|
العدالة والتنمية واختبار السوريين

كان حزب العدالة والتنمية خلال حملة انتخابات بلدية إسطنبول يبحث عن رئيس بلدية بإمكانه تحويل البلدية إلى قلعة للحزب بعد أن يكون قد اظهر نجاحه بإدارة منطقة.

لقد تم الاعتراض على أطروحتي التي تحدثت من خلالها أن أصوات العدالة والتنمية في البحر الأسود ومناطق الأكراد في انتخابات 31 مارس/آذار المحلية؛ قد تراجعت عن الانتخابات الرئاسية التي سبقتها.

وقالوا "لم يكن هذا سبب تراجع العدالة والتنمية بل إن الذي جعل أصوات العدالة والتنمية تتراجع هم السوريون".

ولقد استمعنا من مسؤولي حزب العدالة والتنمية حول استطلاع رأي أجراه المركز العام للحزب ما قبل انتخابات 31 مارس/آّذار، وكان "السوريون" على رأس الاستطلاع.

هل الواقع هذا حقًّا يا ترى؟

وهل باتت مسألة "السوريين" السبب الرئيسي لخسارة العدالة والتنمية في الانتخابات؟

أعتقد أننا كما صادفنا سابقًا أمثلة أخرى في أوقات أخرى، فإننا اليوم أمام نوع من تبنّي موقف يُظهر أبسط ردود الفعل وأضعف الحلقات.

هناك الذين بداخلهم رغبة في قول أشياء أخرى إلا أنهم لا يمكلون من الشجاعة الكافية لذلك، لذلك يلجؤون بالتهمة نحو السوريين، كونهم يعلمون أنّ هذا القول لا يولّد أي خطر إزاءهم.

قسم آخر وجدوا السياسيين قد وقعوا في مأزق خلال الانتخابات، فلجؤوا إلى وضع مشابه وذلك أيضًا من أجل الناخب.

على سبيل المثال، شخص يتحدث بالحقيقة بكل صدق قائلًا "لا يعجبني العمل ولا يجعلونني معجبًا به"، ليأتي شخص آخر ويقوم بتحويل الجملة إلى "لا أجد عملًا بسبب السوريين"، أما خلال الانتخابات تتحول إلى "لن نمنحكم أصواتنا وذلك بسبب السوريين".

والبطبع إن هناك من يظن بان الوطن عبارة عن ملكية أو عقار بطابو بقي له من أبيه، وأن قطعة من رغيف خبز مخبوز في تركيا لو كان من نصيب سوري لاجئ؛ لاعتبر الأمر بمثابة سرقة من حديقة فاكهة يملكها.

عندما يتم فتح ملف العنصرية المتصاعدة في أوروبا، فإن جميعنا بإمكانه أن يتحدث بكل رياحة واطمئنان.

الألمان هكذا، والهولنديون كذا، أما النمساويون فهم أصلًا كذا وكذا...

إلا أنني شخصيًّا لم أعد أستطيع التحدث بهذا القدر من الراحة حيال هذا الموضوع كما كنت سابقًا.

وإن قلتم لماذا، فلأنني أرى أن أعراض المرض الذي يطغى على أوروبا منذ قرون؛ أراه الآن في بلدي عندما يتم الحديث عن السوريين.

ولو لزم الأمر أن نتحدث بشكل أكثر صراحة؛ فإن نوع العنصرية الذي نعتقد أنه متجذر في أوروبا التي هي اليوم ترفض التصنيف على أساس العرقة أو الدين أو اللون، يتم التسويق له هنا.

وسأعطي مثالًا على ذلك

هناك صديق لي يعيش في أوروبا، يبدأ حديثه بالقول "ليست المشكلة في العنصرية أو في الأحزاب العنصرية".

ومن ثمّ يتابع بالقول "أصل المشكلة هي أن الأحزاب غير العنصرية باتت تستخدم خطابات قريبة من تلك التي تتبناها الأحزاب العنصرية، ظنًّا منها أنها تقطع الطريق أمام انتشار العنصرية".

دعونا الآن نقارن ذلك مع كلامنا

عندما يقول أحد ما من الفاشيين في ألمانيا "ليرحل الأتراك من هنا"، يقوم سياسيّ أو حزب ما لا يتبنّى سياسة ترحيل الأتراك من هناك ينجرف ضمن السلوك الأول، ليقول ما معناه أن على الأتراك أن يكون صلحاء، ظنًّا منه أن ذلك يخلق نوعًا من التوازن.

هذا صحيح، ولكن حينما تقل رغبة الناس برؤية أحد مقلّد بينما الأصل موجود، فإن النتيجة تكون في صالح تصاعد الأحزاب العنصرية في أوروبا.

لقد شهدنا خلال الفترة الأخيرة أجواء سياسية مماثلة لذلك، عبر استخدام السوريين في تركيا.

إن حزب العدالة والتنمية في تركيا والذي تبنّى سياسة "الباب المفتوح" منذ العام ٢٠١١ وفق مبدأ يضاهي مفهوم "المهاجرين والأنصار" إزاء هجرة السوريين من الحرب الدائرة في وطنهم؛ نراه اليوم قد بدأ يواجه صعوبة في الحفاظ على موقفه ذاك في وجه المناخ السياسي السائد والقائم على دعاية "ليرحل السوريين ليذهبوا من هنا".

تتابعون في الأيام الأخيرة القوانين الجديدة التي بدأ تطبيقها بخصوص السوريين المهاجرين.

ولقد شارك والي إسطنبول يوم الاثنين الماضي، بيانًا حول ذلك تحت عنوان مكافحة الهجرة غير النظامية.

ولقد تضمن البيان أنه تم إعطاء مهلة للسوريين الذين يقيمون في إسطنبول وقيودهم في النفوس بولاية أخرى، حتى يوم ٢٠ أغسطس-آب من أجل العودة للولايات التي قدموا منها.

في الأصل لا يوجد شيء جديد هنا.

في الأصل هناك ما ينصّ على أنه يلزم على الجميع الإقامة في الولاية التي سجّل بياناته فيها.

أيضًا وزير الداخلية التركي سليمان صويلو فقد رسم معالم تلك القوانين الجديدة حينما قال "لم تتغير استراتيجية الهجرة، ولكننا سنواصل طريقنا في سياق الحفاظ على النظام العام".

لا شك لدي في حسن نية الوزير صويلو.

كما أن لا شك في أن رؤيته العامة هذه تصب في حماية وتأمين الذين تمذ تهجيرهم إثر الحرب.

والي إسطنبول علي يرلي كايا معروف بنجاحاته في عملية دمج السوريين بولاية غازي عنتاب عبر الخطوات التي اتخذها هناك، وبهذا المعنى قد أثبت أنه مصيب فيما يفعل.

لا يمكن لأحد أن يقول شيئًا أمام ما يتمّ تطبيقه عبر نية "الحفاظ على النظام العام".

ولكن بينما يتم تطبيق هذه الرؤية، ينبغي الإشارة وبقوة إلى أنه ليس هناك تغيير ما على مدار ٨ سنوات.

وخلافًا ذلك، فإن الفرق ما بين ذلك وبين من يقولون أن على السوريين أن يرحلوا؛ سكيون غير واضح.

#السوريين
٪d سنوات قبل
default-profile-img
العدالة والتنمية واختبار السوريين
إدراك شهر رمضان في غزة
برنامج رمضان (2)
استعداد حازم للقضاء على الإرهاب
خفض العجز في الميزان التجاري الحالي
برنامج رمضان (1)