|
المواجهة في الميدان تفسح المجال للتفاوض على الطاولة

يبدو أن التطورات حول أزمة شرق المتوسط، التي كانت لفترة من الوقت تشير إلى أنها تتجه نحو مواجهة ميدانية، تفسح المجال الآن للدبلوماسية أي لطاولة المفاوضات بمعنى آخر.

إن إكمال سفينة أوروتش رئيس مهامّها في سواحل البحر المتوسط، ومن ثم العودة إلى شواطئ أنطاليا؛ حتى ولو كان ذلك لأسباب تقنية مثل الإمداد وتغيير الموظفين والصيانة الروتينية وما شابه، إلا أن ذلك في الوقت ذاته يعني منح فرصة للدبلوماسية.

دعونا نلقِ نظرة على ما شاركه المتحدث الرئاسي إبراهيم قالن:

“يجب أن لا تضيّع اليونان والدول الأوروبية الفرصة المتاحة للدبلوماسية وأن تتخذ الخطوات المناسبة. حل مشاكل شرق المتوسط من خلال الطرق السلمية أمر ممكن. إن المناهج العقلانية والشاملة التي تستند إلى الأحقية والإنصاف لا بد أن تقدّم إسهامات بنّاءة بهذا الخصوص. إن تركيا ليس لها مطامع في أرض أحد، إلا أنها مصممة في الوقت ذاته على عدم السماح لأحد بسلب حقوقها".

كذلك الأمر كانت التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية مولود تشاووش اوغلو، خلال لقائه مع قناة "إن تي في" التركية، مهمة للغاية.

التصريحات التي وجّه فيها دعوة إلى اليونان، تعطينا في الوقت ذاته ملخصًا لما يجب فهمه عندما نتحدث عن أزمة شرق المتوسط: “لا ينتهي هذا التوتر طالما أن اليونان لا تتراجع عن خريطة "إشبيلية" (سيفيلا)، ولا تحترم مسألة الجرف القاري بالنسبة لتركيا".

عقب تلك التصريحات التي صدرت عن أنقرة، نجد أن رئيس الوزراء اليوناني ميكوتاكيس أعطى الضوء الأخضر للجلوس على الطاولة.

وكان ميكوتاكيس نفسه قد صرّح قبل يوم أمس، حول هذا الأمر حينما قال "مستعدون للدخول في محادثات مباشرة مع تركيا من أجل تعيين مناطق الصلاحية البحرية، في بحر إيجة والبحر المتوسط".

إذن في ضوء هذه التصريحات من كلا الجانبين، نرى أن سيناريوهات الصراع والحرب تم نسفها في الهواء الآن، واتجهت الأنظار نحو الطاولة، وستولّد معها أسئلة حول نوع النتائج التي ستخرج عن ذلك.

أما حزب الشعب الجمهوري (أكبر أحزاب المعارضة في تركيا) فهو كما تعلمون...

حينما ترسل سفينة أوروتش رئيس يقولون أن تركيا ها هي بقيت وحيدة ليس بجانبها أحد، وحينما تطرق باب الدبلوماسية يقول أنك قدّمت تنازلات.

حينما عادت سفينة أوروتش رئيس إلى سواحل أنطاليا بعد أن أكملت مهامها في البحر المتوسط، دعا رئيس الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، مسؤولي حزبه لاجتماع استثنائي على الفور، ثم خرج ليقول بأن حزبه يقيّم هذا الأمر على أنه تنازل.

وصلني هذا التصريح وقد أرفقه لي برسالة، أحد الأشخاص الذين لهم دور في آليات العمل في ملف الشرق المتوسط، وقد عقّب رسالته تلك بسؤال مختصر؛ "ماذا يمكن أن نفعل حيال تصريح من هذا النوع؟".

دعونا أولًا ننظر للتصريحات التي صدرت عن الشعب الجمهوري.

- وسألخص تلك التصريحات على النحو التالي:

"مجلس الإدارة المركزي في حزب الشعب الجمهوري يراقب عن كثب التطورات في السياسة الخارجية، لا سيما ملف شرق المتوسط. وفي هذا السياق، نعتبر أن عودة سفينة "أوروتش رئيس" في سواحل أنطاليا بعد أن كانت تزاول مهامها في شرق المتوسط، بمثابة "تنازل"، وإن الشعب الجمهوري يدعو الحكومة أن لا تقدّم تنازلات في قضايا الشعب العادلة".

بالطبع ليست المرة الأولى التي نجد أنفسنا أمام نوع من هذه المواقف، ولذلك لا نجد أي صعوبة في التصدي لها. لقد رأينا في العديد من الأمثلة في قضايا أخرى، أن حزب الشعب الجمهوري خلال إعلان مواقفه حيال مسائل متعلقة بالأمن والسياسة الخارجية، فإنه لا يعلنها في ضوء مصلحة البلد، بل في ضوء مناوئة الحكومة فقط.

لقد رأينا ذلك مرارًا وتكرارًا في الملف السوري.

وبينما الجميع يدرك محاولات إنشاء دولة لمنظمة بي كا كا الإرهابية على حدودنا الجنوبية، فإن كليجدار أوغلو يتساءل فميا لو كان تنظيم "ي ب ك" (الذراع السوري لمنظمة بي كا كا)، يهاجمنا.

وعندما بدأت العمليات العسكرية لإيقاف تلك المحاولات وجدنا أن كليجدار أوغلو انزعج من ذلك كثيرًا.

لكنه حينما وجد ضغطًا من الرأي العام الذي أيد العمليات العسكرية، دعمها مكرهًا، إلا أنه مع ذلك لم يتمكن من إخفاء احتقانه من هذا الأمر.

والأمر الآن في قضية شرق المتوسط لا يختلف كثيرًا عن هذا المثال. حيث تجدهم في كل الحالات يعثرون على اتجاه معاكس يرسون عيله.

بينما كانت سفينة اوروتش رئيس تزاول مهامها في البحر المتوسط، كانوا يقولون "بقينا لوحدنا ولا أحد بجانبنا"، وعندما عادت للسواحل التركية قالوا "هذا تنازل"..

لدرجة أن الإنسان أحيانًا يتساءل فيما لو ستصدر مفاجأة مغايرة لهذا الوضع يومًا ما.

#شرق المتوسط
#الشعب الجمهوري
#تركيا
4 yıl önce
المواجهة في الميدان تفسح المجال للتفاوض على الطاولة
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية