|
عبارات عظيمة وطموحات كبيرة. صعود كبير وانهيار شديد. إنه عصر الأحداث الاستثنائية ومن يغامرون رغم الظروف. صدمتان: تغير موازين القوى "للمرة الأولى". لقد وصلت الإنسانية إلى حالة من الانكسار الذهني. النظام الاستعماري الغربي يزلزل لأول مرة بعد 5 قرون. الطفرة السياسية والجيوسياسية والذهنية وقفزة القوة. لن تفشل تركيا في أي مكان

دائما ما يستغرب الناس العبارات الكبيرة، لكن هذا العصر الذي نعيشه والواضع الحالي الذي وصلت إليه البشرية وهذا الزمان الذي اختلطت فيه الحقيقة بالخيال هو "عصر الطموحات والعبارات الكبيرة".

إن هذه الحقبة الزمنية، أي المائة عام الأخيرة، التي تقدم فيها العلم والمعرفة بسرعة كبيرة وأصبح خلالها يمكن أن تتحول الأمور التي تبدو خيالية إلى واقع، يمكن التفكير بها ومقارنتها بتاريخ الإنسانية كله وليس القرنين الماضيين وحسب.

كان كل ذلك خياليا قبل عامين

ما كان ولو 1% من سكان العالم أن يصدقوا لو أخبرهم أحد قبل عام من الآن أن فيروس كورونا سيجتاح العالم وسيعزل الناس داخل منازلهم لتصبح المدن خاوية على عروشها وتتوقف الحياة والاقتصاد وتصبح معظم الدول عاجزة عن مواجهة هذه الأزمة وتقف الولايات المتحدة ودول أوروبا وغيرها من الدول القوية والغنية موقف العاجز أمام ما يحدث وتطلب الدول الغنية مساعدة الدول الفقيرة وتحظر دول أفريقيا سفر المواطنين الغربيين إلى أراضيهم ويصبح حظر التجوال أمرا روتينيا ويهرب الناس من بعضهم البعض..

ولا أحد يعلم كذل ماذا سيحدث بعد ذلك. فنحن نسعى فقط لنفهم المغامرة الجديدة التي تخوضها البشرية ونتوقع هذا التغيير المزلزل لنتخذ ما يلزم من إجراءات استعدادية.

عصر التحولات الكبرى وتصفية الحسابات

إن الدول والشعوب والأفراد جميعا يسعون لتحقيق هذا الغرض. فجميعهم، بغض النظر عما إذا علموا تفاصيل ما سيحدث أم لم يعلموا، يتخذون الاحتياطات اللازمة لشعورهم بأن "شيئا سيحدث"، ولهذا فهم يحاولون المحافظة على سير الحياة ويجعلون القوة في المركز في محاولة للحيلولة دون وقوع حالة من الفوضى المحتملة.

إن العالم اليوم وغدا سيشهد، سواء بشكل إيجابي أو سلبي، أحداث وتطورات وتحولات وتصفيات حسابات كبرى. ولن يسير شيء بشكل طبيعي وتدريجي كما تعودنا، ولن تكون التغير والحياة بطيئة وهادئة كما عهدناها.

إنه عصر الأحداث الاستثنائية ومن يغامرون رغم الظروف

سنشهد مفاجآت وصدمات كبيرة وحالات انهيار وصعود عظيمة. لأننا دخلنا عصر المعجزات والأحداث الاستثنائية. وما سيحدد كل شيء سيكون العلم والإيمن والتكنولوجيا والسرعة والإمكانيات والمهارات والأفكار المغامرة.

لقد ولى عهد الراحة والكسل في مجالات الفكر والابتكار، فمن سيرسم ملامح المستقبل سيكون من يغامرون ويعملون عقولهم رغم الظروف.

لقد تخطينا حدود المفاهيم والقناعات التقليدية، ولهذا فأننا ستضع جمل جديدة وستكتب نصوص جديدة وستنتج قيم جديدة، كما سيوضع الأساس لبناء معرفة جديدة فوق الحكمة البشرية القديمة وما يمتلكه البشر بالفعل من علم صحيح.

لم يستغلوا القوة فقط بل حكموا العالم بالوهم

ولقد رأينا جوانب الضعف

لقد تخطينا حواجز الخوف وتغير مصطلحا "القوة" و"الإمكانيات" في عقولنا وأصبحنا أمام تعريفات جديدة لقوة الشعوب وضعفها.

لقد رأينا جوانب ضعف الدول التي قيل إنه لا يمكن لأحد الوصول لقوتها وشاهدنا كيف أن قوتها هشة وأنها حكمت العالم بالوهم بقدر استغلالها القوة في ذلك.

إن التغير الذي نتحدث عنه ونحاول مناقشته وندعو الجميع للحديث عنه ليس كتلك التغيرات التي عشناها في القرنين التاسع عشر والعشرين، كما أنه ليس أمر وهميا ولا خياليا.

أتحدث هنا عن أمور ستهز ما عهدته البشرية لقرون، أتحدث عن اتساع يمكن قياسه بذاكره الشعوب والدول والمدن لا بذاكرة الأجيال.

الآن يتغير التاريخ السياسي الذي بدأ بالاكتشافات الجغرافية

أتحدث عن تغير التاريخ السياسي الذي بدأ بخدعة "الاكتشافات الجغرافية" وحقبة "الاستعمار"، أتحدث عن الهزات التي يتسبب بها تبدل موازين القوى الدولية ربما للمرة الأولى منذ 500 عام.

أتحدث عن انهيار خريطة القوى التي نطلق عليها "الغرب" و"المحور الأطلسي"، أتحدث عن صعود استثنائي لقوة "العالم القديم" للمرة الأولى منذ قرون.

صدمتان: تغير موازين القوى "للمرة الأولى"

لقد وصلت الإنسانية إلى حالة من الانكسار الذهني

ولهذا فقد تحركت الأمم التي تصنع التاريخ بعدما رأيت أمرين.

أولهما أن موازين القوى تتغير بشكل حقيقي للمرة الأولى منذ عصر الاستعمار، وهو ما سيجبر بعض الدول على الانهيار وسيساعد البعض الآخر على الصعود.

ثانيهما أن البشرية وصلت إلى نقطة ستؤدي إلى حدوث انكسار ذهني كبير في مجالات المعرفة والتكنولوجيا والسرعة. وهو ما سيفضي إلى ظهور نماذج اقتصادية وطرق تفكير ونظام تمويلي وهويات سياسية وقيم اجتماعية وحركات سياسية جديدة.

لم يعد العلم حكرا على أي دولة

ذلك أن العلم والتكنولوجيا لم يصبحا حكرا على أحد، فهذه الأمور صارت بيد الشرق كما هي بيد الغرب. فكما أن وسائل الدفاع واختراعات الذكاء الصناعي والعالم الرقمي يبنى في الولايات المتحدة، فإنه يبنى كذلك في الصين وكوريا الجنوبية.

ومثلا فإن تركيا قادرة بفضل الطرازات المختلفة من الطائرات المسيرة التي تنتجها على تغيير تاريخ الحرب وطرقها ومفاهميها.

ولهذا تسعى الدول والشعوب التي لديها ذاكرة لحماية أنفسها. فهي أولا تدعم دروعها الدفاعية، ثم تقدم على خطوات جذرية لتدعيم مجال سلطتها المركزية.

ماذا تفعل تركيا في المتوسط وليبيا وسوريا والعراق

إن تركيا تضع تعريفا جديدا لعلاقة الدولة بالمجتمع، كما تتخذ خطوات من شأنها المحافظة على التضامن الاجتماعي في أعلى مستوياته.

إن الخطوات الأمنية التي أقدمت عليها أنقرة في محيطها القريب والتحولات الممنهجة بالداخل والصعود الكبير في مجال تكنولوجيا الدفاع كلها تمثل صورة واحدة مرتبطة بهذه الاستعدادات.

إن قدرة تركيا على خوض غمار المواجهة ضد القوى الدولية المركزية في سوريا والعراق وليبيا والبحر المتوسط تعتبر واحدا من نماذج تبدل موازين القوى. فهذا العصر الجديد هو عصر صعود تركيا.

دول توقف مكانها وأخرى تتراجع وتنهار ودول أخرى يتلألأ نجمها

إن رؤية الدول التي تضعف وتنهار قواها سيشتت أذهاننا، لكن رؤية القوى الجديدة الصعادة فسيعلمنا أمورا كثيرا عن العالم الجديد.

الدول المنهارة: بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، إسبانيا، اليونان، السعودية، مصر، دول الخليج

الدول المتباطئة والمتوقفة في مكانها استعدادا للتراجع للخلف: أمريكا، اليابان، سائر دول أوروبا.

الدول الصاعدة: الصين، تركيا، الهند، روسيا، ألمانيا، البرازيل، إندونيسيا، أستراليا، باكستان، كوريا الجنوبية.

الغريب في الأمر أن الدول الإسلامية غير العربية تسير بخطى ثابتة نحو الصعود. وأما الدول العربية فتسير نحو العودة لمظلة سيطرة دول الوصاية القديمة بدلا من أن تسعى لتقوية قدراتها، وهي بذلك تحاول البحث عن الأمان، وهو ما سيكون سبب انهيارها.

الطفرة السياسية والجيوسياسية والذهنية وقفزة القوة

لن تفشل تركيا في أي مكان

إن تركيا تعتبر من الدول القلائل التي يمكن يتابع الجميع من خلالها أقوى تغير يحدث في تاريخ البشرية. إننا نشاهد قفزة قوة تدار بعقلية سياسية وجيوسياسية. لكن ينبغي كذلك دعم هذه القفزة على المستوى الفكري.

أدعو الجميع للحديث ومناقشة ما سيحدث في المرحلة المقبلة. وثمة حقيقة مفادها أن تركيا لن تفشل أبدا في أي مكان وصلت إليه.

الذاكرة و"عام 2229"

إن هذا ما يخبرنا به تبدل موازين القوى والتغير الذي يحدث بعد قرون. وإن طريق فهم هذا التغير هو القدرة على السير مع تركيا، وحينها سترون أن خطواتكم ستتسارع حينها.

احتفلت وزارة الدفاع الوطني أمس بالذكري 2229 لتأسيس رئاسة القوات البرية بالجيش التركي. فهذا ما تفعله اليوم كل الدول التي لديها ذاكرة تاريخية عميقة. فهذه الدول وشعوبها هي التي سترسم ملامح خريطة القوى الجديدة.

#إبراهيم قراغول
4 yıl önce
عبارات عظيمة وطموحات كبيرة. صعود كبير وانهيار شديد. إنه عصر الأحداث الاستثنائية ومن يغامرون رغم الظروف. صدمتان: تغير موازين القوى "للمرة الأولى". لقد وصلت الإنسانية إلى حالة من الانكسار الذهني. النظام الاستعماري الغربي يزلزل لأول مرة بعد 5 قرون. الطفرة السياسية والجيوسياسية والذهنية وقفزة القوة. لن تفشل تركيا في أي مكان
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية
ملف إيران يزداد تعقيدا