|
ماذا يخبرنا به كورونا؟ انهيار الدول والمدن والاقتصاد والحياة الاجتماعية. انتهاء نمط الحياة التقليدية. هل المشكلة في الوباء أو الهلع؟ أم هناك مخاوف أخرى؟ هل سنرى نماذج اقتصادية واجتماعية وأنظمة سياسية ونظام عالمي جديد؟

لم يعد فيروس كورونا مرضا أو وباء فيروسيا عاديا، بل تحول إلى موجة خوف ورياح هلع وعاصفة مدمرة.

تجري السيطرة على المرض، وستتم السيطرة عليه بالتأكيد، لكن هذا الخوف يقود الأشخاص والمجتمعات والدول إلى التصرف تصرفات غريبة واتخاذ تدابير عجيبة.

إننا نرى أمارات على إقامة نظام اجتماعي جديد تتخطى بكثير وتيرة اتخاذ تدابير للحيلولة دون انتشار الوباء.

انهيار الدول والمدن وتغير أسلوب حياتنا

نشعر وكأنهم سيستغلون هذا الأمر كأداة قتال ووسيلة للانتقام وطريقة للهجوم لتدمير الدول. وهو ما يعني أننا سنواجه حقيقة جديدة مفادها أننا أمام قضية تتخطى القضية الصحية.

تتعرض الدول والمدن والتجارة والصناعة للانهيار الكامل. تغلق المدارس وتوقف مراسم العبادة الجماعية، كما يتغير أسلوب الحياة الذي لطالما عهدناه. وتتغير كذلك علاقاتنا وتعاملنا مع بعضها البعض لتختفي الثقة تماما.

وتتعرض كذلك رغبتنا وإرادتنا وقدرتنا على العيش سويا للانهيار، فيتلقى النشاط الاجتماعي ضربات قوية متتالية. سيتساءل الجميع عن سبب الهلع الذي أفضى إليه المرض وما تتبناه الرأسمالية واقتصاد سوق الحرب وأسلوب الحياة الغربية. والأخطر من ذلك أن الحريات تقيّد في كل مجالات الحياة من الحياة اليومية حتى العادات السياسية؛ إذ يفرض كورونا علينا أسلوب حياة جديد.

إيران تنشر الوباء من أفغانستان حتى لبنان

لقد أصاب الفيروس إيران بالشلل التمام. ولو أن الإيرانيين تظاهروا بأن كل شيء على ما يرام، فإن المدارس عطلت والأضرحة أغلقت وصلاة الجمعة لا تقام بعد أن استسلمت كل المدن للوباء ومات أقارب خامنئي ونواب بالبرلمان، بل حتى ألغي خطاب خامنئي خلال مراسم النوروز. وهناك من يقول إن عدد من ماتوا بسبب كورونا يفوق بكثير الرقم المعلن.

تشهد أفغانستان والعراق وسوريا ولبنان حضور عدد كبير من المقاتلين الأجانب المدعومين من إيران، وهو ما ينقل الوباء سريعا إلى كل مناطق تلك الدول.

تتعرض الصين مركز الوباء لعملية حجر صحي شاملة منذ أسابيع بعد أن استسلمت له المدن وتوقف الإنتاج والتجارة بالكامل تقريبا، لينهار الاقتصاد الصيني الذي تقول توقعات إنه سيتخطى الاقتصاد الأمريكي.

ربما يكون أسلوب الرقابة المشددة الذي فرضه نظام الدولة المركزية قد نجح في تفشي الوباء، لكن هناك شكوك كبيرة حول أن هناك فجوة كبيرة بين الحقائق والبيانات المعلنة في الصين.

استسلام إيطاليا

لقد خضعت جميع أقاليم إيطاليا للحجر الصحي بعد أن استسلمت الدولة بالكامل. كما تدعو الحكومة الشعب لعدم الخروج من بيوتهم، هذا فضلا عن إغلاق المدارس وانهيار السياحة وتحول المدن إلى مدن أشباح وإلغاء كل الفعاليات الجماعية.

لقد أصبحت إيطاليا أولى الدول التي "استسلمت" بسبب الفيروس. وهناك مخاوف تشير إلى أن دول جنوب أوروبا كإسبانيا ينتظرها المصير ذاته مثل إيطاليا.

إن عهدا جديدا من عهود حروب التجارة العالمية على وشك أن يبدأ بسبب كورونا الذي تسبب في توقف حركة السفر والسياحة، ناهيك أصلا عن توقف الإنتاج والتصنيع والأنشطة التعليمية والثقافية.

زلزال النفط النموذج الأول فقط

ولهذا فقد انهارت معادلة النفط والطاقة بعدما أفضى الخلاف بين الولايات المتحدة وروسيا والسعودية إلى خفض أسعار النفط بمقدار النصف، وهو ما أدى بدوره لانهيار البورصات والأسواق.

فما هي المجالات الأخرى التي ستشهد انهيارا بعدما حدث في مجال النفط؟ وأي الأسلحة التي ستخدمها الدول ضد بعضها البعض؟ وإن ميل البعض لحماية نفسه في الحالات الطارئة بدلا من التضامن مع الآخرين ربما يقود بعض الدول لخوض مواجهة ضد بعضها البعض.

بن سلمان يستغل انتشار كورونا ليبدأ التصفية

هناك أقاويل تشير إلى السعودية وبعدها مصر يمكن أن تكونا بؤرتين لانتشار المرض في منطقتنا. وهو الأمر الذي ينطبق على دول الخليج وفي مقدمتها الإمارات. لكن يبدو أن هذه الدول تحوّل كورونا لفرصة من أجل تحقيق أغراض سياسية أكثر من كونها تسعى لمكافحته. فولي العهد السعودي محمد بن سلمان استغل الوباء لنشر نظام يشبه نظام الأحكام العرفية في عموم البلاد. كما بدأ تصفية معارضيه واعتقالهم وأوقف الطواف حول الكعبة بحجة تعقيم المنطقة ضد الوباء، وكذلك عطل المدارس وشل نظام الدولة، وهو ما يسهل الرقابة.

بشرى مستقبلية:

أنظمة سياسية ونماذج اقتصادية جديدة

تستغل العديد من الدول الأخرى هذه الظروف بطرق مماثلة وتروج لمخططاتها مستغلة المناخ النفسي الذي يسيطر على الأرجاء بسبب الفيروس. وفي الواقع لم يعد هناك شيء اسمه النظام الدولي الذي تعرض الآن للشلل التام.

يتلخص اقتراحي في التفكير في مرحلة ما بعد كورونا والقدرة على قياس التوجهات السياسية والاجتماعية والثقافية الجديدة والتركيز على أساليب الحياة الجديدة وفحص الشبكات الاجتماعية الجديدة.

أشعر وكأن نماذج اجتماعية وسياسية وعلاقات فردية وأولويات جديدة آخذة في التشكيل، حتى أن أنظمة سياسية ونماذج اقتصادية جديدة على وشك الظهور.. ويبدو أن كورونا بشرى مستقبلية تخبرنا عما سيحدث قريبا.

#إبراهيم قراغول
4 yıl önce
ماذا يخبرنا به كورونا؟ انهيار الدول والمدن والاقتصاد والحياة الاجتماعية. انتهاء نمط الحياة التقليدية. هل المشكلة في الوباء أو الهلع؟ أم هناك مخاوف أخرى؟ هل سنرى نماذج اقتصادية واجتماعية وأنظمة سياسية ونظام عالمي جديد؟
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن