|
الكذب هو السلاح الأكبر للشيطان

تتموضع الأكاذيب في جذور جميع الكوارث الكبرى حول العالم تقريبًا. إن الكذب هو العدو الأكبر للإنسانية والمجتمع والشعوب والدول، وكذلك للعائلة والفرد على حد سواء.

لا نبالغ إن قلنا بأن الحروب العالمية نشبت إثر الأكاذيب وأحداث من صنع الخيال. كما أن هتلر ذاته قد أدار الكذب بعمل منظّم أشعل من خلاله العالم. ومن خلال الكذب تم احتلال العراق وقتل ملايين المسلمين.

كما استندت أحداث 6-7 أيلول/سبتمبر 1955، على كذبة دارت حول تعرض المنزل الذي ولد فيه مصطفى كمال أتاتورك في سلانيك باليونان للقصف. مما تسبب بمصرع 10 أشخاص، وإصابة المئات، فضلًا عن خسائر مالية فادحة.

كما لعبت الأكاذيب دورًا كبيرًا لوقوع انقلاب 27 أيار/مايو 1960، وضخّمت قضية إعادة تشكيل السياسة التركية، بما يخدم هدف عرقلة تقدّم تركيا. لقد اتخذوا من أكذوبة أن "الطلاب كانوا يُقَطّعون في مطاحن اللحم ويوضعون تحت الإسفلت"، أساسًا قام عليها انقلاب 1960. كما اختلقوا كذبة تدور حول أن عدنان مندريس قُبض عليه بينما كان على وشك الفرار على متن طائرة محمّلة بالذهب، ليمهّدوا الطريق أمام جريمتهم الدنيئة التي كانت إعدام مندريس في جزيرة "ياسّي أدا".

لقد واصلوا أكاذيبهم ذاتها تمهيدًا لمذكرة 1971. كما كانت الأكاذيب ذاتها سببًا برروا من ورائه انقلابهم عام 1980، وفتكوا خلالها أرواح آلاف الشباب.

لم يتراجعوا يومًا ما عن تلفيق الأكاذيب. أما في الانقلاب الناعم يوم 28 شباط/فبراير عام 1997 فكانوا قد وصلوا إلى مستوى احترافي، حيث حوّلوا الأكاذيب إلى مسرح، فحطّم مسلم غوندوز، وفاطمة شاهين، وعلي كالكانجي الأرقام القياسية من خلال "مسرحياتهم". وبذلك أداروا الكذب بعمل منظّم وممنهج، عبر أناس لم يعبّروا يومًا ما عن توجّه وتطلع الشعب في تركيا.

وحينما ظهرت وسائل التواصل الاجتماعي وما تتميز به من انتشار، وجد عرّابوا الكذب فرصة ثمينة لهم في تلك الوسائل. ليبدؤوا مرحلة العصر الذهبي في الترويج لأكاذيبهم وشائعاتهم، سواء عبر حسابات حقيقية أو مزيفة.

وفي ذات السياق، كانوا عبر كل أكذوبة يشاركونها ويروجون لها خلال أحداث "غيزي بارك" (2013) يفتحونالطريق أمام جرّ تركيا نحو فوضى لا حدود لها. إلا أن إرادة الشعب وبصيرته كانت أكبر منهم ومن إفكهم.

أما في أحداث 17-25 كانون الأول/ديسمبر 2013 وما اختلقوه من مزاعم "فساد"، فقد وصلوا إلى الذورة في الكذب المنظّم، وكان من اللافت أن جميع الكذبة دخلوا في تحالف واحد. ولقد كان هذا التحالف يخرج علينا بأكاذيب من نوع أكبر ذات احترافية عالية.

إن أكبر أنواع الكذب خطورة، هو الكذب الذي يُذاع باحترافية عالية يصعب معها دحضه أو كشفه بسهولة. إلا أن ما هو أكثر خطورة من ذلك، هو الكذب الوقح الذي يعلم تمام العلم أنه سيُدحض بعد دقيقة واحدة فحسب.

وها هي تركيا تعيش هذه المرحلة، حيث يوقن الكذّابون أن أكاذيبهم مكشوفة ومع ذلك لا يتورعون عن ضخها والترويج لها، دون ذرة خجل أو حياء. وحينما تُردّ إليهم بضاتهم على الفور، ينهضون مجددًا وكأن شيئًا لم يحصل، ليعاودوا اختلاق أكاذيب جديدة.

حينما تم الإعلان عن إصابة رئيس الشؤون الدينية التركي، علي أرباش، بفيروس كورونا كوفيد-19، قامت ثلة من الصحفيين ممن مارسوا الصحافة لسنوات في هذا البلد، واختلقوا كذبة أن السيد أرباش يتلقى العلاج في إحدى المستشفيات بالولايات المتحدة. وحينما رُدّت إليهم أكاذيبهم ورُميت في وجوههم، خرجوا دون حياء يبرّرون قبحهم ويحاولون تجميله.

أما الأكذوبة التي تعتبر آخر صرعات موضة الأكاذيب، فهي سؤال "أين ذهبت الـ128 مليار دولار؟"، ربما يجدر بنا أن نقول لندع من يطرح هذا السؤال أن يواجه جهله بنفسه، وأن نوفر على أنفسنا جهد عناء محاورة هؤلاء، لكن الأمر لا يقف عند هذا الحد.

حين النظر لمن يطرح هذا السؤال ومدى الجهل الذي يبدو راشخًا في ذهنه، نتاكد أنه لا داعي لخضو جدل في ذلك، وكذلك لا داعي لإتعاب قلمنا للرد أصلًا، بل يكفي أن نسأل؛ لماذا يطرحون هذا السؤال وما هو الدافع وراء ذلك؟

ربما لو نظرنا مرة أخرى إلى لائحة الاتهام الموجهة للعقل المدبّر الأول في منظمة بي كا كا الإرهابية، أنور ألتايلي، والذي كان يُدار من قبل وكالة الاستخبارات الأمريكية "سي.آي.إيه". انظروا للنقاط التي تحدث حولها ألتايلي خلال محادثة له مع أوغاد منظمة غولن الإرهابية رفيعي المستوى، في الولايات المتحدة عام 2017، لقد ركز على هذه النقاط خلال محادثته:

- يجب توحيد المعارضة في تركيا

- يجب دفع الناس نحو الشوراع، من خلال ملامسة جيوبهم

- من أجل ملامسة جيوب الناس يجب حدوث أزمات اقتصادية

- تحدّث عن تحضيرات تجري في ألمانيا

- تحدّث أيضًا بأنه يجب عدم الاكتفاء بإيقاف الأموال القادمة من ألمانيا، بل كذلك إيقاف الأموال القادمة من السعودية وقطر.

ولو سألتم ما هي الخاصية التي يعتمد عليها هذا الشخص الذي يتحدث بكل ذلك، لأجبتكم بأنه يزعم القدرة على صنع انقلاب يطيح بدولة. حسنًا، من هم أساتذته يا ترى؟ لا شك أنهم من أمثال روزي نزار، ودوين كلوريدج، اللذين كانا يعملان لصالح وكالة الاستخبارات الأمريكية، واللذين نجحا في صنع انقلابات ضد دول لم تكن في صف الولايات المتحدة إبان الحرب الباردة.

إذن حينما يقوم أنور ألتايلي بالتحدث حول ضرورة عمل النقاط الواردة أعلاه، فإنه يقول ذلك من أجل إنجاح الشيء الوحيد الذي يجيده، ألا وهو الانقلاب العسكري.

وبما أننا خرجنا للتو من أمام كذبة كبيرة، كانت عبارة عن بيان أصدره مجموعة من الأدميرالات المتقاعدين، إذن علينا الجلوس مرة أخرى والتفكير مليًّا.

لقد رفع الشياطين سلاحهم الأكثر فتكًا، ويمكنكم أنتم حساب الباقي…

#الكذب
#السياسة
#تركيا
#منظمة غولن الإرهابية
#حسين ليكوأوغلو
٪d سنوات قبل
الكذب هو السلاح الأكبر للشيطان
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان