|
قانون الدولة القومية اليهودية، "عصر التطرف" والإفلاس.. ها نحن نقول "المسيرة الكبرى" في مواجهة هذا التهديد!

صادقت إسرائيل أمس على قانون الدولة القومية اليهودية لتعلن نفسها "الدولة العنصرية" الوحيدة في العالم. لقد أعلنوا أنّ العرب أو المسلمين أو غيرهم عبارة عن أناس من الدرجة الثانية، "طبقة خادمي" الأمة اليهودية بحسب عقيدتهم. لقد صارت الموجة العنصرية التي استقرت في قلب الشرق الأوسط عقب اندثار نظام الأبارتايد في جنوب أفريقيا، صارت أكثر جرأة ووقاحة.

لقد تغذى هذا القرار من قرار ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس إعلانًا باعترافه بالمدينة عاصمة لإسرائيل، وحملات الاستيلاء التي قادتها في منطقتنا عنصرية تيار المحافظين الجدد الذي أعلن "معركة القيامة" في عهد بوش الابن، والموجات العنصرية التي أسرت كذلك ساحلي المحيط الأطلسي الشرقي والغربي. لقد وضعوا توقيت هذا القرار وحساباته وفقا لكل هذا.

كانت إسرائيل ترتكب مجازر جماعية بهذه الروح ضد من هو من "الدرجة الثانية" أو "اللا شيء"

ستبدأ اعتبارًا من اليوم مرحلة صراع جديدة للغاية بين إسرائيل والعالم الإسلامي. فتقارب بعض الدول العربية مع إسرائيل لمواجهة التهديد الإيراني واشتراكها معها في نظام أمن مشترك جرّأ إسرائيل أكثر. ذلك أن رد الفعل العربي ضد هذا القرار كان قد كُسرت شوكته سابقا.

وإن كنا قد شهدنا إعلانًا كهذا، فإنه ليس هناك شيء قد تغير في طريفة فهم "إسرائيل" التي كانت – في الواقع – دولة بهذا الشكل، كان الجميع يراها بهذه الطريقة، كانت ترتكب أفعالا كالتالي ترتكبها الآن، كانت ترتكب مجازر جماعية بهذه العقلية؛ إذ كانت ترتكب مجازر جماعية بهذه الروح بحق الشعب الفلسطيني في جنين أو غزة أو كل ركن من أركان من هذه الأراضي صغيرة المساحة.

لم تعتبر إسرائيل الشعب الفلسطيني "بشرًا" أبدًا بينما كانت ترتكب ضده المجازر وتمارس ضده شتى صنوف التعذيب، بل اعتبرته، كما جاء في هذا القانون الجديد، شعبًا من الدرجة الثانية أو "لا شيء". لقد تحركت إسرائيل منذ قيامها بعقلية التنظيم الإرهابي، لا عقلية الدولة، واعتبرت المنطقة وسكانها هكذا، ولهذا فقد زادت عدوانيتها باستمرار وفقا لهذه النظرة.

"إجبار الإله على القيامة"

"إشعال فتيل معركة القيامة"

"تصفير كل شيء" كطوفان نوح

لم ولن تحمل إسرائيل أبدًا أي مخاوف "إنسانية"، فهي دولة خوف ليس لها أصدقاء، بل إنها تعتبر أقرب حلفائها كتهديد/عدو. وهي ستكون كذلك مستقبلا بشكل أكثر علانية. فلم يعد هناك أدنى حاجة للقول إن هذه العقلية الفاسدة التي تعتبر كل من على وجه الأرض بخلاف اليهود من "طبقة العبيد" صارت تشكل تهديدًا للإنسانية كلها وليس منطقتنا فحسب.

لا شك أنّ هناك الكثير من العبارات التي يجب أن تقال بشأن إسرائيل ردًّا على قانون "الدولة القومية اليهودية" أو "الدولة العنصرية"، لكن كل هذه العبارات قيلت أو كتبت عشرات المرات. ولعل من المفيد أن نتذكر أن المدافعين عن فكرة "إجبار الإله على القيامة" و"إشعال فتيل معركة القيامة" يدفعون العقيدة اليهودية واليمين المتطرف في إسرائيل نحو اتجاهات أخرى جديدة رغبة منهم في "بداية جديدة للإنسانية"، وربما "تصفير العالم" من خلال طوفان جديد يشبه طوفان نوح، من أجل تشكيل "جيل المختارين" ليحل محل غثاء السيل من سكان العالم الحالي.

"عاصفة عالمية" تقوى في صمت

وربما سيكون من الأكثر إفادة أن نناقش في هذا المقال تحت أي توجه عام عالمي يمكن إدراج هذا الموقف الإسرائيلي. لأنّ هذا هو "الجزء الجديد" في الأمر. فبفهم هذا التوجه الجديد والعاصفة وعالم المستقبل سيكون بإمكاننا الاستعداد للمواجهة وتعزيز القدرات الدفاعية وفقا لذلك.

أتحدث منذ فترة عن "عاصفة عالمية" تقترب وتكبر في صمت. فأنا أرى هذا الخطر بينما أتابع ما يحدث في الغرب والشرق وأمريكا أو الدول الأوروبية، بينما أشاهد الموجات السياسية أو تغيرات الهويات الاجتماعية، بينما أركز على المجالات التي تستثمر بها الدول.

فنحن أمام عنصرية أمريكية يدعمها المحافظون الجدد، عنصرية قلبت رأسا على عقب النظامَ المستقر أو النظام العالمي في عهد ترامب، هذا فضلا عن أن بعض الدول كألمانيا دعمت عن قصد اليمين المتطرف، كما أصبحت الدول الغربية تعزز سلطتها المركزية وتهمل الديمقراطية والحرية، وصارت أوروبا تستعد للتخلي في غضون سنوات عن قيمها التي وضعتها عقب الحرب العالمية الثانية، كما تحول عداء الأجانب إلى لغة رسمية للدولة، وتحول الغرب من ناحية الحضارة والهوية إلى موقع مناهض ومعاد لبقية العالم. فهذه التطورات وغيرها الكثير تحذر العالم بأسره – في الواقع – من التهديد المتنامي الذي مصدره الغرب.

عصر التطرف والإفلاس: نهاية السيطرة العالمية للغرب بعد 4 قرون

إن هذا إفلاس، وربما نشهد إرهاصات نهاية عصر السيطرة الغربية الذي استمر 4 قرون. ذلك أن القوة تنتقل للمرة الأولى من الغرب إلى الشرق. ذلك أن "العقلية الأطلسية" التي استثمرت في عصر التطرف، وكذلك الغرب الذي انتقل من العنصرية إلى عقلية الإرهاب، ومن السلب الاقتصادي إلى الإهانة الثقافية والتفرقة العنصرية عازم على مواصلة دور القيادة العالمية الذي فقده من الناحية الأخلاقية من خلال العدوانية والتهديدات والسلب والنهب.

إن ما نعيشه هو أمر لا يستوعبه عقل، وهو خطير بالنسبة للعالم، وسيكون انهيارًا بالنسبة للغرب. ولهذا فإننا نشهد للمرة الأولى منذ قرون أعنف نقاط التحول في التاريخ الإنساني وأكثر التغييرات الدراماتيكية لخربطة القوى.

ستزيد عدوانية إسرائيل، وربما ستسلّم العددي من دول أوروبا نفسها للفاشية الإسرائيلية، وستحاول الاستقواء من خلالها. ذلك أنّ جميع دول العالم شعرت بالعاصفة، ولهذا فهي تعود إلى نفسها وهويتها وتاريخها وكل شيء تستطيع الاستقواء من خلاله لتنجو بنفسها من ذلك التهديد. وفي الوقت الذي تبنت فيه إسرائيل العقيدة اليهودية، فإن ألمانيا ستتبنى العنصرية، وبريطانيا ستتبنى الطموحات الاستعمارية، وأمريكا ستتبنى عقلية السلب والنهب.

"التحول الكبير" و"المسيرة الكبرى" والاستثمار في القوة

وبينما يعود الغرب إلى تاريخه الأسود فإننا نبحث عن طريق لننقل بها تاريخها الأبيض إلى حاضرنا. في الوقت الذي يعودون فيه إلى ماضيهم العنصري الاستعماري الدامي، فإننا نستدعي ماضينا المشرف إلى يومنا هذا ونستعد لعصر صعود جديد. وبينما نقوم بذلك ندعم خطوطنا الدفاعية في مواجهة "العاصفة العالمية" ونجدد تضامننا الاجتماعي ونعيد هيكلة الدولة ونرجع إلى كل ما هو وطني.

إن هذه هي المسألة التي نناقشها منذ فترة، هذه هي موجة الصعود التي تقودها تركيا، هذا هو "التحول الكبير" و"المسيرة الكبرى" التي انتقلنا إلى مرحلتها الأخيرة مع انتخابات 24 يونيو/حزيران، هذا هو ما قصدناه عندما تحدثنا عن الصبغة المحلية والوطنية. هذا ليس بحث عن سلطة داخلية، بل هو بالنسبة لنا نقل طموح ذي ألف عام إلى اليوم، الاستعداد لتحدي عاصفة كبيرة تعصف بالعالم بأسره.

لقد ولى عهد الاعتراض من خلال خطابات الديمقراطية والحرية على هذه التهديدات التي تقترب من ناحية الغرب وتستهدف العالم بأكمله، لكن بشكل أكبر تستهدف منطقتنا. ذلك أنهم صاروا لا يتحدثون أبدا بهذه الخطابات. وعليه، فإن الطريق الوحيد للكفاح والمواجهة هو الاستثمار في القوة، وهو ما تفعله تركيا.

انته عهد عادة "ضبط تصرفات" الدولة

إن هذا ما أقصده عندما أقول إن على الجماعات والمنظمات المدنية والأوساط السياسية وغيرها أن تخضع لاختبار الوطنية هذا. فأنا أشير إلى تحول كبير، وأقول إن الجميع سيضطر لتغيير مكانه وكلماته ونظرته للبلد والعالم.

لم يعد بمقدور أحد أن "يضبط تصرفات الدولة". فبغض النظر عن قوتكم في المجال الاجتماعي أو كلمتكم المسموعة في أروقة السلطة، فإن عليكم التسامح مع هذا التوجه الوطني. ولن تقدرون على تغييره، بل هو الذي سيغيركم. فلو تغيرت الدولة والمجتمع، فإنكم كذلك ستتغيرون.

ذلك أننا لا نرى أيّ "شيء جيد" سوى دعم هذه العقلية التي تبني التاريخ والجغرافيا استنادا لخبرة الألف عام. ولفهم عظمة هذا الكفاح، لإدراك مدى عظمة هذا الكفاح عليكم النظر إلى قرار إسرائيل والتغير العميق في الغرب والمسيرة الكبرى التي تقودها تركيا.

وإلا فإنكم ستدفعون خارج عجلة التاريخ..

#إبراهيم قراغول
#القدس
#فلسطين
#إسرائيل
#تركيا
#قانون القومية
6 yıl önce
قانون الدولة القومية اليهودية، "عصر التطرف" والإفلاس.. ها نحن نقول "المسيرة الكبرى" في مواجهة هذا التهديد!
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان