|
الإنفلونزا الإسبانية. جاءت عبر٣ مراحل. استخف بها الناس. فحصدت الملايين منهم. الوباء نفسه يتكرر بعد قرن. لكن عبر صناعة فيروس وقتل آخر. إلا أنّ هذه المرة سيكون الأمر مختلفًا. سيناريوهات الكارثة مصدرها الولايات المتحدة: يمكن أن يموت ٢٠٠ألف إنسان! الكل يعود من حيث أتى. وعلى القوى الأجنبية. أن تنسحب من منطقتنا

٥٠٠ مليون إنسان أصيبوا بوباء الإنفلونزا الإسبانية التي انتشرت عام ١٩١٨. انتشر في الولايات المتحدة عبر الجنود بادئ الآمر، ومن ثم لنتشر في عموم العالم.

كان يُنظر إليه بادئ الأمر على أنه مجرد نزلة برد. الأطباء أنفسهم قللوا من شأنه. الدول تكتمت على الأمر. كما تم إهمال تدابير ضرورية كالحجر الصحي والعلاج الفعال. لقد اعتقدت الدول التي كانت منهكة من وقع الحرب العالمية الأولى، أنها سرعان ما ستتجاوز هذا المرض مستخفة به، وتابعت سيرها وفقًا لذلك.

لقد مُنعت الصحافة الأوروبية آنذاك من نقل أخبار حول الوباء. لكن صحفيين إسبانيين تحدثوا عن تفشي الوباء، ولذلك بات الوباء معروفًا بالإنفلونزا الإسبانية، علمًا أنه انطلق اولًا من جيش الإنجليز.

جاء عبر ثلاث موجات:

حصَد أرواح الملايين

لقد جاء ذلك الوباء عبر ثلاث مراحل، عندما انتهت المرحلة الأولى ظن الناس أنه قد انتهى. لكن سرعان ما عاد بموجة ثانية، توقفت هي الأخرى، لتبدأ الموجة الثالثة.

لا يُعرف كم عدد الذين قضوا بسبب الفيروس، لكن هناك من يتحدث عن عشرات الملايين (هناك من يقول ٥٠ مليون)، ما يعني أن هذا الوباء أو الطاعون قد قتل من الناس أكثر من العدد الذي قضى منهم في الحرب العالمية الأولى، من العساكر والمدنيين.

بالطبع نحن هنا نتحدث عن مائة عام قبل الآن. ما يعني أن القطاع الصحي وطرق مكافحة الأمراض، والإمكانيات والظروف الاقتصادية، والمعرفة الطبية آنذاك؛ كانت بدرجة لا يمكن ان تُقارن مع الحال اليوم.

الأدوية التي نستخدمها اليوم كانت لم تكتشف بعد في ذلك الوقت. لم تكن الدول ولا الشعوب ولا حتى الأفراد على ذلك المستوى من سهولة وصول المعلومة، أو ضروريات الوعي الصحي. كان العثور حتى ولو على مجهرٍ بحكم المستحيل.

الآن بات بالإمكان إنتاج فيروس وقتل آخر

لا يزال لدينا أمل

إننا نشهد المراحل الأكثر تقدمًا من تاريخ البشرية في العديد من المجالات، مثل الفيروسات والأمراض وعلم الجينات وإنتاج الأدوية وتسلسلات الحمض النووي. حتى بات بإمكاننا إنتاج فيروس ما وقتما نشاء وقتل آخر وقتما نشاء، أو مزجهما معًا وقتما نشاء أيضًا والتوجه نحو أنواع أخرى.

حين النظر من هذه الزاوية، نجد أنه من الممكن إنتاج أدوية أو لقاحات يمكنها القضاء على فيروس كورونا كوفيد-١٩ بسرعة وسهولة. ولذا فغن العالم لن يشهد إنفلونزا إسبانية ثانية، هذا ما نأمله ونؤمن به.

إذا لم يكن قد تم إنتاج هذا الفيروس

فسيتم التغلب عليه

إذا لم يكن هذا الفيروس قد تم إنتاجه مسبقًا، أو تم التخطيط لتفشيه وانتشاره، فإن التغلب والقضاء عليه أمر ممكن. أنا شخصيًّا أعتقد ذلك.

أولئك الذين يقولون "لقد استثمرنا الأديان قبل كل شيء، من أجل السيطرة على العالم والبشرية، ثم استثمرنا السياسة، وأخيرًا قمنا بإثارة جنون الاستهلاك. ولقد أبقينا الزمام بيدنا مع نوع من الإدمان"؛ لا أقول أنهم قد خططوا لذلك.

إلا أن إجراءهم لتلك الحسابات وفق نتائج وباء كورونا يبدو حقيقة.

لقد بدأ العالم من الآن بالحديث عن الدول التي ستنهار جراء هذه الأزمة، والدول التي ستنهض، وعن شكل النظام العالمي القادم، والنظام الاقتصادي القادم أيضًا، وعن التغيرات التي ستشهدها كل من القوة والثروة في هذا العالم.

الشراكات العالمية تنهار

الدول، والمناطق تتصدر

العالم يتغير في ظرف عامين

إننا نرى من الآن تنافس مراكز القوى العالمية، وحساباتهم القائمة على هذا الوباء. إننا نراقب التحركات العسكرية حول العالم، والتحضيرات الأمنية الداخلية من أجل حالات الطوارئ وخطر الانفجار الاجتماعي.

هناك العديد من التوقعات التي تتحدث عما يمكن أن نواجهه خلال العامين القادمين، من ركود اقتصادي، وتراجع يمكن أن يصل إلى درجة الانهيار على مستوى النظام العالمي، يمكن أن يدفع الدول ضد بعضها البعض، وصراعات أكثر من تلك التي على الثروات وموارد الطاقة، وانهيار الحكم المدني على حساب تسلّط الحكومات الاستبدادية.

إن المشهد الحالي يشير إلى أن انهيار الشراكات على مستوى النظام العالمي، على حساب تصدر المركزية على مستوى الدول والمناطق، وان الهياكل متعددة الجنسيات كالاتحاد الأوروبي، ستشهد تفككًا، على حساب انتعاش الدول التي كانت مركزية طيلة التاريخ البشري.

إذا انهارت الدول

سنشهد ولادة نماذج مختلفة من التكتل

ربما سيكون المؤشر الوحيد للعولمة هو فيروس كورونا. التقديرات تشير إلى أن العديد من البلدان ومن بنيها تركيا، ستشهد نهوضًا، وان الشراكات الدولية التي نشأت عقب الحرب العالمية الثانية ستشهد انهيارًا، وأن كل دولة ستعمل على تعزيز سلطتها المركزية.

إذا استمر هذا الوباء لوقت طويل، واستمرت معه الخسائر بشكل أعنف، فمن الممكن أن تصل الدول المركزية إلى حالة من العجز. في ذلك الوقت، ستظهر تكتلات جديدة لكنها لن تشبه على الإطلاق الشراكات العالمية الموجودة اليوم. لن يستطيع العديد من حكام العالم حجز مكان له داخل تلك التكتلات الجديدة.

أقوى سلاح بأيدينا

هو التغلب على الخوف والذعر

طالما كانت الإنسانية متراوحة ما بين الأمل والتشاؤم. الخبراء يقولون أنهم لا يعلمون متى سينتهي هذا الوباء، وإلى أين يمكن أن يسير العالم في ظل ذلك، يقولون "لا يمكننا إعطاء تاريخ لانتهاء الوباء، هو وحده يعلم متى سيرحل".

لكن كل ما علينا في هذه المرحلة أن نتغلب على مشاعر الخوف والذعر.

أن نحافظ على حالتنا النفسية بشكل جيد، حتى نتمكن من خوض مواجهة شاقة وطويلة الأمد.

علينا الاستعداد من خلال وضع كل شيء في عين الاعتبار، ان نفكر بأسواء السيناريوهات كما نفكر بأفضلها.

علينا أن نأخذ التدابير، ونقوم بالاستعدادات، ونحضر أنفسنا للمواجهة، وما سوى ذلك تفرعات ليست مهمة. الشيء السيء فقط هو أن نكون غير مستعدين، حيث سيكون وبالًا على الجميع.

سيناريوهات الكارثة مصدرها الولايات المتحدة:

يمكن أن يموت ٢٠٠ألف إنسان!

بعض الدول على رأسها الولايات المتحدة، تأخذ تدابيرها وفق احتمالية وفاة مئات الآلاف من الناس إثر الوباء. أو وفق سيناريو أسوأ حول وفاة مليون إنسان.

إدارة ترامب تقول "إذا لم نقم بإجراءات لمنع تفشي الفيروس، فإن أكثر من مليوني شخص على الأقل سيموتون، إلا أننا لو خرجنا من هذه الأزمة بموت ما بين ١٠٠ إلى ٢٠٠ ألف إنسان، فإن ذلك أمر جيد".

رئيس الوكالة الصحية الوطنية الأمريكية، يتحدث عن ملايين الإصابات، وفقدان ما بين ١٠٠ إلى ٢٠٠ ألف بسبب الوباء. هناك من يتحدث أيضًا عن أن الوباء يمكن أن يستمر لـ ١٨ شهرًا، ويمكن أن يأتي على موجات متعددة.

الاقتصادات العملاقة تحت العناية المركزة

الأوساط الاقتصادية تتحدث عن سيناريو سيء شبيه بالانهيار الاقتصادي عام ١٩٣٠، والأزمة التي وقعت عام ٢٠٠٨. بعض الدول تعتقد أن الاقتصادات ستنهار خلال عامين، وستجتاح العالم مجاعة واسعة.

الاقتصادات العملاقة كالصين والولايات المتحدة وأوروبا، قد دخلت العناية المركزة. المستثمرون الأجانب يفرون من الدول، إنهم يبتعدون عن الهند على سبيل المثال.

بعض الدول مثل إندونيسيا، ولا سيما الدول الأوروبية كذلك، تستعد لمواجهة حالة من انهيار النظام والانفجار الاجتماعي.

العديد من الدول تعيد ترتيب تحركاتها العسكرية. يعدلون عن البرّ ويتجهون نحو البحر. يحاولون الاستعداد والتأهب لمواجهة نوع جديد من التهديدات الأمنية الكبيرة.

الولايات المتحدة خسرت هدوءها

بينما كانت الوباء قد اجتاح أوروبا بادئ الأمر، نجد أنه لم يغفل عن الولايات المتحدة، بل قصدها وبدأ بالتفشي والانتشار هناك.

حين النظر إلى التصريحات المرعبة القادمة من الولايات المتحدة، نجد أن الأمر سيكون أخطر. إن الدولة الوحيدة التي نسفت بهدوئها ونشرت سيناريوهات متشائمة هي الولايات المتحدة.

بغض النظر عن ذلك، إلا أنني أعتقد أن تلك السيناريوهات ليست حقيقية، بل أعتقد أنه سيتم التغلب على الوباء بأسرع وقت مما هو متوقع، والاستعداد عبر إنشاء آليات ذات فعالية أكبر بهدف عدم مواجهة ما هو أسوأ في المستقبل.

المعرفة والأمل والمواجهة أشياء قوية وحية للغاية. إن البشرية تخوض معركة غير مسبوقة، وستنتصر بها. إلا أننا لا نعلم في الحقيقة أي بلد سيدفع ثمن ذلك، وما هو الشكل الذي سيبدو به العالم.

الكل يعود من حيث أتى

وعلى القوى الأجنبية

أن تنسحب من منطقتنا

كما هو ملاحظ، فإن الصراعات حول العالم؛ باستثناء هجمات بي كا كا الإرهابية؛ قد توقفت، منذ إعلان انتشار الوباء. وإننا في هذا الوقت تحديدًا، ندعو كلًّا من الولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا وغيرها من الدول الغربية، ان تسحب قواتها من الشرق الأوسط.

يجب أن لا نسمح لهم بالعودة مجددًا إلى هذه المنطقة بعد انتهاء الوباء. لكنهم أصلًا لن تكون لديهم القوة كي يأتوا على الأغلب. لكن حتى ولو عادوا فلن يقبلهم أحد مرة أخرى في منطقتنا. وربما سيكون هذا من جملة التغييرات الكبرى القادمة.

بينما يعود الجميع من حيث أتى، فإننا لا نريد رؤية هؤلاء القوى في المناطق التي يعيش فيها المسلمون.

#قراغول
4 yıl önce
الإنفلونزا الإسبانية. جاءت عبر٣ مراحل. استخف بها الناس. فحصدت الملايين منهم. الوباء نفسه يتكرر بعد قرن. لكن عبر صناعة فيروس وقتل آخر. إلا أنّ هذه المرة سيكون الأمر مختلفًا. سيناريوهات الكارثة مصدرها الولايات المتحدة: يمكن أن يموت ٢٠٠ألف إنسان! الكل يعود من حيث أتى. وعلى القوى الأجنبية. أن تنسحب من منطقتنا
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان