|
بماذا تخبرنا آخرُ التطورات في ليبيا؟

إنهم يعترفون في السرّ بالهزيمة، يقولون "لقد حصل كما أردتم، وأن رئيس حكومة الوفاق الليبية" السراج رجل يُوثق به مقارنة بحفتر"، إلا أنهم يمتنعون عن قول ذلك على العلن لأنه سيعتبر اعترافًا أمام تركيا".

هذا ما قاله لي في الواقع أحد المسؤولين رفيعي المستوى في أنقرة، ممن يعملون على ملف ليبيا وملفات أخرى تخص تركيا ليل نهار.

إنه يشير بهذه الكلمات إلى المسؤولين الغربيين الذين حتى لا يمكن موقفهم بشكل كامل وواضح حيال القضية الليبية.

يجب اعتبار "القضية الليبية" مسألة داخلية بالنسبة لتركيا

إن حديث الرئيس أردوغان بشكل متكرر عن الملف الليبي حتى ما بعد بدء أزمة كورونا، يعتبر إشارة واضحة على أن انقرة تولي هذا الملف اهتمامًا فائقًا.

تمكنت الاثنين الماضي قوات الوفاق التي تتلقى دعمًا مفتوحًا من أنقرة، والمعترف بها بشكل رسمي من قبل الأمم المتحدة، من السيطرة على قاعدة الوطية العسكرية ذات الأهمية الاستراتيجية.

وهذا خبر سيء للغاية في الواقع بالنسبة لميليشيا حفتر الانقلابي، حيث تعتبر هذه القاعدة التي يسيطر عليها منذ 2014المركز الرئيسي للغارات الجوية التي كان يشنها. أما الآن فقد فقدوا هذه القاعدة المهمة.

أما مسؤولو حكومة الوفاق فلقد أعلنوا أنهم مستمرون بالتقدم حتى تحرير جميع المدن الليبية. وإلى جانب ذلك فإن ما وصل إلينا من المسؤولين في أنقرة يشير إلى أنهم يفضلون استخدام لغة حذرة بدلًا من الانشغال بفرحة النصر.

بعض ما يقوله المسؤولون الأتراك: “يد السراج باتت أقوى من ذي قبل، وتصريحات الناتو تشير لذلك، إنها مهمة. من ناحية أخرى، الأمور في ليبيا طالما تسير على أرضية زلقة وغير ثابتة، العشائر مثلًا تختلف وتتناحر فيما بينها من وقت لآخر، أو تغير الصف الذي كانت تقف فيه بالأمس".

لا تتراجع كل من روسيا والإمارات ومصر عن تقديم الدعم لحفتر

هاتف الرئيس أردوغان قبل أيام رئيس حكومة الوفاق الليبية، فائز السراج. وإن السراج يدرك أن التقدم الأخير تحقق بفضل الدعم الذي قدمته أنقرة، وذلك قبل عام من الآن حينما كان حفتر يتقدم نحو طرابلس، حينها طرق السراج بابا تركيا قائلًا "لا يوجد أمامنا باب آخر".

السلاح الجوي الذي أثبت مهارته وتفوقه في إدلب، يقوم الآن بالمهمة نفسها في ليبيا.

الأخبار مؤخرًا تحدثت عن تدمير منظومتي دفاع جويتين من طراز "بانتسير" الروسية.

لكن على الرغم من ذلك فإن الدول الداعمة لحفتر كروسيا والإمارات ومصر لم تتراجع عن دعمها له.

المسؤول الذي تحدثت إليه أنقرة، أشار إلى أن موسكو وأبو ظبي على وجه الخصوص تقومان بإرسال شحنات عسكرية بشكل كبير لقوات حفتر، وأن بعض الشحنات تم فيها استخدام إمكانيات نظام الأسد في سوريا.

كما أن الإمارات هي من تتولى تمويل هذه الشحنات والدعم العسكري. بالطبع فشلت الإمارات مسبقًا في مشروع تجنيد شباب سوادنيين. حيث قامت الإمارات بخداع مواطنين سوادنين وأنها سترسلهم إلى ليبيا من أجل العمل، لكن عندما وجدوا أنهم جاؤوا من أجل الحرب رفضوا وفضحوا الإمارات. إلا أنها أي الإمارات تريد تكرار ذلك ولكن من خلال نظام الأسد.

لقد أصيبت الإمارات بغشاوة على أعينها في سبيل معاداة تركيا والعمل ضدها، لدرجة أنها تريد فعل أي شيء والاستنجاد بأي شيء من أجل مناوئة تركيا فقط.

لقد وصل الأمر بالإمارات إلى أنها عرضت على نظام الأسد المال من أجل تعطيل اتفاقية وقف إطلاق النار التي تمت بين تركيا وروسيا مطلع مارس الماضي.

المسؤول التركي الذي تحدثت إليه والذي تحدث عن دور الإمارات وما تفعله في هذا الصدد، قيّم الدور الروسي في ليبيا على أن له منحى خاصًّا ومختلفًا.

حيث يرى أن بوتين الذي أصر على الاحتفاظ بسوريا من أجل معادلة البحر المتوسط، يسعى الآن لتقوية نفوذه في ليبيا من أجل الغرض ذاته، مستفيدًا من تشتت الغرب حيال الملف الليبي.

ويتابع بالقول "بوتين يملأ الفجوات التي خلفها الغرب، وحالة الفوضى وعدم التركيز قد أعطت لبوتين فرصة كبيرة بهذا الصدد. لقد تمكنت موسكو من تأسيس حط جوي يمتد من قاعدتها حميميم بسوريا حتى ليبيا".

بعد هذه التقييمات حيال الدور الروسي والإماراتي وغير ذلك، يتحدث المسؤول التركي عن حفتر بشيء من الحيرة:

"نعلم أن حفتر هو اسم صنعته وكالة الاستخبارات الأمريكية وجلبته إلى ليبيا. يعني هو في النهاية تربى على يد الولايات المتحدة، أما الآن فإن روسيا هي من تستخدمه!، هذا لوحده ألا يكفي مثالًا على حالة الفوضى التي تضرب الولايات المتحدة؟.”.

نعم إن الولايات المتحدة ليس في ليبيا فحسب، بل في العديد من الملفات باتت تكشف عن حالة فوضى تعيشها وخلل ذهني إن صح التعبير، لطالما عمل ولا يزال يعمل بوتين الذي يعتبر من أصول استخباراتية على استغلاله وتحويله لصالحه. لكن على الرغم من ذلك فإن الصورة المهائية طالما تخبرنا بشيء مختلف.

إن من الحقيقة بمكان هو أن حفتر بما يملكه من دعم عسكري روسي، ودعم مالي مفتوح من الإمارات، وما يتخذه من إيديولوجية وعقلية السيسي الانقلابي في مصر؛ لم يستطع ولم ينجح من السيطرة على طرابلس التي قال أنها سيأخذها، بل على العكس بات الآن يفقد ما بيده. وإن مسألة استعادة حفتر لما فقده أو للقوة التي كان عليها يبدو شيئًا مستحيلًا.

#ليبيا
4 yıl önce
بماذا تخبرنا آخرُ التطورات في ليبيا؟
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن