|
نهج أنقرة إزاء الولايات المتحدة: التحرك وفق سياسة "انتظر وراقب حتى يونيو/حزيران"!

لنبدأ القول أن هناك ما لا حصر له من فوائد في كون الحزب الحاكم في تركيا يتعامل مع قضايا السياسة الخارجية بما يتماشى مع مصالح الدولة والشعب، دون الالتفات إلى الخطاب الشعبوي والفوضوي والمقتضب الذي رأينا نماذج عدة منه الأسبوع الماضي على لسان المعارضة.

دعونا نتذكر ما صدر عن هذه المعارضة، تعليقًا على اللقاء الهاتفي الذي جرى بين الرئيس أردوغان ونظيره الأمريكي جو بايدن، قبل يوم واحد من وصف بايدن أحداث 24 أبريل/نيسان 1915 بـ"الإبادة الجماعية"، وكان قد ذكر خلال اللقاء الهاتفي بطريقة ما أنه بصدد الإعلان عن ذلك.

ماذا قالت المعارضة يا تُرى؟ راحت تتهم أردوغان بلغة شعبوية مستهلكة.

زعيمة حزب الشعب الجيد، ميرال أكشنار، قالت أنّ "الشعب التركي حوّل سمعه وبصره نحو أردوغان ينتظر ماذا سيقول. وفجأة رأينا كيف تحول السيد أردوغان من زعيم للعالم إلى رجل محترم وقور ذي تربية لسانه كالعسل".

أما زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، فقد قال "ها قد تحدث أردوغان، لم نسمع زئير أسود، بل مواء قطة".

دعونا نتحدث الحقيقة، إن محاولة كلا الاسمين أي أكشنار وكليجدار أوغلو، ضرب أردوغان من أكثر الأماكن التي يسجل فيها ضرباته بنجاح، أي السياسة الخارجية التي يقف بصمود فيها، لا تعتبر تلك المحاولة عبثًا أو شيئًا يدعو للسخرية فحسب.

اتهموا أردوغان بأنه كان ذا موقف ضعيف أمام بايدن، لكن من هو بايدن؟ أليس هو ذلك الرجل الذي تحدث قبل أن يترشح للانتخابات الرئاسية الأمريكية عن ضرورة دعم المعارضة التركية من أجل الإطاحة بأردوغان؟ إذن ما الذي يعنيه موقف المعارضة الآن؟

بغض النظر عن ذلك، يبدو موقف المعارضة الآن متخبطًا وغير مفهوم، ومن خلال النظر لعشرات الأمثلة ندرك كيف أنهم ينقلبون على أنفسهم بنسبة 180 درجة.

حيث أنهم في العديد من المواقف ينتقدون حدة أردوغان، وأنه صلب في مواقفه في السياسة الخارجية، ويريد جر البلاد إلى مغامرة مجهولة، وما شابه من اتهامات.

هناك العديد من الأمثلة على التقلب السريع الذي يعتري قادة المعارضة في تركيا.


الولايات المتحدة لا تتوقف عن محاولاتها

في ضوء ذلك، لا ينبغي إغفال جانب أن الولايات المتحدة لا تزال تسعى جاهدة لإعادة تركيا إلى خط "التبعية" لها كما كانت سابقًا.

عقب اللقاء الهاتفي الذي جرى بين بايدن وأردوغان، أعاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الحديث حول مسألة صواريخ "إس-400" الروسية، زاعمًا أنّ "شراء أنقرة لنظام إس-400 يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة".

أعتقد أن الولايات المتحدة تريد من تركيا أن تظهر أمام العالم بائسة يائسة خاضعة خانعة، معلنة استسلامها ونادمة على شرائها منظومة إس-400 الصاروخية. بهدف أن يكون ذلك درسًا لبقية الدول الأخرى التي تفكر بشراء منظومة دفاع روسية.

هذا هو الهدف من كل تلك التصريحات المعادة والمستهلكة، وإلا فهل هناك تفسير آخر لإعادة ذلك الحديث في كل محفل؟

سيتم حماية الانفتاح الذي بدأ منذ نوفمبر/تشرين الثاني وستستمر الجهود المبذولة في تصحيح العلاقات المتعطلة

أجرى بايدن اتصالًا بالرئيس أردوغان بعد 3 شهور من دخوله البيت الأبيض، ولو حسبنا ذلك منذ فوزه بالانتخابات بشكل رسميّ في نوفمبر 2020، ستصل هذه المدة إلى 5 أشهر؛ وحين السؤال عن الجو الذي ستمضي فيه العلاقات التركية-الأمريكية مستقبلًا عقب هذا الاتصال، فإن الجواب يبدو صعبًا ومتقلبًا.

هل يجب النظر إلى اللقاء الهاتفي يوم 23 أبريل/نيسان على أنه بداية جديدة، أم تغيير قاطع؟

هل ستصبح العلاقات التركية-الأمريكية أكثر قابلية للتنبؤ بها من الآن فصاعدًا؟

ما النوع الرد الذي ستتخذه أنقرة ضد بايدن؟

طالعت قبل أيام، خبرًا بوكالة رويترز يتناول العديد من هذه الأسئلة. وينقل الخبر عن مسؤول تركي رفيع المستوى، رده حول سؤال ماذا يمكن لأنقرة أن تتخذ من خطوات ردًّا على الموقف الأمريكي.

حيث أجاب بالقول "سنتحرك خلال فترة جائحة كورونا، وفقًا للظروف الاقتصادية والمسار الذي أعلنه الرئيس أردوغان في نوفمبر/تشرين الثاني 2020 لتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي ودول الخليج أو أي دولة أخرى بيننا وبينها أزمة ما. ستتحرك تركيا وفق سياسة انتظر وراقب حتى يونيو/حزيران أي إلى موعد لقاء أردوغان وبايدن".

حينما اطلعت على هذا الخبر في رويترز، سارعت بدوري نحو مصادري الخاصة، للوقوف على دقة هذا الطرح.

طرحت السؤال ذاته والحديث الذي نقلته رويترز، على مسؤول رفيع المستوى عمل طويلًا في مجال العلاقات التركية-الأمريكية، ليجيب بالقول "لا أعلم من هو المسؤول الذي نقلت عنه رويترز، لكن ما ذُكر صحيح وصائب".

وبناء على ذلك، يمكن أن نستشف إذن أن أنقرة ترغب بالحفاظ على علاقات حذرة مع الولايات المتحدة حاليًّا.

1- ستواصل أنقرة الحفاظ على سياسات الانفتاح على مصر ودول الخليج، إلى جانب العلاقات مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

2- ستحاول أنقرة تجنب التوتر والبقاء في مسار الترقب والانتظار، إلى حين لقاء أردوغان وبايدن في يونيو/حزيران خلال قمة الناتو.

بالطبع، إذا تم إحراز تقدم في هذه المجالات، وتحققت بعض المبادرات، فمن الممكن أيضًا أن تنزعج المعارضة من ذلك، وتعاتب بايدن "ألم تكن تنوي العمل معنا سوية للإطاحة بأردوغان؟".


#بايدن
#الولايات المتحدة
#أردوغان
#المعارضة التركية
٪d سنوات قبل
نهج أنقرة إزاء الولايات المتحدة: التحرك وفق سياسة "انتظر وراقب حتى يونيو/حزيران"!
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات