|
هل يتجهّز الروس لخرق وقف إطلاق النار مجددًا في إدلب؟

منذ وقت طويل ظلت أزمة إدلب خارج قائمة الأجندة الساخنة، والسبب في ذلك هو الاتفاق الأخير في 5 مارس/آذار حول الحفاظ على وقف إطلاق النار، مما تمخض عن حالة هدوء نسبي.

إلا أن الأيام الأخيرة كانت تحمل مؤشرات على أن هذا الهدوء النسبي الذي ظل محافظًا على نفسه طيلة عام ونصف، ربما ينتقض مرة أخرى.

استشهد 3 من جنودنا السبت الماضي، في منطقة خفض التصعيد بإدلب، عقب عملية بحث وتمشيط هناك.

سرعان ما أعلن تنظيم حديث النشأة قيل أنه مرتبط بتنظيم داعش الإرهابي، مسؤوليته عن هذا الهجوم، لكن من غير الواضح مدى صحة ذلك بعد.

على صعيد آخر شهدت الأيام الأخيرة زيادة وتيرة الغارات الجوية الروسية على مناطق إدلب.

كما أن هناك سببًا آخر يجعل من الضروري إعادة التركيز من جديد على إدلب مؤخرًا، ألا وهو التصريحات الصحفية التي

أدلى بها الرئيس الروسي فلاديمير بويتن، جنبًا إلى جنب مع بشار الأسد. ولقد كانت تصريحات تهاجم تركيا بشكل غير مباشر.
هل يريد الروس بدء موجة جديدة من الهجمات؟

لم يُعلن عن زيارة الأسد إلى موسكو مسبقًا، تمامًا كما حدث في الزيارات السابقة، ربما لأن أمنه لا يزال تحت مستوى الخطر بعد. ولم يعلم أحد بتلك الزيارة إلا عقب التصريحات التي صدرت عن الكرملين ودمشق الثلاثاء الماضي.

كان من الواضح من تصريحات بوتين خلال تصريحاته صحفية مع الأسد، هو استخدام عبارة "القوات الأجنبية"، في إشارة إلى الوجود التركي في سوريا دون أن يذكر ذلك صراحة.

حيث قال؛ "أعتقد أن المشكلة الرئيسية تكمن في القوات الأجنبية الموجودة في مناطق معينة من البلاد دون قرار من الأمم المتحدة، ودون إذن منكم (مخاطبًا بشار الأسد). على جانب آخر تتواصل هجمات الإرهابيين من جبهات عدة من الصعب السيطرة عليها، وهذا شيء يرهب المدنيين".

بطبيعة الحال لا فائدة من إعطاء قيمة او اعتبار لما تتضمنه هذه التصريحات من معنى.

لقد قامت تركيا بتنفيذ عمليات عابرة للحدود، من أجل مواجهة التهديدات الفعلية القادمة من سوريا، وهي تعتمد في ذلك على البنود الواضحة لاتفاقية الأمم المتحدة الناصّة على "حق الدفاع عن النفس"، بمعنى آخر فإن الوجود مكتسب من الحقوق الدولية وهو يراعي قواعد القانون الدولي.

في الواقع يبدو أن الأهم من تصريحات بوتين، هو ما كان يخفيه بوتين وراء تلك التصريحات ذاتها، هذا هو المهم.

هل اتفق بوتين مع الأسد لشن هجوم جديد؟

نذكر جيدًا أنه ما قبل انعقاد وقف إطلاق النار في 5 مارس/آذار 2020، تدخلت تركيا بثقلها الجوي عبر المسيرات لتضرب أهدافًا عديدة وتلحق أضرارًا كبيرة بقوات نظام الأسد، وذلك ردًّا على الهجوم الذي تسبب باستشهاد 34 من جنودنا.

وما أود أن أذكّركم به الآن، هو أن بوتين زار دمشق قبل هذا الهجوم بأقل من شهرين، وتحديدًا في يناير/كانون الثاني، أي قبل تلك التطورات مباشرة.

كانت تلك زيارة أريد منها التظاهرى بأن دمشق عادت لوضعها القديم، وباتت مكانًا يمكن التوجه إليه، ولذلك اتخذ بوتين من هناك قرار التحرك للسيطرة على بقية المناطق، وبسبب ذلك شهدنا الهجوم على جنودنا في إدلب في فبراير/شباط 2020، حيث كانت الغاية ضرب الوجود التركي بشكل مباشر.

وبناء على ذلك، علينا أن نتابع بدقة التطورات التي يمكن أن تحصل في إدلب خلال الفترة المقبلة، لكي نفهم فيما لو كان اللقاء الأخير في موسكو بين بوتين والأسد قد أسفر عن قرار مماثل لما جرى العام الماضي.

أما بالنسبة لأنقرة فهناك دوائر رفيعة المستوى معينة بهذا الأمر، لا تتوقع على المدى القريب سيناريو شبيهًا لما جرى العام الماضي، حيث أن الضربات التي نفذتها المسيرات التركية في ذلك الوقت لا تزال عالقة في الأذهان.

إضافة لذلك، فسيكون من الخطأ الاعتقاد بأن أنقرة ستتهاون مع أي تطور يمكن أن يسفر عن موجات هجرة جديدة نحوها، لا سيما وأنها أعلنت للتو أمام العالم بأنها ليست مستعدة للتعامل مع لاجئ واحد بعد الآن.

على صعيد آخر، لا يمكن القول أن أنقرة وموسكو متفقتان على سيناريو موحد ونهائي في سوريا، فهذه مسألة أخرى. وهذا الوضع في الحقيقة لم يتغير منذ سنوات عدة، حيث لا يوجد هناك أي نهج مشترك بين الطرفين حول "نهاية اللعبة" في سوريا.

ليس من السر القول أن وجهات نظر تركيا تتعارض بشكل تام مع وجهات نظر روسيا، حول شكل سوريا التي يريد الطرفان رؤيتها في نهاية المطاف، وهذا الاختلاف واضح للجميع وعلى العديد من الأصعدة.

ولذلك السبب فإننا نشهد أزمة جديدة متكررة من وقت لآخر.


#تركيا
#روسيا
#إدلب
#نظام الأسد
٪d سنوات قبل
هل يتجهّز الروس لخرق وقف إطلاق النار مجددًا في إدلب؟
إيران.. خطر لم ندرك حجمه بعد
إبادة غزة.. المهمة الحضارية الجديدة لبريطانيا والولايات المتحدة
هل رؤية حزب الشعب الجمهوري للجامعات تتفق مع رؤية تانجو أوزجان؟
أولياء بخارى
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن