تشهد الساحة خلال الأسابيع القليلة الماضية على وجه الخصوص تطورات في غاية الغرابة، فتراهم ينفذون مخطط هجوم شامل من الداخل والخارج.
كما نرى تصاعدا ممنهجا لهجوم منظم خطير للانتقام والتدمير، فهذا الهجوم "المنظم" يدار بشكل واسع جدا خارج نطاق الثقافة والأعراف السياسية والمبادرات والمنافسة والاستعداد للانتخابات.
بداية عصر الإرهاب السياسي
أندرك أنهم يستهدفون أساس تركيا؟!
لم يشهد تاريخ تركيا السياسي عهدًا كهذا ولا شراكة "مدمرة" كتلك، فحتى خلال أوقات الانقلابات والفترات الاستثنائية لم تتدهور اللغة السياسية لهذه الدرجة.
لقد تخطى هذا الأمر حدود كل مقدسات الدولة والشعب ومحا كل المبادئ، كما تحول برنامج "الإرهاب ذي الصبغة السياسية" الشرس إلى تهديد يحدق بوحدة الوطن ومستقبله وشعبه واستقراره.
إنهم يستهدفون أساس تركيا تحت مسمى السياسة وينتهجون مخططا يرمي لتدمير كيان الدولة ناهيكم أصلا عن تحريك حجر واحد من جدار ذلك الأساس.
إنهم يستهدفون اقتصاد تركيا ويحولون المشاكل الاقتصادية إلى سلاح ليمهدوا به الطريق نحو صراع مجتمعي، فتراهم يتعاونون مع أمريكا وأوروبا ويستعدون لتجربة تمرد داخلي.
كما يستهدفون أمن تركيا متبعين خريطة خبيثة تهدف لإعادة تركيا إلى أيام الإرهاب الماضية. ويستهدفون كذلك تأثيرها المتصاعد في الخارج، لذلك تراهم يتحالفون مع كل الدول التي تعادي تركيا في المنطقة.
إننا امام هجوم داخلي عنيف تحت عباءة السياسة الداخلية.
إنهم يستهدفون تحت مسمى المعارضة؛ الوحدةَ الوطنية والأخوة المجتمعية في تركيا، كما يستهدفون نظامها العصبي وجيناتها، بل إنهم يستهدفون كذلك خريطتها.
ليس هناك أي اختلاف بين الهجمات القادمة من أمريكا والقادمة من أوروبا والقادمة من القوى التي أقاموها لمواجهتنا في المنطقة والقادمة من خلال "الجبهة" التي أقاموها بالداخل. كما لا يختلف الأمر فيما يتعلق باللغة والجدال والأهداف التي يتبعونها، فجميعهم يسيرون نحو ذلك الهدف المرسوم لهم بشكل ممنهج، ليأتي بعده هدف جديد ثم الذي يليه...
وعندما تنظرون للأمر تكتشفون أنه مخطط واحد مكون من مراحل ينفذونها خطة بخطوة من أجل تدمير تركيا، فكل ذلك مراحل من مخطط واحد.
إنهم يعيدون استغلال عناصر تنظيم غولن الإرهابي في شتى المجالات من القانون والسياسة وعالم الاعمال والمؤسسات، فيكلفونهم بمهام جديدة ليكونوا جزءا أساسيا من هذه الاستعدادات الجديدة.
كما يستعينون بحزب الشعوب الديمقراطي (بي كا كا) ليكون جزءا أساسيا من هذه الاستعدادات الجديدة، فالأمر تخطى بمراحل مسألة الاستفادة من أصوات ذلك الحزب. كما تعدوا حدود مقدسات هذا الوطن لدرجة أنهم شكلوا شراكة خفية غير مباشرة مع بي كا كا.
ترى ذلك الرجل يزور ديار بكر ويجتمع مع كوادر حزب الشعوب الديمقراطي ويرسل إشارات إلى بي كا كا. ولا ندري ما إذا كان هناك صلات أخرى. ليرجع بعدها ويلتقي سفراء دول العالم التركي.
إن هذا ليس دهاء سياسيًّا بل إنه شيء آخر، فالأمر يختلف عندما ينظر لمن دعموه منذ البداية؛ إذ تخلى عن خدمة سكان إسطنبول وبدأ تنفيذ مخطط سري، ناهيكم بالتأكيد عمن هم شركاؤه وداعموه.
لكن الوضع صار خطيرًا وصرنا أمام خليط من الأكاذيب والأوهام والرغبة في الانتقام وأجندة "غير تركية" يحاولون تنفيذها تحت مسمى السياسة.
إنه يهدد الدولة والجيش والشرطة ويهدد البيروقراطيين وموظفي الدولة، كما أنه يبتزهم ويخيفهم من المستقبل ويعبر عن غضب وانتقام غير مضبوط من خلال عبارات متهورة.
ومن الغريب أنه دائما ما يتحدث ويهاجم وحدة الوطن وأعصاب الشعب وكيان جينات تاريخنا السياسي ومقدسات الدولة.
وترى زعيم حزب آخر يستخدم العبارات ذاتها وكلمات الغضب والانتقام عينها ليهاجم الهدف نفسه، فهؤلاء يستخدمون بشراهة وصراحة الحجج التي لطالما عهدناها من عناصر غولن.
لا تراهم يستخدمون ولو كلمة واحدة لمصلحة تركيا ورفعتها، فدائما ما يستخدمون لغة التهديد والكراهية والتضليل. فنحن أمام جبهة مستعدة للتدمير وخريطة طريق مدمرة ومرسومة وفق مصالح الغرب.
وكأنهم يريدون أن ينتقموا منا لآلاف السنين التي مضت.
والعجيب أنهم جميعا ينتهجون طريقا مدمرا يهدف لتحريض الشعب لينزل للشوارع وتمهيد الطريق لأمور تخرج عن نطاق الانتخابات ونشر الفوضى الداخلية وإعادة الإرهاب لشوارعنا لتحل الفوضى ليستعينوا بهذه الاحداث للوصول للسلطة.
قد تخطى الأمر حدود سياسة الأكاذيب والتضليل ومحاولات السياسة الداخلية وأصبح متعلقا بتهديد تركيا.
إنهم يستعينون ويتعاونون مع كل من له حساب مع تركيا كأمريكا وأوروبا والتنظيمات الإرهابية وأذنابهم الاستخباراتية ومراكز التأثير في العواصم الغربية.
أما تهديد 10 دبلوماسيين غربيين لتركيا فيأتي نتيجة لهذه الشراكة، وهو جزء من خريطة الطريق هذه. فهذا ما يفعلونه دائما. فتراهم يصفقون لهذه العدوانية التي تحدث لإعادة فتح الطريق أمام حركة تمويل الإرهاب، بل إنهم يضغطون من أجل حدوثها.
إنهم يتعاونون مع كل من يلحق الضرر بتركيا ويعملون معهم، بل إنهم لا يختارون من يتعاونون معهم في هذا المجال فيتعاونون مع من يجدونه أمامهم.
لقد وصلنا لنقطة في منتهى الخطورة، فالسياسة خرجت عن نطاق "محور تركيا" والمعارضة السياسية في تركيا ووصلت لمرحلة "التدخل الدولي"، فكل الاستعدادات تسير في هذا الاتجاه.
إن هدفهم الوحيد هو إيقاف تركيا، فهذه هي أجندة أمريكا وأوروبا وكل من ينزعج من صعود تركيا في المنطقة. والآن تستثمر المعارضة السياسية في هذا الاتجاه فقط.
ألا تندهشون من شعور كمال كيليجدار أوغلو بجرعة عالية من الثقة بالنفس تفوق قدره؟ إذ إن توجيهه الكلام في كل تصريح له في صورة "تعليمات" لا يعبر عن قدرته الذاتية.
تخيلوا ماذا سيفعله إذا وصل إلى السلطة من يطلقون هذه التهديدات وهم ما يزالون ضمن صفوف المعارضة. سيكون الانتقام والتصفية في غاية القبح لا محالة، وربما يعتبرون نصف الشعب تهديدا لهم ليتخلصوا منهم.
ستتحول العدوانية ضمن صفوف المعارضة إلى انتقام بمجرد وصولها للسلطة، فهذا ما يقولونه بالحرف.
لقد رأينا ذلك خلال أحداث 28 شباط و15 تموز، كما نراه مجددا في اللغة التي تستخدمها "الجبهة" المقامة داخل تركيا حاليا. هناك روائح منفرة تتصاعد، فهذه ليست أمورا خاصة بالسياسة أبدا.
نعلم جيدا أن انتخابات 2023 لن تكون عادية بل ستحدث تصفية حسابات في منتهى الشراسة. كما نعلم أن "الإرادة الدولية" ستتدخل بشكل مباشر.
ولقد أصبح هذا التدخل صريحا حتى من الآن، لكن ما يزال هناك المزيد. لن ينتظروا انتخابات 2023، بل سيشنون تدخلا آخر إذا أتيحت لهم الفرصة المناسبة.
سيأتي هجوم خارج نطاق السياسة، فهؤلاء عازمون على جر تركيا لحالة من الفوضى العارمة.
كيف سيكون التدخل؟ هذه هي القضية. هل سيشبه 15 تموز؟ أم 28 شباط؟ أم سيحاولون شل حركة تركيا بالاغتيالات؟ هل سيجربون أمورا أخرى استثنائية؟
والآن؛
تهاجم أمريكا وأوروبا وكل المتعاونين معهما تركيا. كما أقاموا "جبهة غربية" في الشرق والغرب والجنوب، وأقاموا أشرس الجبهات بالداخل!
إننا لا نتوقع شيئا. هذا ما يقولونه صراحة بالداخل والخارج. يقولون "سنوقف تركيا" و"سنسحب القوات من سوريا والعراق" و"سننسحب من ليبيا" و"سنغلق تركيا على نفسها داخليا مجددا".
إنهم يشكلون كل هذه الجبهات من أجل هذا الغرض، ويقولون "سنفعل ذلك مهما كلفنا".
إن الالتزام بالدفاع يعتبر هزيمة وانتحارا. لقد بدأت تركيا حملة كبرى من أجل القرن الـ21، فلم تلتزم بالدفاع في مواجهة كل هجوم بل تقدمت أكثر وزادت قوتها ونشرتها وتغلبت على هذه الهجمات تواليا.
والآن سيأتون مجددا وستكون هناك موجة صادمة قبيل 2023 فهذا ما يستعدون له.
هذه ليست استعدادات انتخابية عادية، بل إنها استعدادات تهدف لتوجيه ضربة قاصمة لتركيا لإيقافها وتقزيمها.
وكما أن ما كافحناه لعشرات السنين لم يكن "إرهابا" فإن ما نشهده اليوم من استعدادات لا يتعلق بالسياسة، فهم يواصلون تنفيذ الأجندة ذاتها بإجراء تعديلات على صياغتها.
ليس هناك معنى لأي من هويات أحزابكم السياسية. وسيخطأ كل من لا ينظر للأمر من وجهة نظر تركيا ومستقبلها و"البعد الدولي" للقضية.
عليكم دعم تركيا بغض النظر عن الحزب الذي تنتمون له!
ولو نجحت هذه الأجندة سنخسر قرنا آخر. لا تسمحوا لأن يوقف الغرب هذا الوطن كما فعل على مر التاريخ.
يجب أن تستيقظ مراكز المقاومة في تركيا وتتحرك لتقدم "ردودا استثنائية لهذه الاستعدادات الاستثنائية".