|
لبنان والخمس رصاصات

اغتيل الكاتب والناشط اللبناني المعروف لقمان سليم (59 عامًا) أثناء عودته من زيارة أقاربه الذين يعيشون في بلدة نيحا جنوبي لبنان.

وصباح الخميس، وبعد إعلان شقيقته رشا الأمير، على وسائل التواصل الاجتماعي، أنهم "لم يسمعوا من لقمان خبرًا منذ أمس"، عُثر على جثة لقمان سليم في سيارته بين بلدتي العدوسية ذات الأغلبية المسيحية وتفاحتا ذات الأغلبية الشيعية.

وأعلنت السلطات اللبنانية مقتل سليم بأربع رصاصات في رأسه ورصاصة في ظهره.

وفيما وعد وزير الداخلية اللبناني محمد فهمي بالتحقيق في الحادث الذي وصفه بـ "الجريمة المروعة" من جميع الجوانب، أدلى الرئيس ميشال عون ببيان مشابه.

وما يجعل اغتيال لقمان سليم غير عادي في بلد مثل لبنان المعتادين على مثل هذه الأحداث، هو أن القتيل كان شيعيًا علمانيًا مناهضًا لحزب الله.

على عكس شخصيات قتلت سابقًا مثل رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري (2005)، والأكاديمي سمير قصير (2005) والخبير الاقتصادي محمد عطا (2013)، الذين قُتلوا لمقاومتهم الضغط الشديد الذي مارسته الترويكا الإيرانية - حزب الله - سوريا على لبنان، إلا أن سليم كان يعارض طائفية حزب الله وينتقده بشدة.

وعلى الرغم من تهديدات القتل العديدة التي تلقاها سليم، استمر في الإقامة في منزله في منطقة حارة حريك في بيروت، والتي تعتبر "حصن حزب الله".

وخلال بيان أدلى به سليم في عام 2019، أعلن لقمان أن هناك شخصين يمكن تحمليهم مسؤولية أي حادث يمكن أن يتعرض له: وهم زعيم حزب الله حسن نصر الله ورئيس مجلس النواب نبيه بري.

بحسب النظام السياسي الحالي في لبنان، يجب أن يكون رؤساء مجلس النواب من الشيعة. بري هو اسم يحتفظ بهذا المنصب لسنوات عديدة.

وفي ذات البيان، قال لقمان سليم إنه نقل حماية نفسه وعائلته إلى الجيش اللبناني.

إلا أنه وفي النهاية حدث ذلك الشيء الذي خمّنه سليم، ولم يستطع الجيش حتى حماية نفسه.

لقمان سليم من مواليد عام 1962 وقد ولد في حارة حريك، ثم ذهب إلى باريس عام 1982 ودرس الفلسفة في جامعة السوريون وعاد إلى بيروت عام 1988 وبدأ بالنشر.

دخل سليم، الذي تسبب في جدالات جادة بين الأوساط الشيعية بنشره بعض كتب اللهجة "الإصلاحية" للرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي، إلى صناعة السينما منذ أوائل العقد الأول من القرن الحالي، خاصةً مع الأفلام الوثائقية الجريئة التي أعدها عن الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990)، كما قدم لمحة غير خاضعة للرقابة عن الحروب الطائفية.

وأكد سليم، الذي دافع عن وحدة لبنان وعارض الانقسامات الطائفية، أن "حزب الله"، الذي تحول تدريجياً إلى "تابع لإيران" على مر السنين، هو من أكبر العقبات أمام السلام الداخلي.

واتهم سليم مؤخرًا حزب الله بشأن الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت في 4 أغسطس / آب وأودى بحياة 200 شخص على الأقل.

استخدم جواد، نجل زعيم حزب الله "حسن نصر الله"، جملة ملفتةً للنظر ومثيرة للجدل خلال تغريدة له عبر حسابه على تويتر بعد مقتل سليم قائلًا: "بعض الخسائر هي مكسب ونعمة لا توصف". جواد، الذي حذف تغريدته بسبب ردود الفعل الكبيرة ضده، قال إنه كتب عن موضوع آخر.

لكن تم تسجيل الجملة وتوقيتها بالطبع.

في لبنان، البلد الأكثر فوضى في العالم العربي من جميع النواحي، تم القضاء بشكل منهجي على الأسماء التي تدافع عن وحدة البلد وتقف ضد الصراعات الطائفية منذ أوائل السبعينيات.

سواء كان شيعي، سني، مسيحي، متدين، علماني، قومي إلخ. هذه العجلة، لا تميز إطلاقًا بين أحد، تطحن وتفتك بأولئك الذين يرون أن إيران وسوريا يسيطرون على لبنان بعد الثمانينيات.

اغتيالات الصحافي السني المخضرم سليم اللوزي (4 آذار 1980)، والمفتي اللبناني حسن حيدر (16 أيار 1989)، والصحفي الشيعي المناهض لإيران مصطفى جاها (15 كانون الثاني 1992)، هي أولى عمليات الاغتيال التي تخطر إلى الأذهان.

في لبنان، حيث يتنافس شيعة إيران وسنة المملكة العربية السعودية ومسيحيو فرنسا على "الرعاية" والسيطرة، تعتبر إيران الدولة الأكثر نجاحًا من حيث أهدافها.

الاختفاء الغامض لرجل الدين الشيعي اللبناني موسى الصدر المعروف بمعارضته لآية الله الخميني وفكره السياسي في ليبيا عام 1978، واختفاء العالم المعروف بزعيم الشيعة صاحب الشخصية الكاريزمية محمد حسين فضل الله (1935-2010)، والمعروف أيضًا ببعده عن الخميني، يساعد إيران وطفلها المدلل، حزب الله، على التصرف بحرية في لبنان.

لا أحب أن أنهي العديد من المقالات التي كتبتها عن لبنان بنفس الجملة، لكن للأسف الحقيقة لا تتغير:

نحن نشهد انهيار بلد.

#لبنان
#لقمان سليم
3 yıl önce
لبنان والخمس رصاصات
المجلس السياسي لحزب العدالة والتنمية لربع قرن
دروس وعبر من الانتخابات
هجمات إسرائيل على عمال الإغاثة في غزة تضع بايدن في اختبار صعب
الجماعات الدينية المحافظة.. من وجَّه غضبها نحو أردوغان؟
ثورة المتقاعدين