|
لماذا لا تكترث المعارضة التركية للنجاحات التي تحققها مكافحة الإرهاب؟

قبل 4 أو 5 سنوات أجرينا برفقة بعض الزملاء الصحفيين لقاء قصيرًا مع رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان، خلال تواجده ضمن إحدى زيارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخارجية في ذلك الوقت.

أذكر جيدًا أن فيدان خلال حديثه عن العمليات خارج الحدود في سوريا أو العراق، بالقول "كل جهودنا هو الإمساك بالشياطين خارج حدودنا".

كانت هذه الجملة في ذلك الوقت في ظل الظروف التي كنا نمر بها، جملة يمكننا بسهولة فهمها عند سماعها. وكان من الواضح أن المقصود بـ"الشياطين" منظمة بي كا كا الإرهابية.

لكن ذلك قد تغير بشكل كبير بعد وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة منتصف 2016، حيث دخلت تركيا مرحلة جديدة في مجال مكافحة الإرهاب، تجسدت فيما عبّر عنه الرئيس أردوغان بـ"محاربة منابع الإرهاب"، لتبدأ مرحلة حازمة وفعالة.

ولقد تم فهم قيمة هذا المفهوم الجديد في مكافحة الإرهاب والقائم على مواجهة الإرهاب في عقر داره، بشكل أفضل الآن حينما وصلنا إلى نتيجة القضاء على الإرهاب داخل الحدود إلى حد كبير.

لماذا نقول ذلك؟

لانه اتضح بشكل لا لبس فيه أن انتهاء الهجمات الداخلية نابع عن العمليات التي نفذت في الخارج ومواجهة منابع الإرهاب.

دعونا نرجع قليلًا نحو الوراء ونتذكر فقط الفترة بين عامي 2015 و2016، حينما كانت التفجيرات التي مصدرها سوريا تقع في الداخل التركي، وليس في الولايات القريبة من الحدود فحسب، بل في مدن كبيرة مثل أنقرة وإسطنبول.

“ليهربوا حيث يشاؤون نحن وراءهم بالمرصاد"

لقد صرح وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، قبل عدة أيام خلال مشاركته في البرنامج الذي شهد إجراء أول إطلاق تجريبي لأول صاروخ محلي الصنع في تركيا "أتمجا"، أنّ "القوات المسلحة التركية والقوات البرية على وجه التحديد نفذت 13 عملية واسعة النطاق خلال الـ5 سنوات الفائتة، اعتبارًا من 24 يوليو/تموز 2015 إلى الآن وفي هذا النطاق تم تحييد 18 ألفًا و196 إرهابيًّا. وستظل قواتنا جاثمة فوق صدور الإرهابيين. وليهربوا حيث يشاؤون نحن وراءهم بالمرصاد".

إلى جانب هذه العمليات العسكرية واسعة النطاق التي تجري خارج الحدود، هناك أيضا العمليات الناجحة التي تقوم بها الاستخبارات التركية، والتي باتت كابوسًا يخيم فوق رؤوس الإرهابيين.

ولا تقتصر هذه العمليات الاستخباراتية الناجحة على المناطق الحدودية فحسب، بل وصلت لمناطق أعمق بكثير من ذلك، تمامًا كما سمعناه في الخبر الذي نشر أمس الثلاثاء، حيث أعلنت الاستخبارات تحييد الإرهابي المدرج في النشرة الحمراء وهو في داخل وكره الذي كان يظنه آمنًا، أولاش دوغان.

الإرهابي أولاش دوغان، يعتبر مسؤولًا عن العديد من الجرائم الدموية في تركيا، وهو مدرج على النشرة الحمراء في تركيا، إلى جانب النشرة الحمراء لدى الإنتربول كذلك. ولقد نجحت الاستخبارات التركية في القضاء عليه في منطقة كالاديز بمدينة السليمانية شمالي العراق.

ولقد أفادت مصادر أمنية أن الإرهابي أولاش المتهم أصلًا في ارتكاب العديد من الجرائم الدموية في تركيا سابقًا، كان يستعد للقيام بأنشطة إرهابية تستهدف الأتراك الذين يعيشون شمالي العراق.

وحسب المصادر الأمنية ذاتها، فإن الإرهابي أولاش كان يحاول تنظيم السكان المدنيين في مدن شمالي العراق ضد تركيا، وأنه قد بدأ في جمع المعلومات عن المواطنين الأتراك في المنطقة كنوع من الرد على العمليات الناجحة التي تقوم بها الاستخبارات التركية ضد قادة منظمة بي كا كا الإرهابية في سوريا والعراق.

إلى جانب ذلك، من خلال تنفيذ هذه العملية الناجحة تم إرسال رسالة واضحة إلى المتعاونين في المنظمة الإرهابية في المنطقة؛ مفادها أن تركيا لن تسمح لهذه المنظمة بالتنقل بحرية ليس فقط في قنديل، بل في السليمانية كذلك، وأن التعاون مع بي كا كا الإرهابية يجب أن يتوقف.

تستحق هذه العملية الوقوف عندها بشكل أكبر في الحقيقة. لا سيما لأن مثل هذه العمليات الناجحة التي تقوم بها الاستخبارات التركي في عقر دار التنظيم الإرهابي المسلح، تحكي بوضوح عن مدى قوة وهيمنة الاستخبارات العملياتية.

تؤكد هذه العمليات الناجحة أن الاستخبارات التركية تعلم حتى عن الطائر الذي يطير قرب حدودها سواء من الجانب السوري أو العراقي.

وبالطبع لا يمكن هنا المرور دون الإشارة إلى الدور الفعال الذي تقوم به المسيّرات التركية في مساعدة الاستخبارات التركية على إتمام عملياتها بنجاح باهر، فضلًا عن المنتجات الدفاعية ذات التكنولوجيا العالية وجميعها محلية الصنع.

إضافة لذكل أيضًا، يجدر الإشارة إلى التنسيق العالي بين الأجهزة الأمنية والاستخباراتية مما ينعكس بشكل إيجابي للغاية على إنجاح هذه العمليات.

دعونا نختم المقال بالتذكير بالسؤال المطروح في العنوان؛ لماذا لا تكترث المعارضة التركية للنجاحات التي تحققها مكافحة الإرهاب؟

إذا كانوا يخشون الوقوع في ثناء الحكومة حين الحديث عن هذه القضايا، فيمكنهم على الأقل إذن أن يتحدثوا عما سيفعلونه في هذا الصدد في حال وصلوا للسلطة. وإن سألوا لماذا علينا الحديث؟ لأجبنا بأن هذا الصمت يثير الكثير من الشكوك حول استمرار نجاح الاستخبارات مستقبلًا.


#تركيا
#سوريا
#أردوغان
#هاكان فيدان
3 yıl önce
لماذا لا تكترث المعارضة التركية للنجاحات التي تحققها مكافحة الإرهاب؟
من سيحل محل هتلر في الرواية الصهيونية القادمة؟
نداء لأغنياء المسلمين
مجلة "ذا أمريكان كونسيرفاتيف": تنظيم "واي بي جي" الإرهابي يشكل تهديدًا لتركيا وحلف الناتو
غزة.. نقطة تحول تاريخية
ملف إيران يزداد تعقيدا