|
البحث عن طريق للخروج من المأزق

أريد أن أبدأ مقالي اليوم بنقل ما سمعته من إحدى الشخصيات المطلعة جيدا على ما يحدث خلف الأبواب الموصدة داخل الأنظمة العربية عموما والخليجية خصوصا وما هي الألاعيب القذرة التي تحاك ضد تركيا:

- تلعب الإمارات دورا محوريا في هجمات أسعار الصرف التي استهدفت تركيا في أغسطس / آب. هذه معلومة مؤكدة، فلا يكن لديكم أدنى شك.

- لقد حرضت كل من السعودية والإمارات ومصر رجالهم للتحرك من أجل تحميل تركيا مسؤولية جريمة اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي.

- إنهم يروجون لشائعات مغرضة مفادها "لا يمكن ارتكاب هذه الجريمة بدون تدخل من الأتراك، فبعض المسؤولين الأتراك متورطون في هذا الأمر". وللأسف فإن هذه الحملة بدأت تؤتي ثمارها الخبيثة.

علينا الوقوف قليلا عن الحديث عن الإمارات وولي عهدها أمير الظلام" محمد بن زايد. فنحن نتحدث في هذا المقام عن أمير عربي لم يبخل بالدعم المالي منذ أحداث متنزه غيزي بارك في تركيا، فسعى لإسقاط حكومة أردوغان أحيانا من خلال عمليات التضليل ومن ناحية أخرى عن طريق العمليات الفعلية على أرض الواقع. كما تتحدث الجهات الرسمية في تركيا عن أن بن زايد خصص 3 مليارات دولار لتمويل محاولة الانقلاب الفاشلة ليلة 15 يوليو.

وقد أجرى بن زايد قبل أيام زيارة إلى السعودية وعقد مباحثات سرية مع نظيره السعودي محمد بن سلمان. كان اللقاء سريا، لكن يمكننا أن نخمن بسهولة الموضوع الذي تشاور حوله هذا الثنائي.

ثمة سؤال أساسي حول قضية خاشقجي يتضمن – في الواقع – إجابته:

من أصدر الأوامر لمرتكبي الجريمة؟

ولا شك أن هناك سبب لتركيز الرئيس أردوغان كثيرا على هذا السؤال واتباعه استراتيجية إطلاع زعماء الدول الراغبين في الحصول على التسجيلات الصوتية الخاصة بوقت ارتكاب الجريمة وتكريره بالإصرار على عبارة "يجب كشف النقاب عن من أصدر تعليمات ارتكاب الجريمة".

ولنلق نظرة على التصريح الذي أدلى به أردوغان للصحفيين الذين رافقوه على متن الطائرة الرئاسية خلال عودته من باريس مؤخرا:

"التسجيل الصوتي يمثل كارثة بمعنى الكلمة. وهو ما لاحظته لدى السيد ترامب والسيدة ميركل والسيد ماكرون. هذا فضلا عن أن القتلة هم ضمن هذا الفريق المكون من 18 شخصا. نحن نريد الكشف عن هوية من أصدر التعليمات بالقتل".

"لقد صعق مسؤولو الاستخبارات السعودية عندما سمعوا التسجيل الصوتي لدرجة جعلتهم يقولون "لا بد أن من ارتكب هذه الجريمة تعاطى الهيروين، فلا يمكن لأحد فعل هذا سوى من تعاطى الهيروين". وبالرغم من هذا هناك من يسعون لتضليل حقيقة ما حدث".

وبحسب ما قاله ذلك المصدر الذي نسبت له الكلام في بداية المقال، فإن السعودية والإمارات ومصر، التي يحكمها السيسي الانقلابي، اتخذوا قرارا مشتركا بالتستر على جريمة خاشقجي وجعل الرأي العام ينساها، بل وتحميل تركيا المسؤولية عنها إن أمكن.

ولو لم تكن أدلة الجريمة قوية لدرجة مقنعة للجميع، لكانوا ربما قد أطلقوا منذ زمن بعيد حملة كبرى من أجل تحميل تركيا المسؤولية من خلال أعضاء اللوبي الذين يغدقون عليهم الأموال الطائلة. لكنهم مضطرون الآن لتطوير "استراتيجية" خروج مختلفة.

إذن، ماذا يمكن أن تكون استراتيجية الخروج هذه؟

كان وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو قد صرح في وقت سابق بأن هناك أدلة حول جريمة خاشقجي لم يتم إطلاع الرأي العام عليها بعد. فيشعر المرء بالرغبة في طرح سؤال حول ما إذا كانت الأدلة التي لم يكشف عنها حتى الآن تتضمن معلومات أخرى مهمة ربما تقودنا مباشرة إلى تحديد هوية من أصدر تعليمات ارتكاب الجريمة.

لا يخفى على أحد أن التسجيلات الصوتية، التي أطلعت تركيا عليها أجهزة استخبارات عدة دول، أقنعت الجميع بمن فيهم المسؤولين السعوديين، لكن مضمون هذه التسجيلات الصوتية لم يطلع عليها الرأي العام حتى الآن.

إن كل هذه أسئلة تبث الرعب في قلوب من أصدروا الأوامر بقدر من ارتكبوا الجريمة.

ولهذا السبب لا تبدو محاولة النجاة من هذا المأزق عن طريق تحميل تركيا مسؤولية الجريمة "استراتيجية خروج" ذكية.

وربما بدلا من ذلك أن يحاولوا التقدم من طرق جانبية ومحاولة إنقاذ الموقف مرة أخرى من خلال غريزة إلحاق الضرر بتركيا. وعندما يتحدث المرء عن الطرق الجانبية يمكن أن يخطر بباله الكثير من السيناريوهات المختلفة.

وربما نشهد خلال الفترة المقبلة ظهور محاولة جديدة تستهدف تركيا مباشرة عن طريق استغلال قوة المال وتحاول التأثير في الموقف الحازم الذي يتبناه الرئيس أردوغان من أجل الكشف عن ملابسات جريمة خاشقجي، بالضبط كما شهدنا ما حدث في أحداث غيزي بارك و15 يوليو وحملات أسعار الصرف في أغسطس الماضي.

وفي حالة حدوث أي تطور يحمل إمكانية وضع تركيا في موقف صعب خلال المرحلة المقبلة، ربما سيتحتم علينا أولا محاولة اقتفاء أثر هذا التطور من خلال هذه البلدان الثلاث.

لكن ربما يحدث عكس هذا الأمر.

ربما يتحول تلبسهم بارتكاب جريمة خاشقجي إلى عنصر يمنع من اعتادوا على العمل في الغرف المظلمة من التحرك من خلال سيناريوهات جديدة.

لكن هذا يعتبر سيناريو جيد.

وربما يتوجهون إلى ضربات جديدة تحت الحزام من أماكن غير متوقعة إطلاقا في اللحظة التي يشعرون بأريحية أكثر.

ولهذا السبب من الضروري أن نضع في حسباننا السيناريو السيئ أكثر من أي شيء آخر.

#محمد آجات
٪d سنوات قبل
البحث عن طريق للخروج من المأزق
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية