|
لقد تغير العالم بالكامل! ترامب: أوقفوا الانقلاب! المعارضة: لقد بدأ الانقلاب. الزعماء الأقوياء يصفون حساباتهم مع نظام الدولة العميقة. لقد صار لدينا "نموذج أردوغان". فشل عزل ترامب وانتخابه لولاية ثانية. البيريسترويكا الأمريكية؟

ثمة أوجه تشابه مثيرة للدهشة بين "وتيرة عزل" دونالد ترامب و"التدخلات الدولية" الرامية لإسقاط الرئيس التركي أردوغان.

نشعر وكأن تصفية الحسابات الداخلية التي تعيشها الولايات المتحدة هي شيء عشناه نحن كذلك قبل ذلك من العديد من الجهات مثل اللغة المستخدمة والطرق المتبعة والهدف المراد الوصول إليه وشدة الصراع على السلطة/القوة بين أركان النظام القائم والدور المسند إلى الشارع والمؤسسات وأشكال انعكاس ذلك على الرأي العام والعديد من الزوايا الأخرى. ولهذا نشعر وكأن الأمر مألوفًا للغاية بالنسبة لنا..

لقد تغير العالم بالكامل!
الولايات المتحدة تتجادل حول الانقلاب:
ترامب: "أوقفوا الانقلاب"

صفق العالم كله في دهشة كبيرة للرسالة التي أطلقها ترامب يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عندما قال "أوقفوا الانقلاب" (Stop the coup).

نعم، كان هناك صراع محتدم داخل الولايات المتحدة من أجل عزل ترامب قبل انتهاء مدة ولايته من ناحية، ومن ناحية أخرى محاولة ترامب من أجل "التخلص من نظام الدولة العميقة"، غير أن هذا الصراع صار يناقش من خلال مصطلح "الانقلاب"، ليعلن ترامب للعالم أجمع خطورة هذا الأمر بهذه الرسالة التي نشرها.

وبالرغم من أننا تعودنا على الدخول في نقاشات حول مسألة الانقلاب، إلا أننا لم نناقش قبل ذلك تصفية الحسابات الداخلية في الولايات المتحدة من خلال هذه المصطلحات، ولم نر شيئا كذلك مطلقًا، بل كنا هذه المرة أمام وضعية جديدة علينا. فالولايات المتحدة التي كانت وراء الكثير من الانقلابات على مدار عشرات السنين في تركيا وإندونيسيا وأمريكا الوسطى وأمريكا اللاتينية والشرق الأوسط وأفريقيا صارت تناقش مسألة الانقلاب داخلها. ولهذا أقول إن العالم تغير كثيرًا!

المعارضة: لقد بدأ الانقلاب

سنتخلص من ترامب...

لم يمر وقت طويل، فقد ظهر هذا قبيل النقاش حول مسألة "الانقلاب". كان المحامي مارك زيد المتولي ملف قضية عزل ترامب قد نشر تغريدة على تويتر يوم 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 قال فيها "لقد بدأ الانقلاب، وما سيتبعه سيكون التمرد وعزل ترامب. سنتخلص منه، فهذا البلد قوي وسيبقى صامدًا رغم أنصار ترامب".

إنها عبارات تشبه كثيرًا تلك العبارات التي قالها من حاولوا إسقاط أردوغان في تركيا!

زعيم قوي يحارب نظام الدولة العميقة

إن صراع ترامب مع الدولة العميقة في أمريكا يشبه كثيرًا صراع أردوغان مع ذلك النظام في تركيا. فنحن نتابع صراعات إعادة صياغة السلطة وتغييرها وتحويلها بل و"تأسيسها" بين الزعماء الأقوياء ونظام الدولة العميقة.

ولا شك أنّ هذا الأمر يؤثر بشكل كبير في كلّ سياسات تركيا الإقليمية وعلاقتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ونظرتها للمنطقة والدولة القوية والتغيرات الجذرية التي تحدث خلال هذه الوتيرة.

إننا نشاهد انعكاسات على الساحتين الدولية والإقليمية لذلك "التأسيس الكثير الثاني" الذي يتلو قيام الجمهورية في تركيا، وهو ما يضمن وجود حافز قوي للغاية في شتى المجالات من السياسة الخارجية إلى الدفاع ومن الاقتصاد إلى التكنولوجيا، لا سيما فيما يتعلق بالوعي والإدراك الوطني.

نحن أمام تركيا جديدة بالكامل، فهناك بناء جديد للدولة والقوة، فهذه القوة تشعرنا بنفسها على كلّ الأصعدة. وهذا هو سبب كل الصراعات التي أصبحت تركيا طرفا فيها. لكن علينا أنّ نعلم أننا لن نستطيع أن نبني تلك القوة دون تخطي هذه العقبة.

ترامب ينزع الدولة العميقة عقلها بضربات منقطعة النظير

وأما الصراع وتصفية الحسابات في الولايات المتحدة فلا تزال حديثة، فنظام الدولة العميقة قوي للغاية ويمتلك زمام الأمور، وأما ترامب فصاحب عزيمة ويوجه ضربات منقطعة النظير إلى ذلك النظام ليفقده السيطرة على نفسه. إنه يفسد حساباته ويشلّ حركته. وإنّ الضربات التي يوجهها ترامب الآن لذلك النظام تعتبر المراحل الأولية لتصفية الحسابات هذه، ذلك أنّ ضربات أقوى بكثير ستهز كيان نظام الدولة العميقة داخل الولايات المتحدة.

وإذا نظرنا للمسألة من هذه الزاوية سنرى أنّ الصراع القائم بين أطراف السياسة الداخلية في الولايات المتحدة سيشتد وسيصطبغ بصبغة عالمية وسيؤثر في النظام الدولي وسيفرز مصطلحات ومواقع ونماذج وتعاملات جديدة.

ترامب يسير على درب أردوغان وبوتين
لا يمكن لأي قوة مقاومة العاصفة

لقد تبنى ترامب أردوغان وبوتين كنموذج في هذا الطريق. فهو يسير على دربهما ويتبع ما يتبعانه من طريق ويلجأ لخبراتهما في مجال تصفية الحسابات مع النظام الداخلي للدولة.

وإذا لم ننظر فقط لترامب ونظرنا إلى النقاشات الدائرة حول "الانقلاب" داخل أمريكا، سنرى أن ما عاشته تركيا أصبح تجربة عالمية تتعلم منها الدول والأمم.

لقد بدأت حقبة القادة الأقوياء أمثال أردوغان وبوتين وترامب. وأما الدول التي فشلت في أن تخرج لنا زعماء فهي تدعم مساحات سلطتها المركزية. وإننا نقترب من عاصفة عالمية لن تدع القوى المركزية في الغرب ولا نظام الدولة العميقة في أمريكا، فلن يستطيع أحد مقاومة هذه العاصفة والوقوف في وجهها.

فشل عزل ترامب وانتخابه لولاية ثانية
البيريسترويكا الأمريكية؟

وإذا نظرنا إلى الأمر من هذه الزاوية أستطيع القول بصراحة إن عزل ترامب سيفشل، ولن ينتهي الأمر عند هذا الحد، بل هناك احتمال قوي أن يفوز ترامب بالانتخابات المقبلة، وربما نشهد نوعًا من أنواع "البيريسترويكا الأمريكية" خلال الولاية الثانية له.

لقد انحرف محور كل الدول والقوى، فمركز العالم يتغير. ولهذا فلا يمكن أن نفهم عالم المستقبل ونصل للمكان الصحيح من خلال العبارات ووجهات النظر القديمة.

قال الرئيس الفرنسي ماكرون إن "حلف الناتو مات دماغيًّا". صباح الخير يا صديقي! لقد كان هذا قبل عشرين عامًا. وستهب العاصفة بشكل أقوى، ولهذا على الجميع تغيير ما تحفظه ذاكرته.

#إبراهيم قراغول
٪d سنوات قبل
لقد تغير العالم بالكامل! ترامب: أوقفوا الانقلاب! المعارضة: لقد بدأ الانقلاب. الزعماء الأقوياء يصفون حساباتهم مع نظام الدولة العميقة. لقد صار لدينا "نموذج أردوغان". فشل عزل ترامب وانتخابه لولاية ثانية. البيريسترويكا الأمريكية؟
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن