|
السؤال الأهم في 2019: من سيخرج رابحا من شرق الفرات؟

نلتقي بين الحين والآخر ونتجاذب أطراف الحديث حول بعض الأفكار مع أحد الأسماء العاملة في السفارة الإيرانية في أنقرة من أصحاب الخبرة في المجال السياسي وكذلك القضايا الإقليمية بحكم المنصب الذي يشغله.

زارتني الشخصية نفسها قبل يومين وتكلمنا هذه المرة بشكل مكثف حول تطورات ملف منطقة شرق الفرات.

وبهذه المناسبة سنحت لي فرصة اكتساب بعض الأفكار حول موقف طهران من بعض القضايا مثل "المنطقة الآمنة" ومستقبل بي كا كا/ي ب ج وما يمكن لتركيا وإيران فعله سويا.

كنت أعلم سلفا أن الإيرانيين يطرحون في مباحثاتهم مع نظرائهم الأتراك سؤالا مثيرا يهدف للتأثير في سياسة أنقرة في شمال سوريا. وأما السؤال فهو كالتالي:

"أيهما تريدون أن تروه على حدودكم: الدولة السورية أم بي كا كا؟"

وانطلاقا من هذا السؤال، طرحت أسئلة أخرى على هذا المسؤول الإيراني الذي زارني. كما أدليت بدلوي حول فكرة أن خيارا كهذا يمكن أن يدخل في المعادلة في حالة أن قضى نظام دمشق على منظمة بي كا كا الإرهابية باستخدام السلاح لو تطلب الأمر.

أما هو فحدثني عن المفاوضات التي عقدت بين نظام الأسد وبي كا كا/ي ب ج وأفضت في هذه المرحلة بالفشل، مشيرا إلى أن دمشق رفضت مطالب ي ب ج التي تضمنت إقامة اتحاد أو كيان مستقل، لكنها تعهدت "بضمان حماية" الأكراد في شمال سوريا.

ومن جانبي أبلغته بأنني أتوقع أن وجود ي ب ج لن يلقى أي قبول في أنقرة حتى لو كان مقتصرا على "ضمان الحماية". وبعد أن أخبرني بأن الولايات المتحدة لن تنسحب من المنطقة، وحتى لو انسحبت فلن تنفذ هذه العملية بالطريقة التي تريدها أنقرة، ثم اقترح بقوله:

"يمكن صياغة معادلة قادرة على تبديد مخاوف الجميع من خلال كيان رباعي يتشكل من تركيا وسوريا وإيران والعراق".

وفي النهاية فإن عملنا يركز على المتابعة والتعليق وليس اتخاذ القرار.

وكما نرى حاليا فإن أنقرة تتقدم في ملف شرق الفرات بشكل أكبر من خلال تحديد وجهتها عبر موسكو وواشنطن. لكن على أي حال، ربما يكون من المفيد ألا ننسى هذا النوع من المقترحات لمواجهة أي خدعة جديدة تخدع بها الولايات المتحدة تركيا.

وعلى كل، فلم هناك أحد إلا وعلم وأدرك أن الخداع الأمريكي كان هو المؤثر بالدرجة الأولى في توجه تركيا للتعاون مع روسيا وإيران وانضمامها إلى مفاوضات أستانا.

ومن ناحية أخرى فهناك حقيقة مفادها أنه بعد أن أعلن ترامب قرار الانسحاب من سوريا فإن الأوراق اختلطت من جديد وصارت تركيا هذه المرة ضمن الطرف الأقوى، وأن قدرتها على المناورة والمساومة قد زادت.

وإذا ما فكرتم قليلا في الجانب الأعمق من هذه المسائل، فستصلون إلى هذا النوع من الأسئلة:

"من سيحوز بطاقة الأكراد؟"

وهو سؤال يجعلنا نفكر في أسئلة إضافية من قبيل "من سيحمي أكراد سوريا؟" و"من سيقيم النظام في شمال شرق سوريا؟"

كنا قد فمنا من المقال الذي كتبه الرئيس أردوغان لصحفية نيويورك تايمز وأحدث ضجة كبيرة أن القضية بالنسبة لأنقرة ليست قاصرة فقط على القضاء على تهديد بي كا كا/ي ب ج.

وإذا ما نظرتم إلى ذلك المقال بوجه عام سترون أن أنقرة لا تقترح فقط إبعاد ي ب ج عن حدودها الجنوبية، بل تقول إنني "موجودة" من أجل حماية "أكراد سوريا".

ثمة مجموعة من المقترحات التي تعد بإقامة "مساحة حياتية" سلمية في شمال شرق سوريا مقل تشكيل مجالس محلية تقدم إمكانية التمثيل بشكل عادل حسب التوزيع السكاني، ونقل التجربة التركية في مجالات الخدمات مثل الصحة والبنية التحتية والخدمات البلدية إلى تلك المنطقة، وإرجاع الأطفال الأكراد الذين اختطفوا بقوة السلاح في سن صغيرة إلى أسرهم.

فتركيا قادرة على تقديم أكثر مما يقترحه نظام دمشق الذي لم يكن حتى يصدر بطاقات الهوية للأكراد حتى اندلاع الحرب الأهلية في سوريا.

ويمكن أن يكون قضاء حكومات حزب العدالة والتنمية والرئيس أردوغان على سياسات الدمج في تركيا والخطوات التي اتخذتها حكومة أنقرة في السنوات الأخيرة في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان، ولا تزال تدعمها حتى يومنا هذا، يمكن أن يكون مرجعا بالنسبة لمستقبل أكراد سوريا.

يعتبر الأمر كذلك في هذه النقطة، لكن نستطيع أن نرى أنه كذلك لا يعتبر حليفا لأنقرة ليلعب هذا الدور ويطالب بمستقبل سلمي. وفي هذا السياق تصبح مصطلحات مثل وضع الثقل وحمايته أكثر أهمية وقيمة.

إننا نحاول حل معادلة من الصعب تحقيق الممكن بها دون أن نستعرض المستحيل أمام الجميع.

وستشهد الأشهر الثلاث أو الأربع المقبلة الكثير من المفاوضات والمساومات المهمة في هذا الصدد. فكل اللاعبين ينفذون هجماتهم التكتيكية على لوحة الشطرنج. فنحن نقترب من فترة سيكسب فيها كل من يخطو خطواته بعدما يتوقع ماذا ستخبئه هجمات منافسيه التالية.

#محمد آجات
5 yıl önce
السؤال الأهم في 2019: من سيخرج رابحا من شرق الفرات؟
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية