|
هل لا تزال العلاقات مع الولايات التحدة قابلة للتوقّع في عهد بايدن؟

أجرينا مقابلة مع وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، الأسبوع الماضي، حول تقييم السياسة الخارجية لعام 2020، وكان من اللافت تصريحه حينما كان يجاوب عن أسئلة حول عهد بايدن القادم، حيث قال؛ "نريد أن نرتقي بعلاقاتنا مع الولايات المتحدة إلى مستوى يمكن فيه تنبّؤ تلك العلاقات مستقبليًّا".

بالطبع إن مفاد أن تكون العلاقات الثنائية بين الطرفين في مستوى يمكن من خلاله التنبؤ بتلك العلاقات، لا يعني بالضرورة أن يتم الاتفاق بين الطرفين في كل قضية.

على سبيل المثال، حينما تفصح عن عدم قبولك لأمر أنت لا تقبل به، فهذا يعتبر شكلًا من أشكال التوافق على توضيح وجهات النظر، وبالتالي هذا سيؤدي إلى إمكانية التنبؤ في ظل هذا الوضوح. لكن مع ذلك لا ندري إن كان الأمر يمكن أن يسير على هذا النحو، إلا أنه بكل حال يمكن أن يبقى هذا مجرد احتمال أو خيار يعكس طابع العهد الجديد للعلاقات الأمريكية-التركية.

قبل أسابيع جمعتنا مأدبة إفطار مع نائب الرئي سالعام لحزب العدالة والتنمية، نعمان كورتولموش، وحين الحديث عن صواريخ إس-400، أجاب بالقول؛ "لماذا نتحدث دومًا عن هذه القضية، هناك جوانب أخرى أيضًا، لماذا لا نتحدث عمّا تفعله الولايات التمحدة أيضًا؟ عن دعمها لمنظمة غولن الإرهابية وتنظيم بي يي دي/ي ب ك الإرهابي؟".

هل يمكن أن نعتبر ما طرح نائب رئيس حزب العدالة والتنمية خاطئًا أو مجانبًا للصواب؟

دعوني أنقل لكم أيضًا بعضًا مما صرح له وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، خلال لقاء صحفي جمعنا قبل وقت قصير، حينما وجهت عليه سؤالًا حول هذه القضية، أجاب قائلًا:

"صواريخ إس-400 الروسية ليست أكبر مشكلة بيننا وبين الولايات المتحدة، بل هناك النقاش حول أن تنظيم بي يي دي/ي ب ك إرهابيّ أم لا؟ يجب أن نبدأ من هذه النقطة. يجب على أصدقائنا في الولايات المتحدة الإجابة عن هذا السؤال، كما يجب تحديد وصف هذا التنظيم أولًا. كما أنهم يعترفون بأن منظمة بي كا كا إرهابية، عليهم الاعتراف بأن هذا التنظيم ذراعها السوري".

نعيد السؤال مرة أخرى، هل يعتبر تصريح الوزير أو نائب رئيس العدالة والتنمية؛ خاطئًا أو مجانبًا للصواب؟ بالطبع لا.

لا يمكن النظر إلى شراء تركيا صواريخ إس-400 من روسيا بشكل منفصل عن دعم الولايات المتحدة لتنظيم "بي يي دي/ي ب ك"

لو تم عرض هذه القضية على قاضٍ عادل، فلا شك أن موقف تركيا سيكون محقًّا مئة بالمئة.

حينما أصدر تنظيم "بي يي دي" عن ولائحه للمرة الأولى في سوريا عام 2003، كان من الواضح للغاية أن عناصره وعناصر تنظيم "ي ب ك" الإرهابي إنما يتلقون أوامرهم من قنديل حيث مقر منظمة بي كاكا الإرهابية، وكان العلاقات بين الطرفين واضحة كعين الشمس، لدرجة تغنينا عن كتابة هذه الكلمات الآن حول التشكيك بهذه العلاقاة، إذن بناء على ذلك ألا تعتبر تصريحات الولايات المتحدة بعدم تبعية هذين التنظيمين لمنظمة بي كاكا الإرهابية؛ بمثابة استخفاف بعقولنا؟

من الملاحظ طبعًا أنهم على الصعيد الرسمي لم يتخلوا عن الخطاب ذاته، لكنهم بكل حال بدؤوا فيما بعد بتوخي مزيد من الحرص على عدم الحديث عن هذه العلاقة المكشوفة.

هناك نقطة مهمة أيضًا:

لا يمكن لأحد فهم الأمر على حقيقته، من خلال التركيز فقط على شراء تركيا صورايخ إس-400 من روسيا، بل يجب النظر أيضًا إلى جواب "لا" من قبل أمريكا على طلب تركيا شراء منظومة باتريوت الجوية، إضافة إلى محاولة الانقلاب الفاشلة 15 يوليو/تموز 2016، وحالة الاستياء التركي من مواقف الولايات المتحدة، التي كانت تغضب أنقرة مرارًا.

لا شك أن يوم 15 يوليو/تموز كان علامة فارقة بهذا المعنى

بينما كان اتفاقية شراء منظومة دفاع جوي من الصين على وشك الانتهاء، في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، سرعان ما توقفت فجأة بضغط من الولايات المتحدة.

إلا أننا نجد تركيا حينما وجدت الولايات المتحدة مستمرة في دعمها لتنظيمات إرهابية تهدد أمن أنقرة القومي، بالإضافة لوقع محاولة الانقلاب الفاشلة 15 يوليو/تموز، لجأت إلى شراء صواريخ إس-400 من روسيا، بعد أن عبّرت مرارًا وتكرارًا عن غضبها من دعم الولايات المتحدة للتنظيمات الإرهابية، دون أي تراجع يُذكر.

وإذا كان الأمريكيون لا يزالون يتساءلون فميا بينهم عن عدم تمكنهم من ثني أنقرة عن شراء صواريخ إس-400 من روسيا، عليهم أن يراجعوا حساباتهم وينظروا في دعمهم لتنظيم "بي يي دي/ي ب ك" الإرهابي، وكيف أثاروا غضب أنقرة جرّاء ذلك.

الولايات المتحدة تتحدث عن صواريخ إس-400 وتركيا تقول: توقفوا عن دعم "بي يي دي/ي ب ك"

وفي العودة على اللقاء الذي أجريناه مع تشاووش أوغلو وزير الخارجية، الأسبوع الماضي، فقد صرح بأن الاتصال مع إدارة بايدن الجديدة سيبدأ اعتبارًا من 20 يناير/كانون الثاني الجاري.

ويجدر بالذكر أن هذه المعلومات قد تم تقديمها كذلك، للسفير الأمريكي في أنقرة.

هناك مؤشرات تشير إلى أنه مع بداية عهد بايدن، ستبدأ عملية محادثات تتم من خلالها مناقشة القضايا التي تخص الطرفين. وحسب المعلومات فإن قنوات الاتصال ستبدأ اولًا عبر المؤسسات.

ومع بدء تلك المحادثات سيكون من الواضح فعلًا ما هي القضايا التي سيطرحها الطرفان أولًا على الطاولة.

ولا شك أن الولايات المتحدة ستطلب من تركيا التخلي عن صواريخ إس-400، وبالمقابل ستطلب تركيا منها التوقف عن دعم تنظيم "بي يي دي/ي ب ك".

وحلو هذه النقطة نذكر أن رئيس تحرير صحيفة حرييت، أحمد حاكان، أجرى لقاء مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار قبل أمس، وخلال اللقاء صرّح أكار؛ "لبس من الصواب أن نرفع السيوف في وجه إدارة بايدن من الآن وهو لم يبدأ بعد. بل علينا مراقبة الوضع والتصرف وفق ذلك. سنقول لهم أن تنظيم بي يي دي/ي ب ك هو مثل منظمة بي كا كا الإرهابية تمامًا. وعليهم فهم هذا، وبناء على ذلك نتوقع أن يتوقف الدعم عن هذا التنظيم، بما في ذلك تقديم الذخائر".

ربما يرغب الأمريكيون بالبدء بقضية صواريخ إس-400 أولًا، إلا أن ذلك يتوقف على إيقاف وقطع دعمهم لتنظيم "بي يي دي/ي ب ك"، فإن فعلوا ذلك وفتحوا صفحة جديدة، فلا شك أن الأمر سيكون سهلًا على صعيد إنشاء أرضية مشتركة وأكثر ملائمة لاستمرار العلاقات.

#تركيا
#الولايات المتحدة
#صوايخ إس-400
#بايدن
3 yıl önce
هل لا تزال العلاقات مع الولايات التحدة قابلة للتوقّع في عهد بايدن؟
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان