|
أطلق بوتين عصر الجنون. هل ستندلع حرب روسية-تركية؟ هذا العمل يقود إلى حرب عالمية. حسنًا، ماذا ستفعل تركيا؟

هاجمت روسيا أوكرانيا بالأمس. بدأت باحتلال شرق البلاد. الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا يقومان منذ شهور بالتبختر وإطلاق التصريحات الغاضبة حول أوكرانيا، لكنهما لم يفعلا شيئًا حتى الآن. لقد تُركت أوكرانيا وحدها تمامًا.

احتلال الرئيس الروسي بوتين لأوكرانيا أدخل الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي (الناتو) في حالة يأس رهيبة.

بالنسبة للولايات المتحدة وأوروبا، اللذين لا يستطيعان المخاطرة في اتباع موقف واضح والدخول بالصراع، يحاولان اتخاذ موقف بطرق ثانوية، ليس لديهما مخاوف أخرى سوى حماية سمعتهما، كان هذا ثاني انهيار كبير بعد الهزيمة في أفغانستان، والانسحاب المفاجئ، وسقوط أولئك الذين وثقوا بهم من أجنحة الطائرات.

فُتحت الآن أبواب "عصر الجنون"

فتح بوتين الباب أمام عصر من الجنون. لقد محا تمامًا الحقائق العالمية التي أصبحت غير مؤكدة ولا معنى لها بعد الحرب الباردة. وأعلن صراحةً عن أساليب الصراعات والحسابات المستقبلية. كان هذا الوضع الذي أنهى نفاق الغرب. لقد هدد بوتين العالم، ولكنه أعلن الحالة الجديدة للعالم في أبشع أشكاله.

الأمر لا يتعلق فقط بأوكرانيا. ولا يقتصر على شرق البلاد والقضايا الديموغرافية والسياسية والأمنية بين روسيا وأوكرانيا. بل تبين أنه بعد احتلال بلد ما، ستظهر الصراعات بين الكتل والقوى في أوضح صورها وتكون علانية.

الإمبراطوريات ستعود

السدود على وشك الانفجار...

الإمبراطوريات ستعود من جديد. أولئك الذين لديهم تاريخ إمبراطوري يحملون مطالبهم إلى الحاضر والمستقبل. لقد بدأ عهد جديد من التوسع الروسي. وبداية عهد جديد للدفاع الأوروبي. لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية، فُتحت بوابات السدود. وليس من الصعب التنبؤ بالبلد الذي ستغمره المياه.

إن روسيا تُدرك ضعفها. تحاول تغطية هذا الضعف بالقومية الروسية، والتوسع، والردع بلغة تهديدية، ودفع التهديدات المعلنة ضدها إلى ما وراء حدودها. روسيا ستخاطر بالحروب على طول الطريق. ومن خلال اللعب على نقاط ضعف الغرب والنظام العالمي ستُجبر البلدان على ارتكاب الأخطاء. وإذا لم تفعل روسيا ذلك، فإن هذا التهديد سوف يقع بالفعل على حدودها. وهذا يعني التفكك الثاني لروسيا. يحاول بوتين صد التهديدات المستقبلية وتهدئتها وتعقيدها من خلال تهديد محيطه والعالم.

لماذا هدد بوتين أصدقاءه؟

كان خطاب بوتين حول احتلال أوكرانيا تهديدًا لأصدقائه بقدر ما كان تهديدًا لأعدائه. لقد ارتكب خطأ كبيرًا. وكشف أنه يمكن أن يشكل تهديدًا لأصدقائه. ومنذ ذلك الوقت، ستعرف دول البلطيق ودول أوروبا الشرقية، والجمهوريات التركية في آسيا الوسطى أنها الأكثر تعرضًا للتهديد. والواقع أن بوتين سوف يلجأ إلى بلدان أخرى، مثل هذه البلدان، بعد أوكرانيا.

كما يشكل خطاب بوتين تهديدًا لتركيا. إن عبارته "قمنا بحماية سواحل البحر الأسود من الأتراك في القرن الثامن عشر" تعبر عن بيان نوايا. وبمثابة إعلان للهوية السياسية. إنها أيضًا تعبر عن بحث لتحديد المواقع في تركيا. إنها عبارة خطيرة على صعيد العلاقات التركية الروسية، وعلى الصداقة والشراكة في كثير من المجالات.

بدأت حالة الذعر من أجل الدفاع الأوروبي

الولايات المتحدة وأوروبا في وضع صعب للغاية. منطوون على أنفسهم . ينسحبون من الهجوم ومن الهيمنة العالمية والانتشار إلى الدفاع. يحاولون حماية وجودهم. يحاولون كبح جماح الصين وإيقافه في المحيط الهادئ. لهذا السبب انسحبوا من آسيا الوسطى. ولهذا السبب توجهوا من الشرق الأوسط إلى المحيط الهادئ.

تواجه أوروبا صعوبات في الدفاع عن النفس لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية. هل ستعهد أوروبا بالدفاع عن نفسها إلى الولايات المتحدة مرة أخرى - في الوقت الذي تحاول فيه إنهاء اعتمادها على الولايات المتحدة؟ وإذا لجأوا إلى الولايات المتحدة مرة أخرى، فإن مشروع الاتحاد الأوروبي سوف ينهار تمامًا. لن يكون له معنى. وإذا لم يلجأوا، فإن بريطانيا على وجه الخصوص، وأوروبا بأسرها بشكل عام، ستنجر إلى حالة من الذعر الدفاعي الجديد.

أوروبا لا تستطيع المخاطرة بحرب مفتوحة.

تم إنشاء خريطة قوى خارج الغرب..

لقد انتهى صعود الغرب منذ فترة طويلة. وقد بدأت فترة الركود. هل سيدخل الغرب الآن في فترة الانحدار؟ على الصعيد العالمي، لم يعد لمبادرات التصميم الأحادية الجانب أي تأثير الآن. ورغمًا عن الغرب، ظهرت خريطة للقوى خارج الغرب. حاولوا منعها، لكنهم فشلوا بالتأكيد.

ستسرع مبادرة روسيا من انحدار الغرب. ستزيد تلك المبادرة من يأسه. لن تخاطر أي من الدول الأوروبية، بما في ذلك الولايات المتحدة، بحروب مفتوحة في مثل هذا الوقت. والآن الحظر الاقتصادي يلحق الضرر بالاقتصادات الغربية.

وبدلًا من الصراع المفتوح مع روسيا، تخطط الولايات المتحدة وأوروبا لإنشاء جبهات على الحدود الروسية، وإنهاك روسيا وإبقائها مشغولة لفترة طويلة. إنهم يريدون شن فترة من الصراع المنهك. ومع ذلك، من الواضح أن هذا لن يكون الحل.

أثارت الولايات المتحدة وبريطانيا أزمة أوكرانيا، بقدر ما أثارتها روسيا

ومن المفارقات، صعدت الولايات المتحدة وبريطانيا من أزمة أوكرانيا بقدر تصعيد روسيا. لم تكن ألمانيا وأوروبا الوسطى راغبين في ذلك. استفزت الولايات المتحدة وبريطانيا بوتين لمهاجمة أوكرانيا. انخرطوا في أفعال وتصريحات تحريضية واحدة تلوى الأخرى. حاولت بريطانيا نقل صراعها مع روسيا من دول البلطيق إلى البحر الأسود والجنوب. ونجحت في جزء منه.

على مدى 30 عامًا، وقعت جميع حروب العالم في الشرق الأوسط.(وإذا استثنينا أفغانستان) تم تسويق جميع الصراعات الداخلية في منطقة الشرق الأوسط .وقد تم جلب الصراعات العرقية والطائفية إلى هذه المناطق. وجرت هنا حملات احتلال وغزو تحت مسمى "مكافحة الإرهاب". تم تحديد جغرافية حروب العالم بين البحر الأحمر والخليج العربي.

الجبهة الشمالية والجنوبية:

أي البلدان على ذلك الخط

سينجر إلى الحرب؟


لأول مرة، ينتقل الصراع إلى الشمال. لأول مرة ينتقل إلى الحدود الأوروبية. ويجب على أولئك الذين أطلقوا عليها ذات يوم "حدود الإسلام الدموية" أن يواجهوا الآن حدودهم الدموية. لقد خلقت الأزمة الأوكرانية وضعًا جديدًا بتحويل جميع البلدان الواقعة على طول الخط الشمالي-الجنوبي، ومن بحر البلطيق إلى بحر إيجة، إلى مناطق صراع. من بولندا إلى اليونان، وجميع البلدان على هذا الخط، ستعاني بشدة من تلك الحسابات. إنهم لا يواجهون بعضهم البعض في روسيا أو أوروبا. بل سيتصادمون من خلال تلك البلدان.

التطبيع مع الشرق الأوسط:

التوقيت المناسب لتركيا!

يمكننا أن نقول أن الشرق الأوسط تنفس الصعداء لفترة من الوقت. وفي هذا الوقت، إن بدء تركيا بالقيام بتطبيع جديد في علاقاتها مع الشرق الأوسط (مع الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل وجميع دول المنطقة تقريبًا) أمر في بالغ الأهمية. وسيؤدي هذا على الأقل إلى منع مناطق جديدة من الصراع في المنطقة. وينبغي أن تكون بلدان المنطقة أكثر حساسية ويقظة لمنع الولايات المتحدة أو أوروبا أو روسيا من تصدير حرب وصراع جديدين إلى المنطقة.

حرب البحر الأسود:

الغرب يريد إشعال حرب تركية-روسية

ستحول الأزمة الأوكرانية البحر الأسود إلى منطقة صراع. بطريقة ما، إنها أزمة البحر الأسود. إذا انخرطت روسيا في احتلال كامل، وركزت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على البحر الأسود وحاولا قمع روسيا هناك، ستصبح هناك حرب في البحر الأسود. وستواجه تركيا في البحر الأسود نفس الأزمات، التي كانت تناضل ضدها في الجنوب منذ عقود.

وهذه هي النتيجة الوحيدة التي لا يمكن قبولها أبدًا من قبل تركيا. إن استقرار الولايات المتحدة في البحر الأسود، والذي يؤدي إلى تصعيد الأزمة من هناك، لن يعطي في نهاية المطاف أي تأثير آخر سوى تهيئة الظروف التي تُمكن من جر تركيا وروسيا إلى الحرب. ثم ستحصل الولايات المتحدة وأوروبا على نتيجة فعالة للغاية، من خلال ضرب روسيا بتركيا وضرب تركيا بروسيا. مما يضمن أمن أوروبا لفترة طويلة. الطريقة المعتادة للغرب ستعمل مرة أخرى. لقد جربوا محاولة الحرب هذه عبر سوريا. لم يتمكنوا من ذلك. هذه المرة سيحاولون إشعال الحرب من خلال أوكرانيا.


تركيا لا تثق أبدًا بالغرب

تركيا لا تثق أبدًا بالغرب. وعلى الرغم من أنها عضو في حلف شمال الأطلسي(الناتو)، إلا أنها تعرف أن جميع التهديدات التي تحددها حاليًا مصدرها الولايات المتحدة وأوروبا وحلف شمال الأطلسي. تركيا تعلم جيدًا أن هذه البلدان تتركها وحدها في كل المجالات. واليوم، لا تزال تركيا تراقب يوميًا تأسيسهم جيشًا إرهابيًا ضدها في شمال سوريا. وفي ليلة 15 يوليو/تموز، كانت قد نجت لتوها من الهجوم الداخلي، التي نفذته أمريكا وأوروبا والناتو. ولن تقع تركيا في هذا الفخ ما لم تكن هناك مبررات قوية جدًا لقيام بذلك.

تركيا ليست جبهة أمامية.

ستقوم بحساباتها وفقًا لذلك

وفي الوقت الذي تجري فيه تركيا تطبيعها مع الشرق الأوسط، وفي الوقت الذي تطبق فيه تركيا خطة مستقبلية فعالة وعميقة جدًا في إفريقيا، وتنفذ الاستراتيجية الأكثر فعالية في آسيا الوسطى منذ انهيار الاتحاد السوفييتي، وتبني قفزة قوة جدية من خلال كل هذا، لا ينبغي لتركيا أن تسمح أبدًا لبريطانيا والولايات المتحدة بإشعال حرب في البحر الأسود. ويجب على تركيا أن لا تسمح بإقامة شراكاتها مع الغرب لتصب جميع المجالات في صالح الغرب وضد مصلحة تركيا . لأن هذا من شأنه أن يزعزع استقرار تركيا بطريقة خطيرة للغاية ويفتح الباب أمام أزمات طويلة الأمد.

لم تعد تركيا دولة جبهة. وعلى الرغم من الاستعداد السياسي في الداخل، فإن ذلك لن يحدث مرة أخرى. تركيا هي مجال قوة جديدة، وجغرافية هذا المجال أبعد ما يكون عن التنبؤات. لذا فإن مفاوضاتها مع روسيا، والولايات المتحدة، وأوروبا، ستكون وفقًا لهذا الوضع الجديد.

الحرب العالمية تبدأ.

لا تقلل أبدًا من شأن ذلك الأمر.

الوضع خطير جدًا ..



لن تكون تركيا القاتل المسلح لدى الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، ولن تستسلم للتوسع الروسي. سوف تدافع عن سلامة أوكرانيا، وتحافظ على حساسية شبه جزيرة القرم، وتأخذ موقفها الخاص في القوقاز وآسيا الوسطى. لن تنحاز تركيا بشكل أعمى إلى أي طرف في الصراع الحاصل بين الولايات المتحدة وروسيا. ستجري حساباتها الخاصة، وتتخذ موقفها الخاص، وتكون دولة مساومة قوية للغاية.

وقد أوضحت تصريحات بوتين بشأن أوكرانيا أن روسيا لديها نوايا مماثلة لغزو أوكرانيا والجمهوريات التركية في آسيا الوسطى. كما كشف بوتين أنه لا يتبنى رؤية طويلة الأمد للعلاقات والتقارب مع تركيا.

إن الوضع اليوم قد يؤدي إلى نشوب حرب عالمية . لا ينبغي لأحد أن يقلل من شأن ذلك. لقد بدأت فترة خطيرة وقاتلة جدًا. دعونا ننظر إلى ما وراء أوكرانيا. الهزات الكبيرة تأتي على طول خطوط الصدع الجيوسياسية. وهذا يمكن أن يجر عشرات البلدان إلى الحرب دفعة واحدة.

#الحرب الروسية على أوكرانيا
#كييف
#موسكو
#أوكرانيا
#روسيا
#مقالات إبراهيم قراغول
#الكاتب إبراهيم قراغول
#احتلال روسيا لأوكرانيا
#الحرب الروسية التركية
#الغرب
#واشنطن
2 yıl önce
أطلق بوتين عصر الجنون. هل ستندلع حرب روسية-تركية؟ هذا العمل يقود إلى حرب عالمية. حسنًا، ماذا ستفعل تركيا؟
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية