|
خيانتكم قبل قرن نراها اليوم، ورأينا مشاركتكم لوليي العهد.. لكن لا تنسوا فنحن في الموضع ذاته منذ ألف عام

أحاول من منبري هذا منذ فترة الحديث عن "أشياء جديدة، أخوض كفاحًا من جانبي وأسعى لنشر بعض التنبيهات، فأنا أرى بعض الأشياء التي أوشكت على الحدوث وأطلعكم قرائي الكرام عليها. وبينما نناقش ساحات الصراع والخلافات على المستوى العالمي أحاول سرد انعكاسات هذه الصراعات على تركيا ومنطقتنا وطرحها للنقاش على المستوى العام ولفت الانتباه حول كل الاحتمالات التي يمكن أن تحدث خلال المرحلة المقبلة.

إنني أحاول للفت الانتباه خصوصًا إلى سيناريو الاحتلال الجديد والجهود المتعلقة بالجزء الخاص بتركيا من هذا السيناريو الذي يروج له في المنطقة من خلال وليّي العهد السعودي محمد بن سلمان والإماراتي محمد بن زايد.

وبعد أن رأينا احتلال أفغانستان والعراق والحرب في سوريا والوضعية المزرية في اليمن وحروب الوكالة التي تدار من خلال عشرات التنظيمات وتحول مدننا ومنطقتنا بالكامل إلى أطلال بسبب الصراعات وتعرض مئات الآلاف من شعوبنا للمجازر واحتقار قيمنا إلى هذه الدرجة ومحاولات تغيير الوضعية الإقليمية التي شكلت عقب الحرب العالمية الأولى وتجهيز هذا التغيير من خلال سيناريوهات تمزيق لكل دولة من دول المنطقة والترويج لكل "حزمة" بصورة مجزأة والأجزاء الخاصة بتركيا من هذه الحزمة الخبيثة؛ ينبغي لنا ألا نسمح بحدوث أي مشكلة في طريقة إدراكنا لهذه التجهيزات "الجديدة".

لا يوجد أي شيء بقدر ما رأيناه

لم يكن احتلال العراق مقتصرًا على العراق، كما لم تكن الحرب السورية مقتصرة على آلام السوريين وحسب، وكذلك فإن محاولة انقلاب 15 يوليو/تموز (2016) لم تكن محاولة مقتصرة على تركيا بدأت وانتهت بها، كما أنّ مشروع الممرّ في شمال سوريا ليست مرتبطا فقط بالقضية الكردية. أضف إلى ذلك أنّ موقف بن سلمان وبن زايد المعادي لتركيا لا يتمثل فقط في جريمة خاشقجي أو الأحقاد التي يحملها هذان الشخصان، كما أنّ الحاميات العسكرية التي أقامتها أمريكا وإسرائيل في شمال سوريا ليست مسألة إرهاب عادية، وكذلك فإنّ الاحتجاجات التي نشرت الفوضى في باريس ليست مسألة احتجاج على زيادة في أسعار المحروقات، كما أنّ "المحور" الجديد المقام في منطقتنا ليس "لعبة" تلعبها الدول مع بعضها بعض..

سنرى ذلك عندما يشتعل الخليج العربي

أحاول صياغة الأخبار عن الأشياء الجديدة، وأسعى للفت الانتباه إلى الأحداث التي يجهزون لها ليفرضوها عليها مستقبلًا ممّا سيؤدي إلى تداعيات إقليمية خطيرة وبعض التوترات داخل تركيا. فأنا أتحدث عن استعدادات مختلفة تمامًا عن سابقاتها، فهي ستكون أكثر انتشارًا وستؤثر في المنطقة بأسرها. فهذا هو سبب استهدافي بشكل مباشر لوليي العهد السعودي والإماراتي اللذين من خلالهما ينفذ سيناريو سيدمر العالم الإسلامي، لكن معظمنا لا يهتم حتى بهذا الأمر.

لكننا سنرى ذلك عندما يشتعل الخليج العربي وتجرّ المنطقة الواقعة حتى البحر الأحمر إلى الصراعات وتندلع أزمات جديدة بين الدول وداخلها وتتدفق الجيوش بمئات الآلاف على منطقتنا وبلادنا لتنفيذ مخطط الاحتلال الغربي وينفذ التهديد إلى داخل أراضينا بعدما وصل إلى حدودنا.

المعرفة هي أقوى سلاح للدفاع... دعوكم من رفاهيتكم

لكن لن يكون هناك شيء قاصر على الدول بعد اليوم، فجميع السيناريوهات صارت تجهز على المستوى الإقليمي. إنهم يثيرون عاصفة ستضرب المنطقة باسرها. فهذا هو السيناريو الذي يرسم من خلال وليي العهد، فهناك حسابات لحروب إقليمية بين العرب والإيرانيين، وبين العرب والأتراك، وبين الأتراك والإيرانيين.

أعلم أنّ معرفة هذا ورؤيته وقراءته يفسد "الرفاهية" ويزعج الجميع. فذهني كذلك منزعج وأحمل الكثير من القلق وتفسد راحتي وأشعر بعدم الطمأنينة. لكني أعلم كذلك أن القدرة على الرؤية والمعرفة المسبقة والاستعداد لما هو آت؛ أقوى خط دفاع لنا. لكني سأواصل مشاركة مخاوفي في هذا الصدد حتى لو أفسد الانزعاج راحتي.

كيف سيكون الصراع على المستويين الإقليمي والدولي؟

إن العالم يشهد صراع بين القوى بحجم ما حدث إبان الحربين العالميتين. فنحن نرى آثار هذا الصراع في كل منطقة تشكل خطوط الصدع حول العالم. فخطوط الصدع بدأت تتحرك في المنطقة الواقعة من البلطيق إلى أوروبا الشرقية، ومن شرق أفريقيا إلى الخليج العربي، ومن جنوب شرق آسيا إلى المحيط الهادئ، لكننا عاجزون عن قياس شدة هذا الزلزال.

إن منطقتنا تشهد صراع بين كل ما هو محلي وبين جبهة الاحتلال الدولي. فما هي قدرة المنطقة على مقاومة الاحتلال الدولي؟ إلى أي مدى ستتحمل المقاومة المحلية؟ وما قدرة قوة الدول والتنظيمات التي تقف في صف حملة الاحتلال في المنطقة؟ وهل ستعيد القوى المحتلة التي أنشأت المنطقة قبل قرن من الآن إنشاءها من جديد أو سيرسم خط مقاومة جديد ملامح كيان قوى المنطقة؟ وماذا ستكون نتيجة تصفية الحسابات هذه؟

تركيا: صراع بين من هو "وطنيّ"، ومن هو "دوليّ" يريدون وضعه محلّ "غولن"

إن تركيا تشهد تصفية حسابات بين ما هو وطني وتحالف الجبهة الدولية. ولقد قاومنا دائمًا كل تدخلات الجبهة الدولية التي سعت للنيل منا من خلال الانقلابات والهجمات الإرهابية والهجمات المشابهة لما حدث ليلة 15 يوليو/تموز. ولقد فشلوا في إضعاف المقاومة المحلية، بل إنها عززت من قدراتها. فماذا سيحدث مستقبلًا؟ وأين وكيف سيأتي التدخل المقبل؟ وما هي الكيانات التي نصبوها لتحل محل منظمة غولن الإرهابية؟ وأي القوى التي يحاولون من خلالها ملء هذا الفراغ؟ وأين الكيانات التي يقيمون بينها التحالفات؟

ما هي الأجندة الجديدة؟ ما هي الاستعدادات التي يقومون بها؟ ما نوع المخططات التي يسعون لتنفيذها في مجالات السياسة والمجتمع المدني والإعلام والأعمال؟ أين تتخذ بعض الأوساط المحافظة موقعها من هذه الاستعدادات الجديدة؟ ما نوع التنسيق بين الخلافات في منطقتنا ومساعي هذه الأوساط؟ وكيف يجرى التخطيط لإشعال فتيل الخلافات والتدخلات داخل تركيا وفق سير تصفية الحسابات في المنطقة؟

جبهات القرن الماضي تقام من جديد في تركيا

المجال الدولي والمجال الإقليمي والمخططات الداخلية في تركيا... ثمة تقارب كبير بينها جميعًا.. كما أن هناك تعاونًا وثيقًا بين من داخل تركيا من شركاء جبهة التدخل الدولي التي يمثلها بن سلمان وبن زايد..

فهذا سبب انزعاجنا منهما، فغضبنا بسبب قضية وطنيّة، وما يغضبنا إنما هو مساعيهما لتدمير تركيا والمنطقة بالكامل. فهناك محاولات لإقامة جبهة إقليمية مشابهة لتلك الجبهة التي أقيمت ضد الدولة العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. وإنهم يحاولون داخل تركيا لإقامة كيان جديد يشبه الجبهة الإنجليزية التي أقيمت داخل الأناضول خلال الحرب الكبرى التي وقعت قبل قرن من الزمان وكفاح الاستقلال الذي تلاها.

إن الجميع يتمركزون اليوم في مواقعهم ذاتها التي كانوا بها قبل 100 عام. فبعضهم يتحرك بدافع المخاوف العرقية، وبعضهم بدافع علاقات الارتباط، والبعض الآخر تحت عباءة المظهر الإسلامي – المحافظ، وأما بعضهم فيتحرك بدافع الغضب السياسي الداخلي، لكنهم جميعا يتجهون نحو التمركز في صفوف الجبهة الدولية.

نحن في الجبهة ذاتها منذ ألف عام
مستعدون لدفع الثمن لكن لن نتحرك قيد أنملة

إننا نرى كل ذلك، نرى ما يحدث على الساحة الدولية وتصفية الحسابات الإقليمية والصراع داخل تركيا. نرى التحركات المكثفة والعلاقات المستترة والمحاولات الشرسة والاستعدادات التي تحدث هذه الأيام. نرى أن كل هذه الأمور تستهدف المقاومة الوطنية التركية وأن أطراف هذا التحالف لا يفرقون بين أحد على أساس الهوية الأيدولوجية. وللأسف فإن التوازي بين ما تفعله هذه الأوساط والجهات التي يمثلها وليا العهد الخليجيان وصلت إلى نقطة لا يمكن إخفاؤها بعد اليوم.

لقد وقفنا دائما في صف المحور الوطني، ولن نتحرك عنه قيد أنملة. سنواصل خوض الكفاح في هذه الجبهة. وكما قاومنا في هذا الوطن وهذه المنطقة في الحرب العالمية الأولى وبعدها فإننا سنقاوم على المنوال ذاته وسنواصل تعزيز هذه المقاومة، ولن يمكن لأيّ تمويه أو هوية أن تجعلنا نحيد عن هذا المحور، ولن نتراجع أبدًا عن أن نكون استمرارًا للكفاح الإقليمي المستمر منذ أيام السلاجقة في محور الوطن والمحور الإقليمي.

إنهم يكررون اليوم خيانتهم قبل قرن

لا يمكن لأي حساب سياسي أو مصلحة أو قلق دنيوي أو ثمن أن يجعلنا نتخلى عن هذه المقاومة. ذلك أننا نعلم أين نقف، ولا نفعل ذلك في انتظار أي مقابل أو تقدير، بل إننا نعلم علم اليقين الثمن الذي يدفعه من يخوضون الكفاح في هذا المحور. لكننا نعلم كذلك أن الذين يقفون في صف "الجبهة الدولية" ومن يكررون اليوم خيانتهم قبل قرن لن يذكرهم التاريخ أبدًا، فنحن نعلم ذلك ونشاهده جيدًا...

تابعوا جيدًا محور الشر الإقليمي المستمر هذه الأيام بقيادة بن سلمان وبن زايد. تابعوا جيدا الجزء الخاص بتركيا من هذا المحور ومساعيهما في هذا الإطار. قرروا بأنفسكم ما يمكن أن يحدث خلال المرحلة المقبلة من هذه التجهيزات.. فهناك مساعي لإقامة وحدة إقليمية بين كل الأوساط والعناصر غير الوطنية في جميع دول المنطقة، وهو ما يبشر بقدوم تصفية حسابات نهائية.

#إبراهيم قراغول
#محمد بن زايد
#محمد بن سلمان
#تركيا
#الشرق الأوسط
#العالم العربي
#العالم الإسلامي
٪d سنوات قبل
خيانتكم قبل قرن نراها اليوم، ورأينا مشاركتكم لوليي العهد.. لكن لا تنسوا فنحن في الموضع ذاته منذ ألف عام
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن