|
عندما ننهار تنهار المنطقة، وعندما نصعد يهتز العالم، بدأ "الصعود الثالث الكبير" لا رجعة بعد الآن..

لقد صرنا في زمان الحديث بكلمات عظيمة والظهور بطموحات كبيرة والانطلاق بخطوات عظيمة وإعداد العدة حسب حسابات كبيرة.

إننا على أعتاب تغيير كبير وتأسيس عظيم للغاية بعدما تحرك جيش مؤسس، تاريخ قوي، إرث حضاري عظيم، جينات سياسية صانعة للتاريخ، وعي يرمي لرسم ملامح المنطقة من جديد.

لقد بدأت موجة صعود جديدة من خلال تركيا؛ إذ يستضيف الأناضول صحوة جديدة وتحول تاريخي فارق، كما فعل ذلك لمرات عديدة على مدار تاريخه الممتد لألف عام.


عندما ننهار تنهار المنطقة، وعندما نصعد يهتز العالم

ما إن تبدأ هذه الأراضي بالمقاومة، تبدءها كذلك المنطقة بأسرها، ومتى بدأت بالتحرك، فإن الإقليم بكامله يتحرك، ومتى أطلقت حقبة صعود جديدة، يعاد رسم خريطة المنطقة.

متى شرعت تركيا في كفاح كبير من أجل الحرية، فستبدأ جميع البلدان والمجتمعات من شمال أفريقيا إلى أقاصي آسيا بالتحرك، وحينها تهز العالم لغة سياسية وموقف جديد، فيتغير التاريخ وتقلب خرائط القوى رأسًا على عقب.

إذا انهرنا فستنهار المنطقة، وسيهتز العالم، بالضبط كما حدث عند انهيارنا قبل مائة عام... وإذا ما صعدنا وتقدمنا، فإن خريطة العالم تتغير، وتنتشر القوة على هيئة موجات في مختلف أنحاء المنطقة.

كانت هزائمنا فادحة، وانتصاراتنا صعبة، لكن لم نتوسل لأحد أبدًا

كما نعيش اليوم بعد مائة عام من الانهيار الكبير.. لقد قلب انهيارنا وصعودنا على مدار ألف عام في هذه المنطقة الخرائط رأسا على عقب، فجميعا كان ذا أبعاد دولية. وهكذا كان صعود الدولة العثمانية، وصعود الدولة السلجوقية، وقيام الجمهورية التركية.

لقد كنا دومًا بمثابة حجر مقاومة قوية عند نقطة تقاطع الحضارات وحسابات الطموحات التاريخية، كنا دائما من يكافح، ولم نحرز نصرًا سهلًا أبدًا، ولم نحاول الصمود بالتوسل للآخرين، لم نطلب الغفران ونحن جاثمون على ركبنا، كما لم نختر طريق اللجوء للآخرين طلبا للعون.

لقد كانت انتصاراتنا صعبة دائمًا، كما كانت هزائمنا فادحة دوما، فنحن لم نكن شعبًا عاديا. لقد كان الحمل الذي نحمله على عاتقنا ثقيلا دائما، كما كانت رحمتنا وكذلك مسؤولياتنا كثيرة لأقصى درجة.

لم ننظر أبدا تحت أقدامنا، لم نفكر في أنفسنا فقط، بل كنا دائما وأبدا رجال تاريخ وجغرافيا وحضارة كبيرة. كنا دائما في الصفوف الأولى نصرا للمظلومين، كالذي يلقي بنفسه إلى التهلكة، كنا مستعدين على الدوام للتضحية بحكومتنا ودولتنا من أجل العدل. طفنا بجميع القارات، بحثنا عن العدل دائما، ودائما ما ركضنا ولم نتوقف أبدا.

قالوا "لقد انتهوا" فعدنا من جديد.. قالوا "لقد هلكوا" فبدأنا مرة ثانية

عندما قالوا "لقد انتهوا" فعدنا من جديد، وعندما قالوا "لقد هلكوا" بدأنا مرة ثانية، وعندما قالوا "تمّ إخراجهم خارج إطار التاريخ" شكلنا حلقات مقاومة جديدة في أصعب فترات الأزمات وحتى في الأوقات التي كانت المنطقة فيها تباد. فالجهود المتواضعة تخطت حدود الدول وانتشرت في القارات كافة.

أظهرنا رحمة غير عادية لأقاربنا ومعارفنا ومن هم منا، لكن كنا أشداء على كل من يستهدفوننا ويعتبروننا أعداء، وأصحاب التدخلات الخارجية في المنطقة، ومن يحاولون نقل الاستيلاء والاستعمار إلى ديارنا. ولهذا السبب تحديدا كانت كفاحاتنا الكبيرة على مدار ألف عام ذات أبعاد دولية، وكانت سببا في حدوث هزات وتغييرات فيما وراء الأناضول بكثير.

لقد كانت ردود أفعالنا بشأن ما يحدث في المنطقة موجهة دائما نحو توحيد الصف وتشكيل قوة إقليمية أكثر اندماجا. لم نلتفت أبدا للهوية العرقية أو المذهبية أو الهويات ذات الأبعاد الأكثر ضيقا. استثمرنا دائما في هوية أسمى تركز على الكفاح الكبير. ودائما ما دمجنا قوة المنطقة من أجل التصدي للقوى الخارجية.

كنا نعلم أن للأمم العظيمة انتصارات وكذلك آلام كبيرة

نحن شعب عاش آلاما كبيرة.. لم يعرف البكاء لنا طريقا في الوقت الذي سقط منا مئات الآلاف من الشهداء في طريق العودة من البلقان وعندما تعرضنا للمجازر والمذابح الجماعية، كما لم نبك أبدًا عندما عشنا آلام مئات الآلاف من الذين لجؤوا من القوقاز إلى الأناضول.

لم نبك أبدًا، بل إننا حتى لم نحكِ لأحد أو نشتكي أو نأن، لم ننتظر من أحد أن يظهر عطفا إزاء أحزاننا. لقد أخفينا كل هذا، ناهيكم أصلا عن الشكوى، بل إننا لم نرد حتى الحديث. كنا نعلم أن كفاحات الأمم العظيمة تكون كبيرة، بقدر ما تكون انتصاراتها وآلامها.

لقد جاء ذلك اليوم، ألا وهو اليوم!

وعند وقوع آخر انهيار كبير لنا، في الوقت الذي مزقوا فيه الدولة العثمانية وبدؤوا ينهبون المنطقة، انتشر اليأس في ربوع العالم الإسلامي وصار الجميع يعتقدون أن "هذا الأمر انتهى إلى الأبد"، وبادر المستعمرون يدوسون بأرجلهم فوق شرفنا ومقدساتنا، حينها كنا نستعد للنهوض من جديد، كنا صامتين، لكننا كنا نعلم سرًّا أن ذلك الزمان سيعود من جديد. لقد انتظرنا تلك اللحظة لمائة عام سعينا على مدارها لكسر الأغلال التي كانت تكبلنا، أعددنا كل هذا سرًّا على مدار قرن من الزمان.

لقد حانت تلك اللحظة، ألا وهي اليوم الذي عاد فيه ذلك التاريخ من جديد. فهذه هي الحقبة التي اشتاق إليها هذا الشعب سرا، هي الحقبة التي أعدنا فيها اكتشاف كيف نرفع رؤوسنا ونتقدم بخطى حثيثة وننظر إلى المنطقة والعالم بأسره من هذه البقعة.

قائد وهدف "الصعود الثالث الكبير" لا غبار عليهما

إن هذا الوقت هو الوقت الذي اكتشفنا فيه من جديد أوجاع بغداد وقلة حيلة دمشق واشتياق إسكوبية وفخر إسطنبول وذاكرة مدننا التي تشكل أسس حضارتنا العظيمة.

ذلك أن التاريخ قد تغير وانتقلنا إلى حقبة "الصعود الثالث الكبير". كما بدأت الذاكرة المستند إلى الوطن والجغرافيا وكذلك المسيرة الكبرى والكفاح العظيم. لقد انتقلنا عقب 24 يونيو/حزيران إلى المرحلة الأخيرة من صعود تلك القوة التي حاولوا منعها من الظهور على مدار 15 عامًا، وسعوا بشتى الطرق لإيقافها خلال السنوات الخمس الأخيرة من خلال هجماتهم الشرسة.

ليس لدينا أدنى درجة من الشك بشأن قائد هذا الكفاح العظيم وفريقه ودعمه المجتمعي وحساباته في الماضي والمستقبل. كما لم يعد هناك أي إمكانية لإيقاف هذه المسيرة من الخارج بالتدخلات ومن الداخل بالمقاومة.

هكذا كنا سلاجقة وعثمانيين، لم يعد هناك سبيل للتراجع

ولهذا السبب لن يكون بعد اليوم ثمة معنى أو قيمة للصراعات الشخصية والحسابات الضيقة وصراعات المصالح والخصومات والاستياءات. فبقدر الدعم الذي سيقدم لهذا الكفاح سيكون قدر بطولة تاريخ الصعود. ومن حاول النيل من هذه المسيرة سيكتب اسمه بأحرف سوداء في صفحات التاريخ الخاطئة لتكون وصمة عار في حقه، فلا يذكره التاريخ إلا بكل سوء.

أناشدكم بدعم العبارات الكبيرة والطموحات العظيمة والمسيرة الكبرى، بغض النظر عن هويتكم أو التيار الذي تنتمون إليه. ولا تنسوا أننا أصبحنا سلاجقة وعثمانيين بهذه الطريقة، فطفنا قارات العالم وأصبحنا أمة عظيمة.

سنكون كذلك في المستقبل، ذلك أن التاريخ والهوية ومسؤولياتنا عادت إلى مجراها الطبيعي، ولم يعد هناك أي سبيل للتراجع، فاستعدوا لذلك!

#إبراهيم قراغول
#تركيا
#القرن العشرين
#الاستعمار
#الدولة العثمانية
#الدولة السلجوقية
#الشرق الأوسط
#العالم الإسلامي
6 yıl önce
عندما ننهار تنهار المنطقة، وعندما نصعد يهتز العالم، بدأ "الصعود الثالث الكبير" لا رجعة بعد الآن..
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان