|
تحركات "غير روتينية" في إيجة وشرق المتوسط

هل ستصدقونني لو قلت لكم أن التوتر الذي زادت حدته في الأيام الأخيرة مع اليونان عند سواحل كارداك في بحر إيجة وسواحل قبرص شرق البحر المتوسط، ليس "حلفة جديدة من حلقات التوترات الروتينية السابقة"؟

وقد كان رئيس هيئة أركان الجيش التركي خلوصي أكار قد أدلى الأسبوع الماضي بتصريح وصل إلى أثينا في اللحظة ذاتها بسرعة الضوء؛ إذ قال:

"نستطيع تغطية منطقة إيجة بأكملها، وليس سواحل كارداك فقط، بفضل التكنولوجيا المتطورة التي تمتلكها قواتنا المسلحة، فنحن نمتلك قدرة تمكننا من تنفيذ عمليات عسكرية في عفرين من جهة، ومن جهة ثانية السيطرة – في الوقت نفسه – على منطقة إيجة وشرق المتوسط".

أليس من الواضح أن هذا التصريح كان موجها لمن يرددون في بعض المناسبات في أثينا عبارة "هل يمكننا مباغتة الجيش التركي في منطقة إيجة مستغلين انشغال قواته بالحرب في عفرين؟"

وقد أعقب تصريح أكار "تحذير" أطلقه الرئيس أردوغان في اجتماع برلماني؛ إذ قال هو الآخر:

"لا ليعتقد البعض أننا غافلون عن محاولات التنقيب عن الغاز الطبيعي عند سواحل قبرص والمحاولات الاستغلالية المتعلقة بالصخور في بحر إيجة. وإننا نحذّر من موقعنا هذا كل من يتعدون حدودهم في قبرص وإيجة من أن يحسبوا حسابات خاطئة. فقبرص وإيجة بالنسبة لنا تحملان الأهمية ذاتها التي تحملها عفرين".

وكان هذا هو كذلك مضمون الدعوة:

"إياكم أن تعتقدوا أن انشغلنا حاليا بحدودنا الجنوبية هو علامة ضعف".

وأريد أن أضيف أن رئيس الوزراء يلدريم أجرى مكالمة هاتفية بنظيره اليوناني تسيبراس قبل يومين لخفض حدة التوتر "غير الروتيني".

لماذا غضبت أثينا؟

كنت قد كتبت في هذا العمود عدة مقالات تناولت فيها أن سيناريوهات الحرب ضد تركيا بدأت تظهر في اليونان عقب أحداث 15 يوليو، وليس مؤخرا فقط. ولهذا فأعتقد أن تقييم التوترات الأخيرة في بحر إيجة وشرق المتوسط في سياق عملية غصن الزيتون في عفرين سيكون أمرا ناقصا.

بيد أن لاعتبار التوترات الأخيرة بين البلدين الجارين "خارج الروتين" حجة أخرى مفادها:

ما سمعته قبل نحو 40 يوما من جنرال ذي رتبة رفيعة تقاعد حديثا بعدما قدم خدمات جليلة للقوات المسلحة التركية في عدد من المناصب العليا. وسأنقل لكم ما سمعته منه باختصار:

- نعلم أن ثمة أفكارا تراود أوساطا في اليونان اعتقدت أن القوات المسلحة التركية ضعفت عقب محاولة الانقلاب الفاشلة يوم 15 يوليو، ولهذا قالت "لن تسنح فرصة أفضل من هذه الفرصة للحرب مع تركيا".

- ربما تهاجم اليونان تركيا بعد تلقيها وعود من قوى دولية تفكر بضرورة إشعال فتيل أزمة جديدة في تركيا قبل حلول عام 2019.

- لقد حدث الأمر ذاته أيام حرب الاستقلال، حاربنا الجيش اليوناني، لكن قوى أخرى كانت تقف خلفه.

- أصدر البرلمان اليوناني قرار الاثني عشر ميلا. وإن كان تنفيذ هذا القرار قد خفف حدة التوتر وفق وثيقة سياسة أمننا القومي، إلا أنه لا يزال يعتبر "سببا للحرب".

- أضف إلى ذلك وجود 152 جزيرة صغيرة/جرفا صخريا تعتبرهم أثينا جميعا ضمن أراضيها، فيما تراهم أنقرة "لم يبت في وضعهم بعد".

وتشكل حالات الغموض في هذا المجال واحدا من العناصر الأساسية للتوترات التي تشهدها العلاقات بين الجانبين مؤخرا.

وأود التشديد على أنني استمعت إلى هذا التحليل الذي يحمل عددا من العناصر "غير الرسمية" قبل بدأ عملية غصن الزيتون في عفرين، وهو ما يعنى أن غضب أثينا من تركيا ليس أمر حديثا. ولهذا وجب متابعة الأمر خصوصا من خلال قياس ردود أفعال الشريك الأصغر من القوميين المتطرفين للحكومة اليونانية.

أهمية المحافظة على فتح قنوات الحوار

لقد شهدنا دوما احتمالات تحول الخلافات بين تركيا واليونان إلى اشتباك ساخن. ولن أواصل حديثي دون أن أذكر أن السفير الأمريكي في أثينا تحدث عن هذا الاحتمال في تصريح أدلى به قبل فترة قصيرة عندما قال "ربما يسفر عن نتائج مخيفة".

وربما يكون هناك مقيل لتقييم التوترات الأخيرة في إطار كهذا؛ إذ تطورت الخلافات في مياه إيجة الدافئة والاعتراضات الجوية فوقها دائما في إطار "روتيني".

لكن الأمر ليس هكذا هذه المرة. وإذا وضعنا نصب أعيننا تصريحات الرئيس أردوغان ورئيس الأركان أكار فقط، لأدركنا أن الأحداث الأخيرة ليست عادية.

ومن هذا المنطلق، أرى أنه من المهم أن يأخذ رئيس الوزراء يلدريم ونظيره اليوناني تسيبراس زمام المبادرة وأن يبقيا قنوات الحوار مفتوحة.

وإذا سألتم لماذا؟ فسأعطي الرجل حقه وأقول إننا لو رتبنا قائمة بأسماء المتحمسين للصراع مع تركيا في أثينا، لحلّ تسبراس في ذيل هذه القائمة.

#غير روتينية
6 yıl önce
تحركات "غير روتينية" في إيجة وشرق المتوسط
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية