إنّ اليوم هو اليوم الذي هُزم فيه من قالوا "بدأ الظلم عام 1453"، يوم أن خسر من رسموا لإسطنبول مسار الأندلس، يوم انهيار من خططوا لإضعاف تركيا، يوم أن تدفق عشرات الآلاف من الناس على آيا صوفيا ونقلوا فيها ذلك التاريخ العظيم إلى الحاضر وصاحت فيه الجينات السياسية التي رسمت ملامح الجغرافيا أمام العالم كله.
نحن الدولة البيزنطية والسلاجقة والعثمانيون والجمهورية التركية
إنّ اليوم هو اليوم الذي لا يفرح فيه السلطان محمد الفاتح فقط، بل يفرح فيه كل من جعل هذه الأرض وطنًا وهذا الأمة قويًّا وآخى بين شعوب هذه المنطقة من أمثال ألب أرسلان وقيلينتش أرسلان وياوز والقانوني وغيرهم من الذين روت دماء شهدائهم كلّ شبر من هذه المنطقة.
اليوم هو اليوم الذي يثبت فيه للجميع مرة أخرى أنّ سلسلة القادة العظماء مستمرة مع أردوغان وسلسلة الدول العظمى مستمرة مع تركيا، وهو اليوم الذي نقول فيه إننا نحن الدولة البيزنطية والسلاجقة والعثمانيون والجمهورية التركية، نحن إسطنبول والقدس والبلقان وبلاد الرافدين والأناضول والقوقاز.
ذلك أن آيا صوفيا لا تعني الحماس والمشاعر وحسب، بل إنها قوة، قوة تحولت إلى قوة دولية، وهكذا كانت قبل 567 عامًا، واليوم هي كذلك أيضًا.
لقد أصبحت الدولة العثمانية أعظم قوة في العالم بفتح إسطنبول وتحويل آيا صوفيا إلى جامع وهدم الإمبراطورية الرومانية الشرقية.
إن فتح آيا صوفيا مجدّدًا لا يختلف شيئًا عن وجودنا اليوم في البحر المتوسط وبحر إيجة وسوريا والعراق وليبيا والخليج العربي وفي محيط البحر الأحمر، فكل هذه الخطوات تمثل هدفًا كبيرًا.
وضعوا مخططًا تدميري لتحويل آيا صوفيا إلى كنيسة وإسطنبول إلى أندلس جديدة
لقد نفذوا قبل 4 سنوات تدخلًا دوليًّا استهدف تمزيق تركيا، ولو كانوا قد نجحوا لكانوا قد حولوا آيا صوفيا اليوم من متحف إلى كنيسة وأقدموا على أهم خطوة لفصل إسطنبول عن الأناضول. وحينها كانوا سيتحركون من أجل تحويل مصير إسطنبول إلى مصير الأندلس.
لقد كانوا سيحاصروننا من خط إيران – شرق المتوسط وبقية مناطق البحر المتوسط وبحر إيجة ليطردونا منها. وأما اليوم فهم يريدون إغلاق البوابة الشرقية بتحريض أرمينيا للهجوم على أذربيجان. فهذا لم يكن إعادة لشعبنا إلى آسيا الوسطى بل كان مخططا تدميريا.
إننا الشعب الوحيد الذي استطاع تحويل مجرى التاريخ في 4 سنين، فدخلنا كل المناطق التي حاولوا حصارنا منها وخرقنا حصارهم، واليوم ننشئ قوة أكبر في المركز. ولأنّ كل هذا يحدث استطعنا أن نتخذ قرار آيا صوفيا.
إنّ الجميع اليوم يعيش فرحة عارمة في الأناضول والبلقان والقوقاز وآسيا الوسطى وجنوب آسيا وأفريقيا والعالم العربي بغض النظر عما يقوله أنظمتهم. فالذين لطالما عاشوا الأحزان على مدار مائة عام ها هم يعيشون الفرح والحماس والنصر بعدما تكبدوا الخسائر المتوالية على مدار قرن كامل.
إن اليوم هو تحد لفترة انهيار الدولة العثمانية ووصاية القرن العشرين وتحويل هذا التاريخ لسير عكس اتجاهه في الربع الأول من القرن الحادي والعشرين وإعلان نهاية عهد التخلف والوصاية وبداية عصر صعود جديد.
طرح تاريخ الألف عام على الطاولة
إنّ هذا يعتبر إعادة شعب ودولة فتح تاريخها في آخر ألف عام وطرحها له على الطاولة وإعادة حساباتها من جديد. لن تسمعوا بعد اليوم عبارات "الدولة الجبهة" و"دولة الحامية العسكرية" و"الدولة الجسر" ونظريات "دولة الدورية الحدودية" و"الحزام الأخضر" التي وضعتها جبهات الأطلسي. فمثل هذه المصطلحات لن تعني بالنسبة لنا شيئًا سوى أنها بقايا من زمان فات داخل عقول فئة محدودة للغاية داخل تركيا.
لقد قاوم آخر خطوط دفاع المنطقة وصمدت القلعة الأخيرة، والآن تبنى قوة تضع هذه القلعة في المركز. فهذا ليس أمرًا وقتيًّا وظرفيًّا، بل إنه تدفق لأحداث التاريخ.
لقد أوقفت الحملة الصليبية الأخيرة في الأناضول مجدّدًا وأطلقت حقبة "الصعود الكبير الثالث" في أعقاب "الصدمة الكبرى الثالثة" في المنطقة لمواجهة أولئك الذين حولوا عقيدة الحرب على الإسلام إلى هدف دولي وأطلقوا حملة صليبية من نوع جديد من خلال اليمين الإسرائيلي المتطرف والنازيين الجدد بعد انتهاء حقبة الحرب الباردة.
إنّ اليوم هو اليوم الذي انتهى فيه التعسف وفرض الرأي بعدما كانوا قد حولوا رمز فتح إسطنبول إلى متحف في أولى سنوات الجمهورية وفرضوا هذا عنوة على الشعب التركي.
إنّ النصر لنا، فنحن شعب معتاد على الانتصارات. ولقد أغلق باب المائة عام الأخيرة التي حكم علينا فيها بالهزائم المتتالية.
فمبارك علينا..
انظروا كيف تفرق أولئك الذين كانوا قد قالوا "بدأ الظلم عام 1453"! لكن التاريخ قد انتهى بالنسبة لهم.