|
اتصال بارد

إن عدم اتصال الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، على الرغم من مضي قرابة شهر على تسلم الأول مهام رئاسة البيت الأبيض بشكل رسمي؛ يعتبر من القضايا التي تهتم بها الصحافة العالمية أكثر من غيرها في الوقت الحالي.

لقد بدأ مراسلو البيت الأبيض يتساءلون بجدية، ويطرحون سؤال؛ "لماذا لم يقم بايدن حتى الآن بهذا الاتصال؟".

وبينما تكتفي الناطقة باسم إدارة بايدن، جين بساكي، بالقول؛ "سيكون هناك اتصال قريبًا" كجواب على الأسئلة المتكررة، إلا أن التأخير لا يزال يجذب انتباه الجميع. لدرجة أن سفير إسرائيل السابق لدى الأمم المتحدة، داني دانون، استهدف جو بايدن بشكل مباشرة، عبر تغريدة على حسابه بتويتر اقل فيها؛ "سيدي الرئيس، لقد اتصلتم بالعديد من رؤساء الدول حول العالم. ألم يحن الوقت للاتصال بإسرائيل الحليف الأقرب للولايات المتحدة؟". بل إن دانون قام بإرفاق رقم هاتف مكتب نتنياهو في القدس خلال تغريدته تلك.

حينما سئل نتنياهو السؤال ذاته؛ "لماذا لم يقم بايدن بالاتصال؟"، أجاب نتيناهو بالقول؛ "الرئيس بايدن يهاتف قادة العالم حسب مناطقهم، ولم يحن بعد دور الشرق الأوسط".

لكن ومع ذلك، لا يخفى على أحد أن الجانب الإسرائيلي ينظر للأمر بجدية، ويبحث عن أسباب هذا التأخير المفاجئ، ويبحث دائمًا حول الإدارة الجديدة.

إن أرفع مستوى اتصال جرى بين الإدارة الأمريكية الحالية وبين إسرائيل، تم بين وزارتي خارجية البلدين. حيث تحدث وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن "عدة مرات" عبر الهاتف مع نظيره الإسرائيلي غابي أشكنازي.

كما أن بلينكين ذاته حينما حل ضيفًا في برنامج وولف بليتزر المقدم اليهودي الشهير، على قناة سي إن إن نيوز، كشف عن موقفه وموقف بايدن من بعض القضايا المتعلقة بإسرائيل. حيث أكد على سبيل المثال أن السفارة الأمريكية سوف تبقى في القدس، -كما كان متوقعًا بالفعل-، في الوقت الذي حاول فيه بلينكين التهرب من سؤال حول موقف الإدارة الجديد من قرار إدارة سلفها ترامب الذي يقضي بالاعتراف بمرتفعات الجولان بشكل رسمي للاحتلال الإسرائيلي. حيث تم تفسير إصرار بلينكين حول التأكيد على أن الوضع الفعلي في مرتفعات الجولان، وأنها مهمة للغاية بالنسبة لأمن إسرائيل؛ على أنه دعم صريح لإسرائيل مقابل الجبهة الفلسطينية.

كما أن وزير الخارجية الأمريكي بلينكين أعاد التأكيد على دعمه لـ "اتفاق أبراهام" والذي يقضي بالتطبيع بني إسرائيلودول عربية مثل السعودية والإمارات والبرحين والسودان والمغرب، .

وحينما سأله المذيع بليتزر، حول إمكانية إقامة دولة فلسطين في ظل هذه الظروف، وكيف يمكن تنفيذ حل الدولتين؟، نجد ان بلينكين رجح الإجابة بشكل خاطف ومقتضب حول هذه الأسئلة.

لا شك على الإطلاق أن الرئيس الأمريكي داعم لإسرائيل، وليس هناك أدنى شبهة في ذلك. لقد ساهم بايدن منذ سبعينات القرن الماضي إلى الآن في تقوية نفوذ إسرائيل داخل الطبقات الإدارية الأمريكية، وتوسيع عمل اللوبيات الإسرائيلية في الولايات المتحدة.

إلا أن دعم بادين لإسرائيل شيء، وحبه أو إعجابه بشخص نتنياهو من دعمه شيء آخر. لا سيما وأن هناك العديد من المؤشرات القادمة من واشنطن تشير إلى أنّ الإدارة الأمريكية ترغب بأن تفرز صناديق الاقتراع ضمن الانتخابات العامة في 23 مارس/آذار القادم؛ وهي الرابعة من نوعها خلال عامين؛ اسمًا آخر غير نتيناهو، حيث لم تعد راغبة برؤيته مجددًا في السياسة الإسرائيلية.

إلا أنه لحسن حظ بايدن، يبدو أن السياسة الإسرائيلية الآن قد وصلت إلى طريق مسدود. وفي حين أن الانتخابات التي جرت على التوالي لم ستاهم في توفير مخرج سياسي، فإن جميع استطلاعات الرأي الحالية تقول أن حكم نتنياهو سيواصل سيره.

سيتذكر القراء الفطنون ما كتبته في المقال الذي نشر هنا يوم 11 نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي 2020؛ عن موافقة حكومة نتنياهو على بناء 1600 مسكن غير قانوني في القدس الشرقية، تزامنت مع زيارة رسمية (ما بين 8 و10 مارس 2010) كان يقوم بها جو بايدن لإسرائيل، بصفته آنذاك نائبًا للرئيس الأمريكي أوباما. وأن ذلك القرار كان بمثابة إهانة مباشرة لبايدن وحكومة أوباما برمتها.

في ذلك الوقت كان على بايدن أن يهضم الأمر ويحتويه، إلا أنه اليوم ربما يفكر بالابتعاد عن شخص نتيناهو، على مبدأ "الانتقام هو طعام يؤكل باردًا".

على الرغم من العلاقات الاستراتيجية والوثيقة للغاية، ما بين الولايات المتحدة وإسرائيل، فإن تساهل رؤساء الوزراء الإسرائيليين، والتلاعبات من وراء حلفائهم كانت سببًا لأزمة مستمرة على خط واشنطن-تل أبيب ضمن التاريخ الحديث.

ليس من الغريب أن يعبّر الساسة الأمريكون، عن أن رؤساء الوزراء الإسرائيليين من دافيد غوريون إلى مناحيم بيغن، ومن إسحاق شامير إلى بنيامين نتنياهو، كانوا ولا يزالون "بلاء فوق رأسا الولايات المتحدة".

ولا شك أن مطالعة السنوات الماضية في سياق الأزمة التي اندلعت بين الولايات المتحدة وإسرائيل، تقدّم مادة مفصلة ومثيرة للاهتمام بهذا المعنى.

على الرغم من الاعتقاد السائد بأن "الولايات المتحدة يحكمها عقل مؤسسي"، إلا أنه سيكون من المفيد القراءة من زاوية أخرى، وهي كيف أن السياسات اختلفت من حقبة لأخرى.

#بايدن
#نتنياهو
#البيت الأبيض
3 yıl önce
اتصال بارد
مئتا يوم من وحشية العالم المنافق
العلاقات التركية العراقية.. خطوة نحو آفاق جديدة
الصراع ليس بين إسرائيل وإيران بل في غزة حيث تحدث إبادة جماعية
التحرر من عبودية الأدوات والسعي لنيل رضا الله
هجوم أصفهان