكتاب المشهور لرجل التاريخ الأثيني الجنرال ثوسيديدس الذي تناول في كتابه هذا "الحروب البيلوبونيسية" التي وقعت قبل 2400 عامًا، والفكرة الأساسية لهذا المصطلح هي: الحرب التي تنتج تلقائيًا من الخوف الذي يقع على قوة مستبدة نتيجة صعود قوة ما أمامها.


كان هناك عاملين أساسيين في "الحروب البيلوبونيسية" التي امتدت لسنين وحتى لأجيال عديدة، وكان تلك العاملين أثينا وأسبرطة، حيث كانت هذه القوتين في شبه الجزيرة البيلوبونيسية مستقطبة الدويلات الأخرى في الجزيرة، وصعود أثينا الذي كان يزداد يومًا بعد يوم وارتفاع مستوى غناها قد ولّد مخاوفًا لدى أثينا التي كانت تشكل أكبر قوة عسكرية في شبه الجزيرة ، ولقد أدى تغير معادلة القوات إلى فتح مجالات لاتفاقيات جديدة من طرف وإلى هدم اتفاقيات ماضية من طرف آخر، وفي النتيجة كانت الصراعات التي تولدت بين الدويلات المستعمرة من قبل أثينا وأسبرطة حجة لوقوع هذه الحروب.


وهناك بحث ميداني أثبت دراسة غراهام أليسون، حيث أكدت الدراسة التي شملت الفترة بين عام 1500 و2000 وقوع 16 حدثًا تاريخيًّا ناتجًا من تحدي قوتين مستبدتين انتهى  12 حدثًا منها بالحرب بين الطرفين.


وإن لم تطفأ هذه الصراعات عن طريق الأساليب الدبلوماسية قد تؤدي "أزمة قطر" إلى ولود اتفاقيات واستقطابات جديدة غير متوقعة حتى يقع الخليج في "فخ ثوسيديدس"، وإن ولود صراعات بين دول الخليج قد يفتح مجالات لحروب كبرى بين المسلمين، وهذا ما تتمناه بالضبط القوات الإمبريالية.

#الخليج
7 yıl önce
وقوع الخليج في "فخ ثوسيديدس"
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات