|
حصار العالم الإسلامي من الشرق: عاصفة الإرهاب ستعصف بآسيا أكثر وأكثر حصار تركيا من جوانبها الأربع: إطلاق هذه العاصفة في الداخل في تلك اللحظة تحديدا! وماذا عن الصفعات الموجهة للشعب؟

شهدت سريلانكا قبل يومين هجمات خطيرة للغاية أصابت العالم كله بالذعر عندما قتل 290 شخصا في عدة انفجارات بقنابل زرعت داخل كنائس وفنادق، كما عثرت الشرطة هناك على 84 قنبلة أخرى أمس.

إن ما حدث هو المرحلة الثانية من عاصفة الإرهاب التي ضربت وستضرب آسيا عقب ذلك الهجوم الذي حوّل صلاة الجمعة إلى مجزرة في نيوزلندا قبل أكثر من شهر بقليل. فمزيد من هذه الهجمات ستأتي لا محالة؛ إذ ستضاف المزيد من الهجمات الإرهابية الرامية لزيادة مجال الصراع بين العالم الإسلامي من جهة والصين والهند من جهة أخرى.

لا شك أنهم سيجدون تنظيما إرهابيا ذا صبغة إسلامية ليحملوه مسؤولية هذه الأحداث، بل إنهم عثروا عليه بالفعل. "جماعة التوحيد الوطنية." إياكم أن تحاولوا شرح هذه الأحداث من خلال أحد التنظيمات، فلن تستطيعوا الوصول إلى أي نتيجة أبدا.

هل سيشغلون فتيل الصراع بين العالم الإسلامي والعالمين الهندوسي والبوذي؟

لماذا؟

أحاول منذ فترة لفت الانتباه إلى بعض الأمور من خلال طرح فكرة "حصار الإسلام من الشرق". كما أعدت مناقشة هذه القضية فورا عقب هجوم نيوزلندا وكشفت عن مخاوفي حول وقوع المزيد من الهجمات.

لكن اسمحوا لي أولا أن أذكّركم بما قلت:

هل نحن اليوم أمام نسخ جديدة من المخططات التي ينفذها الغرب والحلف الأطلسي والمحور الأمريكي – الإسرائيلي منذ سنوات في سبيل طرد المسلمين خارج قطار التاريخ والحيلولة دون اكتسابهم القوة من جديد وإرهاقهم بالاحتلالات والحروب الأهلية، وعندما يفشلون في ذلك ينفذون مخططات الاستيلاء المباشر؟

هل الإسلام المحاصر حاليا من الغرب سيحاصر بعد ذلك من الجنوب والشرق كذلك؟ وهل سينضم العالم البوذي والهندوسي كذلك إلى الهجمات التي يتعرض لها الإسلام من الغرب ويديرها اليمين المتطرف المسيحي – اليهودي؟

الترويج لفكرة أن الإسلام يواجه مشاكل مع كل الحضارات الأخرى

هل سيحولون الإسلام إلى مشكلة مشتركة لكل الحضارات؟ هل سيضيفون مستقبلا صراعات جديدة بين الإسلام والحضارتين البوذية والهندوسية إلى قائمة الصراعات القائمة بالفعل بين الإسلام والغرب والحضارتين المسيحية واليهودية؟

إن مفهوم التهديد الذي تحمله العقلية السياسية الغربية إزاء العالم الإسلامي والتدخلات التي تنفذها في شتى بقاعه ليست سوى صراعا حضاريا حتى ولو حاولوا تصويره من خلال صور أخرى.

لقد كانت الأجهزة الاستخباراتية التابعة لهذه العقلية هي العقل المدبر لكل التنظيمات الإرهابية التي تستخدم الهوية الإسلامية؛ إذ ترى هذه العقلية العالم الإسلامي على أنه الهوية السياسية القوية الوحيدة التي تقف أمام سيطرة الغرب على العالم.

فإذا كان الوضع كذلك، فإنهم ينفذون مخططا خطيرا للغاية يرمي لحصار العالم الإسلامي من كل الجهات، وجره إلى حروب أهلية لا نهاية لها، وتحويل كل الاختلافات والهويات إلى ذريعة للصراع من أجل تأجيج نيران هذه الحروب الأهلية، وتحويل الحضارة الإسلامية إلى حضارة متصارعة مع كل حضارات العالم الأخرى.

الاستغلال كسلاح والجر نحو حروب أهلية لا نهائية

يخوض الغرب حربا صريحة ضد الإسلام والمسلمين وينفذ مخططا شاملا لتمزيق العالم الإسلامي وتفريق السلطات السياسية في هذه المنطقة. ويبدو أن هذا لم يكفه ليطلق عملية جديدة لضم الحضارات الشرقية كذلك في حربه على الإسلام. وبحسب هذه القراءة، سنشهد المزيد من التحركات في كشمير وتركستان الشرقية وحدود آسيا الوسطى مع الصين وجنوب شرق آسيا.

ولا يتورع الغرب وهو يقوم بكل ذلك عن استغلال المسلمين كأقوى سلاح بين يديه. كما أنه قادر على استغلالهم كأنسب وسيلة في صراعه مع القوى العالمية.

نشعر في عالمنا الإسلامي بتأثير صراع القوى بين المحور الأطلسي من جهة والصين وروسيا وأوروبا من جهة أخرى. كما نرى حالة الدمار التي أفضى إليها هذا الصراع في كل مكان من أعماق أفريقيا إلى بلاد الرافدين، ومن وسط وجنوب آسيا إلى إندونيسيا، ويبدو أننا سنرى المزيد منها مستقبلا. ومن بين الجبهات الأساسية لهذه الحرب نذكر احتلال أفغانستان والعراق والحرب في سوريا والفوضى في ليبيا والانقلاب في السودان ومحاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا.

تركيا المحاصرة: محاولة تركيع القوة الكبرى

هل هي محاولة تدخل دولي جديد؟

تتمركز تركيا في وسط هذا الصراع الدولي بصفتها القوة الأكبر والأعرق في العالم الإسلامي من حيث موقعها وتاريخها السياسي. وهذا سبب حصارها من شمال سوريا وحصارها عن طريقه تسليح جزر بحر إيجة هذه الأيام ورغبتهم في الضغط عليها كذلك ووضعها في "خانة اليك" في منطقة شرق البحر المتوسط.

إن هذا سبب رغبتهم في قطع يد أنقرة الممتدة حتى ليبيا والسودان والصومال، كما أنه سبب شغلهم لها بالصراع مع بي كا كا ورغبتهم في تحويلها إلى نموذج سوري جديد بواسطة تنظيم غولن الإرهابي وتحريضهم للكيانات الجديدة التي يستغلونها لتحل محل تنظيم غولن.

إنهم يريدون جر العالم الإسلامي إلى حروب أهلية لا نهائية عن طريق حصاره من جوانبه الأربع، والأمر ذاته ينطبق على حالة تركيا التي يريدون حصارها داخل منطقتها وجرها إلى مشاكل وحالات فوضى عارمة في الداخل.

وإن حتى هذا الوضع يعتبر مؤشرا على مقدار القوة التي تتمتع بها تركيا والصعود الذي حققته حتى اليوم وعظم الصراعات التي تخوضها حاليا. كلنا يعلم أن أحداث غيزي بارك ومحاولة انقلاب 15 يوليو كانتا تدخلين دوليين، وها هم اليوم يعدون العدة لتنفيذ تدخل دولي جديد.

استهداف تركيا لأنها عادت إلى مجراها التاريخي

هذه هي الرسالة!

إذا كانت رسالة هجوم نيوزلندا ورسالة كل تطور يتعلق بالعالم الإسلامي توجه إلى تركيا، فإن أصحاب هذه الرسائل هم أصحاب الكيان الجديد الناشئ داخل تركيا.

إن تركيا تتعرض للاستهداف من قبل حرب الحضارات التي يخوضها الغرب عالميا. تتعرض للاستهداف لأنها تركيا ولأنها رائدة العالم الإسلامي، تتعرض للاستهداف بسبب تاريخ كفاحها ضد الغرب الممتد لقرون.

تتعرض للاستهداف لأنها تحمل إمكانية تحدي النظام الاستعماري الدولي الذي رسخه الغرب، لأنها عادت إلى مجراها التاريخي والحضاري. أدعوكم اليوم للنظر إلى ما يحدث حولنا، انظروا إلى بحر إيجة والبحر المتوسط وسوريا. انظروا إلى كل دولة ومنطقة لتركيا تأثير بها وأخبروني ماذا ترون؟

التجهيز لعاصفة جديدة واستعداد الداخل لاستقبالها

إن هذه الأرض هي التي تشهد الصراعات والتدخلات، فنحن الدولة التي يريدون حصارها. إن هذا ليس جنون الاضطهاد، بل إننا أمام عاصفة جديدة يجهزون لها وسنرى في القريب العاجل كيف سنتعرض لهزة في غاية القوة. ولهذا فعليكم أن تتابعوا بانتباه شديد في هذا الوقت تحديدا ما يحدث في الداخل والجبهات التي يقف بها كل فرد.

إن الداخل التركي يشهد الكثير من الأحداث المثيرة للغاية في كل مرة ينسجون فيها حولنا شراكهم. وعندما تقع أحداث مثيرة للغاية في الداخل يكشف النقاب عن أن هناك أمورا يروج لها حولنا في صمت. فما يحدث اليوم في الداخل يعتبر جزءا مما يحدث في الخارج. فالذين يضعون حجر الأساس لاحتلال داخلي يعدون العدة لتدخل جديد وخطير للغاية في تركيا.

إن هذه التحركات الجديدة هي أساس الشراكة التي جمعت بي كا كا وغولن في انتخابات 31 مارس. وهذه هي العقلية التي جمعت الأحزاب السياسية تحت مظلة واحدة مع التنظيمات الإرهابية، فهذه هي الجهات التي خططت للسرقة الممنهجة والنيل من إرادة الناخبين خلال الانتخابات.

الهجوم على كل ما هو وطني وينتمي لتركيا!

إنهم هم الذين يستهدفون كل ما هو وطني وجميع الذين كرسوا أنفسهم للمشاركة في الكفاح الذي تخوضه تركيا، وهم الذين يحاولون الهجوم بلا حياء ضد الجينات السياسية التي تصنع التاريخ وترسم ملامح الجغرافيا منذ عهد السلاجقة، وعم الذين ينظمون صفوفهم لتنفيذ هذا السيناريو الجديد في الداخل ويضمون المزيد من العناصر التي يطرحونها على الساحة لتنفذ ما أسند لها من أدوار.

لكن عليهم ألا ينسوا أن هذه الدولة ليست محصورة بحدود تركيا الحالية، بل إنها دولة يمتد تاريخها لألف عام. فانظروا إلى ما حدث خلال الألف عام هذه لتدركوا ماذا تكون تركيا. ويكفيكم أن تنتبهوا إلى من يحتمون اليوم في الداخل بخبث وخداع خلف تلك العقلية الدولية!

حسنا، هل كل ذلك أهون ضررا من ذلك الهجوم؟

إن الهجوم الذي تعرض له زعيم حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو خلال جنازة شهيد الواجب الوطني في أنقرة لا يمكن قبوله أبدا، ولهذا فالجميع أدانه. وأتمنى له الشفاء العاجل.

لكن..

وأكتب كلمة "لكن" منفصلة لأن هذه المرة هناك – حقا – حاجة لذلك.

هل التعاون مع بي كا كا ومن صوبوا أسلحتهم نحو أبناء هذا الوطن أهون ضررا من تلك اللكمة؟

هل الشراكة مع تنظيم غولن الإرهابي الذي هاجم صراحة هذا البلد ليلة 15 يوليو ليوقع على أكبر خيانة في تاريخنا أهون ضررا من تلك اللكمة؟

هل إقامة جبهة مشتركة مع التنظيمات الإرهابية أهون ضررا من تلك اللكمة؟

هل السخرية ممن استشهدوا خلال مكافحة الإرهابيين وأسرهم الحزينة أهون ضررا من تلك اللكمة؟

هل السخرية من القيم الدينية لهذا الشعب وعقيدته وأخلاقه أهون ضررا من تلك اللكمة؟

هل السخرية من تركيا في أكثر القضايا حساسية وما يتعلق بمنظومة صواريخ إس-400 وطائرات إف-35 وقبرص وبقاء هذا الوطن أخف ضررا؟

هل تسليم الحزب المؤسس لتركيا لأيدي التنظيمات الإرهابية واستقبال الإنذارات المتتالية من جبال قنديل وقبول التعرض للابتزاز أخف ضررا من ذلك؟

هل التصفيق لكل دولة تتدخل في شؤوننا الداخلية بدلا من دعم شعبنا ومحور تركيا أخف ضررا من ذلك؟

لدي الكثير لأكتبه...

لكن لا تستخفوا بضمير هذا الشعب وغضبه وذاكرته ولا تجرحوه في ذلك!

#إبراهيم قراغول
٪d سنوات قبل
حصار العالم الإسلامي من الشرق: عاصفة الإرهاب ستعصف بآسيا أكثر وأكثر حصار تركيا من جوانبها الأربع: إطلاق هذه العاصفة في الداخل في تلك اللحظة تحديدا! وماذا عن الصفعات الموجهة للشعب؟
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان