يجب أن ينزل حكماء تركيا إلى الساحة وأن يستغلوا خبراتهم وكل ما لديهم من أجل وطنهم تركيا. يجب أن تنهض الخبرة والعمق والعقلية والذاكرة التي يرجع تاريخها لمئات السنين من أجل بلدنا وشعبنا الذي انتفض بعد مائة عام من الغفلة، يجب أن تخاطر من أجل مستقبلنا والإرث القوي الذي سنتركه لأجيال المستقبل.
يجب الشعور بالمسؤولية مع حقيقة أن هذه التضحية هي أعلى قيمة إنسانية ووطنية.
يجب نشر القناعة القائمة على أن أصول وقيم بلادنا هي فقط ذات توجه اقتصادي وسياسي وأمني. كما يجب تحقيق نهضة الدولة والشعب بكل جوانبها دون التقيد بمعايير التكنولوجيا والاتصالات والثراء.
تتغذى الثقافة والفن والعمارة والفلسفة والحضارة ورفاهية العيش بالقوة والإمكانيات. فإذا كان الدفاع والاقتصاد والتكنولوجيا تنتج قوة، ينبغي لسائر المجالات كذلك أن تنتج قوة وتشارك ما تنتجه وتقدمه لخدمة المواطن في تركيا.
نحن نعيش السنوات التي تتجه فيها البشرية نحو مستقبل مليء بالغموض، وتذوب قوة العديد من البلدان، وتلجأ فيها كل دولة إلى نفسها للعثور على شيء من ماضيها، وتشرع في جميع أنواع البحث لبناء مستقبل قوي.
لقد تجددت التهديدات والمخاطر في عالم تستطيع فيه جائحة كجائحة كورونا وحدها أن تنهك الدول وتزعزع نفسية المجتمعات وتهز السلطة السياسية وتهدد وحدة الدول. وربما تواجه الإنسانية في المرحلة المقبلة الكثير من المشاكل الأكبر.
لقد استيقظنا على "حياة جديدة" انهار فيها نظام القوى الدولية وفشل في العودة إلى الساحة وفسدت فيه كل التوازنات ووصل فيه الظلم إلى درجات مرعبة وجن فيه جنون العرق البشري بدرجة تجعل أطماعه قادرة على تدمير شعوب بأكملها، فلم يعد هناك أي آلية تستطيع أن تضع حدا لهذا الأمر.
والآن نبحث عن طرق وأدوات وإمكانيات الصمود في هذا الحياة. لذلك لا تتحمل الحكومة ولا السياسيون وحدهم مهمة تنمية تركيا ودعمها والتفكير بالمحافظة على مصالحنا وإمكانياتنا ومستقبلنا المشترك.
إن حماية تركيا ليست أمرًا يقتصر على الكفاح الذي يخوضه الجيش والشرطة، كما لا يتحمل العاملون بالدولة فقط إنتاج كل شيء جديد بشكل مستمر في مراكز البحث والتطوير.
ولعل تحميل الأمل بالكامل على الدولة وعدم الانضمام لحملة التضامن هذه والمساهمة بها بكل الإمكانات المتاحة سيدمر التضامن المجتمعي ومقاومة الدولة. فكل دولة تمر بهذه الظروف ستتلقى ضربات موجعة للغاية في عصر الجنون هذا الذي نعيشه.
ينبغي أن تنضم لهذه الحملة التضامنية كل الأوساط السياسية والمؤسسات المدنية والجامعات والمؤسسات التعليمية ووسائل الإعلام والأوساط العلمية والمعرفية وقادة الرأي وكل الأطراف العصبية التي انتشرت في شتى ربوع الأناضول لتحافظ على صمود مجتمعنا.
القضية ليست قضية مال ولا جاه ولا شهرة ولا سلطة ولا علاقات ولا حسابات شخصية ولا غصب ولا حقد، كما أنها ليست حكمًا على ذهننا المجتمعي بالشلل وعالمنا الفكري وحساباتنا السياسية وطموحاتنا التاريخية بأن تكون ضحية لبعض "العقليات الذكية" من خلال حملات نشر الأكاذيب والحيل وتصفية الحسابات على شاشات التلفاز ومواقع التواصل الاجتماعي وغيرها من صفحات الإنترنت.
إننا نواجه حسابات كبيرة وطموحات عظيمة ونقرع أبواب أهداف طموحة، كما نرسم "طريق تركيا" في عصر الأحداث الاستثنائية، وهو ما نخوض في سبيله كفاحًا تاريخيًّا.
يجب أن تستيقظ الذاكرة التاريخية في عالمنا الفكري والمعرفي. فوجهة النظر والانضباط الفكري واللغة المثقفة الخاصة بتركيا ستقدم مساهمات عظيمة لتركيا والعالم، كما أنها قادرة على فرز نقاشات ستفتح المزيد من الأبواب.
يزخر هذا البلد بالكثير من المعرفة، فلدينا الكثير من الأبناء المسلحين بكل أنواع المعرفة في كل المجالات السياسية والتاريخية والفلسفية والفنية والجيوسياسية والتكنولوجية.
وأحيانًا ما تقرؤون مقالًا أو دراسة لأحدهم لتلاحظوا هذه الحنكة وتقولون لأنفسكم متحسرين "أين هذا الشخص؟ لماذا لا يشارك في الحياة العامة؟ لماذا لا ينضم إلى مجال فاعل ويدعم كفاح تركيا؟"
اخرجوا من غرفكم وجامعاتكم واتركوا مساحاتكم المريحة وانفتحوا على المجال السياسي والاجتماعي والإعلامي، كونوا في المقدمة من أجل تركيا، قودوا المجال السياسي وخاطروا وانضموا بفعالية كبيرة لهذا الكفاح.
ليس هناك أي حساب شخصي أهم من بحث تركيا والعالم عن عالم جديد. كما أنه ليس هناك أي أولوية شخصية أو حجة أهم من الأزمة والتحول الكبير الذي تمر به الإنسانية.
إننا نعيش تحولًا تاريخيًّا، وربما تكون هذه المنطقة تعيش رابع تحول تاريخي مهم خلال الألفية الأخيرة، كما يعيش العالم تحولًا في موازين القوى هو الأقوى منذ نحو خمسة قرن.
لقد صعدنا إلى الساحة هنا في تركيا بطموحات ستهز محور العالم في مهد الإنسانية ومركز العالم. فنحن نشهد وضع أساس نشأة عظمى بعدما تشكلت موجة تشبه كثيرًا ما حدث عندما ظهرت القوى العظمى كالدولتين السلجوقية والعثمانية على ساحة التاريخ.
يمكننا أن ننجح في هذه المهمة بتضامن مجتمعي قوي وقيادة الحكماء.
لذا هيا اظهروا وانزلوا إلى الساحة وادعموا تركيا بكل ما تحملون من خبرة بعدما تتغلبون على كل ما هو متعلق بالسياسة والبيروقراطية والحسابات الشخصية والنقاشات اليومية السامة.
إنكم حملة شعلة العلم والمعرفة والتقاليد والذاكرة والفكرة الإقليمية والهوية والطموحات والخبرة التي لدينا. لذلك عليكم أن تكونوا في المقدمة لنلحق بكم من الخلف.
لن ننجح بدونكم!