إن تركيا تضع لبنات أساس كيان جديد، وتدفع الجينات السياسية الضاربة في عمق التاريخ في الأناضول لتبدأ مرحلة صعود جديدة، لتظهر على الساحة بطموحات ومبادرات عظمى في ظل الظروف التي يعيشها العالم حاليا من تبعثر خريطة القوى العالمية وتراجع الدول المركزية وصعود الدول الواعدة.
ينبغي لنا أن نرى حاضرنا كما رأينا في ماضينا بزوغ نجم الدولة السلجوقية والإمبراطورية العثمانية، وأن نعتبر الحقبة التي نعيشها على أنها استمرارا لدولنا في الماضي ونضجها وتطورها، بقدر كونها انتقالا تاريخيا. علينا أن نسجل في التاريخ أن هذه الأيام تشهد كتابة تاريخ الصعود الكبير للجمهورية التركية.
ولهذا فإن الجيل الحالي هو جيل مؤسس، جيل بدأ هذا الصعود التاريخي، وعلينا أن نرى أنفسنا على هذا النحو. وحتى إن لم نر ذلك ولم ندرك الحالة الحرجة التي تعيشها منطقتنا، فعلينا أن نعلم أن مؤرخي المستقبل سيكتبون ذلك.
ما وراء الأناضول: لماذا نؤسس هذه الهوية الإقليمية؟
إن القيادة السياسية تخطو خطوات قوية وتفتح الطريق أمام عصر جديد بفضل قيادتها الحكيمة وكوادرها والتقليد الشعبي والحكومي الكبير. فهي من جهة تقاوم موجة الاحتلال الدولية تلك التي تسعى لتمزيق منطقتها، ومن جهة ثانية تحاول إعادة تأسيس المنطقة. فهذه هي المرة الأولى التي يشهد فيها بلدنا تركيا عقل دولة قومي قوي للغاية يصول ويجول.
لقد أغلق ملف حقب الوصاية، وكذلك باب القرن العشرين، فنحن أمام تمركز لخطاب وموقف سياسي جديد يتخطى حدود الأناضول. وعلى هذا النحو فإننا نتصدى للهجمات الكبرى التي تستهدفنا من الخارج والداخل ونحاول – في الوقت ذاته – تشكيل خريطة اهتماماتنا والوصول إلى ما وراء الأناضول، فنحن نحاول التقارب معهم، نسعى لإنشاء هوية إقليمية.
ضرورة التعبئة الفكرية: انضمام وسائل إعلامنا للمحور الوطني للمرة الأولى
إن العقل السياسي يقودنا، بيد أنه من المستحيل إكمال هذا الحساب والهدف والمسيرى فقط من خلال السياسة؛ إذ علينا إثراء أساساتها وإنشاء ثرائها وخبرتها الفكرية. كما علينا تحقيق النجاح الذي حققناه في المجالين السياسي والاقتصادي كذلك على المستويين الاجتماعي والثقافي.
يجب على وسائل إعلامنا وجامعاتنا ومثقفينا المشاركة بكل خبراتهم في هذه المسيرة وشق طريق لها ودعمها. كما يجب وضع طموحات ومبادرات كبرى كذلك في هذا المجال في المقام الأول وتدعيم الطموحات الحالية.
ربما تكون هذه هي المرة الأولى التي تدور وسائل إعلامنا بهذا القدر من القرب في فلك محور وطني؛ إذ أصبحت تسير في طريق متصالح مع الدولة والسياسة والمجتمع، فتصدت للهجمات الشديدة القادمة من الخارج خلال السنوات الخمس الماضية، وأظهرت ردة فعل قوية. وهذا وضع مفرح للغاية. لكن طموحاتنا ليست بهذا القدر، ليست عبارة عن الدفاع، بل كذلك الإنتاج والنشر.
إنه تجمع إعلامي واعد بريادة يني شفق
أقولها صراحة، إن مجموعة البيرق الإعلامية تسير بخطى حثيثة في هذا الطريق، فهي تريد أن تكون أبرز "منتج محتوى" في تركيا، وتبذل جهدا كبيرا لتحقيق هذا الهدف، وتحاول إنتاج خطابات دائمة، عوضا عن "الشو" أو التسويق الإعلامي واختيار موقف قوي. فعلى سبيل المثال كانت جريدة يني شفق رائدة منذ تأسيسها في مجال التغيير الكبير الذي تشهده تركيا، ولا تزال وستظل كذلك.
إنه هذا المكان هو تجمع إعلامي غني بجريدة يني شفق وشبكة TVNET والمجلات القوية التي يقارب عددها العشرة وتنشر مواضيع في مجالات شتى، ثري بموقع yenisafak.com الذي يقدم محتوى إعلاميا رقميا قويا بنسختيه العربية والإنجليزية ومؤسسة GZT الإعلامية. إن هذا المكان هو "خبرة تركيا" التي تقوى وتثرى يوما بعد يوم.
سخرنا أنفسنا لصالح محور تركيا..
لأننا كرسنا أنفسنا لصالح "المسيرة الكبرى" لتركيا وسخرنا كياننا لهذه المهمة ووضعنا نصب أعيننا السير جنبا إلى جنب مع الزعماء. ذلك أننا نعلم جيدا ماذا يعني الدفاع عن الوطن وإنشاء المنطقة، وندرك حجم تصفية الحسابات التي يشهدها العالم، وكيف أن تركيا تريد إنشاء القرن الحادي والعشرين، فنحن نؤمن بذلك ونثق بأن تموضعنا الاستراتيجي وهويتنا الفكرية مستندة إلى هذا المحور.
كتب: بداية تعبئة نشرية
والآن لقد أضيفت مؤسسة جديدة إلى مجموعة البيرق الإعلامية وتجمعنا الإعلامي؛ إذ بدأنا من خلال منشورات كتب كذلك نشر الكتب. فالهدف الوحيد لكتب لن يكون نشر الكتب فقط، بل ستتحرك من خلال هدف كبير ومنظور يتخطى حدود تركيا.
لقد تبنت منشورات كتب مبدأ إثراء الخبرة الفكرية وعالم الثقافة وتشجيعهما داخل تركيا. وانطلقت للسير في هذا الطريق من خلال إصدار 17 كتابا.
أتحدث هنا عن "تعبئة نشرية" ستسير وتتقدم برعاية مسعود البيرق وتنسيق إسماعيل دميرجي وريادة عمر لكسز وإسماعيل كيليتش أرسلان وأحمد مراد ومصطفى أرمغان.
ستنتج فنا وجمالا
يهدف كتب إلى تشجيع خبرة تركيا ونقل الخبرة العالمية إلى تركيا من أجل تقديمها لكم، فهو يسعى لتقديم لغة ومحتوى يدعم مثاليات مسيرتنا الكبرى ويثري بنيتها. ولأقولها مقدما إن كتب سيكون أفضل تجمع ثقافي في تركيا وسيقدم ألوانا مختلفة من الفن والجمال.
قبل أن تهاجم الدبابات للكعبة: خريطة طريق وتوقع مستقبلي
لقد نشرت منشورات كتب كذلك كتابي بطبيعة الحال. ولقد حاولت في الكتاب الذي حمل عنوان "قبل أن تهاجم الدبابات الكعبة" أن أفرد مساحة لتناول توقعات قوية حول ما يمكن أن يحدث في المنطقة مستقبلا من خلال تحليل ما حدث خلال العقدين الماضيين.
ويمكنني القول إنني ملم تقريبا بجميع مغامرات الشرق الأوسط التي أتابعها بشكل يومي منذ نحو ثلاثين عاما. وستجدون في هذا الكتاب شرحا وافيا حول ما تسعى تركيا لفعله وما يخطط له من يعدون العدة لإشعال فتيل حرب إقليمية.
أؤمن بأن هذا الكتاب، وإن كانت اسمه يحمل عبارة سلبية بعض الشيء، سيقدم خريطة طريق وسينبهنا إزاء جميع مصادر القلق. ولقد لخصت في الكتاب تفاصيل أكبر مؤامرة تحاك ضد منطقتنا والكفاح الكبير الذي تقدمه تركيا. وسيكون هذا الكتاب هو أول كتاب يصدر لي منذ سنوات طويلة، وسيتبعه كتابان آخران آمل أن ينالا إعجابكم.
أقول "مرحبا" لمنشورات كتب التي انضمت حديثا إلى تجمعنا الإعلامي. فأنا أنتظر بشغف كبير أن أرى الحماس الذي ستضيفه إلى عالم الفكر في تركيا.
وأقول لكم انتظروا ذلك أنتم أيضا...