|
الحد الأقصى لأسعار الغاز الطبيعي غير الموجود واقتراح بوتين

قلبت الحرب الروسية الأوكرانية، التي بدأت في فبراير/ شباط الماضي، التوازنات في أسواق الطاقة، وحالت دون القدرة على توقع أسعار الطاقة في السوق. لذلك، فإن جميع البيانات أو التطورات قد تتسبب أحيانًا في تقلبات في أسعار الطاقة بنسبة 30 في المئة يوميًا. وفي مثل هذه الظروف، اجتمعت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، التي تستعد لدخول فصل الشتاء، لمناقشة تحديد سقف لأسعار الغاز الطبيعي. إلا أنه، كانت هناك سلسلة من المفاجآت بانتظارهم قبل هذا الاجتماع المخطط له مسبقًا.

ماذا حدث في سوق الغاز قبل الاجتماع


كما هو الحال في النكات الساخرة المنسوبة إلى "نصر الدين خوجه" في الأدب الشعبي التركي، فقد شهدنا التطورات التالية قبل الاجتماع الذي سيناقش فيه الاتحاد الأوروبي آلية تحديد سقف لأسعار الغاز الطبيعي الذي لم يدخل بعد إلى الأسواق الأوروبية:

أولًا، أعلنت الصين، التي تُعد أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، قرارها بعدم إرسال شحناتها من الغاز الطبيعي المسال إلى دول أخرى، بدعوى الحفاظ على أمن إمدادات الطاقة لديها.

ثانيًا، خفضت ماليزيا، وهي مورد مهم للغاز الطبيعي المسال لليابان، ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم، صادراتها لأسباب قهرية؛ حيث اكتشفت تسريب في خطوط أنابيب الغاز الطبيعي المتجهة إلى منشآت الغاز الطبيعي المسال.

ثالثًا، أعلنت نيجيريا، وهي مصدر مهم آخر للغاز الطبيعي المسال، أنها أوقفت إنتاج الغاز الطبيعي المسال لأسباب قهرية بسبب الفيضان الذي شهدته البلاد.

رابعًا، هناك مشاكل خطيرة في تلبية الطلب المتزايد على الغاز الطبيعي بسبب الطقس البارد في الولايات الواقعة في شمال الولايات المتحدة الأمريكية وشرقها. والشيء المثير للاهتمام هو أنه بسبب قانون جونز (يمكننا أن نقول قانون الولايات المتحدة الأمريكية للكابوتاج)، فإن هذه المنطقة باتت غير قادرة حاليًا على استخدام الغاز الطبيعي المسال الأمريكي.

ماذا ينتظر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة؟

هذه التطورات، التي لخصتها بإيجاز، قد تؤدي إلى نتائج بالغة الأهمية. فعلى سبيل المثال، في السنوات السابقة، كان على بوسطن استيراد الغاز الطبيعي المسال من روسيا بدلاً من استخدام الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بسبب "قانون جونز". ويمكن أن تتعمق مشاكل مماثلة في ولايات شمال الولايات المتحدة الأمريكية وشرقها إذا لم يتم منح الاستثناء في جزيرة "بورتوريكو" الأمريكية، التي يسري عليها "قانون جونز" والتي ظلت بدون كهرياء لمدة أربعة أسابيع.

وقد تضطر الدول الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية إلى تجاوز الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة الأمريكية، واستيراد الغاز الطبيعي المسال من روسيا مجددًا.

إن منح استثناء للساحل الشرقي للولايات المتحدة الأمريكية يعني أيضًا أن الوضع سيء بالنسبة للاتحاد الأوروبي. لأن شحنات الغاز الطبيعي المسال، التي لا تقدر بثمن خصوصًا في ظل الظروف الراهنة، والتي ينتظرها الاتحاد الأوروبي من الولايات المتحدة الأمريكية، قد يتم توجيهها إلى الولايات الواقعة على الساحل الشرقي للولايات المتحدة بدلاً من توجيهها إلى دول الاتحاد الأوروبي.

ماذا كانت نتيجة مناقشة "الحد الأقصى" لأسعار الغاز الطبيعي؟

ينبغي أن يكون الاتحاد الأوروبي قد تعلم بعض الدروس من هذه الصورة. لأنه على الرغم من مناقشة فكرة تطبيق حد أقصى لأسعار الغاز الطبيعي في الاجتماع الأخير لمفوضية الاتحاد الأوروبي، لم يتم تضمين هذا الاقتراح في الحزمة المقبولة. وقد جاء الصوت الأكثر تحفظًا بشأن هذه المسألة من تورمس، وزير الطاقة في لوكسمبورغ، التي يبلغ استهلاكها السنوي للغاز أعلى قليلاً من استهلاك ولاية أنطاليا التركية. ووقد صرح الوزير تورمس، عقب الاجتماع أن مقاربة مفوضية الاتحاد الأوروبي بشأن الحد الأقصى لأسعار الغاز الطبيعي لها مبرراتها.

متفائل بحذر من اقتراح بوتين

في نهاية الأسبوع، كان اقتراح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن تصبح تركيا "مركزًا للطاقة" على جدول الأعمال. اسمحوا لي أن أغتنم هذه الفرصة لأنقل بإيجاز وجهة نظري بشأن هذا الاقتراح، الذي تسبب في مناقشات كثيرة. في الحقيقة، إن اقتراح بوتين بأن تكون تركيا مركزًا للطاقة ليس جديدًا، وقد تم مناقشة هذا المقترح أيضًا عندما زار الأخير تركيا في ديسمبر / كانون الأول عام 2014.

ومع ذلك، خلال هذه الفترة، حدثت تغييرات مهمة في الساحة التركية؛ حيث تم تأسيس بورصة الطاقة في إسطنبول في عام 2015 بإستراتيجية محددة وهي أن تصبح "مركزًا تجاريًا في الغاز الطبيعي". وقد تم تشغيل بورصة الغاز الفوري في عام 2018 وبورصة عقود تبادل الغاز الآجلة في عام 2021. وتماشيًا مع هذه الاستراتيجية، التي أساسها بورصة الطاقة في إسطنبول، تحتاج تركيا إلى أن تكون قادرة على تأمين الغاز الطبيعي من موردين آخرين بالإضافة إلى الغاز الروسي، لكي تصبح مركزًا لتجارة الغاز الطبيعي، كما هو الحال في أمريكا الشمالية أو أوروبا، أي أن تصبح منصة يتم من خلالها تحديد الأسعار.

وتستورد تركيا، في الوقت الحالي، الغاز الطبيعي من دول مثل الولايات المتحدة، وأذربيجان، وقطر، وإيران، والجزائر، ونيجيريا. ومن الممكن إضافة دول مثل تركمانستان، وكازاخستان، وإسرائيل، وشمال العراق إلى قائمة الدول التي من الممكن أن تعتمد عليها تركيا في تأمين الغاز الطبيعي. وعندما تتسارع الخطوات المتخذة لتحرير سوق الغاز الطبيعي في تركيا، قد ينشأ سوق للغاز تتنافس فيه أسعار الغاز الطبيعي، كما هو الحال في مراكز تداول الغاز الأخرى.

ولا يفوتني، أنني قد أشرت في مقالاتي السابقة إلى أن المكاسب التي حققتها تركيا وستحققها باكتشاف غاز صقاريا لا تقتصر على الاحتياطيات فحسب، بل إنها تقوي سوقًا يتنافس فيها الغاز مع الغاز (بورصة اسطنبول للغاز الطبيعي). وفي هذا الصدد، أنا أؤيد التفاؤل الحذر؛ لأنني أعتقد أنه يجب علينا تقييم اقتراح بوتين في نطاق قدرته على خدمة الاستراتيجية المذكورة أعلاه.

ملاحظة: وفقًا لقانون جونز، يجب أن تتم عملية نقل البضائع بين موانئ الولايات المتحدة الأمريكية بواسطة سفن أمريكية.

#ليفينت يلماز
1 yıl önce
الحد الأقصى لأسعار الغاز الطبيعي غير الموجود واقتراح بوتين
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن