|
صراع السيطرة في جنوب المحيط الهادئ يزداد سخونة!

شدد بعض الاستراتيجيين المناهضين للصين، والذين يوصفون بـ "الواقعيين المتشددين" في الولايات المتحدة، بأن بلادهم يجب أن توجه قوتها ضد الصين، بدلا من إهدارها في مساندة أوروبا. ووفقًا لهؤلاء الاستراتيجيين، الذين يرون أن المساعدات التي تقدمها إدارة بايدن لأوكرانيا مبالغ فيها، فإن مصالح الولايات المتحدة في أوروبا تحتل أهمية ثانوية مقارنة بمصالحها في آسيا. ويشير الاستراتيجيون إلى أن أكبر تهديد للمصالح الأمريكية يأتي من الصين، لافتين إلى أن التركيز على أوكرانيا من شأنه أن يشتت الانتباه. وبينما تُجري هذه المناقشات في الولايات المتحدة، تستمر تحركات الاصطفاف في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.

وأصبحت منطقة المحيطين الهندي والهادئ، مركز "تنافس القوى العظمى" بين الولايات المتحدة والصين. أما عن الوضع في جنوب المحيط الهادئ، فثمة صراع للسيطرة على مئات الجزر وآلاف الجزر الصغيرة. وقد ذكرنا من قبل، أن الصين حاولت إبرام اتفاقية متعددة الأطراف مع 10 دول جزرية في جنوب المحيط الهادئ إلا أن محاولتها قد باءت بالفشل. وقد أثار اتفاق الصين مع جزر سليمان، مخاوف الولايات المتحدة وكذلك شركائها في المنطقة، وخاصة أستراليا.


وقد وضعت الولايات المتحدة، دولة "ميكرونيزيا"، وجزر مارشال، وبالاو تحت وصايتها فعليًا بموجب اتفاقية خاصة تسمى "اتفاقية الارتباط الحر" (COFA) . وتسمح الاتفاقية، للولايات المتحدة بإنشاء قواعد عسكرية واستخدام القوات المسلحة في نطاق منطقة الاتفاقية، وتنتهي الاتفاقية في عام 2023 بالنسبة لـ"جزر مارشال" و"ميكرونيزيا". وتحاول الولايات المتحدة، تجديد الاتفاقية، في محاولة منها لتقييد وصول الصين إلى جنوب المحيط الهادئ. وكان الرئيس الأمريكي جو بايدن، قد عين في أواخر مارس/آذار، جوزيف يون، كممثل خاص لإدارة المفاوضات مع هذه الجزر الثلاث الواقعة في نطاق "اتفاقية الارتباط الحر".

وقام السفير يون، الذي تولى سابقًا منصب "الممثل الأمريكي الخاص لسياسة كوريا الشمالية"، بزيارة إلى جزر "مارشال" الأسبوع الماضي. ونتيجة للمفاوضات، اتفق الطرفان على تجديد الاتفاقية. ومن المتوقع أن تكتمل المفاوضات، التي ستُجرى المرحلة الثانية منها في واشنطن أواخر يوليو/تموز، في الخريف المقبل.

وقد أكدت روز غوتيمولر، نائبة وزير الخارجية الأمريكية السابقة، ونائبة الأمين العام لـحلف شمال الأطلسي (الناتو) السابقة، أن المنافسة مع الصين جعلت المرشحين الثلاثة أكثر أهمية من أي وقت مضى، وذلك في مقال نشرته على موقع "ذا بولتين" بتاريخ 25 مايو/أيار الماضي. ووفقًا لـ غوتيمولر، فإن هذه الجزر الثلاث، تمنح الولايات المتحدة السيطرة على منطقة بحجم القارة الأمريكية، تمتد من هاواي إلى الفلبين. ولفتت غوتيمولر أيضًا، إلى أن جزر "مارشال" تعد مجالًا ملائمًا للغاية لإجراء اختبارات الصواريخ الباليستية العابرة للقارات والعمليات الفضائية.

وكانت هذه الجزر عبارة عن مستعمرات إسبانية اعتبارًا من القرن السادس عشر حتى نهاية القرن التاسع عشر. وقد استولت اليابان على هذه الجزر في بداية الحرب العالمية الأولى، ثم استولت عليها الولايات المتحدة فيما بعد في الحرب العالمية الثانية. وبعد انتهاء الحرب، تم وضع الجزر تحت وصاية الولايات المتحدة بإشراف من الأمم المتحدة. وعلى الرغم من أن الجزر نالت استقلالها فيما بعد، إلا أن الوصاية الأمريكية استمرت. وفي الواقع، إن "اتفاقية الارتباط الحر" ما هي إلا غطاء للوصاية الأمريكية على هذه الجزر الثلاث.

وقد اختبرت الولايات المتحدة، 67 قنبلة نووية في جزر "مارشال" اعتبارا من عام 1946 إلى عام 1958. وكانت القنبلة النووية التي اختبرتها الولايات المتحدة في عام 1954 أكثر تدميراً بألف مرة من القنبلة التي دمرت هيروشيما اليابانية في عام 1945. وقد تم إجراء هذا الاختبار على الرغم من اعتباره محفوفًا بالمخاطر. وقد انتشر الغبار النووي على نطاق واسع في المحيط الهادئ تحت تأثير التيارات والرياح. وكانت تجربة عام 1954، أسوأ كارثة إشعاعية في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية. كما كانت لهذه الاختبارات عواقب وخيمة على حياة سكان الجزيرة. ومن ناحية أخرى، كانت حالات السرطان الناتجة عن التجارب النووية أعلى بكثير من الأرقام المقدرة. وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن الجزر تستخدم كـ "مقالب نفايات نووية".

وتُعتبر الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولة عن الدفاع عن جزر "مارشال" وتحقيق الأمن بها وفقًا لـ "اتفاقية الارتباط الحر". وجدير بالذكر أن الولايات المتحدة تتكفل بحوالي 40 بالمئة من ميزانية الجزر. ومن ناحية أخرى، يعتقد سكان الجزر، أن الولايات المتحدة أخلت بالشروط الاقتصادية للاتفاقية. وتمنح المنافسة القائمة بين الولايات المتحدة والصين في الوقت الحالي، هذه الجزر نفوذًا في المفاوضات التي تُجرى مع الولايات المتحدة. ويريد سكان الجزر إضافة قضايا البيئة، والصحة، وتغير المناخ إلى بنود الاتفاقية التي سيتم تجديدها.

ونظرًا لموقعها الاستراتيجي، فإن الجزر تشكل عقبة أمام توسع الصين في جنوب المحيط الهادئ. ووفقًا للاستراتيجيين الأمريكيين، فإن الجدار الذي تحاول الولايات المتحدة تشييده ضد الصين في جنوب المحيط الهادئ سيكون ضعيفًا بدون هذه الجزر. لذا فإن الأهمية الحيوية لهذه الجزر بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية لا تقل عن أهميتها بالنسية للصين أيضًا.

#عبدالله مراد أوغلو
٪d سنوات قبل
صراع السيطرة في جنوب المحيط الهادئ يزداد سخونة!
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن