|
نهاية عهد "السياسة الدفاعية" بالنسبة لتركيا! إنها ولادة قوة تحتاج لبعض الوقت. لقد رأوا، وسترون أنتم كذلك! لا تنخدعوا بـ"التشويه" النفسي في الاقتصاد والسياسة والأمن. إذا تراجعت تركيا لحدودها فلن تحيا أبدًا. إنهم يقولون "علينا إضعاف تركيا"

لقد انتهى عهد "السياسة الدفاعية" بالنسبة لتركيا التي انتقلت، عقب الحرب العالمية الأولى وقيام الجمهورية، إلى "مرحلة جديدة" ضمن استمرارية سلسلة الدول التي استمرت لقرون على هذه الأرض. وهو ما نطلق عليه منذ فترة طويلة "عهد الصعود الجديد".

وبعد أن أكملت تركيا "عهد التأسيس"، فقد سنحت لها فرصة تاريخية في وقت تمزق فيه النظام الدولي وتفسخت فيه ساحة القوة/السلطة، فلجأت إلى عقلية الدولة القديمة التي تتمتع بها وفراسة شعبها العظيم لتلحق بمصاف الدول الكبرى التي صنعت قوتها.

شراكات الشر ورحلة جديدة: الطموحات وبناء القوى في كل المجالات

هناك بعض الأوساط داخل تركيا لم تدرك إلى الآن هذه الرحلة الجديدة التي أقدمت عليها القيادة السياسية، بل إن البعض أقاموا شراكات يائسة "في الخارج" من أجل وقف هذه المسيرة، لكن بالرغم من كل هذا فإن التطورات التاريخية تسير في هذا الاتجاه، ولن تستطيع أي قوة ومحاولة أن توقف هذه التطورات.

ويجب ألا ننظر إلى "العهد الدفاعي" من الناحية الأمنية وحسب.

إن الطموحات وبناء القوى منتشر في كل المجالات؛ إذ إن تركيا دولة تكشف عن طموحاتها في كل المجالات من السياسة إلى الاقتصاد ومن الأمن إلى الدبلوماسية ومن التكنولوجيا إلى المساعدات الإنسانية، كما أنها تدعم تحقيق هذه الطموحات وتملأ عن جدارة فراغات القرن الحادي والعشرين وتخوض كفاحًا عظيمًا في سبيل تحقيق هذا الهدف.

بيرات آلبيراق
الكفاح الاقتصادي

"حملة التشويه الدولية"

لقد تعرضنا لأشنع الهجمات في التاريخ في المجال الاقتصادي بينما كنا نكافح الإرهاب في الداخل والحصار الدولي في الخارج. فقد كافحنا، ونكافح، من أجل الاستقلال الاقتصادي.

وإن القول إن الكفاح الذي يخوضه وزير الاقتصاد التركي بيرات آلبيراق يتعرض لحملة "تشويه واسعة النطاق" تستهدف الحالة النفسية للمجتمع ويجري ترتيبها وتنفيذها من الداخل والخارج، وإن هناك محاولة لتنفيذ مخطط موجه خفي؛ يعتبر تسليمًا بالحقيقة بالنسبة للجميع.

لقد تعرضت القلة القليلة من الدول لمثل هذا النوع من الهجمات الاقتصادية الدولية. وقليل من "الدول المتقدمة" التي كان يمكنها الصمود أمام هذا القدر من الهجمات الشرسة. وفي الوقت الذي انهار فيه اقتصاد إسبانيا واقتصاد إيطاليا بالرغم من عدم تعرضهما لمثل هذه الهجمات، فإن تركيا واجهت ومحاولات حصار اقتصادية يمكن قياسها لما حدث ليلة 15 تموز.

أرضية متينة وبناء القوة في الخارج: بشجاعة وإصرار

لقد نجحت تركيا في التصدي لهذا القدر من الهجمات الشرسة والحيلولة دون السقوط، بل إنها استطاعت التعافي سريعًا واتخاذ خطوات جذرية لتحقيق هذا التعافي، كل ذلك حدث بفضل ما اتبعته من طرق تشير إلى انتهاء عهد الدفاع كذلك في المجال الاقتصادي.

ولو كانت الهجمات قد وصلت إلى مرادها، لما كانت تركيا قد استطاعت الكفاح في سوريا وممر الإرهاب ومواجهة الإرهاب في الداخل وفعل ما تفعل اليوم في البحر المتوسط ولكانت قد عجزت عن إطلاق مبادرتها الخاصة بها.

إننا نتحدث عن وضعية جديدة شاملة للغاية عندما نقول "لقد انتهى عهد السياسة الدفاعية بالنسبة لتركيا".

أتحدث في البداية عن تأسيس عقلية كهذه وهوية سياسية/تاريخية أسمى بكثير من الأحزاب السياسية، كما أتحدث عن اتخاذ قرار في هذا الاتجاه ورسم خريطة طريق على أرضية صلبة وتذكر الطموحات والذاكرة الجغرافية وتطبيقها على عالم القرن الحادي والعشرين، أتحدث عن الشجاعة والإصرار وتأسيس أرضية صلبة في الداخل ومجال قوة في الخارج.

نقل "خط المقاومة" من الداخل للخارج
العقلية، التنسيق، الكفاح

أتحدث عن نقل تركيا، التي دافعت عن نفسها "في الداخل" لعشرات السنين وفي جبال شرق الأناضول وفي مدن بحر إيجة السياحية وعلى حدودها، لـ"خطوط الدفاع / المقاومة" الخاصة بها "من الداخل إلى الخارج" ومن النقطة صفر على حدودها إلى شتى بقاع المنطقة.

إن كفاح الإرهاب في الداخل، وتأمين الحدود، وإفشال مخططات الحصار الممدودة من حدود إيران إلى البحر المتوسط وكذلك المخططات التي وضعتها عشرات الدول في منطقة المتوسط لتجاهل تركيا، وإمكانية تشكيل مجال لأخذ زمام المبادرة من ليبيا غربا إلى البحر الأحمر والخليج العربي شرقا؛ كل ذلك لهو دليل على وجود عقلية تعمل وجهود تبذل وتنسيق يجرى.

المغامرة هو الاقتصار على الدفاع الداخلي
وهو ما يعني رغبتهم في "إضعاف تركيا"

إن الوضع في ليبيا ومبادرة تركيا في البحر المتوسط مؤشر على ذلك. فلا ينبغي لأحد أن يحاول التقليل من شأن ما يحدث أو إفشاله أو التسويق له على أنه مغامرة. ومن يقول "ما شأننا في ليبيا؟" يحاول تشكيل رأي عام من أجل "أجندة أخرى".

إن المغامرة هي سحب تركيا من هذه الأماكن وإغلاق الباب عليها في الداخل وتركها بدون دفاع. المغامرة هي الحكم على تركيا بالدفاع عن نفسها من جديد في جبال شرق وجنوب شرق الأناضول وعند النقطة صفر من حدودنا. المغامرة هي حبس تركيا عند سواحل البحر المتوسط وبحر إيجة. بيد أن تركيا لا يمكنها بأي حال أن ترضى بهذا الأمر أبدا.

إن وتيرة تمزق أواصر السلطة الدولية لا تعطي دولة تقع في منطقة صعبة كتركيا حقا كهذا. وإن الذين يقولون "فلنبق على هذا الحال" يعلنون رضاهم بـ"إضعاف الدولة".

إنه عهد "القوي من يضع قوانين اللعبة"

إننا نعيش عهد "القوي من يضع قوانين اللعبة"، عهد "أنت قوي بقدر مساحة الأماكن التي تصل إليها يدك"، عهد لا تضمن فيه التحالفات والكتل أي مستقبل للدول.

وليس أمام تركيا أي خيار سوى جمع القوة وتشكيل مجال النفوذ والتكامل مع منطقتها ومقاومة العواصف التي تهب علينا بدل من الوقوف أمامها موقف المدافع.

إن كل الدول والقوى، من الولايات المتحدة إلى دول الاتحاد الأوروبي ومن روسيا إلى دول الشرق الأوسط، يدركون جيدًا أنّ تركيا تبني قوة فائقة على المستويين الإقليمي والدولي. بعضهم يقدر هذا، والبعض الآخر يحاول إيقافها.

لو سقطت تركيا فستسقط المنطقة
"رياح تركية" قوية تهب

تشير الإشارات القادمة من اليونان ومصر ودول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى أنهم قلقون بشأن أخذ تركيا زمام المبادرة بشكل كبير في البحر المتوسط. فنحن أمام رياح تركية قوية تهب على المنطقة بدءا من مصادر الطاقة إلى الخريطة البحرية وإعادة تقاسم مقدرات المنطقة. ولهذا ينبغي لكل مخلص بحق لهذا البلد أن يشعر بالفخر مما يحدث.

إن موجة استيلاء جديدة تستهدف منطقتنا بالكامل وكذلك سواحلنا، ولهذا لا ينبغي لأحد أن ينتظر منا أن نقيم خطوطنا الدفاعية عند النقطة صفر من حدودنا وسواحلنا وفي عمق الأناضول.

لو سقطت تركيا فستقط المنطقة كلها ولن تستطيع النهوض مجددا لمائة عام مقبلة. ولو سقطت المنطقة بالكامل فستسقط تركيا وتنتظر الفرصة السانحة أمامها اليوم لمزيد من عشرات السنين.

ميلاد قوة عظمى

إن سياسات تركيا في ليبيا وسوريا والبحر المتوسط جزء من كيان واحد. فإن لم تكن حاضرًا في ليبيا والبحر الأحمر والخليج العربي فلن تستطيع الصمود في الأناضول. ثمة شراكة بين الغضب في الخارج والخيانة في الداخل. ولهذا ينبغي لتركيا أن تتغلب على كل هذه الأمور وتواصل مسيرتها، وهو ما ستفعله حقًّا...

نحن الآن، وسنكون كذلك مستقبلًا، أمام تركيا منفتحة على الخارج لا الداخل فقط وتسعى للهجوم ولا تفكر في الدفاع فقط. وإنّ إنشاء تركيا لهذه القوة يعتبر نجاة للمنطقة بأسرها.

في الواقع فإنّ العالم يشهد الآن ميلاد قوة عظمى جديدة. انظروا قليلًا نحو الخارج وستفهمون كلّ شيء!

#إبراهيم قراغول
#تركيا
#الاقتصاد التركي
٪d سنوات قبل
نهاية عهد "السياسة الدفاعية" بالنسبة لتركيا! إنها ولادة قوة تحتاج لبعض الوقت. لقد رأوا، وسترون أنتم كذلك! لا تنخدعوا بـ"التشويه" النفسي في الاقتصاد والسياسة والأمن. إذا تراجعت تركيا لحدودها فلن تحيا أبدًا. إنهم يقولون "علينا إضعاف تركيا"
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات