|
شفرات العهد الرئاسي

عادة ما يبحث من يتعرض لغضب القوى العالمية لنفسه عن بطل.

كان الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، الذي تعيش بلاده ما عاشته ألمانيا في عشرينيات القرن الماضي بعدما تخطت نسبة التضخم 10 آلاف بالمائة، قد عبر القارات ليحضر أمس الأول مراسم الإعلان عن النظام الرئاسي التي استضافتها كلية رئاسة الجمهورية التركية في العاصمة أنقرة.

وكان مادورو، قبل وصوله إلى تركيا، قد وصف أردوغان بـ"زعيم العالم الجديد متعدد الأقطاب".

لماذا يضع مادورو تعريفًا كهذا؟

لأن هناك من يستحق أن يكون بطلا بعدما استطاع السير شامخ الرأس دون أن يستسلم لأذرع الأخطبوط السامة. فأردوغان قد تعرض للاستهداف من قبل الأجندات نصف المعلنة ونصف السرية لهذا النظام القائم. أو بالأحرى، إذا ما نظرنا إلى ما حدث خلال السنوات الخمس الماضية، سيكون بإمكاننا الحديث عن أجندة جرى التخطيط لها سرًّا وتنفيذها علنًا.

يعلم جميعنا أننا سمعنا قبل 5 – 6 سنوات عبارة "لقد أسقط النظام الدولي أردوغان من حساباته". ولو بادرنا إلى وضع تعريف نيابة عن أردوغان لهذه السنوات الخمس التي وصفها معظم الناس بـ"سنوات الصراع"، يمكننا أن نقرأ ما يحدث كوتيرة مستمرة مفادها "رؤية مخططات التصفية ومقاومتها بشكل علني وفضحها أمام الشعب والحصول على دعمه بعدما فطن الأمر".

ولنتذكر:

كان صلاح الدين دميرطاش قد "أقسم مكرّرًا" ثلاث مرات على عبارة "لن نجعلك رئيسًا للجمهورية" (أي أردوغان)، بينما كانت تركيا تستعد لانتخابات يونيو/حزيران 2015.

فلماذا قال هذا؟

كان ثمة شيء وحيد مطلوب منه هو وتنظيم غولن الإرهابي، ألا وهو عدم السماح لأردوغان أن يكون رئيسًا، لكنه صار رئيسًا بالفعل.

تردنا أخبار تفيد بأن المراسم المتواضعة التي أقيمت في كلية رئاسة الجمهورية قبل يومين قوبلت بالنواح والعويل لدى الأوساط التي فشلت في تنفيذ مخططاتها التي تستهدف أردوغان. وإذا ما نظرنا إلى من حضروا المراسم من خارج تركيا، سنرى أننا أمام انعكاسات شعور بعدم تقبل ما حدث كان سببا فيه عدم جني ثمار المخطط الذي وضعوه، أو دعونا نقل نفشل هذا المخطط بالكلية.

وإذا ما نظرنا إلى ما حدث خلال السنوات الخمس الماضية وما يمكن أن يحدث خلال السنوات الخمس المقبلة، فيمكننا أن نقول إننا بدأنا مرحلة سيصعب فيها وضع مخططات جديدة تستهدف أردوغان، وكذلك ضعف الأدوات متعددة الاستخدامات التي كانوا يلجؤون لاستخدامها في الداخل.

أي أن؛

- المخاطر الأمنية التي تواجهها تركيا تراجعت كثيرًا مقارنة بالماضي.

- كسرت شوكة تنظيمات غولن وداعش وبي كا كا الإرهابية.

- أصبحت تركيا قادرة على مواجهة تهديدات تلك التنظيمات خارج حدودها.

- أي أنها تستطيع الآن التخلص من هذه التهديدات قبل أن تصل إلى أراضيها.

الأمر ذاته ينطبق على الجانب السياسي، فلقد ولى العهد الذي كان يعتبر فيه حزب الشعوب الديمقراطي حزب العدالة والتنمية ويقدمه كقوة معادية، لا منافسًا سياسيًّا. هذا فضلا أن العمليات والخطابات "الفوضوية" التي كان يروج لها تنظيم غولن قد فقدت تأثيرها داخل تركيا على أقل تقدير.

نخلص إلى أن كل هذا يشير إلى أمر ما:

نحن أمام منظور لخمس سنوات سيقوى فيها مناخ الاستقرار والطمأنينة إذا ما استغللنا الإمكانيات المتاحة جيدًا.

وكان الرئيس أردوغان قد شدد خلال إعلانه عن "بيان النية" الخاص بالعهد الجديد على المسؤولية الواقعة على عاتقه بقوله "لم يعد هناك أي حجة"، كما تحدث عن العهد الجديد بوصفه عهد "الإحياء والتأسيس".

ولننقل هذا الكلمات التي استخدمها في بيان نيته:

"سيكون أول اختبار لنا مع البداية التي بدأناها باسم الله هو تحقيق أهدافنا لعام 2023. وما يقع على عاتقنا هو العمل بجد من أجل إحياء حضارتنا وإنشائها. وسنعمل على أن يستفيد جميع مواطنينا من جميع الحقوق والحريات وثروات بلادنا دون التفرقة بينهم على أساس الأصل أو المعتقد أو الانتماء أو المنطقة أو المدينة".

ونعلم أن أردوغان قد استقبل نتائج انتخابات 24 يونيو/حزيران، كما فعل أيام الانتخابات السابقة، في مناخ وقور غير منغمس في لذة النصر، بل وهو يركز على البحث عن حلول لمشاكل تركيا.

من أين لنا أن نعلم هذا؟

لأننا نعلم أنه كان يدعي بقوله "أدام الله علينا هذه الأيام" لكل من كان يتصل به ليشكره على الجهد الذي بذله خلال فترة الانتخابات.

لقد فتحت نافذة كبيرة أمام تركيا، اعتبارا من أمس الأول، من أجل "الإنشاء والإحياء" الذي تحدث عنه أردوغان؛ إذ لم تكن هذه الحقبة الجديدة عهدا يحمل فرصا متميزة لهذا البلد لخمس سنوات مقبلة.

وربما نشهد ظهور مناخ قادر على فتح الطريق أمام مجموعة من التكتيكات الجديدة لتكون تركيا دولة نموذجية ومصدر إلهام على المستوى الدولي.

ذلك أن مادورو، وكذلك أردوغان، ليس وحيدا في عالم اليوم الذي يشهد تحرك خطوط صدع النظام العالمي...

#محمد آجات
#أردوغان
#تركيا
#الانتخابات الرئاسية التركية
٪d سنوات قبل
شفرات العهد الرئاسي
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان