|
علامات الفزع

على الرغم من استمرار النقاش حول ما إذا كان الوضع في أوكرانيا قد وصل إلى النهاية أو لم يصل، فقد أشرنا من قبل إلى أن الغرب يرى أن هذه النهاية ليست تراجعًا أو هزيمة لروسيا كما هو متوقع، وأنه ليس من الممكن لأوكرانيا أن تخرج منتصرة من الحرب؛ بمعنى آخر لم تعد روسيا قادرة على الاستيلاء على أوكرانيا بأكملها، وليس بمقدور كييف أو الغرب طرد روسيا من الأراضي التي استولت عليها.

مرة أخرى، وصفنا هذا الأمر بالبحث عن "التعادل". فالفاتورة الجغرافية توجد فقط في المواجهة النهائية، فقد استولت موسكو على خُمس أكبر دولة في أوروبا.

وعلاوة على ذلك، فهي ليست خسارة عادية للأراضي؛ إذ إنه يتصل بشبه جزيرة القرم، ثم بالقوقاز وبحر قزوين، ثم بالبحر الأسود. ووفقًا للخبراء والمعلقين الدوليين الحقيقيين، يشير هذا الأمر، إلى أقرب مجموع إلى المركز في نظريات الهيمنة الكلاسيكية في العالم.

وإليكم ملخص الجزء الذي ظهر على الساحة. هناك تقدير للموقف قبل وبعد لقاء "سوتشي" المُنعقد بين الرئيس أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.

يقول أردوغان: "مرة أخرى، تتجه أنظار العالم اليوم إلى سوتشي. يتساءلون ما الذي ناقشوه في سوتشي، فهم يتابعون الوضع هنا عن كثب. وبعد هذه اللقاءات التي سنُجريها، فإن الإجابات التي سنقدمها للرد على هؤلاء ستوجههم في اتجاه معين. "

"من هؤلاء؟

بالطبع، الغرب، وبشكل أكثر تحديدًا، الولايات المتحدة الأمريكية.

وعقب اللقاء أدلى الرئيس أردوغان بتصريح مفاده:

"هناك قوى عظمى في العالم ترغب في القيام باستثمارات مشتركة معنا في مجال المسيّرات"

فما هذه القوى؟

الإجابة: روسيا.

تصريحان تم الإدلاء بهما أثناء دخول الاجتماع والخروج منه يخبرنا أن الرئيسين تحدثا عن كيفية تقييمهما للتطورات الدولية، إلى جانب موضوعات مثل: القضية السورية، وقضية نقل الحبوب، والعلاقات التجارية، تلك القضايا التي تمت متابعتها عن كثب في القمة.

وهذا الأمر، يقودنا إلى قراءات استراتيجية، ويوضح أيضًا أن موضوع "النظام العالمي الجديد وتغيراته المستقبلية"، الذي يتم ذكره دائمًا، تتم مناقشته دون الحاجة إلى عنوان محدد مثل: "كيف تقف أو ينبغي أن تقف روسيا وتركيا"

هل هناك أي افتراض أو دليل آخر سُمع من القمة لكي يقول: "نعم، إنه كذلك". بالطبع يوجد؛ إذ يجب أن نهتم بالروبل، ونظام التحويلات "سويفت". فهذا ليس مجرد استخدام لأداة اقتصادية ذات نطاقات محلية. وربما ينبغي أن يؤخذ في الاعتبار أن بلدًا كان حليفًا للغرب من جميع النواحي منذ نهاية الأربعينيات، قال في موضوع التعامل بالدولار، وهو أحد أساليب العقوبة أو الإدارة أو الهيمنة للولايات المتحدة تجاه العالم "على الرغم من أنني ملتزم بالعقود الخاصة بي، فإنني أتسوق بعملة بلد أعلنه حلف الناتو عدوًا."

وبالمثل، في حين أن تجربة منظومة الدفاع الروسية "S-400"واضحة - واستمرار الجدل سببه أن المعارضة المحلية والأجنبية تواجه صعوبة في تقبل النجاح الكبير الذي أحرزته أنقرة - وإمكانية إضافة المسيّرات التركية (سيها) إلى نفس الملف يوضح لنا أن الخرائط الأوسع يتم فتحها في مضمون قمة سوتشي.

وفي التحليل النهائي بعد قمة حرجة فهذه مجرد تعليقات. فإذا سألتم الحكومة قائلين: "هل حقًا ترين العالم هكذا؟" فإن الإجابة الأكثر ترجيحًا التي ستحصلون عليها، هي "نحن لا نعرض ردود أفعال قطبية قاطعة"

وما القصد من ذلك؟

"نحن في علاقتنا مع الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لا نقف مع أحدهما ضد الآخر بل نحاول التوفيق بينهما قدر المستطاع.

يمكنكم اعتباره مجرد تأييد.

هل هذا هو السعي لتحقيق التوازن؟ نعم إنه كذلك، لكن الأمر لم يكن دائمًا على هذا النحو. فالسياسة الخارجية التركية حتى اليوم، كانت مرتبطة بالولايات المتحدة. فهم يعتبرون أن الوقوف على مسافة طبيعية، أي المسافة المعقولة والمتساوية بين الأطراف، والتي تمثل موقف تركيا، بمثابة موقف مُتخذ ضدهم أو ابتعاد عنهم.

مرة أخرى، هناك ناتج آخر من سوتشي على هذا المسار، وهو أن روسيا وجهت دعوة خاصة لتركيا لحضور اجتماع منظمة شنغهاي للتعاون الذي سيعقد في سبتمبر/أيلول المقبل.

إنها دعوة غير عادية. والسبب هو أن تركيا تعد ركيزة مهمة في المباحثات التي أُجريت حتى الأن. وكما هو مفهوم فإن أنقرة ستحضر الاجتماع (فلنتذكر معًا الأعضاء، الصين، والهند، وروسيا، وباكستان، وكازاخستان، وقيرغيزستان، وباكستان، وطاجيكستان، وأوزبكستان. ثلاثة منهم قوى عظمى، وأربعة منهم لديها أسلحة نووية) وقد تم توسيع الاجتماع بشكل أكبر مقارنة بالاجتماعات السابقة ليشمل إيران، الإمارات، وبيلاروسيا، وسوريا، ومصر، وقطر، وميانمار، وكمبوديا، ونيبال، وأذربيجان، وأرمينيا.

وإليكم ما قاله الرئيس أردوغان في هذا الصدد: "نريد أن نكون معهم. فعلى سبيل المثال، الصين قادمة، والمملكة العربية السعودية ستأتي على الجانب الآخر، وستأتي قطر أيضًا، ونهدف أن نكون معهم هناك."

لدينا اكثر من صورة للقمة، فهل من الممكن أن نقف على لقطة واحدة من جميع هذه الصورة، وليس على كل واحدة منها على حدة؟

ما حدث في سوتشي يُظهر بالفعل أن مشاكل البلدين والمنطقتين قيد البحث والنقاش، ولا ضرر في ذلك. ومع ذلك، بغض النظر عن تسميتها اللعبة أو الخريطة أو الصورة الكبيرة، فإنها تُظهر أن أردوغان وبوتين يجلسان أيضًا على رأس "رقعة الشطرنج العالمية" ويجهز ويخطط كل منهما تحركاته.

ولم يكن هذا اجتماعًا عاديًا، وقد أكدت ذلك صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، في تقرير نُشرته في اليوم التالي لانعقاد قمة سوتشي.

هذا وقد حذرت عواصم غربية بشكل متزايد من تعميق التعاون الاقتصادي بين أردوغان وبوتين، ومن ازدياد مخاطر تطبيق عقوبات مماثلة ضد تركيا العضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) إذا ساعدت روسيا في التهرب من العقوبات. وأشار مسؤولون غربيون رفيعو المستوى، إلى أنهم قد يحثون الشركات والمصارف الغربية على الانسحاب من تركيا، إذا وفى أردوغان بالالتزامات التي أعلن عنها يوم الجمعة الماضية.

وبالطبع، مثل هذا الشيء ليس ممكنًا تقنيًا ولا سياسيًا. ففي واقع الأمر، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أنها لم تشهد مثل هذا الموقف، وووصفت الخبر بأنه مجرد تضخيم إعلامي وعمل استفزازي تمامًا.

لكن الخوف حقيقي!

#روسيا
#فاينانشال تايمز
٪d سنوات قبل
علامات الفزع
الخنازير لا تتغذى على الكتب المقدسة
لا مفر من حرب عالمية
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية