|
ألم تكن هذه النتيجة واضحة منذ البداية؟

نشر دونالد ترمب تغريدته رقم 37 ألفا و297 على تويتر لشكر بريطانيا وفرنسا على شراكتهما الرائعة قائلًا "لقد أنجزت المهمة". وقد شدّد في تغريدته على القوة العسكرية لبريطانيا وفرنسا، كما أعطانا خيطًا حول النية الحقيقية لهذه العملية. فما حدث يشبه تمامًا ما يفعله الملاكم الذي يستعدّ لمباراة صعبة عندما يستعرض عضلاته ولسان حاله "انظروا كم أنا قوي!".

كانت مذيعة قناة CNN International قد طرحت ظهيرة أمس السؤال الذي نسأله لأنفسنا منذ سنوات على مستشار القناة الذي يحمل رتبة لواء متقاعد؛ إذ قالت:

"نتفهم إظهار الخط الأحمر إزاء استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا، لكن الأسد يرتكب مجازره الأساسية مستخدمًا الأسلحة التقليدية، فكيف سيتمّ إيقافه؟"

فكان ردّ المستشار العسكري ببرودة أعصاب مَن يعملون في البنتاغون ما مفاده:

"سوريا تشهد حربًا أهلية. اعتراض استخدام الأسلحة الكيماوية والغازات السامة شيء والتدخل في حرب أهلية شيء آخر".

إذن، يمكن أن نفض تجمعنا وكل واحد منا يذهب إلى عمله!

واشنطن لا تهتم لرحيل الأسد

لنعلم أنّ جميع العمليات العسكرية تنفذ في سياق هدف سياسي. فالجيش يرى وجهة النظر السياسية المقدمة له ويضع خططه العسكرية وفقًا لها ثمّ يتحرك لتنفيذها. ولهذا فلفهم إطار أيّ عملية عسكرية يكفي اقتفاء الأثر لمعرفة الهدف/الأهداف السياسية.

وعندما وصف ترمب الأسد بـ"الحيوان" بعد مجزرة دوما الكيماوية وأتبع ذلك بقوله "انتظري يا روسيا، صواريخنا قادمة"، اتضح أنه سينفذ عملية عسكرية في سوريا. لكن هذه التأكيدات الشديدة لم تقدم أيّ دليل على أنّ واشنطن ستغير سياستها في سوريا.

- يصف ترمب الأسد بالقاتل الذي يقتل شعبه بالغازات السامة، لكنّه لم يقدم أيّ معلومة جديدة حول إلى متى سيغضّ الطرف عن بقاء قاتل كهذا في السلطة.

- هل كان وراء العملية العسكرية أيّ مشروع سياسي يهدف لإنهاء المأساة السورية التي دخلت عامها الثامن؟ بالطبع لا.

- هل كان هناك أي شيء باستثناء مبادرة تؤكد أهمية عدم تجاوز الخط الأحمر واستخدام الأسلحة الكيماوية؟ كذلك لا.

أعتقد أنّ الأسد أراد عرض صورته وهو يدخل أحد قصوره حاملًا حقيبة "جيمس بوند" بينما صواريخ توماهوك الأمريكية تسقط حوله لأنه فهم إطار الرسالة المرسلة إليه قبل أي شخص آخر، ولأنه حصل على ضمانة بأن أيًّا من تلك الصواريخ لن تسقط فوق رأسه.

وفي هذه الحالة يمكن أن نتوقع أنّ الحرب السورية ستستمرّ مستقبلًا كذلك في إطار ديناميكياتها الخاصة كما كان الحال عقب الهجوم الصاروخي الأمريكي لليلة واحدة العام الماضي.

ماذا فعلت تركيا وكيف كان رد فعلها؟

تابعنا أنقرة وهي تظهر بمظهر متحفظ بدءا من الأسبوع الماضي، فبالرغم من صدور تصريحات رسمية تبدو داعمة للعملية، إلا أنّ الحكومة حاولت تجنب التحدث بأسلوب معاد لروسيا شريكتها على أرض المعركة في سوريا. وكان الرئيس أردوغان قد صرح قبل يومين قائلا: "نعتبر هذه العملية عملية صحيحة. فنظام كهذا أدرك أنّ هجماته لن تكون بدون رد. وسندعم من جانبنا مبادرات الحل في جنيف وأستانا".

بيد أن العبارات التالية التي وردت في التصريح ذاته وبدأت بجملة "للأسف فإن اللعبة التي تشهدها سوريا شيء آخر" تعكس الموقف الحقيقيّ لأنقرة:

"ما حدث في سوريا هو السكوت أمام ظلم النظام، ثم دعم تنظيم إرهابي سرا وإنزاله إلى الساحة، وبعد ذلك تنفيذ المخطط الأساسي بواسطة تنظيم إرهابي آخر. لا يمكن لأحد أن يتغاضى عن هذا، لكننا تحدثنا عنه دائما، لأننا حللنا لغز هذه اللعبة منذ وقت طويل".

وكان أردوغان يتحامل على أمريكا من خلال سياستها الأساسية التي تبدو أنها لم تتغير إلى اليوم.

وإذا بدأنا تحليل المسألة من النهاية نحو البداية، سنرى بوضوح أنّ السياسة الأمريكية في سوريا مبنية على ركيزتين رئيستين:

1- مدة فترة الحرب الأهلية في سوريا قدر المستطاع، وموت المزيد من المدنيين، ورفع عدد اللاجئين، وتدمير المزيد من المدن.

2- استغلال الإمكانيات التي قدمتها هذه الحرب ومعاقبة تركيا من خلال حزام تطويق تقوده منظمة بي كا كا الإرهابية.

يمكنكم العودة إلى الوراء وقراءة ما حدث في ضوء هاتين الركيزتين اللتين يرتكز عليهما إطار تصريحات أردوغان التي نقلتها أعلاه.

#محمد آجات
#أردوغان
#سوريا
#روسيا
6 yıl önce
ألم تكن هذه النتيجة واضحة منذ البداية؟
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان