|
انتباه! اليونان تحاول التنفيس عن غضبها عبر أتراك تراقيا الغربية

"لو سئلت عن الطابع أو السمة المشتركة بين جميع اليونانيين، بدءًا من جامعي القمامة في الشوارع إلى رئيس الجمهورية، لأجبت بأنّ السمة المشتركة هي "تركيا فوبيا".

إنها جميلة أول ما وقعت بين يدي في النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، خلال قيامي بإجراء بحث حول العلاقات التركية-اليونانية، لأحد الأكاديميين الكبار الذين قاموا بأبحاث عميقة حول اليونان.

أرى الآن أنه لم يتغير شيء عن ذلك اليوم. وحينما نسقط هذه العبارات على أي قضية أو تطور يحصل، نجد أنّ هناك بالفعل شعور "تركيا فوبيا" لا إرادي ينطبق على كل الحالات.

مثلًا، تجدهم حينما ينظرون إلى فرنسا التي يعتقدون أنها ستظل واقفة وراء ظهرهم، يسرفون في التبجّح والوقاحة، لكن حينما يخطر ببالهم أنهم ربما يبقون وجهًا لوجه أمام تركيا يشعرون بخوف يجلجل أعماقهم.

لقد كان هناك مؤخرًا تطور بارز يشير بوضوح إلى حالة الهلع التي تسكنهم. حيث أقام الجيش اليوناني بكل تجهيزاته بما فيهم الكوماندو بإجراء مناورات عسكرية، في قرية "غوكجة دره" المحتلّة التابعة لتراقيا الغربية.

إنهم عبر تلك المناورات تعمدوا إرهاب الجالية المسلمة التركية ذات الأقلية في تراقيا الغربية. يغلقون المدارس ويقتحمون مراكز التعليم، كما يحاولون دمج الأتراك في تراقيا الغربية.

لا بد أن نأخذ تراقيا الغربية بعين الاعتبار، حين متابعة التوتر المتصاعد بين تركيا واليونان حول شرق المتوسط. حيث كانت ولا تزال أثينا تستخدم نفوذها هناك بطريقة سيئة على مدار عشرات السنين.

إن أثينا تقوم بانتهاك بنود "الأقلية" ضمن اتفاقية لوزان، كما تقوم بمحاولة الدمج (كما تفعل الصين مع أتراك الأيغور) بهدف القضاء على الهوية المسلمة-التركية في تراقيا الغربية.

أكتب هذا المقال وعلى طاولة مكتبي تقريرٌ أعدته رئاسة أتراك المهجر والمجتمعات ذات القربى التركية "YTP”، حول الانتهاكات التي تتعرض لها الأقلية التركية في تراقيا الغربية، للعام 2019-2020.

وقبل الانتقال إلى تلك الانتهاكات، دعونا نوضح بعض المعلومات الصغيرة لمن لا يعرفها:

يشكل الأتراك الذين يعيشون في تراقيا الغربية عبر تعداد سكاني يصل إلى 150 ألف نسمة، الأقليةَ الأهمّ في اليونان. يتوزعون على 3 مناطق رئيسية هي؛ غومولجينا، وإسكيتشه، وماريتش.

لننتقل الآن إلى التقرير الخاص بانتهاكات حقوق الإنسان في تراقيا الغربية.

لا تعترف اليونان بأن أتراك تراقيا الغربية أتراكًا. ولنلاحظ معًا إلى تصريح يوناني رسمي بهذا الخصوص، على لسان الرئيس اليوناني حين زار تراقيا الغربية في فبراير/شباط الماضي، لم يقل كلمة "أتراك" على الإطلاق، بل صرّح قائلًا: "الذين يعيشون في تراقيا الغربية كأقلية، هم يونانيون مسلمون، وهذا لن يتغير أبدًا".

لا يقف الأمر بالطبع عند حدود عدم الاعتراف بتركية هذه الأقلية، بل حتى حقوقهم النابعة من كونهم مسلمين لا يتم الاعتراف بها أيضًا.

كما أورد تقرير رئاسة أتراك المهجر التركية ما يلي:

"حين الاطلاع على وضع الطلاب في هذه الأقلية والمدارس التي يتوجهون إليها، يبدو من الواضح عدم الاكتراث لحساسيتهم الدينية، حيث يتم وضع أيقونتي المسيح عيسى عليه السلام والسيدة العذراء في كل صف دراسي، في عملية ممنهجة من أجل دمجهم والقضاء على هويتهم الدينية".

من الملاحظ في التقرير أن منهجية "الدمج" التي تسير عليها اليونان في تراقيا الغربية ضد الأقلية التركية المسلمة، إنما تبرز غالبًا في مجال التعليم. حيث بات من الواضح أن عملية إغلاق مدارس تلك الأقلية هناك بات سياسة تسير عليها اليونان منذ وقت.

لقد تم إغلاق 8 مدارس للأقلية المسلمة التركية خلال الأيام القليلة الفائتة فقط. وبينما كان هناك 231 مدرسة قبل 25 عامًا من الآن، فقد انخفض عدد تلك المدارس اليوم إلى 115 مدرسة تابعة للأقلية التركية المسلمة في تراقيا الغربية.

وعلى صعيد آخر، هناك قرارات جديدة حول الضغوط التي تمارسها اليونان على المدارس، وتتزامن تلك القرارات مع الأزمة في شرق التوسط. حيث ألزمت اليونان خريجي مدرستي من مدارس الأقلية التركية المسلمة في منطقتين بتراقيا الغربية ممن يتخرجون من مدارس تشبه مدارس "الإمام خطيب" في تركيا، بالالتحاق بمراكز انضباط حتى يتم معادلة شهاداتهم.

منذ العام 2018 تقوم الإدارة اليونانية بممارسة الضغوط والترهيب بحق هاتين المدرستين، ومن الملاحظ أنها زادت من حدة ذلك مع ازدياد حدة التوتر المتصاعد في شرق المتوسط. لدرجة أنها أعلنت مؤخرًا بموجب قرار برلماني تم نشره في الجريدة الرسمية، بتاريخ 29 يوليو/تموز الماضي، يقضي بإغلاق هاتين المدرستين في غومولجينا، وإسكيتشه بتراقيا الغربية. فضلًا عن تسريح الطاقم الإداري والتدريسي في المدرستين وإنهاء عقودهم.

هذه الخطوات التي تتخذها الإدارة اليونانية تشير إلى أنّ أثينا لم تكن يومًا ما تحمل نية حسنة تجاه الأقلية التركية المسلمة.

هذه السياسات النابعة من نية خبيثة، لا تعترف أصلًا بهويات الناس ولا تحترمها، معرّضة لأن تكون بحدة أكبر وبحجم أكبر من الضغوط والترهيب تزامنًا مع الأزمة التي يمرّون بها في هذه الأوقات.

إنهم يريدون التنفيس عن غضبهم من تركيا، عبر هذه الأقلية المستضعفة في تراقيا الغربية.

ولذلك السبب حين متابعة تطورات التصعيد المستمر بين تركيا واليونان في شرق المتوسط، علينا أن لا نصرف نظرنا عن تراقيا الغربية وأقليتها التركية المسلمة.

#تراقيا الغربية
#تركيا
#اليونان
#شرق المتوسط
4 yıl önce
انتباه! اليونان تحاول التنفيس عن غضبها عبر أتراك تراقيا الغربية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان