|
"العقلية العليا" الوطنية: كبُر الحساب والمطلب وتركيا عظُمت.. ليبرزْ اللاعبون الكبار للواجهة!

ثمة شيء صعب لكننا مجبرون عليه، ألا وهو قول أشياء حول مستقبل تركيا بعد الآن. إطلاق عقلية عليا دون أن نبقى في الماضي ويعرقلنا ما تعودنا عليه، دون أن نبني حساباتنا وفقًا لتطلعاتنا، دون أن نضع أي شيء في نطاق شخصي ضيق.

علينا أن نوجه مطلبنا نحو المستقبل، وأن نضع حسابًا فوق مصالحنا وحساباتنا الشخصية. أن نصنع الفكر، ووجهات النظر، وأن ننتج خطابات جديدة وفق ما تعلمناه وخبرناه حتى اليوم. علينا أن نتحرّك وفق تهيّئنا لشروط وحاجات دورنا الكبير. يتوجب علينا إنتاج سياسة، ثقافة، فن وجمال وغير ذلك.

كبناء قرن جديد وخريطة جديدة للمنطقة..

علينا تنظيم شؤوننا، لا شؤون الآخرين، وفق التغير الذي يحث في الدولة والمجتمع وهذه البداية والتأسيس الجديد، علينا أن نحاول أن نحجز لأنفسنا مكانا في هذه الموجة الجديدة، علينا أن نصنع هدفا ينشر هذه الموجة على طول القرن الحادي والعشرين وما بعده والعمل بكل ما أوتينا من قوة لتحقيق هذا الهدف، علينا الانتشار في كل مكان حاملين هذا الهدف، علينا الوصول إلى كل ركن في الشرق والغرب، علينا إطلاق موجة كفاح جديدة وكأننا نبني قرنا جديدا، وكأننا نبني منطقة ودولة جديدة، وكأننا نبني قوة عالمية جديدة.

إن الشيء ذا القيمة، والذي يجب أن يكون كذلك، والشيء الذي يجب علينا الشعور بثقله فوق كاهلنا؛ هو الانضمام إلى الرحلة التي انطلقت من أجل تلبية احتياجات تركيا التي بدأت مسيرة مستقبلية عظمى، أن نحاول ألا تتعثر أقدامنا مهما كلف الأمر، أن نطلق العنان لموجة حماس كبيرة من أجل هذا الوطن وأبنائه، أن نحدد مواضعنا في عالم السياسة والأعمال والمجتمع المدني والأوساط المثقفة ووسائل الإعلام وفق احتياجات تركيا وهذه المسيرة الكبرى، وأن نفعل ما يقع على عاقتنا من مسؤوليات بمقتضى هذه التضحية.

الهوية المثقفة الأجنبية، الكيانات المشكوك في وطنيتها

لقد ولى في هذا البلد عهد تضييع الوقت من خلال حسابات الماضي وصراعاته ومخططات السلطة محدودة الأفق. فلم يعد في تركيا بعد اليوم إمكانية التقدم أكثر من خلال أنماط السياسة والنظرة الاقتصادية وطرق العمل التي تعود للماضي.

لم تعد هناك إمكانية في تركيا بعد اليوم لتحقيق أي شيء من خلال اتباع طرق الصحافة القديمة والهويات المثقفة المدارة غالبا من الخارج، من خلال من اعتبروا آدميتهم الثقافية كالحصول على مناقصات من بعض العملاء، من خلال الرجال الذين لا طائل من ورائهم من الذين يديرون أظهرهم للسياسة والحكومة ولا يقدمون أو ينتجون شيئا مفيدا.

لم تعد هناك إمكانية في تركيا بعد اليوم للسير في طريق واحد مع منظمات المجتمع المدني المشكوك في وطنيتها، مع الكيانات التي تعتبر كونها جماعة يعني أن تلقن الحكومة بما عليها فعله وتحوله إلى سباق تتنافس فيه من أجل اقتناص جزء من سلطة الدولة، مع الأحزاب السياسية وعناصر الاحتلال الداخلي من الذين يعتبرون مخططات أمريكية أو أوروبية.


"العقلية العليا" الوطنية: كبُر الحساب والمطلب وتركيا عظُمت..

ذلك أن الحساب كبر، وكذلك الطموح، ونمت تركيا وتسارعت وتيرة مسيرتها نحو المستقبل، فالقضية خرجت عن نطاق كونها قضية متعلقة بتركيا وانتقلت إلى تحول للتاريخ والجغرافيا. وكما هو الحال في كل حقبة صعود كبرى، لن يستطيع الكثير منهم التأقلم مع هذه الفترة، وربما لن يستطيعوا قراءة ما يحدث وبالتالي فهمه، وحينها سيدفعون إلى خارج عجلة التاريخ.

ربما يبدو الأمر من الوهلة الأولى لا هوادة فيه، لكن كل شيء سيصير على ما يرام بالنسبة لمن يرجعون إلى النماذج التي نراها في تاريخنا في المنطقة والذي يعود إلى ألف عام. ذلك أن عهد "موجة الصعود الكبرى الثالثة" قد بدأت اليوم، وتغيرت قواعد اللعبة، واستقبلنا حقبة تصفية الحسابات الكبرى والكفاحات العظيمة.

"العقلية العليا" الوطنية وقراءة تموجات القوى الدولية..

ستنناول كل شيء في تركيا من الآن فصاعدا على مستوى إقليمي ودولي، ولن تكون هناك أي قضية خاصة بتركيا فقط. لقد بدأ عهد من يتحدثون وهم ينظرون إلى التغير الذي يشهده العالم، إلى تموجات القوى والمحاور، إلى المستقبل، لا من يتحدثون وهم ينظرون إلى الماضي.

يجب على من يريد أن يحجز لنفسه مكانا في هذا السباق المستقبلي أن يقدم خطابا سياسيا يساهم في نمو تركيا ورفع سقف طموحاتها، أن يقدم أعمالا رائدة في مجالي الثقافة والفن، أن يعلن حربا صريحة على كل المخططات الرامية لتحويل فراغات الهوية في الداخل إلى صراعات، أن يطور خبرات قادرة على إنتاج لغة وعقلية عليا على المستوى الإقليمي. لقد بدأ عهد المشاريع فوق القومية، عهد تقديم عقلية عليا وطنية تعيد رسم ملامح المنطقة، عهد المشاريع التي تملأ الفراغات التي قدمتها إلينا تموجات القوى الدولية.

التحلل الجيوسياسي الدولي: أي الألعاب سنصنع؟

لقد حان الوقت لنتخطى سريعا الحزب الجيد (إيي) الذي أسسته ميرال آكشنر بتعليمات خارجية، والصراعات الحادة لحزب الشعب الجمهوري، وألاعيب الكيانات التي نصبوها لتحل محل تنظيم غولن الإرهابي، وخبث "المحتلين من الداخل" الذين ولى زمانهم. حان وقت أن نتوجه بأنظارنا ونركز على المنطقة والعالم، أن نهتم بالشرق بقدر اهتمامنا بالغرب.

سيبرز على الساحة كل من لديه فكرة ووعد بشأن إلى أين يتصل الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة والصين وأوروبا، من إلى أين يسير الغرب الذي تخلى عن خطابات الديمقراطية والحرية، مكانة قمة PRIC التي سيحضرها الرئيس أردوغان يوم الأربعاء في جنوب أفريقيا في ظل صراع القوى الذي نشهده، حول مستقبل الاتحاد الأوروبي، حول قدرتنا أو فشلنا في إنتاج لغة وموجة مشتركة تستهدف منطقتنا، حول ماهية معادلة القوى التي ستطرحها القوى الآسيوية الصاعدة بسرعة، حول العالم الذي سيفضي إليه فقدان الحلف الأطلسي سيطرته العالمية التي دامت لأربعة قرون، حول نوعية المفاجآت التي ستصنعها تركيا في قائمة "الدول الصاعدة".

لا يمكن السماح لأي كيان مرتبط بالخارج

لقد انتهت كذلك حقبة الرجال العظماء الذي يصلون إلى مكاناتهم عن طريق الاحتماء بالدولة والمؤسسات والشركات والجماعات ومنظمات المجتمع المدني، كما ولى عهد أن يصبح المرء شاعرا أو روائيا أو رجل ثقافة من خلال اللجوء لبعض الجهات. وربما تكون المفاجآت من نصيب كل من حجزوا لأنفسهم مواقع ضمن نطاق السلطة دون أن ينتجوا أي خطاب أو مفهوم أو مشروع وحولوا هذه العادة إلى أسلوب حياة.

لا ريب أن التحقيق سيطال "العلاقات الخارجية" للأشخاص والمؤسسات والأوساط السياسية والكيانات التي أطلق عليها اسم "المعارضة المحافظة"، ولن يسمح أحد بأن يكون أي كيان مدعوم من الخارج لاعبا فاعلا في هذا البلد. وبغض النظر عن مصدر هذا الدعم، سواء أكان أمريكيا أو أوروبيا أو ألمانيا أو فرنسيا أو إيرانيا أو حتى عربيا، فإن تلك الكيانات ستعتبر خطرا بالنسبة للموجة الوطنية الكبرى.

فلندخل عصر الطموحات العظمى يدا بيد..

سنكون منفتحين على العالم في الوقت الذي نقول فيه "لا" للتدخلات والتوجيهات الخارجية. سنتحرك على المستوى الدولي، وستظهر وعودتنا وطموحاتنا تأثيرها الحقيقي في الخارج. ستكون الفترة المقبلة حقبة الانفتاح أكثر على الخارج، لكنها ستكون في الوقت ذاته حقبة تضييق الخناق على الكيانات العملية المدعومة من الخارج. ذلك أنه حتى أصغر التحركات في هذا المجال سيكون هدفها الوحيد هو إحباط مسيرة تركيا الكبرى.

لقد دخلنا عهد التعبئة العامة في كل المجالات. فهذه التعبئة نابعة أكثر من الطموحات الكبرى وليس من العدم والصعوبات. وبغض النظر عن هوية الأشخاص أو الصف الذي وقفوا فيه حتى يومنا هذا، فإن الجميع أمام اختبار وطني لمعرفة أين يقف من هذه المسيرة التاريخية الكبرى. وأنا من جانبي أدعو الجميع، بشكل شخصي، للانضمام يدا بيد إلى عهد الطموحات هذا، أدعوهم لأن يحجزوا مقاعدهم بين قادة التأسيس العظيم، وليس لدي أي حساب آخر.

#إبراهيم قراغول
#تركيا
#الشرق الأوسط
#العالم الإسلامي
6 yıl önce
"العقلية العليا" الوطنية: كبُر الحساب والمطلب وتركيا عظُمت.. ليبرزْ اللاعبون الكبار للواجهة!
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية