|
هل "الأشرطة" أيضًا ضمن ملف الاغتيالات السياسية؟

زعيم ثاني أكبر حزب سياسي في تركيا، يقوم بتعميم مفهوم جعل من حقبة التسعينيات هباء منثورًا. أولًا يتحدث رجل الظلام في تسعينيات القرن الماضي، ضابط الاستخبارات السابق محمد أيمور، ثم يتبعه زعيم المنظمة الإجرامية سادات بكر الذي لجأ لدولة الإمارات. وأخيرًا يخرج زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كليجدار أوغلو ليضع اللمسة النهائية.

بعد تطهير مفاصل الدولة من عناصر منظمة غولن الإرهابية، عقب محاولة الانقلاب الفاشلة 15 يوليو/تموز 2016، تمكنت تركيا من إحراز تقدم كبير على المستوى الأمني، لا سيما مع تطهير جهاز القوات المسلحة من عناصر غولن، حيث حققت نجاحًا لافتًا في عملياتها خارج الحدود، بينما وصلت الأعمال الإرهابية داخل البلاد إلى مستوى صفر تقريبًا.

قامت تركيا بعملية "درع الفرات" فأعاقت أي تحرك لتنظيم داعش الإرهابي داخل تركيا، ثم قامت بعملية "غصن الزيتون" فحققت الشيء ذاته إزاء منظمة بي كا كا الإرهابية.

الأمر ذاته ينطبق على الجرائم والأحداث المخلة بالنظام العام، حيث شهدت تركيا انخفاضًا ملحوظًا في ذلك في جميع الولايات. أما زعماء المنظمات الإجرامية فما بين سجين أو مطارد خارج البلد.

تقوم تركيا بتنفيذ عمليات ناجحة سواء في الداخل أو الخارج. وتسفر تلك العمليات إما عن القبض على قياديين وشخصيات رفيعة المستوى في شتى التنظيمات، أو القضاء عليهم.

باختصار، منذ محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 إلى الآن، تعيش جميع مدننا أكثر الفترات هدوءًا واستقرارًا على الصعيد الأمني. بما في ذلك مكافحة المخدرات.

بعد كل ذلك، يخرج علينا كليجدار أوغلو ليعبر عن مخاوفه بالقول؛ "إذا لم تقم مجموعات مسلحة باستهداف أشخاص معينيين فلن يحدث توتر ما في المجتمع. آمل أن لا تشهد تركيا شيئًا من هذا القبيل. لكن لدي مخاوف من حصول اغتيالات سياسية".

قبل الانتقال إلى "مخاوف" كليجدار أوغلو، دعونا نفكر بما قاله من منظور سياسي. وفقًا لما قاله كليجدار أوغلو، فإن اغتيالات سياسية ستحدث في تركيا، وسيكون وراءها الرئيس أردوغان، والهدف من ذلك هو بقاء حزب العدالة والتنمية الحاكم في السلطة!

هل يمكن أن يصدر هذا الكلام عن عاقل، فضلًا عن زعيم المعارضة في تركيا؟ مجرد التفكير في ذلك يصيب الإنسان بالقشعريرة..حسب منطقة كليجدار أوغلو، فإن تركيا ستشهد اغتيالات سياسية ضد شخصيات معارضة، ومع ذلك سيبقى العدالة والتنمية في السلطة.

بيد أنه على مدار تاريخ تركيا لم يكن هناك أي حزب سياسي تمكن من تعزيز سلطته من خلال اغتيالات وجرائم قتل سياسية. بل على العكس، من تجرأ وجرب هذا النوع من الممارسات سرعان ما عصفت به الاتنخابات من أول جولة.

لقد وصل حزب العدالة والتنمية إلى السلطة بعد مرحلة من جرائم القتل والاغتيالات السياسية التي عجزت الحكومات السابقة عن حلها، فضلًا عن عصابات المافيا التي كانت لها اليد العليا. بل إن العدالة والتنمية ذاته تعرض لهذا النوع من الأساليب، فتعرض لأول مؤامرة عبر مقتل هابلميت أوغلو، ثم عبر الهجوم على المحكمة الإدارية واغتيال هرانت دينك، والهجوم على دار النشر في مالاطيا.

وراء كل تل الأحداث والمؤامرات التي حيكت ضد العدالة والتنمية، كان يقف عناصر منظمة غولن الإرهابية، الخونة الذين طُردوا من أجهزة الدولة بمراسيم بحكم القانون عقب محاولة الانقلاب الفاشلة 2016.

ثم لو أراد العدالة والتنمية فعل شيء من أجل الحفاظ على السلطة بالفعل، فإن المنطقي هو أن يقف سدّا منيعًا أمام أي نوع ممرائم القتل والاغتيالات السياسية، لا أن يفكر مجرد تفكير بممارسة ذلك. ولذلك يبدو من الواضح فعلًا من يطمع للوصول إلى السلطة عبر هذا النوع من المحاولات الماكرة.

لا يمكن أن تسفر الاغتيالات السياسية إلا عن وصول كتلة المعارضة بقيادة الشعب الجمهوري إلى السلطة. ولو كان هناك بالفعل حسابات من هذا النوع، فهي حسابات أولئك الذين يريدون إيصال المعارضة في تركيا إلى السلطة مهما كلف الأمر. فلم يعد سرًّا على الإطلاق وجود جهات عدة تسعى لجر تركيا نحو الفوضى.

الآن دعونا ننتقل إلى المخاوف التي تحدث عنها كليجدار أوغلو. هل تقتصر الاغتيالات السياسية على قتل سياسي ما، أم تشمل أيضًا إعاقته عن عمله وجعله عاجزًا عن ممارسة السياسة؟

على سبيل المثال، ألم تكن سيطرة كليجدار أوغلو على مفاصل حزب الشعب الجمهوري نتيجة اغتيال سياسي؟ ألا تعتبر "مؤامرة الأشرطة" التي دُبّرت لزعيم الشعب الجمهوري السابق دنيز بايكال من جملة الاغتيالات السياسية، حيث قضت نهائيًّا على مستقبله السياسي؟

هذه الأسئلة التي يجدر بنا التوقف عندها في الحقيقة.

لقد أصبح كليجدار أوغلو رئيسًا لحزب الشعب الجمهوري نتيجة اغتيال سياسي. والذين ارتكبوا جريمة الاغتيال هذه، هم انفسهم حاولوا فعل الشيء ذاته مع حزب الحركة القومية من أجل السيطرة عليه، لكنهم فشلوا فشلًا ذريعًا.

كانت محاولة ميرال أكشنار السيطرة على حزب الجيد محاولة اغتيال سياسي كذلك. وحينما فشلت محاولتها لم تجد أمامها سوى تأسيس حزب سياسي جديد يُعرف الآن بحزب الجيد.

كليجدار أوغلو وأصدقاؤه لم يصلوا إلى ما وصلوا إليه اليوم إلا من خلال جرائم الاغتيالات السياسية التي تحدثنا عنها، لكن من المفارقة هم اليوم يخشون ألف سيناريو من هذا النوع للإطاحة بهم. لماذا أيها الأصدقاء كل هذا الخوف؟ ألا تعلمون أن الذين منحوكم هذه المقاعد والمناصب عبر اغتيالات سياسية بأسلافكم بطريقة ماكرة، يمكن في أي لحظة أن يفعلوا الشيء ذاته معكم؟ كان عليكم رفض استلام هذه المقاعد عبر بوابة الاغتيالات السياسية منذ البداية.

#تركيا
#منظمة غولن الإرهابية
#حزب الشعب الجمهوري
#كمال كليجدار أوغلو
3 years ago
هل "الأشرطة" أيضًا ضمن ملف الاغتيالات السياسية؟
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان