استضاف مركز "توياب" للمؤتمرات في إسطنبول، الأسبوع الجاري، المعرض الدولي الخامس عشر للصناعات الدفاعية، حيث عرضت المنتجات التي طورتها الدفاع التركية في الآونة الأخيرة.
من اللافت أن هذا المعرض الذي استضافته وزارة الدفاع برعاية من الرئاسة التركية، حظي باهتمام بالغ.
ولقد أتيحت لي الفرصة لأزور المعرض، وألتقي وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، صباح الجمعة الماضي. وعقب جولة سريعة على الأجنحة التي كانت تعرض منتجاتها الدفاعية تجاذبنا أطراف الحديث وطرحت عليه أسئلة عدة حول القضايا الحالية.
ولنبدأ معًا باستطلاع ما قاله وصرح به الوزير أكار.
"تحاول وحداتنا العسكرية هناك أن تقوم بمهامها على أكمل وجه ضمن أمن وسلام. من الملاحظ أنه في اليوم الأول من دخول طالبان إلى العاصمة كابل، سارع موظفو المطار المحليين والمتعاقدين لمغادرة المطار، مما أتاح للجماهير المحتشدة دخول المطار. ولقد استمر هذا الوضع طيلة 24 ساعة.
وفي وقت لاحق، قامت قواتنا بالتعاون مع قوات ألمانية وبريطانية وأمريكية وبعض العناصر الأفغان بتجهيز المدرجات لتسيير الرحلات الجوية. الجماهير المحتشدة لا تريد مغادرة المطار، وتعتبره إلى حد ما منطقة آمنة يمكن اللجوء إليها، ولذا فهم ينتظرون هناك. في 16 أغسطس/آب أقلعت طائرة للخطوط الجوية التركية وعلى متنها 258 راكبًا. وعقب ذلك أكملنا عمليات التخلية بطائرات تتبع قواتنا الجوية.
الآن الوضع متاح للطيران، وبالفعل تتم عمليات الإقلاع والهبوط دون عائق. ولقد تم تنفيذ 146 رحلة جوية في الأيام الأربعة الماضية. لم نشهد حتى الآن أي هجوم أو تدخل مسلح. أما عما يقال حول سماع إطلاق نيران، فهي عبارة عن إطلاق أعيرة نارية في الهواء بهدف تفريق الحشود. وهناك أشخاص فقدوا حياتهم نتيجة الازدحام والتدافع. بالنسبة لنا نواصل اتصالاتنا للاطلاع على الوضع بشكل مستمر".
أشار الوزير أكار هنا إلى أن تركيا متواجدة في أفغانستان منذ 20 عامًا، وأنها خلال الأعوام الستة الماضية ركزت عملها على تشغيل مطار كابل. ويتابع أكار بالحديث حول المهمة التركية في أفغانستان:
"لدينا تاريخ وقيم مشتركة مع أفغانستان منذ قرؤون طويلة. ونحن موجودن هنا منذ عشرين عامًا، ونقوم بتشغيل مطار كابل منذ 6 أعوام. لم يكن لدينا أي مهمة قتالية، بل عملنا مقتصر على المجال التقني والإداري والإنساني البحت. لا يوجد لنا أي مهمة أخرى. نحن هنا نقف إلى جانب أشقائنا الأفغان منذ عام 2002. في ذلك الوقت كان حلف شمال الأطلسي (ناتو) يتساءل عن موعد رحيلنا من هناك، وكنا بدورنا نقول بوضوح في كل مرة؛ لن نغادر من هنا طالما أراد أشقاءنا الأفغان بقاءنا. ولا زالنا موقفنا ذاته. نتمتع بتاريخ مشترك وقيم وثقافة مشتركة مع أشقائنا الأفغان، ولا توجد لدينا أي أجندة خفية".
حين النظر إلى تصريحات الوزير أكار، يتضح أن أنقرة تتبع سياسة تعطي الأولوية لأمن وحماية القوات التركية، ولذا فهي في حالة تأهب لأي سيناريو محتمل. على سبيل المثال، قامت أنقرة بنشر طائرات تابعة لها في العاصمة الباكستانية إسلام آباد، التي تبعد عن كابل مدة ساعة فقط، لضمان إجراء إخلاء سريع.
ودعوني أنقل لكم إجابة الوزير أكار، حينما سألته؛ "هل سنبقى هناك في حال تم التوصل لاتفاق؟"، حيث أجاب؛ "منذ اليوم الأول وضعنا شروطنا وعبّرنا عنها خلال التفاوض بشكل واضح لا لبس فيه. وأخبرنا محجاورينا أننا سنبقى هناك في حال تم التوصل لاتفاق. إذا أغلق المطار فسيكون كل شيء في أفغانستان مغلقًا؛ من الصحة إلى التعليم، ومن الاقتصاد إلى التجارة. إضافة لذلك، فإن دول الناتو أوضحت أنها ستنسحب من المطار عند إغلاقه. ولذلك لو أغلق المطار فستكون أفغانستان دولة معزولة، حينئذ من سيتحدثون؟ ولذلك السبب نحن نقوم بهذه المهمة منذ 6 أعوام، من أجل أن لا يتعرض أشقاؤنا الأفغان لأي ضرر. والآن نريد إكمال هذه المهمة لأجل الغرض ذاته، لكن بالطبع في حال حدوث خطر أو تهديد ما فسننسحب من هناك في غضون 24 ساعة".
إن القضية الأفغانية لها بعد خاص مرتبط بالهجرة، يتعلق بتركيا بشكل مباشر.
لقد زار وزير الدفاع التركي خلوصي أكار مؤخرًا الحدود التركية-الإيرانية، برفقة الجنرال يشار غولر رئيس الأركان العامة، والجنرال موسى أفسيفر قائد القوات البرية، واطلع على الوضع عن كثب، بعد المزاعم التي أثيرت بأن الفارين من أفغانستان يدخلون إلى تركيا عبر الحدود الإيرانية بأعداد هائلة.
وخلال حديثنا مع الوزير أكار، سألته حول هذا الموضوع، من جوانب عدة، سأشاركها معكم.
لقد عززنا وجودنا على الحدود للتعامل مع أي حركة غير طبيعية على مدار الساعة. قواتنا الكوماندوز هناك إلى جانب فرق الاستطلاع. إضافة لذلك نحن نتحدث عن أرض مكشوفة تحت مراقبة مسيّراتنا القتالية وغير القتالية، فضلًا عن وجود أبراج مراقبة، وأجهزة للرؤية النهارية والليلية. ومن الممكن رؤية معظم الحدود من هنا، ولذا فنحن نقوم بهذه المهمة على أكمل وجه، ومن الواجب احترام هذه الجهود.
خلال حديثنا، أعرب الوزير أكار عن عدم ارتياحه للحملات التي نُفّذت بشأن موضوع الهجرة ودخول الأفغان، وشدد على هذه النقطة مليًّا قبل أن يجيب ويدحض بعض التصوّرات الخاطئة في هذا الصدد.
يقول الوزير أكار؛ "حينما يتعلق الأمر بسياسة الدولة، فعلينا أن نتحد جميعًا، ونجتمع عند نقطة مشتركة. لكن حينما نكون على الداوم داخل دوامة من التنافس غير المشروع، فإننا لن نتمكن من الوصول إلى أي مكان في النهاية".
وأعتقد أن الوزير أكار قد تطرق عبر ذلك إلى نقطة هامة، تمكن فيما يلي؛ "يجب فهم بعض الخطوات في مجال الأمن والدفاع من دون التحدث عنها. لأننا لا يمكننا شرح كل شيء فيما يتعلق بهذه الأمور. يجب أن نفهم وجود بعض النقاط التي يمكن أن ينجم عنها تطورات ما. وإلا فهل نحن مستعدون في ذلك الوقت إلى الإضرار بأمن قواتنا؟ هل يمكن لأحد أن يفرّط بذلك؟ هل يمكن لأحد أن لا يضع ذلك في حسبانه؟ هل يعقل هذا؟ يجب أن يفهم الجميع أننا سواء في وثائقنا الوطنية أو مع حلف الناتو، نضع "حماية الأفراد" البند الأول والأهم. وعقب توفير أمن أفرادنا يمكن الاتفاق على ما تبقى. إننا نضع سلامة موظفينا وجنودنا في المقام الأول في كل نشاط، وهذا هو منهجنا في العمل".
مشكلتنا الأولى في سوريا هي تنظيمات بي كا كا الإرهابية. ونقول على الدوام بأنه يمكن الحديث مع الولايات حول قضية صواريخ S-400 ومقاتلات F-35 ويمكن إيجاد حل لها بطريقة ما. إلا أنه لا يمكن الوصول إلى أي حل دون حل مسألة هذه التنظيمات التي تدعمها الولايات المتحدة.
يقولون لنا، أن تنظيم "ي ب ك" ليس إرهابيًّا. إنهم يسخرون من عقولنا. بينما تعترف العديد من المنظمات غير الحكومية إلى جانب أكاديميين وعسكريين متقاعدين بأن تنظيم "ي ب ك" إرهابي فإن "حليفنا" الولايات المتحدة للأسف يدعم ذلك التنظيم ويمدّه بالسلاح والمعدات والذخيرة.
ليس لدينا مشاكل مع الشعب اليوناني. من الضروري التفريق بين الشعب اليوناني، وبين الإدارة السياسية والعسكرية هناك. نحن نقول بصدق أن القانون الدولي والطرق السلمية هي المتبعة في جميع القضايا. نقول بصدق أيضًا؛ دعونا نجد حلولًا سياسية لمشاكلنا عبر الحوار في إطار علاقات حسن الجوار. على الرغم من كل شيء ندعوهم لذلك.
نحن مصممون على حماية حقوقنا ومصالحنا، مصممون وقادرون على ذلك. مهما فعلوا، فإنهم سيحصلون على الجواب. كل يوم نشهد العديد من العسكريين اليونانيين المتقاعدين والدبلوماسيين والأكاديميين يتبنون وجهة نظرنا. وهذه النقطة مهمة للغاية في الواقع.
يعترفون بألسنتهم، أن شراء 3 أو5 طائرات مستعملة، أو 3 أو 5 سفن، لن يحقق تفوقًا على القوات التركية. يعترفون بأن هذا جهد لا طائل منه. إلى جانب ذللك، فإن خوض مثل هذه المغامرة في بلد يعاني الكثير من الديون الخارجية، سيؤثر بالسلب على رفاهية الشعب اليوناني بالتأكيد.
نواصل مكافحة ضد منظمة غولن الإرهابية كما بدأناها منذ اليوم الأول وبمتسوى الشدة ذاتها. إلى الآن، قمنا بفصل 23 ألفًا و582 شخصًا. بينهم 8 آلاف و635 أُخرجوا بمصادقة من الوزير. وكلما طهّرنا المؤسسة العسكرية نشعر أننا أقوى من ذي قبل. والأرقام تشير إلى ذلك بوضوح.
"مهما كانت الجغرافيًا تمثل المصير، فإن تركيا هي مصير هذه الجغرافيا. ومن أجل الحفاظ على هذه الجغرافيا يجب أن يكون هناك جيش قوي".
"إن القوات التركية المسلحة من خلال قيمها الوطنية والروحية والمهنية المستقاة عبر آلاف السنين من تاريخنا المجيد، ومن خلال ثقة شعبنا لها ودعواته الدائمة لها، فإنها ستواصل مسيرتها؛ في ضوء العقل والعلم وفي إطار الدستور والقوانين، وتوجيهات رئيسنا رئيس الجمهورية التركية، وقيادة قادتها وجنرالاتها بشكل ترابي، وستكون دائمًا أبدًا في خدمة الأمة وأمرها".
وليكن الجميع واثقًا من ذلك.